خفايا قاعدة التنف .. ماحقيقة الانسحاب الاميركي منها؟!

خفايا قاعدة التنف .. ماحقيقة الانسحاب الاميركي منها؟!
الثلاثاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٤:١٩ بتوقيت غرينتش

مازالت الحرارة المرتفعة سمة الملفات السياسية والعسكرية في سوريا، حرارة رفعتها تطورات متسارعة، انطلاقا من عمليات  الجيش السوري في بادية السويداء، واتفاق سوتشي، انتهاء بمفاعيل غارة الكيان الاسرائيلي على اللاذقية، ليظهر تطورا بارزا وحديثا يخص الاحتلال الامريكي لمنطقة التنف تحديداً، بعد تسريب اخبار عن اتفاق بانسحاب مسلحي لواء "شهداء القريتين" من المنطقة نحو ريف حلب الشمالي.

في التفاصيل، توصلت قيادة مايسمى بلواء شهداء القريتين الى اتفاق مع وفد روسي وممثل عن الدولة السورية، إلى نقل المسلحين وعائلاتهم من منطقة مخيم الركبان الواقع ضمن اطار قاعدة التنف، في اقصى ريف حمص الشرقي، إلى ريف حلب الشمالي، الا ان حقيقة ما يجري، هو مفاوضات بين الدولة السورية بحضور ممثلين عن قاعدة حميميم، ولا يمكن اعتبار الاتفاق اتفاقاً حتى يتم تنفيذه، والمهم توضيح انه وهو عكس ما يدعيه الامريكي، بحسب المعلومات الخاصة، لا يوجد أية إجراءات لتفكيك مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية، كما تشيع بعض التسريبات والانباء .

عندما نقرأ هذا الخبر، ونحن نقف عند مساحات التوتر الأميركي، وبعض الاقليم، مع الفصل الجديد لهزيمة التكفيريين في بادية السويداء وتمشيط البادية السورية حتى حدود العراق، ندرك تماما ان المشهد ينجلي عن جنون الأميركي وانفعالاته ومراوغته تفوق أفعاله،  فالمعطيات الواضحة امام الجميع ان الامريكي لن ينسحب من التنف في المدى المنظور، كونها تتمتع بموقع جغرافي وعسكري في غاية الأهمية، فالقاعدة تقع في نقطة التقاء الحدود السورية الأردنية العراقية، وتشرف على مساحات مهمة من طرق البادية، والأهم من كل ذلك أن هذه القاعدة تمثل القفل للبادية، وتقطع طريق التواصل بين العراق وسوريا بما يمثله من رصيف إقليمي هام، وطريق بري، رابط بين طهران، وصولا إلى دمشق، وبيروت، مرورا ببغداد، في سياق سلسلة من القواعد العسكرية على هذا الشريط الممتد من الحدود الأردنية، وصولا إلى الرقة، لما تحويه تلك المنطقة من مصادر للطاقة، ومن يريد الخروج ويعتبر أن بقاءه مؤقت، لا يوسع قواعده العسكرية، خصوصاً المطارات، ولا يزيد من عتاده وعديده. وهذا ما يحدث بالفعل في شمال شرق سورية، فالولايات المتحدة تعزز وجودها العسكري في المناطق التي تتواجد فيها جماعة قسد، وتقيم نقاطا عملياتية وقواعد جديدة، وتعمل الولايات المتحدة على توسيع قاعدة صرين التي بدأت تستخدمها مطارا جنوبي مدينة عين العرب، وأنشأت الولايات المتحدة لصوامع القمح في سرين، نظام رادار، وأنظمة إلكترونية من أجل الدفاع الجوي والتقاط إشارات استخباراتية، وتؤكد المصادر أن إدارة واشنطن عززت وجودها العسكري شرقي نهر الفرات، وتواصل القوات الامريكية بناء نقطتين عسكريتين شرقي وغربي مدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا.

هذا كله مرتبط، مع حراك امريكي سعودي في منطقة الجزيرة السورية، حيث وصل وفد استخباراتي سعودي تحت جنح الظلام الى مناطق سيطرة قسد، عبر معبر سيمكا الحدودي مع العراق، وعقد الوفد سعودي المؤلف من 3 أشخاص اجتماعاً مع مسؤولي مجالس وبلديات مناطق ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، الخاضعة لسيطرة قسد في مدينة البصيرة بريف دير الزور، حاملين معهم وعودا إن السعودية ستقدم دعماً لعددٍ من المشاريع في المنطقة، واشترط الوفد على وجهاء العشائر في المنطقة الواقعة شمالي الفرات، العمل تحت راية قسد كي تقدم لهم السعودية دعماً مادياً، إضافة إلى جلب مشاريع تنموية للمنطقة. وطالب الوجهاء بالاعتراف بقسد كحاكم رسمي للمنطقة التي تنتشر فيها العديد من العشائر العربية كشمر، الجبور، البقارة، بوسرايا، وغيرها، وتؤكد مصادر خاصة ان  المخصصات المالية من بني سعود ستشمل ايضا، تسديد رواتب أكثر من 40 ألف مسلح دربتهم ومولتهم الولايات المتحدة في المناطق المذكورة، إلى جانب تغطية نفقات القوات الأمريكية، بالاضافة الى ذلك بحث إمكانية تسلم أكثر من 50 ارهابيا من السعودية، كانوا ضمنا من جماعة داعش الارهابية، وتعتقلهم قوات سورية الديمقراطية، والاهم من ذلك بناء جسور تواصلٍ مع القبائل في منطقة الرقة وما حولها، وهذا ما يفسر اجتماع  الوفد مع أعضاء في المجلس المدني المحلي، وقادة العشائر.

في عالم السياسية اصبحنا ندرك القاعدة العامة التي تتعامل فيها الولايات المتحدة مع حلفائها، فأن تتخلى واشنطن عن حلفائها فتلك هي القاعدة ضمن البراغماتية الامريكية، فهل اقتنع صناع القرار الاميركيون أن تهديداتهم للجيش السوري وحلفائه لن تجدي نفعا؟ وان ما يسربوه من اخبار ما هو الا جس لنبض الشارع الامريكي والغربي، تمهيداً لقرار مفاجئ بتفكيك وخروج القوات الامريكية من كامل الجغرافية السورية، بعد ان ادركوا ان رهانهم كان على حصان خاسر، وحفظا لماء الوجه، بات انسحابهم ضرورة، بدون اي اتفاق، بعد فشل مشروعهم، وحافظا لماء وجههم.

* حسين مرتضى