السعودية وأمريكا تهنئان عبدالمهدي..ما هي نواياهما الخفية؟

الخميس ٠٤ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٦:٥٢ بتوقيت غرينتش

التهاني انهالت على الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة العراقية "عادل عبدالمهدي"، من السعودية واميركا و وراء هذه التهاني أبعاد أخرى ونوايا خفية.

العالم - السعودية

وبحلول ليل الثلاثاء الماضي، أنجز العراق مهمّة تسمية رئيس جديد للبلاد هو "برهم صالح"، وتكليف رئيس حكومة هو "عادل عبدالمهدي"، في سلّة اتفاقات واحدة.

الفشل السعودي

صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، اعترفت ان المرجعية الدينية في مدينة النجف دعمت "عبدالمهدي"، ضمنيا لرئاسة الحكومة، وذلك بعد توافق تحالفي "مقتدى الصدر" و"هادي العامري" عليه، ما يشير إلى فشل سعودي في فرض كلمتها على هذا المنصب.

وقال وزير عراقي بارز بحكومة تصريف الأعمال، إن "تكليف عبدالمهدي بتشكيل الحكومة الجديدة، نتج عن اتفاق بين تحالف سائرون بزعامة مقتدى الصدر، وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري".

وأشار إلى أنّ "عبدالمهدي"، "شخصية لها علاقات جيّدة مع إيران، كما أنّها غير متقاطعة مع الأمريكيين"، حسب صحيفة "العربي الجديد".

هذا الفشل، لم يكن سعوديا فقط، بل كان أمريكيا أيضا، حيث تلاقت المصالح الأمريكية السعودية، في مواجهة إيران، وذلك من خلال دعم قوى سياسية مناهضة لإيران، حتى خرج بيان للحشد الشعبي، قال صراحة إن الأمريكان والسعوديين يتدخلون في تشكيل الحكومة، ويدعمون الأطراف المعادية لإيران لتسلم السلطة بالعراق.

وجاء بإحدى فقرات البيان: "مؤامرة جديدة هي الأخطر نسج خيوطها التحالف الأنجلوأمريكي وتورط معهم بعض الساسة العراقيين، لتكون تدخلاً سافرًا بالعملية السياسية، وفرض إرادة هذا التحالف الشرير على العراقيين، وتشكيل حكومة هزيلة ضعيفة تأتمر بأوامر الثنائي (مبعوث الرئيس الأمريكي للتحالف الدولي بريت) مكغورك و(وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج  (الفارسي ) ثامر السبهان".

إعادة تموضع

ورغم هذا الفشل السعودي الأمريكي، لكن كلا البلدين تقدم بالتهنئة لـ"عبدالمهدي"، في محاولة لكسب ما يمكنهما من إعادة التموضع في العراق، حسب مراقبين.

وكانت تعول السعودية والولايات المتحدة، على ائتلاف "نوري المالكي"، للحفاظ على منصب رئاسة الوزراء، لأحد صقور حزب "الدعوة" الإسلامية.

حتى إن صحيفة "عكاظ"، المقربة من السلطات السعودية، تساءلت في تقرير لها، عن سر ترشيح الرجل من قبل خصوم السياسة المتناحرة.

وأضافت: "وافق عليه (عبدالمهدي) هادي العامري، مع مقتدى الصدر، وهو الأمر الذي يثير الاستغراب"، حسب التقرير.

ولكن أمام هذا الفشل، اضطرت القيادة السعودية، إلى تهنئة "صالح" و"عبدالمهدي"، ورئيس مجلس النواب (البرلمان) "محمد الحلبوسي"، بحيازة ثقة الشعب العراقي.

فأجرى الملك "سلمان بن عبدالعزيز"، اتصالاً هاتفياً بـ"صالح"، وبعث له ببرقية تهنئة، أعرب خلالهما له عن التمنيات بالتوفيق، ولشعب العراق بالتقدم والنماء، مؤكدا عمق العلاقات الأخوية بين البلدين.

كما أجرى اتصالاً هاتفياً، وبعث ببرقية تهنئة إلى رئيس الوزراء العراقي، بمناسبة تكليفه بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

في المقابل، هنأ السفير الأمريكي "دوغلاس سيليمان"، "عبدالمهدي"، بمناسبة تكليفه، مؤكداً وقوف بلاده مع "رئيس الحكومة الجديد ومساعدته على تلبية احتياجات الشعب العراقي وتطلعاته".

