في ذكرى الانتفاضة.. إضراب يعمّ فلسطين رفضا للعنصرية والتهويد

في ذكرى الانتفاضة.. إضراب يعمّ فلسطين رفضا للعنصرية والتهويد
الإثنين ٠١ أكتوبر ٢٠١٨ - ١١:٤٨ بتوقيت غرينتش

في الذكرى الـ 18 للانتفاضة الفلسطينية الثانية أو انتفاضة الأقصى التي اندلعت عقب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الاسبق، أرئيل شارون، للأقصى، عمّ الإضراب العام اليوم الاثنين كافة أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، تضامنا مع احتجاج ينظمه فلسطينيو الخط الأخضر ضد قانون "القومية" الذي أقره كنيست الاحتلال الإسرائيلي.

العالم - تقارير

الإضراب الشامل يعم كافة الأراضي الفلسطينية

وتشهد فلسطين التاريخية بما في ذلك الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر والمدن والبلدات العربية في الداخل الفلسطيني (مناطق الـ48)، اليوم الإثنين، إضرابا شاملا، في نشاط فلسطيني موحد، هو الأول منذ مرور 18 عاما، على ذكرى الانتفاضة الفلسطينية الثانية، بما في ذلك أحداث هبة القدس والأقصى التي شهدت انتفاضة المدن والبلدات العربية في الداخل الفلسطيني.

وشمل الإضراب كافة مفاصل حياة الفلسطينيين والقطاعات التجارية، والتعليمية، والمؤسسات الخاصة والعامة، وشركات النقل العام، باستثناء القطاع الصحي.

ودعت قوى وفصائل فلسطينية وهيئات حكومية وغير حكومية بالضفة الغربية وقطاع غزة وأراضي الـ48 في بيانات متفرقة دعت إلى مشاركة جماهيرية حاشدة وواسعة.

ودعت لجنة المتابعة العربية العليا في بيان لها، الجماهير العربية لإنجاح الإضراب العام رفضا لقانون "القومية" الإسرائيلي، وتضامنا مع سكان "الخان الأحمر".

من جانبها، طالبت لجنة القوى الوطنية والإسلامية بغزة (تضم الفصائل الفلسطينية)، في بيان لها، الشعب الفلسطيني بالالتزام بالإضراب، الإثنين، بما يشمل القطاع التجاري وكافة المؤسسات والمرافق الحكومية وغير الحكومية. وأكدت اللجنة رفضها لقانون القومية "العنصري" ومساندتها للفلسطينيين في أراضي الـ48 ولسكان الخان الأحمر.

كما دعت الى الالتزام بالإعلان عن الاضراب التجاري الشامل وأهمية القيام بالفعاليات الجماهيرية والشعبية، مؤكدة تضافر كل الجهود وتوحيدها في مواجهة المخطط الأمريكي الهادف لتصفية القضية والمساس بثوابت واجماع الشعب في حق عودة اللاجئين وحق تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس.

وقد أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي في فلسطين، "التزامها بالإضراب الشامل كما أعلنت عنه القوى الوطنية، وبما يشمل المدارس والجامعات".

وقال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، الشيخ خالد البطش، إن "القوى الوطنية والإسلامية تُدين قانون القومية الذي يستهدف أبناء الشعب الفلسطيني ويؤكد على فاشية وعنصرية الاحتلال".

وأشار إلى الاجتماع الذي تعقده القوى الوطنية والإسلامية بشكل دوري، والذي ناقشت من خلاله، أمس، التطورات السياسية والتحديات والمخاطر التي تمر بها القضية الفلسطينية.

وأكد البطش "الوقوف إلى جانب أبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948، ووحدة الشعب في كل مكان، ضد أشكال العدوان والاستيطان الإسرائيلي".

