ما الذي تخفيه المختبرات البيولوجية الأمريكية على الحدود الروسية؟

ما الذي تخفيه المختبرات البيولوجية الأمريكية على الحدود الروسية؟
الجمعة ٠٥ أكتوبر ٢٠١٨ - ١٠:٥٧ بتوقيت غرينتش

انتشرت في الايام القليلة الماضية أنباء جديدة حول وجود مختبرات بيولوجية أمريكية محظورة في جورجيا، وإجراء واشنطن تجارب بيولوجية محظورة بالقرب من الحدود الروسية، وتحديدا في جورجيا، بحسب ما نشرت صحف ومجلات عالمية حيث اكدت أنه يوجد في العالم أكثر من 30 مختبرا تابعا للولايات المتحدة ويجري تحديثها دائما، وتتميز بمستوى عال من الحماية البيولوجية.

العالم - اوروبا 

وتاكيدا لما نشرته وسائل الاعلام العالمية، كشفت وزارة الدفاع الروسية عن وجود مختبرات بيولوجية أمريكية محظورة في جورجيا، حيث قال قائد قوات الحماية من الإشعاعات والأسلحة الكيميائية والبيولوجية بالجيش الروسي إيجور كيريلوف - في مؤتمر صحفي "إن معطيات الولايات المتحدة بشأن تطوير وسائل نقل واستخدام الأسلحة البيولوجية تتعارض مع الاتفاقيات المتعلقة بحظر الأسلحة البيولوجية".، مضيفا "أن استمرار التجارب على المتطوعين رغم حصول حالات وفاة ينتهك القانون الدولي"، مؤكدا أن واشنطن اختبرت جرثومة الطاعون الأفريقي وبعدها انتشرت هذه الجرثومة في روسيا وجورجيا والصين، وأن الأبحاث الأمريكية تتركز على المناطق المتاخمة للحدود الروسية.

نشر مختبرات بيولوجية محظورة في دول قريبة من الحدود الروسية والصينية.

واتهم كيريلوف وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بنشر مختبرات بيولوجية محظورة في دول قريبة من الحدود الروسية والصينية، مشيرا إلى أن هذه المختبرات غير شرعية وتعمل تحت غطاء مؤسسات طبية مدنية وتقوم بإجراء تجاربها على المدنيين، موضحا "إن روسيا تنظر ببالغ الخطورة لهذه الأعمال غير المسئولة من قبل البنتاجون، والتي تعد خرقا للمواثيق والاتفاقيات الدولية".

وأضاف قائد قوات الحماية من الإشعاعات والأسلحة الكيميائية والبيولوجية في الجيش الروسي، إيجور كيريلوف، أن اختبارات عقار أنتجته شركة وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد، على مواطنين جورجيين أدى إلى وفاة 24 شخصا في ديسمبر من عام 2015، و49 آخرين فى وقت لاحق، موضحا"أرجو الانتباه… من الوثائق المعروضة، يتضح أن التجارب انتهت بوفيات جماعية بين المرضى. وعلى الرغم من وفاة 24 شخصا في ديسمبر من عام 2015، فقد استمرت الدراسات السريرية انتهاكا للمعايير الدولية وضد رغبات المرضى. مما أدى إلى وفاة 49 شخصا آخرين".

وأشار كيريلوف إلى أن الوثائق، التى قدمها وزير شؤون أمن الدولة السابق في جورجيا إيجور جيورجادزى، تؤكد المخاوف من الأنشطة غير القانونية، التي تقوم بها الولايات المتحدة في جورجيا، بما في ذلك محاولات التحايل على اتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية.

وقال كيريلوف: "قامت وزارة الدفاع بتحليل المواد، التى نشرها وزير شؤون أمن الدولة السابق في جورجيا إيجور جيورجادزى، تم تقديمها مع بيانات مفصلة عن أنشطة الولايات المتحدة في مركز الصحة العامة. ريتشارد لوجار، الموجود فى جورجيا فى قرية أليكسييفكا".

ونوه كيريلوف إلى أن الولايات المتحدة قد صرحت مرارا بأنها "لا تطور أسلحة بيولوجية في مركز لوجار".

وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن ما يدعو للقلق أن المراقبة الصحية والوبائية في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا تجريها وزارة الصحة الأمريكية، بينما يقوم البنتاجون بتنفيذ هذه المهمة في جورجيا.

السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا يريد الأمريكيون من وراء تلك المختبرات، هل هي تسعى لاختبار وإنتاج أسلحة بيولوجية فتاكة، أم أنها مجرد وسائل دفاعية لأي هجوم بيولوجي؟

كما أن السؤال الآخر الذي يطرح نفسه، لماذا لم تقيم واشنطن تلك المختبرات السرية على أرضها، أم أنها تسعى لبعث رسالة تهديد ضمنية إلى روسيا مثلا بإقامة مختبرات بيولوجية بالقرب من أراضيها؟ أم أنها تسعى أن تبعد عن نفسها أي خطر يمكن أن يكون ناجما على تلك الاختبارات المحرمة دوليا.

حصار روسيا بمجموعة من المختبرات السرية .