فيما دعا "ماكغورك"، في تغريدة على "تويتر"، "عبدالمهدي"، إلى "تشكيل حكومة وطنية قوية قبل انتهاء مدة تكليفه دستورياً".

ويشير مراقبون إلى أن "عبدالمهدي"، لا يمكن أن يكون مرشحا قريبا من محور أمريكا والسعودية، في هذا الوقت بالذات، خاصة أن الكثير من الملفات الخاصة بالعلاقة الإيرانية العراقية يمكن ألا يكون وجود "عبدالمهدي" عنصرا مساعدا على فتحها.

"عبدالمهدي"، قال في تصريح له عقب اختياره، إن إيران قدمت له التهاني، وتتمنى منه أن يشكل حكومة قوية، تعزز العلاقات بين البلدين.

وكشف أنه سيزور إيران، عقب الانتهاء من تشكيل الحكومة.

من هو عبدالمهدي

وينحدر عبد المهدي من عائلة برجوازية ويتمتع بخبرات اقتصادية وسياسية كبيرة، وقبولا واسعا من الأطراف السياسية الرئيسية. والمفارقة أنه سبق أن صدر ضده حكم غيابي بالإعدام جراء نشاطاته المعارضة في ستينيات القرن الماضي، ليصل به الحال اليوم إلى مكلف بقيادة حكومة البلاد.

الولادة والدراسة

ولد عادل عبد المهدي المنتفكي عام 1942 في بغداد لأسرة متعلمة برجوازية، حيث كان والده وزيرا خلال عهد ملك العراق فيصل الأول، وأيضا نائبا في مجلس الأعيان العراقي ممثلا عن المنتفك، وهي قبيلة عربية تستوطن جنوبي العراق.

أكمل دراسته الثانوية في كلية بغداد بمنطقة الأعظمية شمالي بغداد، ونال شهادة البكالريوس في الاقتصاد من جامعة بغداد عام 1963، ثم حصل على الماجستير في العلوم السياسية من المعهد الدولي للإدارة العامة بباريس عام 1970، والماجستير في الاقتصاد السياسي من جامعة بواتييه في فرنسا عام 1972.

فرغ من كتابة أطروحة دكتوراه في جامعة السوربون، لكنه لم يناقشها بعد أن رفض إملاء المشرف بتغيير بعض آرائه فيها، ونشرها بالعربية مركز دراسات فلسفة الدين ببغداد، والدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت عام 2009 بعنوان "الثوابت والمتغيرات في التاريخ الاقتصادي للبلاد الإسلامية".

عمل في فرنسا  بمركز البحث الإقليمي الاقتصادي في جامعة بواتييه عام 1973، ثم في المعهد القومي للتنمية العربية في بيروت حتى وقت العدوان الإسرائيلي عام 1982، وعاد بعدها إلى فرنسا مرة أخرى. وهو يجيد التحدث بالإنجليزية والفرنسية.

نشاطه السياسي

انتمى عادل عبد المهدي في بداية شبابه إلى حزب البعث عندما كان في سنوات تأسيسه الأولى، لكنه ترك الحزب عام 1963.

وعلى خلفية نشاطاته كمعارض تعرض للسجن لفترة وجيزة، وعندما أفرج عنه سافر إلى فرنسا، حيث واصل نشاطاته المعارضة في المهجر، وبسبب ذلك صدر ضده حكم غيابي بالإعدام في ستينيات القرن الماضي.

عمل منذ بداية الثمانينيات مع زعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق أية الله محمد باقر الحكيم، وكان  قياديا فيه ومثله في العديد من الدول والمناسبات‎.

وتقلد منصب رئيس المعهد الفرنسي للدراسات الإسلامية، كما ترأس تحرير عدة مجلات باللغتين العربية والفرنسية.

عاد إلى العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003، وصار عضوا مناوبا عن عبد العزيز الحكيم بمجلس الحكم في مرحلة سلطة الإدارة المدنية التي عينها الحاكم الأميركي للبلد آنذاك بول بريمر.

شغل عبد المهدي عدة مناصب في الحكومات التي تشكلت بعد عام 2003 في العراق، من أبرزها منصب وزير المالية في الحكومة العراقية المؤقتة برئاسة إياد علاوي عام 2004، ومنصب نائب رئيس الجمهورية بين عامي 2006 و2010، ووزير النفط في حكومة العبادي التي تشكلت عام 2014، قبل أن يستقيل من منصبه في مارس/آذار 2016.

ووفق الدستور العراقي، أمام عبد المهدي 30 يوما يشكل خلالها الحكومة.