أبعاد وتوقيت ورسائل عمليات دك الارهابيين شرقي الفرات..

أبعاد وتوقيت ورسائل عمليات دك الارهابيين شرقي الفرات..
الإثنين ٠١ أكتوبر ٢٠١٨ - ١٠:١٤ بتوقيت غرينتش

بدأت وسائل الإعلام الاقليمية والعالمية صباح اليوم الإثنين مشوارها الإعلامي بالهجمات الصاروخية الدقيقة لقوة الجو-فضاء الصاروخية التابعة لحرس الثورة الاسلامية على مواقع الإرهابيين في منطقة شرق الفرات السورية. فلهذه العمليات أكثر من بُعد من ناحية التوقيت والثقل العسكري، والرد الذي توعدت به ايران وعلى لسان كبار قادتها السياسيين والعسكريين.

العالمتقارير

فقد جاء في البيان الذي اصدرته العلاقات العامة لقوات حرس الثورة الاسلامية أن العمليات جاءت تلبية لنداء قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي الذي دعا للثأر لدماء شهداء جريمة الإرهابيين في مدينة اهواز، صبيحة السبت قبل الماضي، والذي راح ضحيتها 25 شهيدا وأوقعت قرابة السبعين جريحا من المدنيين والعسكريين غير المسلحين، الذين كانوا يشاركون في استعراض عسكري بمناسبة بدء اسبوع الدفاع المقدس، لتُلقِّن الإرهابيين وحماتهم، ومن يساوره زعزعة أمن ايران، دروسا لايمكن ان يتناسوها.

واعتبر بيان حرس الثورة ان العمليات التي جرى خلالها اطلاق ستة صواريخ ذكية ودقيقة على مركز كان من المقرر ان يجتمع فيه كافة قيادات الجماعات الارهابية المنتشرة في سوريا والمنطقة خلال ليلة امس ويستمر على مدى اليوم الاثنين، أعقبها تحليق الطائرات المسيرة لقوات حرس الثورة، ليتم القضاء على ما تبقى من الإرهابيين، حتى لو كانوا يحتمون بأنقاض المكان، او يحاولون الفرار من الساحة، كي لايتمكنوا للإمتثال للأوامر الصهيو-امريكية وعملائهم من المرتجعين في المنطقة لزعزعة امنها وسلامها.

ومن الناحية العسكرية لم يكن خافيا على الخبراء ان الصواريخ البالستية تم اطلاقها من غرب البلاد وعلى بعد 570 كيلومترا من محل الأهداف، لتصب حمم نيرانها على أهدافها بدقة تباغت القاصي والداني. لكن هناك اربع نقاط نرى انها اكثر أهمية بالنسبة للنقاط الاخرى التي امتازت بها عملية دك جحور الإرهابيين في عقر دارهم نحاول التطرق اليها بإختصار.

اولا- اهمية توقيت العمليات: لقد نزلت العمليات الصاروخية على رؤوس زعماء التيارات الإرهابية وحماة الإرهابيين الذين ارتكبوا جريمتهم البشعة في مدينة اهواز السبت قبل الماضي، أي بعد عشرة أيام من تنفيذ الهجمات الإجرامية، ولم تفصلنا عن تحذيرات قادة الجمهورية الاسلامية العسكريين والسياسيين، -سوى بضعة ايام- حول الرد الحاسم والصارم ضد الإرهابيين وحماتهم اينما كانوا وحيثما وُجدوا. ومن هنا يمكن إعتبارها عملية نوعية بإمتياز رغم كل المحظورات والأجواء المهيمنة على المنطقة.

ثانيا- إختيار مكان تنفيذ العملية: إن منطقة شرق الفرات التي ترزح تحت إحتلال أمريكي غير مرحب به في سوريا، تعتبرها الجماعات الإرهابية وذيولها منطقة أمن لها، لأنها تحت السيطرة الامريكية وقد اعتبرتها القوات الامريكية المحتلة خطا أحمر لها ولجماعاتها التي تدعمهم بالسر والعلن. وإختيار هذه المنطقة التي كانت حتى مساء امس الأحد، مكانا آمنا لإجتماع قادة الإرهاب في سوريا والمنطقة بأسرها، وإختيار هذه المنطقة لعمليات، تكشف عن مدى دقة وقدرات ايران الإستخبارية والعسكرية، يعتبر إختيارا لايفوقه اختيار في الظروف الراهنة.

ثالثا- دقة المعلومات وعمليات الإستهداف لقوات الجو- فضا التابعة لحرس الثورة الاسلامية، كشفت عن مدى جهوزية القوات الايرانية ومدى صدقيتها في التحذيرات والرسائل التي تبعثها لمن تسول له نفسه زعزعة امن واستقرار ايران أو تعكير صفو علاقاتها مع دول الجوار. فإيران أثبتت ولأكثر من مرة أنها تلاحق من يحاول العبث بأمنها أينما حل وكان، ولم تكن عمليات مطاردة واستهداف قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني (زمرة ارهابية) بالأمس القريب في مدينة كوي سنجق العراقية، وقبلها استهداف الجماعات الارهابية التي نفذت عمليات اجرامية صيف العام الماضي في طهران، بالقرب من مدينة دير الزور السورية، بعيدة عن ذاكرة المراقبين.

رابعا- رسائل العمليات: اما عمليات فجر اليوم المتميزة، تحمل في طياتها اكثر من رسالة للإرهابيين وحماتهم في المنطقة والعالم والذين يحاولون بشتى السبل زعزعة امن واستقرار ايران، كما فعلوا ببعض بلدان المنطقة ومن خلال عملائهم. وخاصة أنها تحمل رسالة بالغة الوضوح للسعودية التي زعم ولي عهدها الشاب، صيف العام الماضي، انه سينقل نيران المعركة الى داخل الاراضي الايرانية. وللإمارات التي تسرع بعض مسؤوليها في دعم الهجمات الارهابية على مدينة اهواز وإعتبرها ضربا من مقاومة المعارضة على حد زعمهم، فيما تبرأ زعماء عشائر أهواز وكل ابناء الشعب الايراني من المندسين وعمليتهم الإجرامية التي تبيَن فيما بعد أنها جاءت بدوافع تكفيرية ارهابية، ناهيك عن ان الإرهابيين يتغذون فكريا وماليا بأموال البترودولار السعودية والإيعازات الصهيو-امريكية لزعزعة أمن واستقرار ايران الإسلامية، عسى ان يتمكنوا من نيل ما لم يتمكنوا من الوصول اليه عبر مؤامراتهم السياسية والعسكرية.

وخلاصة القول ان العمليات الصاروخية ومن بعدها تسيير سبع طائرات مسيرة لقوات جو- فضاء التابعة لحرس الثورة الاسلامية تكشف مدى قدرة ايران على جمع المعلومات الدقيقة وإختيار الوقت المناسب لتحقيق الضربة الأكثر ايلاما وتآثيرا في المكان المناسب. ومن لم يُصدِّق ذلك بعد ثلاثة عمليات ناجحة ومتميزة وفي مناطق وبلدان مختلفة، يمكن ان يجرب حظه، ناهيك عن الخبرات القتالية الاخرى التي حصلت عليها ايران خلال سنوات الدفاع المقدس في المجالات البحرية والجوية والحرب الالكترونية، إلى جانب الخبرات السياسية لزعماء الجمهورية الاسلامية الايرانية. وقد تكون ما تحمله الايام القادمة أكثر إيلاما لمن تُسوِّلُ له نفسه العبث بأمن ايران واستقرارها... والأيام هي التي تكشف ذلك.

*عبدالهادي الضيغمي