مؤتمر إيطاليا حول ليبيا.. حل للأزمة أم هيمنة على الملف؟

مؤتمر إيطاليا حول ليبيا.. حل للأزمة أم هيمنة على الملف؟
الأربعاء ٠٣ أكتوبر ٢٠١٨ - ١١:٣١ بتوقيت غرينتش

في ليبيا المقسمة سياسيا والمضطربة عسكريا يبدو جليا دور الدول الكبرى في تشكيل صورة البلد الجديدة، وذلك لأن تسوية الأزمة بات مطلباً عاجلاً للقوى الإقليمية والدولية في ظل تصاعد التوتر العسكري وعجز العملية السياسية عن تحقيق أي نقاط تقدم، رغم الإجماع الدولي على رفض الحل العسكري، والتمسك بالحل السياسي القائم على مرجعية اتفاق الصخيرات.

العالم - تقارير

وبرغم إعلان جميع المعنيين بالشأن الليبي دوليا دعمهم للاتفاق السياسي والمجلس الرئاسي والحكومة المنبثقة عنه، فان المواقف الدولية غير موحدة تجاه الازمة الليبية.حيث باتت ليبيا صيدا ثمينا وهدفا لعدة أطراف إقليمية ودولية، ترغب في الاغتنام بالحصة الأكبر من هذا الصيد، تحت ذريعة محاربة الارهاب أو إعادة الإستقرار للبلاد.

وفي هذا الإطار، صرح وزير الخارجية الإيطالي إنزو موافيرو ميلانيزي بأن بلاده ستستضيف مؤتمرا دوليا حول ليبيا في صقلية الشهر المقبل، في مسعى لجمع القوى المتناحرة وإطلاق الحوار بين الليبيين.

وأضاف الوزير أمام البرلمان أمس الثلاثاء أن الاجتماع سيعقد في باليرمو عاصمة الجزيرة يومي 12 و13 نوفمبر، وأنه من المتوقع مشاركة أطراف رئيسية من داخل وخارج ليبيا فيه.

وقال موافيرو: "نريد إيجاد حل مشترك، رغم اختلاف الآراء"، مضيفا أن الهدف هو المساعدة في استعادة السلام في ليبيا وتسهيل عملية سياسية شاملة قبيل انتخابات محتملة.

وذكر موافيرو أنه لا يتوقع أن يركز اجتماع باليرمو على تواريخ محددة، وقال: "لن يتم فرض مواعيد نهائية أو تحديد مهام لليبيين".

وتتصارع إيطاليا مع فرنسا حول أفضل السبل للتعامل مع ليبيا، التي عصفت بها أعمال العنف لسنوات بعد الأحداث المدعومة من حلف الشمال الأطلسي -الناتو- في عام 2011 والتي أسفرت عن الإطاحة ومقتل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي.

وأعلن القادة الليبيون في مؤتمر عُقد بباريس في مايو الماضي أنهم سيجرون انتخابات في 10 ديسمبر المقبل كجزء من جهود  فرنسية لتحقيق الاستقرار في البلد الواقع في شمال أفريقيا.

وانتقدت ايطاليا خطوة تحديد موعد الانتخابات في ظل استمرار الاشتباكات بين الفصائل المتناحرة، ويعتقد عدد قليل من الدبلوماسيين الغربيين أن التصويت يمكن أن يجرى في المناخ الحالي.

وكشف مافيرو أنه لا يتوقع أن يركز اجتماع باليرمو على مواعيد محددة، وقال "لن يتم فرض أي مواعيد نهائية أو تحديد مهام لليبيين".

روما تلقي على باريس قسطا من المسؤولية عمّا تشهده ليبيا

حملت وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا، فرنسا جانبا من المسؤولية عن الوضع الليبي، ونفت نية بلادها التدخل العسكري في هذا البلد.

وكتبت ترينتا عبر فيسبوك: "فرنسا تتحمل من هذه الناحية جزء من المسؤولية، ولا يمكن إنكار أن هذا البلد، هو حاليا في هذا الوضع لأن أحدهم في 2011، قدم مصالحه على مصالح الليبيين وأوروبا نفسها".

واعتبرت الوزيرة، أن رئيس الجمعية الوطنية الإيطالية روبيرتو فيكو كان على حق، حين قال إن "الوضع في ليبيا مشكلة خطيرة تركتها لنا فرنسا بلا أدنى شك".

