الأهمية الاقتصادية لفتح معبر نصيب الحدودي

 الأهمية الاقتصادية لفتح معبر نصيب الحدودي
الأحد ٣٠ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٩:٢٥ بتوقيت غرينتش

متانة الارتباط بين السياسية والاقتصاد ترسم ملامح جديدة للمشهد القادم من معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن، فاتحة الطرقات على باقي دول الإقليم من أقصى الشمال التركي، وصولاً إلى دول الخليج الفارسي.

العالم - تقارير

معبر "النصيب – جابر" هو أحد المعبرين الحدوديين بين الأردن و سوريا، ويقع بين بلدة نصيب السورية في محافظة درعا وبلدة جابر الأردنية في محافظة المفرق، وهو أكثر المعابر ازدحاما على الحدود السورية، حيث تنتقل عبره البضائع بين سوريا وكل من الأردن ودول الخليج الفارسي، وقد وصل عدد الشاحنات التي تعبر منه قبل نشوب الأزمة السورية في 2011 إلى 7000 شاحنة يوميا بما فيها الشاحنات التي كانت الأراضي الأردنية بالنسبة لها ممرا إلى دول مجلس التعاون.

وقد افتتح معبر "النصيب – جابر" في العام 1997 ويشمل على 3 مسارات منفصلة واحد للمسافرين القادمين وآخر للمغادرين بمركباتهم الخاصة أو بوسائط النقل العمومية، وثالث مخصص للشاحنات القادمة والمغادرة، كما يشمل على منطقة حرة سورية - أردنية مشتركة ومرافق أخرى لخدمة المسافرين.

أما المعبر الثاني ويسمى "درعا- الرمثا" نسبة للمدينتين الحدوديتين المتلاصقتين الذي يقع بينهما، وهو مخصص لحركة المسافرين فقط، فقد أغلق منذ بدايات الأزمة السورية.

على ضوء تصريح وزير النقل السوري د. علي حمود، حول إعادة فتح معبر نصيب الحدودي في العاشر من الشهر المقبل، وتصريحات من الجانب الأردني، أجرت بعض المواقع الاخبارية لقاءات مع خبراء في السياسة والاقتصاد للوقوف على حقيقة المشهد.

حيث اكد المستشار في الحكومة السورية الدكتور عبد القادر عزوز، أن اعادة افتتاح معبر نصيب الحدودي جاء تتويجاً لسلسلة اجتماعات للجان فنية مختصة بين وزارة النقل السورية والجانب الأردني، باشتراك المديرية العامة للجمارك السورية، بغية استكمال جميع الأمور الفنية المتعلقة بإعادة تسير المعبر بعد الضرر الكبير الذي لحق بعمله نتيجة سيطرة الإرهابيين عليه، ومن أجل تحديد الالتزامات المتبادلة بين كل من دمشق وعمّان، لتذليل العقبات وإعادة الأمور على ما كانت عليه قبل الأزمة باعتبار أن المعبر يعود بالفائدة على كلا البلدين.

ويعود المستشار الحكومي السوري بلمحة سابقة عن مرحلة السابقة لنشوب الحرب على سوريا، إذ كانت تشكل المنطقة فضاء اقتصادياً اقليمياً، ومستويات التبادل التجاري كانت عالية، ومعبر نصيب يشكل أهم معبر حدودي بري للدولة السورية مع الجوار .

ويضيف الدكتور عزوز أن افتتاح هذا المعبر الشهر المقبل في ظل المصالحات الوطنية وعودة الأمن والأمان يشكل خطوة مهمة في التعافي الاقتصادي التدريجي وهذا ما فرضته الواقعية السياسية على الأطراف، بعيداً عن التصريحات الساخنة وخلط الاوراق، فاليوم الدولة السورية هي من أطلّت من جديد على معبر نصيب وهي من أعادت مجدداً سيطرتها على الحدود المتاخمة للجانب الأردني بإجراء واقعي والتعافي الاقتصادي يشكل مقدمة لتذليل الخلافات السياسية.

كما يعمل هذا الامر على تدعيم موقف الدولة السورية في مواجهة العقوبات التي أضرت الشعب السوري والتي إلى الآن نجد الدول الأوروبية والمانحة تفرض شروط اقتصادية تقوض من سيادة الدولة السورية لمساهماتها سواء في إعادة الإعمار أو في رفع العقوبات التي أضرت بالاقتصاد السوري.

الجانب الاقتصادي من فتح المعبر

كثيراً ما تم التداول حول الأهمية الاقتصادية لمعبر نصيب الحدودي، وهذه الأهمية تأتي من نقل البضائع والترانزيت بين بلدان المنطقة، حيث أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عمار يوسف، أن هذا المعبر يربط بين كافة الموانئ البرية والبحرية في المنطقة من لبنان وتركيا والأردن حتى دول الخليج الفارسي.

وإغلاق هذا المعبر عاد بخسائر كبيرة على جميع تلك الدول وخاصة الأردن، إذ كان يعود على الحكومة الأردنية قبل سنوات حوالي مليار ونصف المليار دولار أميركي، وهو مبلغ مهم جدا لدولة ذات اقتصاد ضعيف مثل الأردن، وبالتالي من مصلحتها إعادة فتح المعبر.

