هل تدخلت واشنطن في اغتيال خاشقجي؟

هل تدخلت واشنطن في اغتيال خاشقجي؟
الأحد ٠٧ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٦:٥٧ بتوقيت غرينتش

عقب أنباء اغتيال المعارض السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول، من قبل السلطات السعودية بالتنسيق مع دولة أخرى، تشير تفسيرات كثيرة إلى يد أمريكا في الأمر، في ظل التقارب الكبير بين الرئيس دونالد ترامب وولي عهد المملكة محمد بن سلمان.

العالم - السعودية

هل تشتري الرياض صمت واشنطن عن مقتل خاشقجي؟

وأوضحت مصادر تركية أن لديها أدلة قاطعة تثبت ضلوع دولة أخرى مع السعودية في تنفيذ تلك العملية الأمنية المدبرة، وهو ما ربطه محللون بأنباء عن طلب سعودي لمساعدة أمريكية لتنفيذ "عملية سرية".

وحتى الآن لا تزال تفاصيل اغتيال خاشقجي غامضة لحين إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تفاصيلها في وقت لاحق من اليوم الأحد، على الرغم من تأكيد مصادر أمنية مقتله وبطريقة بشعة.

ووفق المصادر، فإن الاستنتاجات الأولية للأمن التركي هي أن خاشقجي قُتل داخل القنصلية يوم الثلاثاء الماضي، كما ذكرت المصادر الأمنية أن 15 مسؤولاً سعودياً وصلوا بطائرتين، بالتزامن مع وجود خاشقجي داخل القنصلية السعودية، وغادروا في اليوم نفسه.

وسبق إعلان مصادر رسمية تركية عن مقتله، كشف صحفية "واشنطن بوست"، التي كان يكتب بها خاشقجي، يوم الخميس الماضي، أن الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، طلب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعم حملة عسكرية "سرية للغاية" لبلاده، وأشارت إلى أن الأخير طلب 4 مليارات دولار مقابل ذلك.

وبحسب كاتب المقال جوش روغين، فإن ذلك تم في اتصال هاتفي، الأسبوع الماضي، وذكر أن ترامب رفض الكشف عن تفاصيل الحملة المطلوبة.

وقال الأكاديمي محمد مختار الشنقيطي، لقناة "الجزيرة" إن مصادر تركية "موثوقة" أخبرته أن السلطات التركية لديها أدلة قاطعة تثبت ضلوع السعودية ودولة أخرى باغتيال خاشقجي، وأنها ستكشف عن تفاصيلها خلال يوم أو يومين.

الصمت مقابل المال

وكان ترامب أدلى بتصريح، الثلاثاء الماضي، قلل فيه من قدرة السعودية والملك سلمان على حماية المملكة دون دعم الولايات المتحدة لها ولجيشها، وأن ذلك مرهون بدفع الأموال لواشنطن مقابل الحماية.

وقال ترامب أمام تجمُّع انتخابي في "ساوثافن" بمدينة "مسيسبي": "نحن نحمي السعودية. ستقولون إنهم أغنياء. وأنا أحب الملك سلمان، لكنني قلت: أيها الملك، نحن نحميك.. فربما لا يمكنك البقاء أسبوعين من دوننا؛ لذا عليك أن تدفع لجيشك".

وبعدها رد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على تصريحات ترامب رافضاً لها. وقال في لقاء بثته وكالة بلومبيرغ الجمعة: إنه "منذ بدء التحالف بين السعودية والولايات المتحدة اشترينا كل شيء ودفعنا المال مقابله".

ورغم التصريحات القوية والمتكررة من ترامب حول الملك سلمان ونجله، التي تشير إلى ابتزازهما، فإن إدارته تحظى بعلاقة وثيقة معها.

وقد تكون أمريكا ضالعة في تصفية المعارض خاشقجي بالتعاون مع السعودية، وتشتري المملكة صمتها، عقب محاولات ترامب الحثيثة بأخذ المال منها.

فمنذ 20 مايو 2017، جمعت الرياض قمة بين ترامب والملك السعودي، حصل خلالها الرئيس الأمريكي على مبالغ مالية بقيمة 460 مليار دولار تمثلت في صفقات أسلحة، وعقود اقتصادية، تلاها صفقات أخرى تباهى بها ترامب خلال حكمه.

