بوادر ایجابية في الساحة السياسية السورية

بوادر ایجابية في الساحة السياسية السورية
الأربعاء ٠٣ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٩:١٢ بتوقيت غرينتش

في مبادرة لتعزيز أمن سوريا وتنفيذا لقرار بهذا الشأن اتخذ إثر تحطم طائرة الاستطلاع الروسية في سوريا يوم 17 سبتمبر، سلمت روسيا منظومات الدفاع الجوي الصاروخي "إس-300" إلى الجيش السوري.

العالم- تقارير

وان تسليم هذه الدفعة من الصواريخ الروسية المتطورة لسوريا لم يكن وليد الساعة بل انه جاء نتيجة اتفاق استراتيجي للدفاع المشترك بين الحليفين التقليديين روسيا وسوريا التي تعود علاقاتهما الاستراتيجية لاكثر من خمسة عقود.

وکان من المقرر ان تسلم موسکو هذه المنظومة لسوريا عام 2013 و لکنها في العام نفسه قد جمدت خطة تسليم هذه المنظومة إلى سوريا، بطلب من كيان الاحتلال إسرائيلي.

وسرعان ما لقيت المبادرة الروسية اصداء لها في المنطقة. فبعد ما تاکدت الدول الإقليمية وبالتحديد الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي (إضافة الى مصر والأردن) من انجاز هذه المبادرة بدات معظم هذه الدول تحاول كسب ود الحكومة السورية وراحت تغازلها من خلال ايفاد وفود او اجراء مقابلات ومصافحات.

وفي هذا الإطار أكد ما يسمى بـ "التحالف الدولي" الذي قادته واشنطن للإطاحة بالحكومة السورية علی أن "تسليم الصفقة الروسية لسوريا لا يغير أي شيء، لکنه  لم يتمكن من إخفاء القلق الذي يساور حكومة واشنطن من الخطوة الروسية حيث قال: "عندما تدخل أسلحة جديدة إلى المنطقة، فهذا أمر مثير للقلق، لكن لدينا عملية تمنع نشوب الصراعات".

ولم تتأخر الخارجية الأميركية ايضا عن تأكيد الموقف نفسه واعتبرته نوعاً من التصعيد الخطير فيما يتعلق بالمشاكل الموجودة في سوريا .

وعلی الصعید ذاته أكد الرئيس الروسي بوتين الیوم أن وجود القوات الامريكية في سورية غير شرعي لأنه لم يتم بطلب من حكومتها وهو انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة.

وأوضح بوتين أن بلاده تواصل العمل للقضاء على الإرهاب في سورية بهدف تحقيق الاستقرار فيها ولهذا جاء اتفاق سوتشي حول إدلب الذي يتضمن تأسيس منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 حتى 20 كيلومترا في ريف إدلب، مبيناً أن موسكو تعمل بشكل نشط على تنفيذ هذا الاتفاق بالتنسيق مع الجانب التركي.

کما شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الأربعاء، على ضرورة انسحاب القوات الأجنبية بما في ذلك القوات الروسية من سوريا بعد الانتصار على الإرهاب.

وفي لقاء ودي يعتبر الأول من نوعه للرئيس السوري مع وسيلة إعلام خليجية، منذ بداية الحرب على سوريا، أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن الستار على هذه الحرب الإرهابية سيسدل في وقت قريب جدا، مشيرا إلى أن اللعبة السياسية تتغير وستعود سوريا إلى دورها المحوري العروبي الداعم لقضايا الأمة، كما كانت من قبل.

وتحدث الرئيس السوري خلال لقاءه رئيس "مجموعة الدار الكويتية للإعلام" عن استعادة أغلب المدن السورية من قبضة الإرهابيين المجرمين، مضيفا "وحمينا المواطنين من الإرهاب الذي كان يمارس عليهم، وبدأنا بإعمار المناطق، وبإذن الله، قريبا جدا ستبسط الدولة السورية حكمها وقانونها على جميع الأراضي السورية، ولن نترك واحدا من سوريا العروبة خارج السيادة الوطنية."

وكشف الأسد عن أن كثيرا من الدول العربية "بيننا وبينهم تفاهم كبير، وهناك دول غربية قد بدأت تخطط وتجهز لفتح سفاراتها وهناك وفود غربية وعربية قد بدأت بالفعل القدوم إلى سوريا لترتيب عودتهم، سواء كانت دبلوماسية أو اقتصادية أو صناعية".

واعتبر الرئيس السوري أن دور روسيا في المنطقة قد أصبح أمرا واقعا بالتعاون مع الصين والهند ومجموعة من الدول الصديقة، موضحا أن ميزان القوى الدولية سيتغير في المرحلة المقبلة وسيكون للأفضل، وخصوصا للشرق الأوسط.

ومن البوادر الایجابية ایضا علی الصعيد السوري تصریحات وزیر الخارجية السوري ولید المعلم یوم الاربعاء و قد أشار المعلم إلى أن بلاده لم تعد محور النقاش الأممي، وهذا مؤشر على أن دولا عديدة أيقنت أن سوريا ستكتب الفصل الأخير في مكافحة الإرهاب، معتبرا أن هدف العدوان الأخير على اللاذقية إطالة الأزمة، لتتمكن "إسرائيل" من هضم انتصار الجيش السوري وحلفائه في تحرير أكثر من 90% من الأراضي السورية، مؤكدا أن الأمور تسير نحو الأفضل، فيما يرتبط بحماية الأجواء السورية.

کما أكد الرئيس التركي اردوغان يوم الثلاثاء أن بلاده ستعزز وجودها في شمال سوريا لمواجهة وحدات حماية الشعب الكردية، وأعلن أن ترکيا ستعقد قمة مع روسيا و المانيا وفرنسا لبحث الازمة السورية، معتبرا أن الحل أصبح وشيكا.

وأضاف أن روسيا تتخذ جميع التدابير تجاه مخاطر هجمات النظام السوري على إدلب، وأن تركيا تتخذ جميع التدابير حول المجموعات المسلحة في هذه المدينة، مؤكدا أن اتفاق وقف اطلاق النار الذي تمخض عن اجتماع سوتشي ما زال قائما.

ويرى المراقبون أن كل هذه التطورات جاءت بعد نجاح سوريا في ترسيخ المصالحات الوطنية، وبعد ان توحدت سوريا داخليا، وقررت التخلص مما تبقى من الجماعات الارهابية في محافظة ادلب، حيث نجاحها كان بمثابة دق آخر مسمار في نعش الجماعات الارهابية الداخلة على سوريا وفشل داعميها في تمزيق هذا البلد العربي المسلم، خاصة وان الدول الضامنة اكدت دعمها للعزيمة السورية خلال القمة الثلاثية التي استضافتها طهران الشهر الماضي، وتجسدت تلك الارادة باتفاق ثنائي بين الرئيس التركي اردوغان ونظيره الروسي في اجتماع سوتشي وبات الامر مسئلة وقت للتخلص من الجماعات المسلحة.