بن سلمان يفك شفرة إستهانات ترامب بملك "الحزم"!

بن سلمان يفك شفرة إستهانات ترامب بملك
السبت ٠٦ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٩:٥٠ بتوقيت غرينتش

تشهد الساحة الإعلامية هذه الأيام تصريحات مهينة يكيلها الرئيس الامريكي دونالد ترامب، ضد السعودية وشخص الملك سلمان بن عبد العزيز بالذات. وفي المقابل تأتي تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الخجولة لتؤكد ارتباط السعودية الوثيق بالبيت الأبيض فما السر في ذلك؟

العالم- تقارير- السعودية

تصاعد وتيرة الإستهانات الترامبية بالملك السعودي وزبانيته منذ مطلع تشرين اول/اكتوبر الحالي، والمحاولات السعودية المريرة لكسب الود الأمريكي تكشف عن امور خطيرة يمكن التعرف عليها من خلال مراجعة بسيطة لتصريحات سيد البيت الأبيض الاخيرة.

ففي الوقت الذي ما زالت وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية تحتفظ فيه بأقوال سمسار البيت الابيض ترامب عندما طالب في مطلع الشهر الجاري الدول الغنية وبالتحديد السعودية بدفع أموال مقابل تأمين الحماية لها من أي هجمات تهددها!!!...، يطل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على وسائل الإعلام ليؤكد "إنه يحب العمل مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأن علاقة بلاده مع الولايات المتحدة جيدة بنسبة 99%".

وبالرغم من ان ترامب عاد في الثالث من الشهر الجاري ليؤكد أمام مناصريه الذين تجمعوا بمدينة ساوثافن بولاية مي سي سي بي الامريكية ليقول بالحرف الواحد: "إن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود لن يظل في الحكم لأسبوعين من دون دعم الجيش الأميركي". إلا ان ولي عهد آل سعود راح يؤكد حرصه على علاقات العائلة المالكة الوثيقة بواشنطن ليقول "إن بلاده قامت بما هو مطلوب منها فيما يخص تخفيض اسعار النفط بل وفعلت أكثر من ذلك". كل هذا الإستمرار بالخنوع أمام العنجهية الامريكية، لم يثن واشنطن من الاستمرار بإستحقارها للنظام والشخصيات السعودية بدءا من شخص الملك، وصولا الى ولي عهدها وكبار ساستها والمسيطرين على دخل تصديرات البترول للمملكة. 

ما اثار سخط الساسة السعوديين، لكن الأمر لم يتنه في هذا المقام، حيث كشفت صحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية يوم أمس عن ترامب اتصالاً من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز يطلب فيه من واشنطن تقديم مساعدة للمملكة في حملة "عسكرية سرية"، وأضافت الصحيفة، إن ترامب طلب من الملك سلمان تسديد فاتورة قدرها 4 مليارات دولار قبل تقديم أي مساعدة امريكية.

هذه التطورات كفيلة لان تكشف عن حقيقة تهديدات ترامب تأكيد الساسة الملكيين المضي قدما في سياسة الإنصياع للبيت الأبيض، لأن ما يتحدث عنه ترامب يبدو انه قادم لامحالة.

فترامب المعروف بخطواته وأفكاره التي تفتقر لأي خلق انساني، كان يؤكد إبان حملته الإنتخابية ان زمن إستلام أموال "النفط مقابل الحماية" قد ولى إلى غير رجعة. وقد أكد ذلك خلال لقاء جماهيري له في ولاية ويست فرجينيا حيث قال: "عندما يكون لديك دول غنية كاليابان والسعودية وكوريا الجنوبية لماذا نتحمل نحن التكاليف العسكرية؟ عليهم أن يدفعوا لنا.

وما يسترعي الإنتباه في تصريحات ترامب الاخيرة المهينة للملك السعودي وعرشه حيث قال بالحرف الواحد: "أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود لن يظل في الحكم لأسبوعين من دون دعم الجيش الأميركي".

هذه التصريحات حملت المراقبين على تقديم تحليلات خطيرة تنم عن أفكار ونوايا سمسار البيت الأبيض التي لا تريد للمنطقة والعالم سوى توسيع رقعة انعدام الأمن والسلام وتفشي الفتن والحروب.

ولاتقتصر نواياه الشريرة هذه على منطقة الشرق الاوسط وبلدانها فحسب، لأنه ذكر اكثر من مرة ان على الدول الغنية ان تدفع ثمن أمنها واستقرارها بفضل الماكنة العسكرية الأمريكية التي تتواجد بالقرب منها.

