بمقدور السعودية التخلص من إبتزاز ترامب لو أرادت

بمقدور السعودية التخلص من إبتزاز ترامب لو أرادت
الخميس ٠٤ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٤:٢٩ بتوقيت غرينتش

 لا نريد ان نشمت ، كما فعل الناقمون على سياسة السعودية في المنطقة ، بقادة هذا البلد ، بعد ان كشف الرئيس الامريكي دونالد ترامب عن حقيقة مضمون المكالمة الهاتفية التي اجراها مع الملك السعودي سلمان، قبل ايام ، والتي تناقضت بالمرة مع الرواية السعودية، حيث تحدث ترامب مع سلمان بطريقة أقل ما يمكن وصفها بالمهينة والمعيبة.

العالم - مقالات وتحليلات

رغم ان كاتب المقال لا يكن اي ود للسياسة السعودية في المنطقة، وكثيرا ما انتقدها، خاصة على خلفية العدوان الذي تشنه منذ ما يقارب الاربعة اعوام على الشعب اليمني المظلوم، الا انه شعر كمسلم، بخجل واحراج، عندما كان ترامب يتحدث بتلك الطريقة البلطجية مع رجل يقود بلدا يعتبر حليفا تاريخيا واستراتيجيا وثيقا للولايات المتحدة، ولم تبخل بلاده، بإي شيء من اجل ارضاء ترامب، حتى انها تماهت مع مجرم الحرب نتنياهو، في كل شيء، وناصبت العداء لكل بلد او حزب او تنظيم او شخصية، تناصب “اسرائيل” العداء.

قال ترامب وبصريح العبارة للملك السعودي ، إنك تمتلك تريليونات من الدولارات، والله وحده يعلم ماذا سيحدث للمملكة في حال تعرضت لهجوم ، ربما لن تكون قادرا على الاحتفاظ بطائراتك ، داعيا الملك الى ان يدفع ثمن الحماية الامريكية ، لانه سيكون في أمان معه .

المراقبون لسياسة ترامب ، ومزاج الرجل ، وابعاد شخصيته ، يجزمون انه لن يترك السعودية لحالها ، فلن يكف عن ابتزازها الا بعد ان يُخلي خزينتها من آخر ريال ، ويشفط نفطها حتى آخر قطرة ، ولن تنفع معه هذه السياسة التي يتبعها معه ابن سلمان ، فلا التقرب من “اسرائيل” ، و لا زيادة انتاج النفط ، ولا شراء الاسلحة وتكديسها ، ولا اشعال المنطقة بالفتن الطائفية ، وتفتيت دولها ، من اجل ابعاد كل تهديد عن “اسرائيل” ، فكل هذه الاشياء قامت بها السعودية واكثر ، فالسعودية كانت رأس حربة امريكا منذ اربعينيات القرن الماضي وحتى اليوم ، فكانت هي من ناصبت الحركة القومية العربية العداء ، وهي التي حاربت عبد الناصر ، وهي التي اسست طالبان والقاعدة لمحاربة السوفيت ، وهي التي مولت وحرضت وشجعت الدكتاتور صدام حسين ليشن عدوانه على الجمهورية الاسلامية في ايران، على مدى ثماني سنوات ، وهي التي ساعدت امريكا على غزو العراق ، وهي التي تقف وراء كل المآسي في ليبيا وسوريا واليمن ، وهي التي انفقت نحو تريليون دولار على نشر الوهابية التكفيرية في العالم ، بهدف تمزيق الامة ، وهي اخيرا كانت وراء صناعة”داعش” في العراق وسوريا.

المعروف ان هذه الخدمات التي قدمتها السعودية لامريكا و”اسرائيل” ، لم تكن بالمجان ، فقد فتحت السعودية خزائنها من اجل تمويل هذه الخدمات ، لذلك ما كان يجب على ترامب ان يخاطب قادة السعودية ، بهذه الطريقة السوقية ، فهؤلاء القوم قدموا لامريكا ما لا تحلم به ، حتى انهم قدموا لترامب نصف تريليون دولار كهدية لانه اختار بلادهم كاول بلد يزوره بعد توليه الرئاسة.

استنادا الى ما تقدم ، فان ترامب مصمم ، ليس على اقتسام عائدات النفط مع السعودية ، بل على شفط القسم الاكبر من هذه العائدات ، لذلك على قادة السعودية ان يقفوا ولو للحظات ، ويفكروا بالاسباب الحقيقية التي تقف وراء ابتزاز ترامب المتواصل والمذل لهم.

لا يحتاج هذا السؤال الى تفكير معمق ، فالجواب هو : ايران. ايران التي حولتها السعودية من بلد مسلم جار ، الى عدو وتهديد وجودي لها ، رغم  ان ، كل الوقائع التاريخية والجغرافية والسياسية والدينية ، تؤكد خلاف النظرة السعودية . ونحن عندما نشير الى هذا السبب الذي يقف وراء ابتزاز ترامب للسعودية ، لا ننسى بالمقابل الدور الخبيث للثنائي الامريكي الاسرائيلي ، في تكثيف وطأة هذا السبب في عقلية القيادة السعودية ، التي باتت تعتقد ، انه يمكن من خلال تجنيد كل امكانياتها الاقتصادية والسياسية والاعلامية ، ضد ايران ، والارتماء كليا في الحضن الامريكي ، والتماهي مع “اسرائيل” ، وتجنيد هذا الثنائي ضد ايران ، ان تستيقظ في صباح احد الايام ، فاذا بايرن اختفت من خارطة العالم!!.

على قادة السعودية ان يستيقظوا من سباتهم العميق ، وينفضوا عنهم غبار الحقد غير المبرر ضد ايران ، والذي تثيره امريكا و”اسرائيل” ، وان يكسروا افخاخ امريكا و”اسرائيل” وان يتعاملوا مع هذا البلد الاسلامي الكبير ، كبلد جار و مسلم لا يضمر السوء للسعودية وشعبها ، ولطالما مد يد الاخوة الاسلامية اليها.

على هؤلاء القادة ان يعلموا ، ان لا امريكا ولا “اسرائيل” ، يمكنهما محاربة  ايران نيابة عنهم ، والسبب بسيط جدا ، وهو ان هذا الثنائي  يعلم علم اليقين ان التعرض لايران له عواقب وخيمة تخرج عن نطاق كل تصور. كما ان ترامب السمسار البشع ، لن يكون بهذه الدرجة من الغباء ان يقضي على “التهديد” الايراني الزائف ، ويحرم بلده من تدفق تريليونات الدولارات على امريكا ، بفضل اكذوبة “التهديد الايراني”.

اقصر الطرق امام قادة السعودية للوقوف في وجه ابتزاز ترامب ، ووقف مسلسل الاهانات والاذلال المستمر ، والذي اثار حفيظة حتى الناقمين على سياسة السعودية ، هو وضع يدهم في يد ايران الممتدة دوما ، والا فان جشع ترامب ، “شايلوك” امريكا ، لن يشبع ببضع تريليونات من الدولارات ، ولا حتى بزيادة مليوني برميل نفط يوميا.

نبيل لطيف / شفقنا