يضيف يوسف أن هذه الخطوة تعيد لسوريا مكانتها كعقدة وصل للمواصلات العالمية بين القارات الثلاثة، وهي مؤشر لاقتراب نهاية الحرب.

كما ينوه الضيف الاقتصادي إلى رفع الحكومة السورية لرسوم النقل والترانزيت للبضائع الداخلة من البلدان المجاورة إلى سوريا وهذا ما يعود بدخل جيد على سوريا، حيث كان يُدخل سابقا حوالي مليار دولار، ويتوقع الخبير الاقتصادي أن يصل الى حدود الملياري دولار أي ضعف المبالغ السابقة بعد ارتفاع تلك الرسوم.

وبحسب صحيفة "الغد" الاردنية، فإن العديد من القطاعات تنتظر اعادة فتح المعبر وعودة النشاط الاقتصادي الى ما كان عليه قبل بدء الازمة السورية، وخصوصا أن المعبر من الجانب الاردني جاهز للعمل منذ بداية أيلول 2018.

وتقدر خسائر قطاع الشاحنات الاردنية خلال الاعوام الماضية باكثر من 725 مليون دينار، بسبب الازمتين السورية والعراقية واغلاق الحدود معهما، بحسب ما قاله رئيس قطاع الشحن البري في الاردن محمد خير الداوود.

الاردن مهتم بترتيبات أمنية ويطرح "ذرائع فنية"

قدمت الحكومة الأردنية بسرعة لنفي توافقها مع الحكومة السورية بخصوص إعادة افتتاح معبر نصيب بين الجانبين وبصيغة تعكس استمرار وجود “خلافات” بين عمّان ودمشق بالرغم من الإعلان السوري.

وقالت وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة جمانة غنيمات أن معبر جابر نصيب ما يزال مغلقا، ولَم يتم افتتاحه أمام حركة نقل البضائع والمسافرين.

وأضافت في بيان صحافي أن الجانبين مستمرّان بدراسة موضوع فتح الحدود للوقوف على الأوضاع في المراكز الجمركية، حيث اجتمعت اللجان الفنية المعنية لهذه الغاية.

وقالت الوزيرة غنيمات إن الاجتماعات الفنية لفتح الحدود مستمرة، موضحة أن إعادة فتح الحدود يتطلب توفر بنية تحتية ومعايير لوجستية وفنية يلزم تحقيقها قبل افتتاح الحدود.

وبدا واضحا أن السلطات الاردنية سارعت لنفي خبر إعادة فتح المعبر السوري وبمجرد إعلان الجانب السوري عنه وهو تفصيل يخفي خلافات غامضة بين البلدين على مسألة المعبر التي كانت طوال الوقت محورا أساسيا في النقاشات الأردنية مع الجانب السوري.

 وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قد أبلغ بعض أعضاء البرلمان بأن مسألة إعادة فتح المعبر ليست جزئية وهي جزء من موقف شامل لبلاده يأخذ بالاعتبار الحسابات الأمنية والوضع برمّته داخل سوريا.

ويؤشر ذلك أيضًا على الخلافات حيث يعتبر الأردن الخطوة السورية “أحادية” ويبحث في ترتيبات أمنية الطابع وبصورة تدلل على أن الارتياب لا يزال بين الجانبين بالرغم ممّا يقال عن تطبيع واتصالات في الجانبين العسكري والأمني.

وأعلنت دمشق السبت أن معبر نصيب جابر الحيوي مع الأردن، سيعاد فتحه في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر المقبل بعد إكمالها الاستعدادات اللوجستية لذلك من الجهة السورية، وفق ما أعلنت وزارة النقل في بيان السبت.

ويأتي ذلك بعدما كانت الوزارة أعلنت صباح السبت على صفحتها على موقع “فيسبوك” “افتتاح معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن وبدء حركة عبور الشاحنات والترانزيت”، في وقت لم يصدر فيه إعلان مماثل من الجانب الأردني، ولم يتم توضيح الترتيبات المتخذة خصوصًا والإعلان يأتي بعد نحو 24 ساعة فقط على تصريحات الأردن عن “تفاصيل فنية لم يكن متفق عليها”.

فتح المعبر يحسن الوضع الامني والانساني في سوريا

إعادة فتح المعبر، قد تكون خطوة إضافية وغاية في الأهمية، في إطار تحسن الوضع الأمني والإنساني في سوريا، حيث يتنظر هذا الحدث مئات آلاف اللاجئين السوريين للعودة إلى بلادهم عبره من مخيم الزعتري في الأردن.

إعادة فتح المعبر انتظرها بفارغ الصبر أيضا، المزارعون، وأصحاب شركات التجارة والشحن ونقل الركاب والبضائع بين لبنان وسوريا والأردن والعراق والخليج الفارسي، وربما يكون فيه إشارة إلى انتهاء الحرب في سوريا، بانتظار الشروع في تسويتها السياسية.