الدور الاقليمي المصري وحالة الاستياء من الهيمنة السعودية

الدور الاقليمي المصري وحالة الاستياء من الهيمنة السعودية
السبت ٢٩ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٤:٤٧ بتوقيت غرينتش

ضمن القواعد العامة للعلاقات بين الدول، اصبح من المؤكد ان الجميع يعيش حالة تخبط واضحة، من خلال الضغط السعودي على الدول، والتي تحاول ان تعاملها على انها تابعة لها ضمن فكرة تقسيم العالم العربي والاسلامي، الى معسكرين، معسكر یسمى بمعتدل تقوده الولايات المتحدة الامريكية والصهيونية، ومعسكر يوصف بالشر، يضم دول محور المقاومة، وحركات المقاومة الفلسطينية والعراقية واللبنانية.

العالم - مقالات

لم تشهد السياسة الدولية منذ بداية القرن الماضي، حالة من الاصطفاف السياسي والتحزب، كما نعيشه اليوم، الا ان تلك الايام كان ما يميزها، ان دول كبرى مثل مصر كانت تشكل الضمان وصمام الامان للجميع، بموقعها الاستراتيجي، وثقلها السياسي، الا ان محاولة مملكة بني سعود ان تحجز لها مقعداً في الدول المؤثرة على مستوى العالمين العربي والاسلامي، وظروف مصر الخاصة، بعد التغيرات السياسية فيها، غير المعادلة في المنطقة، وابعد القيادة المصرية لمسافة اميال عن شارعها الملتزم بقضاياه المركزية، وجعلها منها مجرد تابع لسياسة بني سعود والامريكي.

القيادة السعودية تتحرك دائما بالذات مع مصر، وفق اجندة واضحة، لسحب مصر من عباءة كل ما يناهض الوجود الامريكي والصهيوني في المنطقة، وزجها ضمن تحالفات لا تمثل القاعدة الجماهيرية في مصر، وتستغل القيادة في مملكة بني سعود، الضعف السياسي والعسكري والاقتصادي في مصر، وحاجتها للمال لدعم الاقتصاد، ووجود قيادات سياسية يمكن الضغط عليهم ومساومتها لتقديم التنازلات على جميع الاصعدة، بما يلبي الرغبة السعودية والامريكية.

التحالفات الاستراتيجية بين الدولتين تخضع لمزاجية واضحة من قبل الجانب السعودي، والذي يغضب من القيادة المصرية لابسط واتفه الاسباب، وقد تعكر تغريدة على موقع تويتر العلاقات، وتؤدي الى وقف وقطع المساعدات السعودية عن مصر، بل واكثر من ذلك، حيث تحرض السعودية ضمن مخططاتها لاستغلال حاجة مصر المالية،  الدول الخليجية باستثناء سلطنة عمان، على تجميد اي مساعدات مالية للحكومة المصرية، واغلاق ابواب العمل في وجه المصريين، وتقديم دعم سياسي ومالي واعلامي لحركة “الاخوان المسلمين” في مصر وليبيا وسورية واليمن، وتطوير العلاقات مع اثيوبيا التي تعمل حاليا على بناء سد النهضة لتحويل مياه النيل، وتقليص حصة مصر، لمجرد ان تفكر مصر بإعادة العلاقات الدبلوماسية في حدها الادنى مع ايران، او ان يفكر الرئيس السيسي بالوقوف في وجه ما اسموه بني سعود، بمعاقبة حزب الله وايران، ما يجعل هذه العلاقات بين الكبيرة مصر، التي كانت تشكل الدعم الحقيقي لكل حركات المقاومة في خمسينيات القرن الماضي، الى دول تنتظر موسمية ومزاجية بني سعود، وتقيم علاقات مع دولة بعيدا عن الاسس الاستراتييجة، ويصل الامر ان طرح اي مسؤول مصري السلام على مسؤول ايراني او سوري، فإن ذلك خطاً احمر، ويجب ان تطلق مصر العداء تجاه ما تصفهم المملكة باعدائها.

ليس هذا فحسب، بل من يتابع التسريبات عن طريقة ادارة مملكة بني سعود، علاقاتها مع بعض الدول العربية والاسلامية، يرى بوضوح هذه النزعة العدائية والمزاجية، والتابعة بشكل مباشر للعدو الامريكي والصهيوني، فقبل ايام نشر احد المسؤولين المصريين، تسريبات عن طبيعة العلاقة السعودية المصرية، وما تقوم به السعودية مع بعض الدول العربية، وشرح بشكل واضح كيف همشت السعودية دور الازهر الشريف، عبر نقل المركزية في القرار الاسلامي والفقه الاسلامي من الأزهر الشريف إلى دولة تحكمها الوهابية، وذلك لأن يقدموا صورة متخلفة ومخيفة عن الإسلام عن طريق إصدار أحكام مزورة لا أساس لها من الصحة ما أدى إلى نشأة تنظيمي القاعدة وداعش في الشرق، وساهم المسؤول المصري بايضاح الكثير من الحقائق حول دور السعودية في ليبيا وتونس وبعض الدول الافريقية، ومن يتابع الاعلامين المصرين، وحسابات نشطاء على وسائط التواصل الاجتماعي يلمس دون عناء، مدى الاحتقان في الشارع المصري، وان عاصفة تتجمع قواها، وتبادل القصف مع حلف السعودية بات وشيكا.

ومن الضروري مكاشفة الشارع المصري، الذي اصبح من غير اللائق بحكومته وبه وبتضحياته، ان تضغط السعودية لدخولهم تحالف يتنافى مع الشعب الذي خاض حروب 56 و76 وحرر في 73، وساند القضايا العادلة في فلسطين وغيرها من الدول، دون أن تكون لمصر وشعبها علاقات مع من ينسجم بالفكر والقومية والقضايا العربية وانهاء دور مصر الاقليمي والدولي، لصالح مملكة بني سعود، انها سياسة أميركية خطيرة تعتمد على المزيد من التوتر والصدامات وتصعيد الإرهاب، والضحية كالعادة شعوب المنطقة وثرواتها، والشعب المصري الشقيق في مقدمتها.

حسین مرتضی