هذه التصريحات التي ذكر فيها ترامب اليابان وكوريا الجنوبية اضافة الى السعودية (وباقي الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي) يرى المراقبون انها نذير شؤوم لهذه البلدان والمناطق التي تعيش فيها، خاصة بعد نشر نبأ طلب الملك سلمان مساعدة واشنطن، لتنفيذ حملة "عسكرية سرية". 

اي ان ترامب لايريد إقتصار الأمر على السعودية عندما يخاطبها لكونها دولة غنية وتتمتع بدخل نفطي جيد، بل انه يقصد بهذه التصريحات كل منطقة فيها ثروات، طبيعية كانت اومالية.

أما مخاطبة ترامب السعودية مباشرة، فإنها تعني بأنه يريد منها ان تخلع يدها عن كل موارد الطاقة بما فيها النفط والغاز وترك أكبر شركة نفطية سعودية أي "آرامكو" لتكون تحت تصرفه، وبالتالي تقوم السعودية بدورها التخريبي في منظمة اوبك التي تحاول السيطرة على اسعار النفط، كي تحصل امريكا على نفط اوبك وغير اوبك وبأبخس الأثمان. 

ويرى المراقبون ان تصريحات ترامب التي تعدت نطاق السعودية، قد لا تُبقي للسعودية عرشا، اذا ما حاول الساسة الملكيون التريث إزاء مطالباته، وهذا ما دفع أساطين الحكم الملكي في الرياض وفي مقدمتهم ولي العهد نفسه محمد بن سلمان ليصرح بلغة الند لأمريكا ويقول: "ان السعودية تشتري أسلحة بأموالها ولا تأخذها مجاناً من واشنطن، ولن تدفع شيئاً مقابل أمنها".

لكن المراقبين يعتقدون أن صفقات السلاح الامريكي للسعودية لاتكفي لحمايتها، لأنها لم تكن آمنة في المنطقة التي ارادت لها واشنطن ان تقوم بتمزيقها، بدءا من الحرب على سوريا مرورا بحرب الجماعات الارهابية التي تورطت في فرضها على العراق اليمن، وبالتالي نزولا عن المشاكل التي احدثتها في البحرين وباقي دول المنطقة.

وحتى حديث بن سلمان عن العلاقات السعودية والأمريكية ومستواها الذي اعتبره الأخير جيد جدا مؤكدا ان تلبي 99% من التطلعات الجيدة لدى الجانبين، فإنها تأتي في إطار استعطاف الرأي الأمريكي كما يراه المراقبون. وعندما يصرح بن سلمان بأنه يوافق سياسات ترامب في كل شيئ بتأكيده: "أنا أحب العمل مع ترامب، وأننا ققنا الكثير في الشرق الأوسط"، يريد التأكيد على كسب ود الأمريكان والتلويح لهم بأن السعودية فعلت كل شيئ في المنطقة من اجل المصلحة الامريكية.

أما حول التعاون الاقتصادي، الذي اعتبره ترامب واجبا للسعودية امام توفير أمنها من قبل القوات العسكرية الأمريكية المتواجدة في المنطقة زعم بن سلمان : "لدينا استثمارات ضخمة بين البلدين، ولدينا تحسن جيد في مجال التجارة. وهناك الكثير من الإنجازات حققناها على الارض وهذا رائع حقا". في حين ان هذه المواقف لساسة السعوديين تأتي في وقت يشهد تواتر الهجمات الامريكية على الساسة السعوديين، والتأكيد علنا أنهم لا يمكنهم البقاء في السلطة دون دعم الجيش الامريكي. 

فإذا الحديث عن حماية امريكية للسعودية، فإنه لن يكون معنيا بالتناقضات الداخلية التي تهدد اركان العرش الملكي من الداخل السعودي، بل ان ترامب وزبانيته سيصبون الزيت على ذلك في مثل تلك الأحوال، لكنهم يحمون السعودية من التصدعات الخارجية تثمينا منهم لإفتعال المملكة لتلك الأزمات.

نعم انهم يحمونها في عدوانها على اليمن، وقتل اليمنيين وتجويعهم، وقد تستمر الحالة حتى تظهر بوادر الإستياء العالمي من سياسة ترامب المدمرة في المنطقة والعالم. وهنا يكمن البيت القصيد في محاولة استعطاف رضى سيد البيت الأبيض من قبل الساسة السعوديين وفي مقدمتهم ولي عهد المملكة الذي اكد اكثر من مرة انه يوافق سياسات ترامب في المنطقة والعالم، في حين ان الاخير وسياساته أصبح في عزلة سياسية، كما يرى المراقبون، وما تكشفه الايام القادمة سيوضح ذلك للرأي العام اكثر من ذي قبل.

*عبد الهادي الضيغمي