في إطار التطبيع.. محاولات إسرائيلية لإطلاق فضائيات بالعربية عبر "نايل سات"

في إطار التطبيع.. محاولات إسرائيلية لإطلاق فضائيات بالعربية عبر
الأربعاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٩:٢٤ بتوقيت غرينتش

ينوي كيان الاحتلال الاسرائيلي إطلاق باقة كبيرة من القنوات الإسرائيلية الناطقة باللغة العربية؛ بهدف مخاطبة الجمهور العربي، ودسّ أفكار التطبيع من خلال رسائله الإعلامية، وحجب الجرائم التي يرتكبها يومياً بحق الشعب الفلسطيني، ساعياً لفرض قبوله دولة طبيعية بعيداً عن حقيقته كيانًا زائفاً استعماريًّا محتلًّا.

العالم - تقارير

ويأتي إعلان الاحتلال مع ما تشهده القضية الفلسطينية من تطورات خطيرة، ليس آخرها الاعتراف بالأمريكي بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال، ومخططات الاستيطان والتهجير المستمرة في كل الأرض الفلسطينية.

الإعلامي الإسرائيلي "إيدي كوهين"، كشف أن كيان الاحتلال يقترب من إطلاق باقة كبيرة من القنوات الناطقة باللغة العربية، يبلغ عددها 27 قناة، على القمر الاصطناعي المصري “نايل سات”، مضيفاً أن هذه الباقة ستنقل الدوريات الرياضية العربية.

وقال كوهين – باحث وأكاديمي في معهد "بيغين-سادات" – في تغريدات على موقع تويتر، إنه "في القريب العاجل سوف يتم بث 27 قناة إضافية باقة كاملة إسرائيلية على قمر نايل سات كلهم باللغة العربية .. وسوف يتم بث قنوات رياضية تنقل كافة الدوريات العربية، ومنها الدوري السعودي مجاناً وقنوات منوعة وعدة قنوات إخبارية ذات مهنية عالية واحترافية".

متابعون أكدوا أن الباقة الإسرائيلية قد بدأت بالبث بقناة أخباريه ناطقة بالعربية تحت مسمى i24NEWS وتبث حاليا على قمر نايل سات.

وتقول القناة إنها ستقوم بنشر كل فضائح الحكام في أحد برامجها السياسية الذي سيحمل عنوان “المناظرة اليومية الساعة التاسعة مساءاً بتوقيت القدس”.

إلى ذلك تخوف الكثيرون من التحرك الجديد لإسرائيل بتجاه العرب إعلامياً، خاصة من الجانب اللا أخلاقي حيث ستقوم القنوات الإسرائيلية حسب المراقبين ببث قنوات إباحية، ومشاهد مخلة تتناقض مع ثقافة الشارع العربي، ونشرها على أوسع نطاق.

ردود أفعال "مستنكرة"

بدوره حذر رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري الأسبق، أسامة الشيخ، من تأثير تلك الفضائيات على صناعة الدراما والسينما المصرية، باستقطاب المنتجين المصريين لإنتاج مسلسلات وأفلام بميزانيات ضخمة لتلك الفضائيات.

وأكد الشيخ، عبر صفحته بـ"فيسبوك"، تحت عنوان "يا سادة الإعلام انتبهوا". إطلاق باقة إسرائيلية من 24 قناة متخصصة بالرياضة والسينما والدراما والأطفال والأخبار باللغة العربية وعبر أقمار عربية لم يسمها.

وأعرب عن مخاوفه من "تحركات مريبة غير مصرية لشراء أرشيف الدراما من القطاع الخاص، وعروض مغرية لمنتجين مصريين متوقفين عن الإنتاج لتنفيذ دراما تنتج حصريا للعرض بقنوات غير مصرية، وشبكات إقليمية تعتمد موازنات ضخمة لإنتاج أفلام ومسلسلات عربية".

وكان المنتج محمد فوزي، قد كشف عن وجود عروض له من سماسرة لشراء إنتاجه الفني، وبين أنهم تواصلوا مع عدد كبير من المنتجين الذين اندفع بعضهم خلف العروض المالية، مضيفا لـ المصري اليوم: "طلبوا مني نسبا وأرقاما وإحصائيات، لكنني رفضت تماما، وطلبت منهم معرفة مصدر التمويل، وتحديد الحقوق، وكل التفاصيل الخاصة، خاصة بعد أن قيل لي: اطلب أي رقم".