ويشار إلى أن خاشقجي يقيم في الولايات المتحدة منذ أكثر من عام، ومنذ ذلك الحين كتب مقالات بصحيفة "واشنطن بوست" تنتقد السياسات السعودية تجاه قطر وكندا والحرب في اليمن، وتعامل السلطات بالمملكة مع الإعلام والنشطاء.

أردوغان: أتابع قضية خاشقجي بنفسي 

من جانبه علّق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الأحد، للمرة الأولى على قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وأكد أنه يتابع التحقيقات بنفسه.

وقال أردوغان في حديث مقتضب بعد خطاب له خلال مؤتمر التشاوري لحزب العدالة والتنمية، إنه في انتظار نتيجة التحقيق، مضيفاً: "أتابع قضية خاشقجي بنفسي والسلطات أيضاً تراقب تسجيلات الكاميرات".

وتجنّب أردوغان في خطابه الرئيسي بالمؤتمر، الحديث عن قضية اغتيال الإعلامي السعودي، بعد دخوله قنصلية الرياض بإسطنبول الثلاثاء الماضي.

وفي وقت سابق، ذكرت وسائل إعلام محلية، أن أردوغان سيحسم بشكل كامل لغز اختفاء خاشقجي، بعد أن أكدت مصادر أمنية مقتله داخل القنصلية السعودية الثلاثاء الماضي.

كما توقعت وسائل إعلام أن تحمل كلمة الرئيس التركي الموقف الدبلوماسي لبلاده من اغتيال خاشقجي على أراضيها في حال أكد ذلك، وسط توقعات باتخاذ إجراءات دبلوماسية ضد السعودية إذا ما اعتبر الاغتيال "عملية عدائية".

كيف ستردُّ تركيا على اغتيال خاشقجي 

بوادر أزمة دبلوماسية حادة بين الرياض وأنقرة تلوح في الأفق، على خلفية اغتيال خاشقجي كما توقَّع مراقبون أن الحكومة التركية لن تصمت على ذلك؛ بل سيؤدي إلى أزمة في العلاقات بينهما، وستكون أنقرة في موقف قوي يدعوها للرد على ما حصل؛ إذ سوف تعتبره عملاً عدائياً على أراضيها.

وقد يكون رد الفعل التركي شبيه بالبريطاني، بعد محاولة السلطات الروسية اغتيال الجاسوس السابق سيرجي سكريبال، الذي نجا هو وابنته من هجوم بمادة سامة في مارس الماضي.

وحينها، أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، سلسلة عقوبات استهدفت روسيا، بينها طرد 23 دبلوماسياً، وتجميد العلاقات الثنائية، معتبرةً موسكو مسؤولة عن تسميم الجاسوس الروسي السابق على أراضيها، كما حازت الخطوات البريطانية دعماً غربياً كبيراً، حيث اتخذت الدول الأوروبية والولايات المتحدة خطوات تضامنية، وأعلنت طرد دبلوماسيين روس وفرض عزلة على موسكو.

كما بإمكان تركيا، إلى جانب اتخاذ الخطوات الدبلوماسية كقطع العلاقات أو تخفيض التمثيل الدبلوماسي، مقاضاة السعودية أمام المحكمة الدولية بتهمة انتهاك سيادتها من خلال تنفيذ عمل عدائي على أراضيها، استناداً إلى القانون الدولي.

كما سيحقُّ لتركيا المطالبة بالأشخاص الـ15 السعوديين، وبينهم مسؤولون، الذين دخلوا إلى أراضيها في أثناء وجود خاشقجي بالقنصلية؛ لمحاكمتهم، والذين قالت الشرطة التركية إنهم من نفَّذ الجريمة، لا سيما أنه يُفترض أن لدى السلطات التركية صور هؤلاء الخمسة عشر بعد أن رصدت تحركاتهم منذ وصولهم إلى تركيا؛ ومن ثم إلى القنصلية إلى مغادرتهم.

وإذا ما اتخذت أنقرة هذه الخطوات ضد الرياض، فستكون غير مسبوقة، وسوف تزيد سمعة المملكة السعودية سوءاً على ما هي عليه اليوم، بسبب حربها في اليمن وأزماتها الدبلوماسية مع ألمانيا وكندا ومحاصرتها قطر، فضلاً عن قمعها الممنهج للأصوات المعارضة.

