حلايب وشلاتين.. هل ستكون سبباً في التوتر بين السودان ومصر؟

حلايب وشلاتين.. هل ستكون سبباً في التوتر بين السودان ومصر؟
الأحد ٣٠ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٨:٠٠ بتوقيت غرينتش

جدّد الرئيس السوداني، الجدل التاريخي الدائر بين الخرطوم والقاهرة بشأن أحقية السيادة على منطقة “مثلث حلايب وشلاتين”، الواقعة على الحدود بين البلدين، وذلك بعد أيام من إعلان السلطات في مصر التوصل إلى اتفاق مع السعودية بشأن إعادة ترسيم الحدود البحرية المشتركة بينهما.

العالم - السودان

أكد الرئيس السوداني، عمر البشير، أن قضية حلايب ظلت وستظل حاضرة في كافة لقاءاته مع القيادة السياسية المصرية.

وقال خلال لقائه، مساء أمس السبت، ببيت الضيافة وفد قيادات قبائل البشاريين أن "السودان لديه من الوثائق ما يثبت سودانية حلايب تاريخيا وأنهم مطمئنين لكافة مواقفنا في هذه القضية".

ويجدد السودان سنويا شكواه في مجلس الأمن بشأن مثلث حلايب وشلاتين منذ عام 1958، ويقابلها الجانب المصري برفض التفاوض أو التحكيم الدولي بشأن المثلث الحدودي.

وتتهم الحكومة السودانية، في شكواها بمجلس الأمن، الحكومة المصرية بالمضي قدما في خططها الهادفة للاستحواذ على منطقة حلايب المتنازع عليها، مشددة على أن "حلايب أرض سودانية".

وفي وقت سابق، كانت الخارجية السودانية طالبت، مصر بالتفاوض المباشر معها حول “مثلث حلايب وشلاتين”، أسوة بما اتفقت عليه مع السعودية، يوم 8 أبريل/ نيسان 2017؛ عندما اتفق البلدان على إعادة ترسيم الحدود البحرية بينها، وتضمن ذلك القول بأحقية الرياض في جزيرتي “تيران وصنافير”، اللتين كانتا واقعيتن تحت السيادة المصرية.

وطالبت الخارجية السودانية مصر في حالة عدم قبول التفاوض المباشر معها حول هذه المنطقة، أن توافق على اللجوء إلى التحكيم الدولي من أجل حسم النزاع.

ويتطلب التحكيم الدولي أن تقبل الدولتان المتنازعتان باللجوء إليه، وهو الأمر الذي ترفضه مصر بشأن “مثلث حلايب وشلاتين”.

وتطل منطقة “مثلث حلايب وشلاتين” على ساحل البحر الأحمر، وتقع على الطرف الجنوبي الشرقي من الجانب المصري، وعلى الطرف الشمالي الشرقي من الجانب السوداني، وتبلغ مساحته الإجمالية 20.5 ألف كم2.

ويطلق على هذه المنطقة اسم مثلث؛ نظرا لأنها تضم ثلاث بلدات كبرى هي “حلايب” و”أبوالرماد” و”شلاتين”، ويتوزع سكانها بين عدة قبائل، أشهرها “البشارية” و”العبابدة”.

الموقف المصري

الخارجية المصرية ردّت بشكل مقتضب على نظيرتها السودانية؛ حيث أكدت، في بيان، أن “حلايب وشلاتين أراض مصرية، وتخضع للسيادة المصرية”، مضيفة أن مصر “ليس لديها تعليق إضافي على بيان الخارجية السودانية” بهذا الخصوص.

واتخذت مصر، نهاية العام الماضي، عدة إجراءات بخصوص المنطقة المتنازع عليها، من بينها الإعلان عن بناء مئة منزل بحلايب، وبث برنامج تلفزيوني وخطبة الجمعة من المنطقة المتنازع عليها، وإنشاء سد لتخزين مياه السيول، وميناء للصيد في منطقة شلاتين.