بالتوازي رفضت الفنانة والمنتجة المصرية سميرة أحمد بحسب عربي 21، أن يكون لها أي تعامل مع مثل تلك الفضائيات أيا كانت المغريات المادية، قائلة: "لا يمكن أن أقبل أو أتفاوض على أي شيء من هذا القبيل، لو لم يتبق قناة واحدة بمصر، ولو اشتروا مليون قناة".

"إسرائيل" تخطط لتصفية قضية فلسطين نهائيا

من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي، نبيل كشك، أن "إسرائيل تخطط لتصفية قضية فلسطين نهائيا وقيادة العالم العربي ليكون علمانيا عبيدا للغرب، فنفكر بعقولهم، وننسى الأرض والمقدسات"، مضيفا، أن "إسرائيل ستكون هي (المخ) ونحن العرب (عمال تراحيل) يحركهم العقل الصهيوني كما يريد".

بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي، عامر عبد المنعم، إن أمر تدشين باقة فضائيات إسرائيلية "طبيعي"، موضحا أنهم "في الأصل لهم نصف الفضائيات الموجودة، ومعظم المشاهير الذين يظهرون بها يتبعونهم".

عبد المنعم، أكد أن "خطورة الأمر تتزايد على الشباب والأجيال غير المرتبطة لا بقضية وطن ولا احتلال ولا عروبة ولا حتى إسلام"، معتقدا أنهم سوف يقومون "بجانب تحسين صورة اليهود؛ ببث أفلام إباحية، وتنفيذ حلم شباب العرب بنقل المباريات مجانا".

وحول اعتبار الخطوة الإسرائيلية فرضا للتطبيع على العرب وتأتي ضمن خطة "إسرائيل" التوسعية للسطو على العقول ومن ثم الأراضي، قال إن "كسب العقول أهم من احتلال الأرض، بل إن كسب عقول العرب يزيد من مساحة الكيان الصهيوني، ويوفر للصهاينة المزيد من الإمكانيات".

وأضاف: "للأسف هم تحركوا بينما نحن غارقون بموت سريري نشاهد ما يجري لنا، ولا نستطيع الحركة، وظللنا نكتب عن أهمية الإعلام وضرورة التركيز على وجود منابر إعلامية تدافع عن الأمة وثوابتها، حتى أصبحنا أمة بلا رأس، وجسدا ضخما بلا عقل يوظف إمكاناته".

نتنياهو: علاقتنا مع الدول العربية "المعتدلة" أصبحت متطوّرة جداً

وتزامنت تصرحيات الاعلامي الاسرائيلي إيدي كوهين حول اقتراب كيان الاحتلال من إطلاق باقة كبيرة من القنوات الناطقة باللغة العربية، مع قول رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنّ منطقة الشرق الأوسط مليئة بالمشاكل، "لكن علاقتنا مع الدول العربية المعتدلة أصبحت متطوّرة جداً"، بحسب تعبيره.

وزعم أن "دولاً كثيرة (لم يسمّها) أصبحت تقدّر العلاقات مع كيان الاحتلال إسرائيلي"، معتبراً أن "“هذا التقارب سيثمر عنه تطبيع، وفي النهاية اتفاقيات سلام".

وترتبط "إسرائيل" رسمياً علاقات دبلوماسية فقط مع الأردن ومصر، لكن الفترة الأخيرة شهدت تقارباً غير مسبوق من السعودية والبحرين وحتى الامارات، التي تسير في طريق التطبيع العلني مع الاحتلال، كما يرى مراقبون.

ومع صعود محمد بن سلمان إلى سدة الحكم في السعودية، وتوليه منصب ولاية العهد، لوحظ وجود بعض العلاقات بشكل مباشر وغير مباشر مع الكيان الإسرائيلي، تُوِّجت بزيارة عدد من الشخصيات السعودية و البحرينية لها، وإبرام اتفاقيات عسكرية وأمنية واقتصادية معها.

القضية الفلسطينية تتعرض للإهمال مع تقارب العرب و"إسرائيل"

وفي سياق متصل نشرت صحيفة الفاينانشال تايمز مقالا لرولا خلف نائب رئيس تحرير الصحيفة، بعنوان "القضية الفلسطينية تتعرض للإهمال مع تقارب العرب وإسرائيل".