من جانبها، أكدت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين "وحدة الموقف الوطني الفلسطيني، في مواجهة "قانون القومية" العنصري، الذي يستهدف حقوق الشعب الفلسطيني ومصالحه في مناطق تواجده كافة، داخل الكيان الإسرائيلي، والمناطق المحتلة في الضفة والقطاع، والشتات ومخيمات اللجوء".

وقالت الجبهة إن قرار الإضراب "رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية، وللعالم أجمع، بوحدة الشعب الفلسطيني في مقاومة المشروع الصهيوني، والصفقات الرامية لتصفية حقوقه، وفي مقدمها "صفقة القرن"، التي تستهدف ضرب المشروع الوطني الفلسطيني، في العودة وتقرير المصير والدولة".

"قانون القومية" 

وأقر كنيست الإحتلال الإسرائيلي في الـ19 من يوليو الماضي بأغلبية 62 ومعارضة 55 وبامتناع نائبين قانون القومية الذي ينص على أن ممارسة حق تقرير المصير في دولة "إسرائيل" حصرية للشعب اليهودي، ما استثنى المواطنين العرب الذين يمثلون 21% حسب دائرة الإحصاء الإسرائيلية لعام 2017.

وينص القانون على أن "إسرائيل" هي "الدولة القومية للشعب اليهودي"، وأن حق تقرير المصير فيها "يخص الشعب اليهودي فقط"، الأمر الذي يستثني فلسطينيي 48 ويهمش دورهم السياسي والاجتماعي في البلاد.

ويلزم القانون المحكمة العليا في "إسرائيل" بتفضيل "الهوية اليهودية للدولة" على القيم الديمقراطية التي  يغني الاحتلال به ويتهم غيره بالعنصرية.

وفي ما يتعلق بلغة "إسرائيل"، فقد تم استبعاد اللغة العربية، التي كانت إلى جانب العبرية لغة شبه رسمية للدولة، إذ ستصبح العبرية اللغة الرسمية في "إسرائيل"، على أن يكون للعربية "مكانة خاصة" وفق ما ينص القانون.

ويعتبر "قانون القومية" العنصري الوجه التكميلي لمشروع التهويد في الضفة والقدس، مشروع موحد يجب أن يطرح ضرورة إعادة التفكير في فعل المواجهة سياسيا وتنظيميا..المشروع التهويدي العنصري ليس لجزء من فلسطين، أو في بعض منها، بل هو مشروع لتهويد كل فلسطين عدا قطاع غزة، ما يفترض "إنتفاضة فكرية" لإعادة التقييم في العلاقة بين مكونات الشعب الفلسطيني.

مشروع التهويد

قبل نكسة حزيران 1967م كان يطمع الاحتلال الإسرائيلي بالاستيلاء على ما تبقى من مدينة القدس المحتلة، بعد أقل من عقدين على احتلال الجزء الأكبر منها عام 1948م، وما بين النكبة والنكسة وما بعدهما ظلت القدس فريسةً للاحتلال يقضم منها ما شاء دون رادع.

وبعد 1967م بدأت خطوات الاحتلال المتسارعة لتهويد المدينة في كل الاتجاهات، بالاستيلاء على الأراضي والعقارات، وإقامة البؤر الاستيطانية والمستوطنات، وحفر الأنفاق.

ووصلت القدس إلى أسوأ حالاتها بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاعتراف بها عاصمة للاحتلال في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2017، حيث اقتحامات المستوطنين وجنود الاحتلال اليومية للمسجد الأقصى، واعتقال المرابطين والمرابطات فيه وإبعاد حراسه، عدا عما تعانيه أحياء القدس من إغلاقات وانتشار الحواجز، والحفريات المستمرة تحت البلدة القديمة مركز المدينة.

وقال المختص في شؤون الاستيطان خالد منصور: إن الحفريات تحت المسجد الأقصى والمناطق المحيطة به، والاعتداءات اليومية والاقتحامات وإغلاق المدن في مختلف مناطق المدينة، إنما هي مخطط إسرائيلي قديم، يهدف للإضرار بالأقصى، وتهويد المنطقة كاملًا حول الأقصى.