وفي موقف سياسي أمريكي لافت، أكد السيناتور الديمقراطي كريس مورفي، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أن ثبوت اغتيال خاشقجي سيشكل "شرخاً عميقاً" لعلاقات بلاده مع السعودية.

وكانت صحيفة "الواشنطن بوست"، التي يكتب بها خاشقجي، قالت: إنه "إذا تأكَّد مقتل خاشقجي، فإنه سيشكل تصعيداً سعودياً صادماً لإسكات المعارضة".

كيف دبرت السعودية العملية؟

وبحسب المصادر الأمنية، فإن "السعوديين الـ15 وصلوا إلى إسطنبول بطائرتين ودخلوا القنصلية، بالتزامن مع وجود خاشقجي قبل العودة للبلدان التي قدموا منها".

وأكدت المصادر الأمنية، التي لم تسمها "الأناضول"، عدم خروج خاشقجي من القنصلية السعودية بإسطنبول إثر دخوله إليها لإنهاء معاملة.

وفي أول تصريح عقب الأنباء عن اغتيال جمال خاشقجي؛ أعلن قنصل السعودية في إسطنبول محمد العتيبي، أن بلاده لا تقبل أي تدخل خارجي في قضية اختفاء الصحفي السعودي أو أي محاولات لتسييسها.

ويقيم الصحفي السعودي في الولايات المتحدة منذ أكثر من عام، ومنذ ذلك الحين كتب مقالات بصحيفة "واشنطن بوست" تنتقد السياسات السعودية تجاه قطر وكندا والحرب في اليمن، وتعامل السلطات في المملكة مع الإعلام والنشطاء.

من هو خاشقجي؟

جمال أحمد حمزة خاشقجي، ولد بالمدينة المنورة عام 1958، بدأ مسيرته الصحافية في صحيفة جازيت؛ حيث عمل مراسلاً لها، وفي الفترة بين 1987 إلى 1990 عمل مراسلاً لعدة صحف يومية وأسبوعية، ليقدم من خلالها أفضل تغطية لأحداث أفغانستان والجزائر والكويت والسودان والشرق الأوسط.

نتيجة لنجاحاته في تغطية هذه الأحداث تم تعيينه لمنصب نائب رئيس تحرير صحيفة "أراب نيوز" في عام 1999، واستمر في منصبه هذا حتى عام 2003.

في عام 2004 تم تعيينه رئيس تحرير صحيفة الوطن اليومية، ولكن تعيينه في هذا المنصب لم يدم طويلاً؛ إذ أقيل من هذا المنصب بعد 52 يوماً فقط من بدء تعيينه. ومنذ هذا الوقت عمل مستشاراً إعلامياً للأمير تركي الفيصل.

تم تعيين خاشقجي عام 2007 رئيس تحرير لجريدة الوطن، وكان هذا القرار هو القرار الثاني لتعيينه في هذا المنصب، ثم أرغم على الاستقالة في عام 2010 دون معرفة الأسباب الحقيقية وراء ذلك، حيث تضاربت الأسباب وقتها ورجح كثيرون أنه استقال بسبب ما نشر في الجريدة من الكاتب إبراهيم الألمعي عن معارضته لفكرة السلفية.

عين في عام 2010 مديراً عاماً لقناة العرب الإخبارية، التي يمتلكها الأمير الوليد بن طلال، والتي بدأت البث في عام 2015، ولم يستمر إطلاقها إلا يوماً واحداً.

وعمل أيضاً معلقاً سياسياً للقناة السعودية المحلية ومحطتي "MBC" و"BBC" وأيضاً قناة الجزيرة.

استطاع الصحفي والإعلامي جمال خاشقجي أن ينجح ويلتقي بأسامة بن لادن؛ حيث أجرى العديد من المقابلات واللقاءات الخاصة معه في عدة مناسبات، وذلك قبل أحداث سبتمبر  2001.

ألف جمال خاشقجي عدة مؤلفات، أبرزها: كتاب "علاقات حرجة – السعودية بعد 11 سبتمبر "، وكتاب "ربيع العرب زمن الإخوان المسلمين"، وكتاب "احتلال السوق السعودي".