في المقابل، أعلن السودان، عدم الاعتراف باتفاقية ترسيم الحدود المصرية السعودية الموقعة في 2016، مرجعا ذلك لمساسها بحق السودان في المثلث الحدودي، كونها اعترفت بحلايب ضمن الحدود المصرية.

ضم السودان لمصر

لم يكن للحدود السياسية بين مصر والسودان أيه دلالة؛ حيث أن الدولتين كانتا ينظر إليهما كبلد واحد، وكانت أهمية الحدود بينهما قاصرة على الأمور الإدارية فقط ولذلك كانت الحدود مفتوحة للعبور دون قيود.

واستقر الوضع على هذا المنوال حتى أوائل القرن الـ19 وبالتحديد حتى عام 1820 حين ضم والي مصر، “محمد علي” السودان، ووضعه تحت سلطته السياسية، وبذلك امتدت حدود مصر السياسية جنوبًا لتضم الإقليم السوداني بأكمله.

وحينها اعترف السلطان “محمود الثاني”(حيث كانت إحدى ولايات الخلافة العثمانية)، بسلطة الوالي المصري على المناطق التي فتحها من الجنوب، وأقرّ عدم أحقية ولاة مصر في التنازل عن أية امتيازات تكون قد أعطيت لهم سواء في مصر أو في السودان، كما منعتهم من التخلي عن أي جزء من هذين الإقليمين، أو إبرام أية معاهدات سياسية بشأنهما.

اتفاقية السودان 1899

في 19 يناير/ كانون الثاني عام 1899، وقّعت مصر وبريطانيا ما عُرف بـ”اتفاقية السودان”، باعتبارهما قائمتين على الحكم الثنائي المصري البريطاني في السودان آنذاك. وفي حقيقة الأمر لم يكن لمصر من أمرها شيئا في هذه الفترة؛ حيث كانت بريطانيا تحتلها، وكانت تتولى فعليا مقاليد الحكم في البلاد.

ونصت الاتفاقية في مادتها الأولى على أن يطلق لفظ السودان على جميع الأراضي الواقعة جنوبي دائرة عرض 22 شمالًا.

غير أن الاتفاقية، لم تتجاوز قيمتها كونها خطًا إداريًا يفصل بين إقليمين يخضعان قانونًا لوحدة سياسية واحدة هي سلطة الوالي المصري، والذي كانت سلطاته مقيدة بالمحتل البريطاني في وقتها.

لكن الوضع تبدل منذ يناير/كانون الثاني عام 1956، وهو تاريخ اعتراف مصر باستقلال السودان، ومنذ ذلك التاريخ فقط تحول الخط (22 شمالًا) إلى حد سياسي دولي بالمعني القانوني.

بداية النزاع

في أواخر يناير/كانون الثاني من عام 1958، بدأ النزاع المصري السوداني بشكل فعلي على “مثلث حلايب وشلاتين”؛ عندما أرسلت الحكومة المصرية مذكرة إلى الخرطوم على خلفية إجراء الانتخابات البرلمانية في السودان في 27 فبراير/شباط 1958، محتجة على أن الجهة السودانية المشرفة على هذه الانتخابات “خالفت” اتفاق عام 1899 بشأن الحدود المشتركة بين الدولتين؛ وذلك لإدخالها المثلث ضمن الدوائر الانتخابية السودانية.

وطالبت المذكرة بـ”حق” مصر في استعادة المناطق الواقعة تحت الإدارة السودانية شمال دائرة عرض 22 شمالا إلى سيادتها.

ومع ذلك استمرت المنطقة مفتوحة أمام حركة التجارة والأفراد من البلدين دون قيود من أي طرف حتى عام 1995؛ حيث دخلها الجيش المصري، وأحكم سيطرته عليها.

وكانت خطوة الجيش المصري رد فعل على محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، في العاصمة الإثيوبية أديس ابابا، والتي اتهمت القاهرة الخرطوم بالضلوع فيها.

ومنذ ذلك الحين، يتم فتح ملف النزاع حول المنطقة بين الحين والآخر؛ حيث يطرح كل طرف الحجج والأسانيد القانونية التي يعتمد عليها في إثبات حقه في السيادة علي هذه المنطقة.