أرقام مأساوية.. 150 ألف شخص تحت الانقاض في اندويسيا

السبت ٠٦ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٦:١٠ بتوقيت غرينتش

بعد مرور ثمانية أيام على الاقل على الزلزال العنيف الذي ضرب جزيرة سولاويسي الاندونيسية والذي اعقبته موجة تسونامي مدمرة بدأت تتضاءل آمال العثور على ناجين، فيما تحولت جهود البحث عن أحياء إلى البحث عن قتلى. ولم تستبعد سلطات إندونيسيا أن عدد الأشخاص المدفونين تحت الأنقاض في الجزيرة المنكوبة قد يتجاوز 150 ألف شخص.

العالم - تقارير

انتشلت فرق الاغاثة السبت مزيدا من الجثث في مدينة بالو المنكوبة التي تعرضت لزلزال وتسونامي مدمرين في إندونيسيا فيما تقترب السلطات من الإعلان عن وقف عمليات البحث عن القتلى المطمورين تحت أحياء سويت بالأرض واعتبارها مقابر جماعية.

وقال المسؤولون السبت إن أعداد القتلى ارتفعت إلى 1649 ويخشى أن يكون أكثر من ألف في عداد المفقودين في المدينة الساحلية بجزيرة سولاويسي.

وأعلن مدير دائرة الإعلام لوزارة الخارجية الإندونيسية، أحمد رمضان: "نعتقد أن أكثر من 150 ألف شخص قد يكونوا مدفونين تحت الأنقاض في مختلف أجزاء مدينة بالو". وترى السلطات أن الكارثة ألحقت ضررا بنحو 65 ألف منزل.

وقع زلزال بقوة 6,1 درجة على مقياس ريختر في صباح الـ28 من سبتمبر في منطقة ساحلية بالقرب من مدينة بالو في جزيرة سولاوسي الإندونيسية. وبعد ذلك سجل في المنطقة ذاتها زلزال جديد بقوة 7,4 درجة على مقياس ريختر وعدد من الهزات الأرضية الجديدة. وبلغ ارتفاع موجة التسونامي التي اجتاحت السواحل بعد الزلزال نحو مترين.

وانتشر أكثر من 82 ألف عسكري ومدني إضافة إلى متطوعين في المدينة المدمرة حيث أكدت منظمات الاغاثة وجود نقص في مياه الشرب والمواد الطبية.

وبعد تأخر استمر أياما بدأت المساعدات الأجنبية بالوصول ببطء إلى المنطقة المنكوبة حيث تقول المنظمة الدولية إن نحو 200 ألف شخص بحاجة لمساعدة إنسانية.

لكن آمال العثور على ناجين بعد ثمانية أيام على الكارثة بدأت تتضاءل فيما تحولت جهود البحث عن أحياء إلى البحث عن قتلى.

في المجمع السكني الحكومي في بالاروا حيث حولت قوة الزلزال الأرض إلى أوحال، تسلق الجنود الذين كانوا يضعون أقنعة على وجوههم لتجنب رائحة الموت، فوق أكوام عملاقة من الوحل والطوب والإسمنت.

وأدخلت السلطات حالة الطوارئ في المنطقة المنكوبة قبل الـ11 من أكتوبر الجاري. وتخطط لتخصيص نحو 37,6 مليون دولار لإزالة آثار الكارثة. من جهتها أفادت وسائل الإعلام المحلية بأن الخسائر من الزلزال والتسونامي تقدر بـ658 مليون دولار.

تحول الأرض إلى سائل يبتلع المنازل

إن الأرض في مدينة بالو الإندونيسية تحولت إلى سائل ابتلع المنازل خلال زلزال دمر أجزاء من جزيرة سولاويزي في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وأظهر الفيديو، الذي نشره متحدث باسم الوكالة الوطنية للكوارث على موقع «تويتر»، ظاهرة تسمى تسييل التربة، أي عندما يتسبب الفشل الأرضي في ظهور التربة الصلبة بشكل مؤقت كسوائل لزجة.

وكتب المتحدث باسم الوكالة سوتوبو نوغروهو على الفيديو: «عملية تسييل التربة في مدينة بالو من صور القمر الصناعي وورلدفيو».

وأضاف: «لقد جرف الطين المنازل والمباني وأغرقها. وتواصل فرق البحث والإنقاذ أعمال الإجلاء في هذه المنطقة».

وقالت وكالة إدارة الكوارث إن أعداد كبيرة من الجثث المتحلة قد تكون مطمورة تحت هذا الحي الذي كان يعج بالحياة.

وخرج جنديان يشاركان في جهود الاغاثة، من حفرة حاملين كيسا يحمل بداخله شيئا يبدو أخف من أن يكون جثة، وقالوا إنهما عثرا على رؤوس شخصين بالغين وطفل.

وقال السرجنت سيافر الدين (يستخدم اسما واحدا كسائر الإندونيسيين)وهو من وحدة عسكرية في مكاسار جنوب بالو "لا ناجون هنا، يوميا نعثر على جثث".

مخاوف من انتشار الأوبئة 

وفي فندق روا-روا الذي سوي بالأرض - وحيث يتضاءل الأمل في العثور على ناجين - قام عناصر الإغاثة بمراجعة تسجيلات الكاميرات للاستدلال على الأمكنة التي قد يكون النزلاء قد طمروا تحتها.