وأكد منصور أن الاحتلال ماضٍ في سياساته لابتلاع الأراضي الفلسطينية وتهويدها بالكامل، مستخدمًا القوة وحكم الأمر الواقع دون رادع أو معيق.

من جانبه، أوضح مدير دائرة الخرائط ونظم المعلومات الجغرافية بمؤسسة بيت الشرق في القدس المحتلة، خليل التفكجي، أن أي مشروع استيطاني يجب أن يمر في عدة مراحل، الأولى الإعلان عن المخطط، ثم المصادقة عليه، ثم بدء سريانه، وفي النهاية المناقصة، مشيرًا إلى أن هذا الأمر قد يستغرق سنوات، مشيرًا إلى أن المشاريع الاستيطانية الحالية هي ضمن برنامج تم وضعه عام 1994 حين كان أيهود أولمرت رئيس بلدية الاحتلال في القدس.

وأضاف التفكجي لصحيفة "فلسطين"، أن لدى الاحتلال "برنامج القدس عام 2020" يتحدث عن بناء 58 ألف وحدة سكنية استيطانية، وبناء مستوطنات جديدة، وتوسيع مستوطنات قديمة، إضافة إلى وضع برنامج جديد للقدس عام 2050، يتحدث عن إقامة مطارات، وتشييد بنى تحتية، ومستوطنات، ومناطق صناعية وغير ذلك.

وأكد أن الضغوطات الخارجية التي قد تمارسها الولايات المتحدة في بعض الأحيان على الاحتلال هي التي تؤثر في التوسع الاستيطاني من عدمه.

شرعنة الاستيطان

وفي مخالفة صارخة للقوانين الدولية، يشرع قانون القومية الاستيطان بل ويشجعه ويدعمه، إذ ينص على أن "تنمية الاستيطان اليهودي من القيم الوطنية، وستعمل (إسرائيل) على تشجيعه ودعم تأسيسه".

ويعد الاستيطان واحدا من أبرز العراقيل أمام تطبيق حل الدولتين، إذ يقطع الأراضي الفلسطينية ويمنع التواصل الجغرافي بينها، فضلا عن أنه غير قانوني وفق الشرعة الدولية.

وكانت النسخة السابقة من القانون أكثر تشددا، حين نصت على "إقامة مجتمعات لليهود فقط"، مما يعني عزل فلسطينيي 48، وعددهم نحو مليوني نسمة من أصل نحو 9 ملايين.

وبينما رحب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بتبني القانون ووصف التصويت بأنه "لحظة حاسمة في تاريخ دول إسرائيل"، مزق نواب عرب نسخا من القانون أمامه وألقوا بها في وجهه.

وفي انتقاد واضح للمشروع، قال النائبان بالكنيست أحمد الطيبي ويوسف جبارين، أعضاء اللجنة الخاصة لتشريع قانون القومية في بيان مشترك بعد التصويت بالقراءة النهائية في اللجنة على قانون القومية: "قانون القومية هو المسمار الأخير في نعش ما يسمى بالديموقراطية الإسرائيلية، والتي تحتضر في السنوات الأخيرة، جراء معاناتها من أمراض عنصرية مزمنة أصابتها بالفاشية وتوجتها بالأبارتهايد عبر تشريع هذا القانون".

كما أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية مشروع القانون الإسرائيلي، مشيرة أنه يفرق "بشكل عنصري بغيض وتمييزي ضد أصحاب الأرض الأصليين".

كما أضافت الخارجية في بيان سابق أن القانون خطورته تكمن في "أبعاده ودلالته ومعانيه الاستعمارية التوسعية"، التي تؤكد علناً أنه يكرس نظام فصل عنصري بغيض، ويهمش كل ما هو عربي وفلسطيني، كما أنه يتناقض مع القوانين الدولية ومبادئ حقوق الإنسان.

