الرئيس السيسي بين التبجح بنصر اکتوبر وواقع المصريين المأزوم

الرئيس السيسي بين التبجح بنصر اکتوبر وواقع المصريين المأزوم
السبت ٠٦ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٦:٥١ بتوقيت غرينتش

بينما يتم سحق وقمع أي استياء أو معارضة محلية من قبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وفي ظل بعض التعافي الذي يشهده اقتصاد مصر، على الأقل وفق المعايير التي تهم صندوق النقد الدولي والمستثمرين الدوليين، احتفلت مصر بنصر اکتوبر.

العالم- تقارير

وكانت حرب أكتوبر عام 1973 حدثاً فريداً ونقطة تحول في مسار الصراع العربي الإسرائيلي، فقد هزت إسرائيل من الأعماق وحققت نتائج ايجابية بالنسبة للجيش المصري والسوري. منها مثلا: استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، واسترداد جميع الأراضي في شبه جزيرة سيناء، واسترداد جزء من مرتفعات الجولان السورية بما فيها مدينة القنيطرة وعودتها للسيادة السورية . ومن النتائج الأخرى تحطم أسطورة أن جيش إسرائيل لا يقهر كما أن هذه الحرب مهدت الطريق لاتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.

اما اليوم وفي ظل فتور إعلامي وتفاعل شعبي ضعيف، فقد شهد ميدان التحرير وسط القاهرة تجمع عشرات من المحتفلين بذكرى نصر أكتوبر أطلقوا هتافات محتفية بالرئيس السيسي أكثر منها بذكرى النصر.                      

وقال الرئيس "السيسي" اليوم السبت في كلمته عن هذه المناسبة الوطنية: إنه "في تاريخ الشعوب والأوطان تمر أيام ليست كغيرها من الأيام، يحيط بها المجد وتحمل للأمة رسالة متجددة من الأمل والثقة، ولا شك أن يوم السادس من أكتوبر هو أحد تلك الأيام، التي بذلت فيها أمتنا المصرية والعربية جهدا يفوق الطاقة، وأثبت فيها جيشنا الوطني مقدرة تفوق ما توقعه الجميع.

وانتقل للحديث عن الوقت الحاضر قائلا: "ها نحن في مصر واجهنا تحديا من أصعب ما يكون خلال السنوات الماضية، تحدي الحفاظ على دولتنا ومنع انهيارها، ومواجهة خطر الفراغ السياسي والفوضى، وانتشار الإرهاب المسلح الغادر"."

وبالمناسبة تناولت قناة الجزيرة هذه الاحتفالية بالبحث في مقال بعنوان: "السيسي وذكرى أكتوبر.. عقدة صناعة البطل"، ومما ورد فيه: تتعدد قصص البطولات التي شهدتها ملحمة النصر الذي ضمد جراح الهزيمة المفجعة للجيوش العربية المصرية أمام إسرائيل عام  1967

وتتابع القناة قائلة: خلو السيرة الذاتية للسيسي من المشاركة في حرب أكتوبر أو أي حروب ميدانية يفسر حدته في التعامل مع المنافسين العسكريين اللذين شاركا فيها، وأعلنا نيتهم منافسته على مقعد الرئاسة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وهما کما هو معروف قد غيبا تماما عن الساحة بامر من السيسي.

وتشير القناة الی تنازله عن جزء من السيادة المصرية لصالح السعودية، وتنازل آخر لحقوق الغاز المصرية بعد ترسيم الحدود البحرية مع قبرص والیونان، وتقول: 
وللتخفيف من وقع التنازلات، وانطلاقا من "عقدة الإنجازات" واصطناع البطولات ألحت الأذرع الإعلامية للسيسي على التسويق "لحروب الجيل الرابع"، واعتباره بطل التصدي لها، لكن غموض المسمى جعل ترويجه أصعب بين الملأ.                                             

وللبحث عن بديل أقرب يجعل السيسي بطلا عسكريا؛ لجأت أذرعه الإعلامية إلى التسويق للعملية العسكرية المفتوحة في سيناء، باعتبارها "أهم وأخطر من حرب السادس من أكتوبر، خاصة أن جميع أفرع القوات المسلحة (جوية وبرية وبحرية ودفاع جوي) تشارك فيها، بالإضافة إلى جميع قوات الشرطة، والجميع يستخدم "القوة الغاشمة" التي أمر بها السيسي.                              

أما العدو الحالي في العقيدة القتالية للحرب الجديدة فهو "أي معارض للسيسي" على حد تعبير أشهر الأذرع الإعلامية في إطلاق الشتائم والبذاءات والتحريض على سفك دماء المعارضين واستباحة أموالهم، بل وتجريدهم من جنسيتهم.

وبقطع النظر عن موقف قطر العدائي تجاه الرئيس المصري السيسي وذلك لما قام به من تشتيت لشمل  الاخوان و سجنهم او اعدامهم بقطع النظر عن هذا کله یمکن القول بان مصر في عهد السيسي قد تضاءل دوره وتراجع في العالم الاسلامي والعربي مقارنة بالعهود السابقة، و ان الرئيس السيسي، رغم استبداده المطلق علی الصعيد المحلي، فهو خانع ومستسلم  علی الصعيد الدولي و بخاصة تجاه قضایا مصيرية کقضية فلسطين.

 ان دولته اليوم تعد کسابق عهدها احدی الاطراف الاساسية التي توفر لاسرائيل ما تحتاجه من الغاز و تحاول ارضاء الجانب الاسرائيلي علی حساب الشعب الفلسطيني المظلوم.

* د. نظري