ورغم ذلك، اعتبرت ترينتا أنه من الضروري المضي قدما والتحرك معا من أجل سلام واستقرار الشعب الليبي.

سالفيني ينتقد الغطرسة الفرنسية

جددت الحكومة الإيطالية على لسان نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية، ماتيو سالفيني، توجيه انتقادات شديدة اللهجة لسياسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن الأزمة الليبية.

وصرح ماتيو سالفيني بأن الفرنسيين يستمرون في التدخل بغية مصالحهم الوطنية وبناء على أنانية صرفة.

وأردف قائلا في مقابلة نشرتها صحيفة "إل جورنالي" الإيطالية الاثنين: "لقد تسببوا (الفرنسيون) في وقوع كوارث في عهد القذافي"، في إشارة إلى ضغوط مارسها الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي لتدخل حلف شمال الأطلسي عام 2011 ضد قوات العقيد إبان الانتفاضة على نظامه.

وأضاف سالفيني: "هاهم يحاولون الآن مع ماكرون الاستمرار في نفس الخط بتحديد موعد للانتخابات دون إشراك أي شخص آخر".

مؤتمر باريس حول ليبيا

 وفي التاسع والعشرين من شهر مايو/أيار الماضي استضاف قصر الإليزيه في العاصمة الفرنسية باريس، لقاء جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بأبرز المسؤولين الليبيين في مؤتمر دولي للتحضير لإجراء انتخابات في ليبيا.

وشارك في اللقاء الذي يأتي برعاية الأمم المتحدة، كل من رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، والقائد العام للجيش خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس مجلس الدولة خالد المشري، بهدف توفير الظروف لإيجاد مخرج للأزمة الليبية عن طريق تحديد إطار لمؤسسات مستدامة يعترف بها المجتمع الدولي.

واتفقت الاطراف الليبية في مؤتمر باريس مايو الماضي على اجراء انتخابات في العاشر من ديسمبر تلبية لمبادرات فرنسية لإرساء الاستقرار في البلاد، ما أثار تحفظ روما التي لا ترى إمكانية إجراء الانتخابات في ظل استمرار الاشتباكات بين الفصائل الليبية المتنافسة.

وفي شهر مايو، اتفق حفتر والسراج ورئيسا البرلمانين المتنافسين في ليبيا شفهيا، وبوساطة فرنسية في باريس، على وضع إطار عمل للانتخابات، لكن اشتباكات على مدى أسابيع بين فصائل متناحرة في طرابلس، بعضها مرتبط بالحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، كشفت عن صعوبة تنظيم انتخابات في خضم الفوضى السائدة.

تنافس إيطالي فرنسي على ليبيا

تعتبر إيطاليا احدى أبرز الدول حضورا في ليبيا التي ترى فيها مجالا حيويا خاصا وأرضا خصبة لها لإصلاح اقتصادها المتردي،فيما تسعى فرنسا لنيل نصيب من الثروات الليبية وتدعيم مصالحها في هذا البلد الذي تعتبره بوابة للبحث عن نفوذ لها في المنطقة.ويتصاعد التنافس بين الطرفين للهيمنة على المشهد الليبي عبر بوابة التعاون مع السلطات الليبية.

إلي ذلك،قررت فرنسا تعزيز جهودها الدبلوماسية في حل الأزمة الليبية،حيث أعلنت تعزيز تعاونها مع ليبيا بهدف "السيطرة بشكل أفضل على تدفقات الهجرة" ومحاربة "قنوات الإتجار بالبشر".

وبالتزامن مع ذلك، تحركت إيطاليا بدورها نحو تعزيز تعاونها مع ليبيا، وجاء ذلك مع إعلان وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني، عزم حكومته إقامة مزيد من الاستثمارات في ليبيا، تشمل مجالات مختلفة.ونقلت وكالة آكي للأنباء عن سالفيني، قوله إن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج طلب تدخل إيطاليا لدعم مشاريع البنى التحتية، مؤكدا أن حكومته على استعداد لذلك، مضيفا أنه ستوجه إلى ليبيا قريبا.

وانزلقت ليبيا في حالة الفوضى بعد ثورة 2011 التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي بدعم من حلف شمال الأطلسي.