وأثار إصدار القانون غضب الشعب الفلسطيني، معتبرين أنه يرسّخ لنظام "الأبرتهايد".

إحياء الانتفاضة الفلسطينية الثانية

ويتزامن الإضراب العام في كافة الأراضي الفلسطينية مع إحياء الشعب الفلسطيني للذكرى الـ 18 للانتفاضة الفلسطينية الثانية أو انتفاضة الأقصى التي اندلعت عقب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي، أرئيل شارون، للأقصى، يوم 28 أيلول (سبتمبر) 2000، وأسفرت عن استشهاد 4412 فلسطينياً إضافة إلى 48 ألفاً و322 جريحاً، بينما قُتل 1100 إسرائيلي، بينهم ثلاثمئة جندي، وجرح نحو 4500 آخرين، طبقاً لأرقام فلسطينية وإسرائيلية رسمية.

وكانت هبة القدس والأقصى قد اندلعت في الداخل الفلسطيني في 29 سبتمبر/أيلول عام 2000 مع قيام زعيم المعارضة الإسرائيلية يومها، ومجرم الحرب في لبنان، أرييل شارون، باقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك، مع وفد من اليمين الإسرائيلي، بموافقة من رئيس حكومة الاحتلال في ذلك الوقت إيهود باراك. 

وأثار الاقتحام موجة مظاهرات عارمة في الجليل والمثلث والنقب، قمعتها شرطة الاحتلال بالقوة وأطلقت النار على المتظاهرين في الداخل مما أسفر عن استشهاد 13 شابا من مختلف أنحاء الداخل الفلسطيني، في المواجهات التي استمرت حتى الثالث من أكتوبر/تشرين الأول.

تضامنا مع الخان الأحمر 

ويعم الاضراب العام في الأراضي الفلسطينية تضامناَ مع أهالي التجمع البدوي الخان الأحمر شرق القدس المحتلة مع انتهاء المهلة التي حددتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الإثنين،لهدم منازلهم بأياديهم وإخلاء الأرض.

ويرقب أهالي الخان الأحمر ومن معهم من متضامنين رد الاحتلال الذي هدد بالشروع في هدم وإخلاء التجمع السكني وتنفذ قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، بحال رفض الأهالي ذلك.

وأمهلت سلطات الاحتلال الأهالي قبل أسبوع حتى الأول من تشرين الأول/أكتوبر الجاري الذي يصادف اليوم الإثنين لهدم المنازل ذاتيا، حيث سلمت شرطة الاحتلال الأهالي إخطارا بذلك، وشمل الإخطار هدم وإخلاء كل "المباني المقامة داخل نطاق الخان الأحمر".

ورغم انتهاء مهلة الاحتلال احتشد مئات المواطنين والمتضامين بساعات الليل في خيمة الخان الأحمر، حيث يتواصل الحراك الشعبي الداعم ومجموعات من المتضامين الأجانب الاعتصام في التجمع السكني، منذ قرار العليا قبل حوالي شهر رد التماس الأهالي والموافقة على طلب سلطات الاحتلال هدم التجمع السكني وتشريد الأهالي.

ويقطن الخان الأحمر نحو 200 فلسطيني، نصفهم من الأطفال وغالبية السكان من اللاجئين، بحسب تسجيلات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، كما يضم التجمع السكني مدرسة تخدم 170 طالبا، من عدة تجمعات سكنية بدوية من قضاء القدس.

ورد المحكمة العليا الإسرائيلي في شهر آب/أغسطس الماضي، الالتماس الذي قدمه أهالي الخان الأحمر ضد إخلائهم وتهجيرهم وأقرت هدم القرية خلال أسبوع. ويحيط بالتجمع السكني عدد من المستوطنات؛ وتقع أراضيها ضمن المنطقة التي تستهدفها سلطات الاحتلال لتنفيذ المشروع الاستيطاني لعزل القدس عن الضفة الغربية.