الشرق الأوسط الثالث وصل مع السوخوي والدبابات السورية .. فاستعدوا لاستقباله

 الشرق الأوسط الثالث وصل مع السوخوي والدبابات السورية .. فاستعدوا لاستقباله
السبت ٠٦ أكتوبر ٢٠١٨ - ١١:٣٢ بتوقيت غرينتش

العالم -سوريه

لاندري كيف ندبر أمرنا .. ولا من أين نبدأ .. والقوم حائرون يتساءلون .. ففي بيتهم ميت ومولود .. فهل يهتمون بمراسم الدفن وطقوس التأبين أم باحتفالات الفرح واستقبال المهنئين بالمولود الجديد؟ .. صعب جدا أن تحزن وتفرح في نفس الوقت .. وأن تبكي وتضحك في نفس الوقت .. وصعب جدا أن تصلي صلاة الجنازة وصلاة الشكر .. وصعب جدا أن تقيم مهرجانات الحب وأنت في سرادق الجنائز والتعازي .. فالذي مات هو الشرق الأوسط القديم الذي عاش فيه معظمنا معظم حياته .. الشرق الأوسط القديم هو شرق اوسط كان له اصحاب وشعوب تعيش فيه ضمن قواعده الصارمة .. وكان له شكل وقوام ما .. فمن حيث الشكل كان تصميم سايكس بيكو هو التصميم الذي احتفظ به الشرق الأوسط القديم مئة سنة .. ومن حيث المضمون كان الشرق الأوسط القديم له له رأس قومي كبير وثلاثة أعناق تحمله .. عنق سورية ومصر والعراق ..

لم يكن الشرق الاوسط القديم يعجب أحدا من سكانه .. ولكنهم جميعا فشلوا في أن يتخلصوا منه وكأنه قدر مرسوم .. كان هذا الشرق بسبعة أرواح لايموت .. حاول عبد الناصر ان يقتله ويستولد منه الشرق الاوسط الجديد الذي يناسبنا لكنه لم يفلح وكلفته مغامرته أن الرأس القومي الكبير قطع عنقه المصري وبقي قائما على عنقين متنافرين .. سورية والعراق ..لكن صدام حسين قرر ان يكون له وحده شرف قتل الشرق الأوسط القديم وان يبلل نصل سيفه بدمه ويغسله به .. فاذا بالشرق القديم يأبى ان يمزقه سيف .. بل انتهى الأمر برأس صدام مقطوعا .. وقرر الأميريكيون ان يقطعوا العنق العراقي الذي يحمل الرأس القومي .. ولم يبق الا العنق السوري يحمل الرأس الكبير .. رأس الشرق الأوسط القديم كله ..

وأخيرا قررت أميريكا انها هي التي ستوجه الضربة القاضية للشرق الأوسط القديم وستقصف عمره بقطع العنق السوري لتبني الشرق الأوسط الجديد الذي أعلنت عن قرب ولادته في مسقط رأس حددته ليكون لبنان .. لبنان الذي استعملته كالأنشوطة لتشنق به سورية وتنهي الأمر .. ولكن بقيت العنق السورية اقوى من الانشوطة “الحريرية” التي تقطعت .. فقررت أميريكا تكتيك الربيع العربي الذي كان مشروع القرن الواحد والعشرين وسيبدأ يقطع الرأس السوري بفأس سورية اسمها الثورة السورية .. حيث فأس الاسلام السياسي هو الذي يقود الشرق وهو الذي يفتك بالشرق الأوسط القديم .. لأن الشرق الاوسط القديم صممه سايكس وبيكو على مزاج القومية العربية .. وهذه الاخيرة لقيت دعما بريطانيا لأن الغاية منها نها ستجد نفسها تلتقي مع بريطانيا والغرب في المصالح لأنها كانت تناهض القوميات الأخرى وتتنافس معها .. ويجب ان يبقى التنافس القومي مع الفرس والاتراك .. فكان الشرق الأسط القديم القائم على القوميات المتنافسة .. ولكن الاسلام السياسي هو الذي سيفتك بالقومية وعصر القومية العربية .. والشرق الأوسط الجديد مصمم عليه ومفصل على مقاسه .. ديانات وطوائف .. وخريطة دم طائفية ..