هذا وكانت الخارجية الروسية قد نددت بشدة بتلك الاختبارات، وأكدت أن الغرب يسعى لحصار روسيا بمجموعة من المختبرات السرية، التي تجري دراسات على فيروسات خطيرة يمكن استخدامها عسكريا، فيما رفضت الخارجية الأمريكية التعليق على تلك الاختبارات المحرمة دوليا، وفقا لما نشره الخبير في شؤون وسط آسيا والقوقاز، هينري كامينس.

ونشر موقع "نيو إيسترن أوتلوك" شهادة للصحفي الأمريكي، جيفري سيلفرمان، المقيم في جورجيا، حول مختبر "لوغار" السري، الذي يعد أحد المختبرات البيولوجية السرية المقامة في جورجيا وأوكرانيا.

وتعد تلك المختبرات السرية خرقا واضحا وصارخا لمعاهدة حظر الأسلحة البيولوجية، ولكن حاولت واشنطن تبرير موقفها بأن تلك المختبرات معنية بالأساس بدراسة وسائل مواجهة الهجمات البيولوجية، ولا تعتزم من خلالها تصنيع واستخدام أسلحة بيولوجية.

وتحظر معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية بصورة واضحة، وجود الأسلحة البيولوجية، أو إجراء اختبارات عليها أو استخدامها، أو اختبارها على البشر، ولا تعد تلك المختبرات السرية في جورجيا وأوكرانيا، هي الوحيدة التابعة للولايات المتحدة، حيث أشار التقرير إلى وجود مختبرات أخرى في كازاخستان وليبيا ورومانيا.

التمويه على أعمال تلك المختبرات السرية .

وفي محاولة وصفت للتمويه على أعمال تلك المختبرات السرية، زعمت وسائل الإعلام الجورجية، أن مختبر "لوغار" مثلا، ليس إلا مركزا طبيا، ولكن التقارير الصحفية المستقلة، أكدت أن المختبر يستخدم لاختبار وتصنيع الأسلحة البيولوجية، التي قد تشكل تهديدا مباشرا لروسيا.

ورغم إعلان الخارجية الأمريكية في تقريرها لعام 2017، التزامها بالاتفاقات والالتزامات المتعلقة بحظر ومنع انتشار الأسلحة البيولوجية، إلا أنها لم توقف أعمال مختبراتها السرية حتى الآن.

ولم ترد الخارجية الأمريكية على اتهامات نظيرتها الروسية بأن الولايات المتحدة تختبر عينات من "الجمرة الخبيثة" في مختبراتها في جورجيا وأوكرانيا، واكتفت بالقول إن أمريكا لا يمكنها الحديث أو الرد على تقارير تتعلق بأعمالها العسكرية.

ورغم المحاولات المستميتة من الولايات المتحدة وجورجيا وأوكرانيا، لإبقاء أعمال تلك المختبرات سريا، إلا أن وفاة عمال أجانب داخل مختبر "لوغار" كشفت طبيعة الاختبارات التي تجري، ومدى خطورتها.

وبدأت تلك القضية تظهر للعلن بصورة أكبر، عندما قررت الولايات المتحدة، نشر منظومة الدفاع الجوي "ثاد" في شبه الجزيرة الكورية، والتي ترى روسيا أنها تهديدا قويا لأمنها القومي.

وأشارت موسكو إلى أن واشنطن تسعى بتلك الطريقة إلى "الإضرار بنظام الأمن الدولي"، خاصة وأنها بجانب نشر منظومة ثاد فإنها تطور أسلحة بيولوجية وسامة، وتخرق معاهدة الحظر، وتهدد الأمن القومي لروسيا بصورة كبيرة.

وقال سيلفرمان إن الأضرار التي حاقت بمختبرات جورجيا السرية، باتت صعب السيطرة عليها من قبل جورجيا أو الولايات المتحدة، ولم تقدم أيا من الدولتين أي دليل واضح على أن أعمالهما داخل تلك المختبرات ذات طابع سلمي.

اختبارات سرية في مختبر "ستيبنوغورسك" في كازاخستان .

وكشف تقرير عن أن وكالة الأسلحة الدفاعية الخاصة الأمريكية، تجري اختبارات سرية في مختبر "ستيبنوغورسك" في كازاخستان منذ أوائل التسعينات، كما أن أعمال مختبر تبليسي السرية ظهرت للعيان، بعدما تزايدت أعداد الضحايا من العمال الأجانب والمقاولين والمتعاونين معه، ما يجعل تلك المختبرات خطرا حقيقيا محدقا بالصحة العامة في الدول المقامة بها.

وتبقى تلك الأسئلة الأخيرة مفتوحة ولا توجد إجابة واضحة عليها، لأن الجانب الأمريكي يرفض الاعتراف بوجود تلك المختبرات القائمة فعليا، والتي تتزايد خطورتها بمرور الوقت.

ويختتم كامينس تقريره قائلا "تزعم التقارير الأمريكية أن تلك المختبرات تستهدف تحسين السلامة البيولوجية وتعزيز الأمن البيولوجي، ولكن هل تستحق تلك الأهداف المجازفة بكل تلك المخاطر؟ هل تستحق تلك الأهداف خرق المعاهدات الدولية؟ هل هذا هو العالم الذي ترغب الولايات المتحدة أن نعيش فيه والذي يحكمه قانون الغاب، حيث يمكن أن القبول أن الخطر يقع على أي شخص آخر، طالما هو بعيد عن أرضك؟".