وفي بيتوبو، وهي قرية اخرى محيت عن الخريطة، بذلت الفرق جهودا مضنية لإخراج الجثث المتحللة والأشلاء من الأرض الوحلية.

ولم يعلن بعد رسميا عن وقف عمليات البحث عن ناجين.

وقال وزير الأمن ويرانتو إن الحكومة تناقش مع المسؤولين المحليين والدينيين متى يتعين أن تعلن أكثر الأماكن تضررا مقابر جماعية وعدم لمسها.

وقال للصحافيين في ساعة متأخرة الجمعة "علينا اتخاذ قرار حول متى تتوقف عمليات البحث على قتلى، ثم علينا اتخاذ قرار حول متى تُعلن المنطقة مقبرة جماعية".

ويخشى أن يكون عدد كبير من الجثث المتحللة لا يزال تحت الأنقاض.


وقال يوسف لطيف المتحدث باسم وكالة الكوارث الإندونيسية "معظم الجثث التي عثرنا عليها أشلاء وهذا يمثل خطرا بالنسبة للمسعفين. يجب أن نكون حذرين جدا لتجنب التلوث".

وأضاف "قمنا بتلقيح فرقنا ولكن علينا أن نتوخى الحذر الشديد".

ولا يزال آلاف الناجين في بالو يتدفقون الى مدن مجاورة في أعقاب الكارثة.

ولا تزال المستشفيات تعمل فوق طاقتها بطواقم محدودة ونقص في المواد الضرورية.

وفي قرية كروانا لا يستطيع الممرض إيونغ لاماتوا أن يقدم أكثر من المضادات الحيوية والأدوية المسكنة للألم لأفواج الناس الذين يأتون إلى عيادة ميدانية طلبا لعلاج جروحهم الملتهبة.

وقالت "بروجيكت هوب" وهي منظمة طبية غير حكومية إن اثنين فقط من موظفيها البالغ عددهم 82 شخصا في بالو التحقوا بالعمل في أعقاب الزلزال.

وقالت المنظمة في بيان "لا زلنا نجهل مصير الأطباء والممرضين والفنيين الذين يعملون في العيادة".

وذكرت وسائل إعلام محلية إن مستشفى عائماً تشرف عليه البحرية الإندونيسية ووصل إلى بالو، ساعد في ولادة أربعة أطفال.

وأطلقت والدة اسم سوهارسي على طفلتها تيمنا باسم المستشفى العائم سوهارسو.

نقص في السلع

وقام ناجون بنهب متاجر وشاحنات طلبا لسلع أساسية مما دفع بقوات الأمن لتوقيف العشرات من المشتبه بهم والتحذير بأنها ستطلق النار على اللصوص.

واندفع مئات الأشخاص السبت نحو شاحنة محملة بعبوات غاز الطبخ وسرعان ما تشكلت طوابير من الناس اليائسين.

ورفض أحد المتاجر التي فتحت أبوابها السماح للناس بالدخول وقام بتسليم السلع من خلال الباب تحت أعين الجنود المسلحين.

وأعلن وزير الزراعة عمران سليمان السبت إن قافلة تضم 500 شاحنة محملة بتبرعات من مواد غذائية وزيت للطهو ومواد ضرورية أخرى في طريقها إلى بالو.

وقال إن "نكبة بالو محنة لنا جميعا ولذا الجميع يقدم المساعدة".

بطء وصول مواد الاغاثة

ووجهت الأمم المتحدة الجمعة نداء لجمع 50,5 مليون دولار بشكل "إغاثة فورية".

ومهمة إيصال المواد الأساسية إلى المناطق المتضررة تنطوي على تحديات هائلة إذا أن عدد الطائرات القادرة على الهبوط في مطار بالو الصغير لا تزال محدودة مما يحتم على عناصر الإغاثة القيام برحلات برية منهكة.

وأرسلت منظمة أوكسفام وحدات لمعالجة وتنقية المياه إلى بالو، فيما تقوم فرق إغاثة سويسرية على الأرض بتقديم مياه الشرب ومراكز إيواء مؤقتة، بحسب ما أعلنتا في بيانات السبت.

وتقع اندونيسيا فوق "حزام النار" في المحيط الهادئ حيث تحتك الصفائح التكتونية باستمرار، مما يعرض سكانها البالغ عددهم 260 مليون لخطر الزلزال والتسونامي والبراكين.

في 2004، تسبب تسونامي أعقب زلزالا تحت البحر بقوة 9.3 درجات قبالة سومطرة غربي إندونيسيا في وفاة 220 ألف شخص في البلدان المطلة على المحيط الهندي، بينهم 168 ألفا في إندونيسيا.

في 2006، ضرب زلزال بقوة 6.3 درجات إقليم جاوا المكتظ بالسكان، مما تسبب في مقتل ستة آلاف شخص وإصابة 38 ألفا آخرين. ودمر الزلزال 157 ألف منزل وتسبب في تشريد 420 ألف شخص.

وفي 2010 قُتل نحو 430 شخصا عندما تسبب زلزال بقوة 7.8 درجات في مد بحري ضرب منطقة مينتاوي المعزولة قبالة ساحل سومطرة.