الصدام مع سورية دمر الشرق الأوسط القديم بالكامل .. ولكنه دمر الشرق الأوسط الجديد وخرج من بين أنقاض الشرقين المحطمين .. الشرق الأوسط الثالث كما تخرج الجمهوريات من رحم الجمهوريات فهناك الجمهورية الثانية والثالثة والخامسة .. وهذا الشرق لايشبه الشرق القديم ولا الجديد الذي صنع في اميريكا .. انه الشرق الأوسط الثالث .. وحصة الغرب واميريكا فيه اقل من اي وقت مضى ..
سقط الرأس القومي القديم والرأس الاسلامي الجديد في الشرق .. والشرق الأوسط الثالث سيبدأ رحلته من سورية ملامحه الجديدة تقول ان خرائطه سترسمها موسكو وطهران ودمشق .. قد يكون شكلا هجينا بين القومي والاسلامي والعلماني الارثوذوكسي .. حيث لاتنفرد فيه صفة واحدة بقيادة الشعوب والمرحلة .. واذا كانت بريطانيا وفرنسا هما اللتان رسمتا الشرق الاوسط القديم بخريطته الشهيرة الممزقة (سايكس بيكو) .. فان الشرق الاوسط الثالث تم نحته بالاتفاق بين روسيا وسورية وايران وربما سيكون للصين دور ما في تصميمه ..

في الشرق الثالث يبدو جليا انكفاء اميريكا .. ولايبدو استهتار ترامب بالسعودية واحتقاره وابتزازه لها الا من قبيل ان دور السعودية يقترب من النهاية كمكون قديم للشرق الأوسط .. وهناك محاولة اميريكية لاستيعاب التغيرات الكبيرة القادمة لكي تستعد لمتطلبات الشرق الأوسط الناهض من سورية لتحكم توازنها فيه .. لأن توازن الشرق الأوسط الثالث الناهض في سورية بتصميم روسي سوري ايراني لن يتم الا عبر اعادة تشكيل خواصر الشرق الأوسط في السعودية وتركيا .. وهما القوتان اللتان يجب ان تضطلعا بدور جديد لمحاصرة الشرق الجديد الذي ظهر رأسه في سورية ..

الدور السوري يختلف هذه المرة في الشرق الناهص لأنه سيكون رياديا جدا لان سورية خرجت من حرب منتصرة .. على غير عادة القوى الشرقية السابقة التي تمردت على خرائط الشرق القديمة .. فمصر هزمت في مشروعها الذي حاول تغيير خريطة الشرق الأوسط وخرجت .. والعراق هزم وتحطم .. ولكن سورية انتصرت .. وهذا الانتصار سيمنحها شرعية القوة وقوة الشرعية .. لأن هناك قاعدة تاريخية هي ان الانتصار يمنح قوة ما لايمكن تجاهلها تتسرب تأثيراتها الى عروق الحياة السياسية للمنطقة المتأثرة او القريبة من المنتصر عسكريا حتى ان توازنات القوى السياسية المحيطة ستتأثر بقوة مغناطيسية للقوة العسكرية .. فانتصار ناصر في 56 نقل مزاج المنطقة كلها الى مزاج قومي ولكن انتصار اسرائيل في عام 67 وصل تأثيره الى داخل الحياة السياسية المصرية وهيأ لوصول أنور السادات الذي مثل تيار الهزيمة المصري الذي ارتد عن عبد الناصر وآثر انهاء النزاع بطريقة لايمكن أن نفصلها عن تأثرها بالهزيمة العسكرية والتي امتصت حتى نصر العبور الذي لم يصمد الا اياما وبدا التيار الساداتي الانهزامي يبحث عن اسرع طريقة للخروج من المعركة لأن الهزيمة السابقة فرضت منطقها وسوقت لنظرية 99% من أوراق الحل بيد اميركا التي استندت اليها نظرية السادات .. ويمكن القول ان معاهدة كامب ديفيد كانت اهم ثمرة لهزيمة 67 .. ووصلت على متنها مع الطائرات الاسرائلية التي اغارت على مطارات مصر .. وظن البعض انها صنعت هزيمة .. ولكن الحقيقة هي انها بذرت بذور كامب ديفيد ..