وتتساءل خلف في بداية مقالها: أتذكرون الفلسطينيين؟ وتجيب: لم يعد الكثيرين يتذكرونهم. وتقول إنه في محادثة بينها وبين مسؤول إسرائيلي مؤخرا، لم يذكر المسؤول الفلسطينيين سوى مرة أو مرتين بصورة عابرة.

وتقول إنه بعد 25 عاما من اتفاق أوسلو للتسوية والمصافحة التاريخية بين ياسر عرفات وإسحق رابين في البيت الأبيض، تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية لتصبح مجرد قضية هامشية.

وتضيف أن المسؤولين الاسرائيليين أصبحوا يباهون بالصلات المتنامية بالدول العربية، والتقارب الذي يحدث مع الدول العربية رغم الإخفاق في عملية التسوية. بل أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أثنى على التطبيع بين "إسرائيل" وجيرانها.

وتقول إن المسؤولين الاسرائيليين محقين في إبراز التغير في العلاقات وتزايد التعاون المستتر مع الدول العربية، بما في ذلك السعودية، التي قاومت لفترة طويلة المساعي الاسرائيلية للتقارب، ولكنه يبقى تقاربا محدودا.

وتضيف أن "إسرائيل" ترحب بكل خطوة صغيرة للتقارب وتصورها على أنها إنجاز كبير: على سبيل المثال، لم يعد حظر السفر إلى "إسرائيل" عبر المجال الجوي السعودي مطبقا بصورة كاملة، فقد أصبحت شركة الخطوط الجوية الهندية إير إنديا تهبط في تل أبيب بعد التحليق فوق المجال الجوي السعودي، مما يسمح لها بادخار ساعتين من زمن الرحلة. وفي القاهرة احتفلت السفارة الإسرائيلية علنيا بمرور 70 عاما على تأسيس الكيان الإسرائيلي.

ويحاول الاحتلال من خلال وسائل إعلام ناطقة بالعربية مخاطبة الجمهور العربي، ودس أفكار التطبيع من خلال رسائله الإعلامية، وحجب الجرائم التي يرتكبها يومياً بحق الفلسطينيين، ساعياً لفرض قبوله كدولة طبيعية بعيداً عن حقيقته ككيان استعماري محتل.

وأطلق كيان الاحتلال أول فضائية اسرائيلية ناطقة بالعربية عبر القمر الاصطناعي المصري عام 2010، وتدعى "ميكس"، دون اية ردة فعل مصرية رسمية، ويرى محللون أن إطلاق المحطة تم من خلال التحايل على المسؤولين المصريين، حيث انطلقت القناة باسم "ميكس" .

وحاولت هذه الفضائية منذ انطلاقتها التعتيم وإخفاء هويتها الإسرائيلية، الا أن أرقام الهواتف والإعلانات التي تبثها كشفت عن أمرها، فجميع المنتجات المعلن عنها إسرائيلية وتصنع داخل الكيان الاسرائيلي، مثل فرشات "عميناح"، اضافة الى إعلانات خاصة عن مطاعم اسرائيلية منتشرة في طبريا ونهاريا وتل أبيب.

ويشار الى ان باكورة برامج هذه القناة كانت، برنامج "نيو ستار" المنسوخ، الذي تم تصويره في ستديوهات "ميماد" في تل أبيب، ويهدف الى التأثير على عقول الشباب العربي، والعمل على التطبيع الشعبي مع الكيان الاسرائيلي بعد أن عجز هذا الكيان عن ذلك عبر الطرق الأخرى، وهو الأمر الذي يخشى الفلسطينيون أن ينسى العالم العربي القضية الفلسطينية ونضال الفلسطينيين لتحرير أراضيهم التي يحتلها الكيان الاسرائيلي.

يذكر ان موضوع اختراق الفضاء الإعلامي العربي شغل الاهتمام الإسرائيلي منذ سنوات بعد الفشل المتكرر لمحاولات إقامة فضائيات إسرائيلية ناطقة بالعربية حيث جعلت سلطات تل ابيب هذا الملف في صدارة الاهتمام بفعل التقييم الذي تضمنه تقرير المراقب العام للكيان الاسرائيلي عن حقيقة الفشل الإعلامي الإسرائيلي وخاصة أمام ما تضمنه تقرير "فينوغراد" الذي أعقب حرب تموز 2006 عن التفوق الإعلامي اللبناني و العربي على "إسرائيل" والعجز الإسرائيلي عن إحداث اختراق جدي للرأي العام العربي.