كما أن هزيمة فييتنام العسكرية لاميريكا سهلت انتشار الشيوعية في العالم لأن العالم دوما يرى في الهزيمة العسكرية سببا في البحث عن بدائل سياسية .. وكذلك كان انتصار اميركا على العراق سببا في وصول القوى التي تنتظر اميركا في الشرق الى كل الحياة السياسية العربية التي انضوت كلها وتجمعت في الربيع العربي الذي كان اعلان اذعان واستسلام وانكفاء عن مواجهة أميركا بل السير معها .. حتى القوى الاسلامية التي كانت تقول انها تناصب الغرب العداء غيرت من منسوب عدائها ولوت نظرياتها لتنسجم مع عملية الهدنة مع الغرب الذي انتصر على الشيوعية والقومية العربية .. ورغم ان انتصار حزب الله لايراه الناس الا معركة بين تنظيم صغير وبين جيش واجهه سوء الطالع الا ان الحقيقة هي ان نصر حزب الله ارتد ووصل الى روسيا التي انتعشت بانتصار تكتيكها وسلاحها وحلفائها .. فالكاتيوشا والكورنيت أسلحة روسية .. ونصر حزب الله ألهب المشاعر الروسية وأطلق فيها الحنين للدولة العظمى ..

المنتصرون هم الذين يرثون حطام الدول وحطام المشاريع .. النصر العسكري الجاسم في سورية سيصل الى لبنان الذي لن يتمتع بالنأي بالنفس الآن لأن هدير الدبابات السورية سيسمع في كل أرجاء لبنان رغم أنها تهدر في سورية ولن تدخل لبنان .. شئنا أم ابينا فان الجيش الذي ينتصر هو الذي يمسك بالخرائط القريبة وسيتمكن من اعادة ترتيب بعض الأوراق التي لم يعد بامكانها البقاء والتعايش مع النصر السوري .. .. فهناك قوى في لبنان ستذبل بسرعة وبشكل طبيعي استجابة للحقيقة التي لاتقهر وهي أن سورية لها كلمتها في الشرق .. وهذه القوى سيتم وضعها في المتحف السياسي وتحجيم وجودها السياسي الذي صار عبئا على الشرق الأوسط الذي ستقوده سورية ..

النصر السوري سيتغلغل في في مصر وتركيا والسعودية والعراق والخليج(الفارسي) وستظهر تجلياته في نهوض تيارات سياسية جديدة لأن المعادلات العسكرية تتفاعل دوما في محيطها بشكل سياسي .. وسيصل تأثيره الى شمال افريقيا .. قد تضمحل التيارات الاخوانية تدريجيا وتنمو القوى المغايرة التي تتشكل في الأرحام بسرعة كانعكاس للانتصار في الشرق السوري ..

شاءت الأقدار أن تعطينا هذه الفرصة التاريخية وهذا النصر العالمي .. ونحن الآن جميعا ننتظر وصول الشرق الأوسط الثالث .. ونرى ملامحه في تصريح الرئيس الأسد لصحيفة كويتيتة ينبئ فيها العالم ان سورية عائدة لتقود العالم العربي .. لأنها أم الشرق الأوسط الثالث .. ان الشرق الاوسط القادم لنا فيه الحصة الأكبر .. فلا تحزنوا على الشرق الذي مات .. واستعدوا لاستقبال الشرق الجديد .. الذي يحمل في حقائبه اسرار المرحلة القادمة .. وتوقيع الرئيس بشار الأسد .. والرئيس فلاديمير بوتين .. و(آية الله) السيد علي الخامنئي .. والسيد حسن نصرالله .. وتوقيع آلاف الشهداء السوريين .. وتوقيع السوخوي .. و اس 300 .. ومابعد بعد اس 300 ..

نارام سرجون