لماذا "یتعنت" الاردن في فتح معبر نصيب الحدودي مع سوريا؟

لماذا
الأربعاء ١٠ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٥:٤٦ بتوقيت غرينتش

كشفت جهود الوساطة اللبنانية الاخيرة لإعادة فتح وتشغيل معبر "نصيب" الحدودي بين الاردن وسوريا عن الاجندات الخارجية التي تحول دون عودة علاقات البلدين كسابق عهدها.

العالم - تقارير

وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، جبران باسيل، جاء إلى عمان ليذكرها "علناً" أن قرارها في الاستمرار بإغلاق المعبر لا يعنيها وحدها وأن اللبنانيين متضررون ايضا.

واصبحت بيروت واعية ان عمان معقدة للمشهد ولا تريد حله، خصوصاً والعاصمة الأردنية لا تتحدث عن "التفاصيل الفنية" التي ترى فيها سبباً لعدم فتح المعبر، ولكن المتابع للتحركات السياسية والإعلامية اللبنانية يدرك ان اللبنانيين منذ أسابيع يتحدثون مع السوريين عن كون الاردن معبرا مهما لنقل بضائعهم لكل الدول العربية، وهنا أيضاً بدا وكأن بيروت حاولت زيادة الضغط على الأردن ليتحرك باتجاه فتح المعبر الا ان الأمر يبدو أكثر تعقيداً مما ظنه اللبنانيون.

والمزحة الدبلوماسية اللاذعة التي اطلقها باسيل ونقلتها وكالة الانباء الفرنسية بقوله "تمنينا بأن يفتح معبر نصيب بسرعة لكي يتمكن أخوتنا الأردنيون من أكل التفاح اللبناني قريبا"، تتجاوز عملياً المزاح إلى الحديث العلني عن "تيبس" في الموقف الأردني الرسمي الذي يمثله وزير الخارجية الصفدي، وهو الامر الذي قد يتحول- أو تحول فعلاً- إلى أزمة حقيقية بين أجنحة مختلفة في الأردن.

باسيل بدا كمن يذكر انه من الصعوبة بمكان أن تستمر عمان بنهج رفض الحوار الرسمي وعلى مستوى الوزراء مع السوريين، خصوصاً ودمشق تبدي بوادر حسن النوايا تباعاً برغبتها بالحديث، ولكن بشرط أن يتجاوز الحديث على مستوى "اللجان الشعبية والوفود البرلمانية".

موقف دمشق من فتح المعبر

دمشق تقول صراحةً أنها ومقابل "طي صفحة الخلافات" مع عمان والتي كانت من جهة الأخيرة أصلا، فهي تريد فتح كل العلاقات والبدء من السياسية وليس العكس وما الخلافات الفنية بدءاً من رفع الرسوم وليس انتهاءً بغرامات عالية على الحمولات الإضافية وغيرها.

وهنا إشكالية عمان الحقيقية كبيرة جداً، حيث حددت لنفسها المجموعة المصغرة الامريكية الفرنسية البريطانية الألمانية السعودية كمرجعية في التعامل مع الازمة السورية متجاهلة تماماً أن أياً من هذه الدولة لم تختنق حدودها من الحرب السورية مثلها من جهة، ومن جهة أخرى يتصدر مشهد عمان الدبلوماسي الوزير الصفدي الذي لا يزال يوصف بصاحب الآراء المناهضة للحكومة السورية وهو الامر الذي يعتبره المراقبون في الأردن واحدة من إشكالات حل الازمة، بالإضافة لإصرار عمان على تطبيع "براغماتي وبالقطعة" مع البقاء في مربع الانكار لقوة الدولة الجارة ومؤسساتها وسيطرة الجيش السوري على ما يقارب 80 بالمئة من الأراضي السورية.

صحيفة "الوطن" السورية نقلت عن مصادر حكومية ان الاردن ضاق ذرعاً من استمرار إغلاق المعبر الذي يعتبر شرياناً اقتصادياً حيوياً بالنسبة له ويريد استئناف العمل فيه بسبب الضائقة الاقتصادية التي يمر بها، لكنه وفي الوقت نفسه لا يستطيع مخالفة إملاءات واشنطن عليه التي تريد تحقيق مكاسب سياسية في سوريا ترفضها دمشق، التي تؤكد مرارا وتكرارا ان المعبر بات جاهزا للعمل، وانها قامت باصلاحات فيه ولم يعد هناك ما يؤدي لاغلاقه لوجستيا على الحد الاقل.

كانت صحيفة "الأيام" السورية المحلية قد نقلت في 17 أيلول الماضي، عن مصادر من حكومة دمشق بأن فتح المعبر قد يتأخر لرفض الحكومة شروطًا أردنية.

حقيقة شروط الاردن لفتح معبر نصيب

وقالت المصادر إن الأردن اشترط لفتح المعبر عدم مرور الشاحنات السورية داخل الأراضي الأردنية، وإيصال البضائع إلى الحدود الأردنية، ثم يتم نقلها إلى شاحنات تابعة للأردن لنقلها إلى الجهة المصدرة لها.

وأضافت المصادر أن شروط الخارجية الأردنية وخطواتها تزعج حكومة دمشق، واعتبرت أنها رسالة من قبل الأردن بأنها غير راغبة بالتصالح السريع والشامل الذي يعيد المياه إلى مجاريها ويعيد تشغيل المعابر.

ويبدو ان تلك الخلافات تساهم في إرجاء تشغيل المعبر مجددا للمرة الثالثة على الاقل بعدما ضربت الحكومة السورية موعدين على الاقل لإعادة التشغيل ورفضت عمان الالتزام بهما 

دمشق تريد تنظيم وعقد اتفاقيات جديدة مع الجانب الاردني في مجالات حركة الشاحنات والتبادل التجاري وحتى التعاون في قطاعات النقل والزراعة والمياه والترانزيت ، الأمر الذي تخفيه العاصمتان، بحسب الصحيفة.

واضافت انه يبدو ان الموقف السوري الرسمي يؤشر على صعوبة العمل بما قبل 2011 مع التركيز على الحاجة لتوقيع بروتوكولات جديدة بدلا من 7 اتفاقيات موقعة وهو ما يزعج الحكومة الاردنية حسب مصادر مطلعة جدا في بيروت.

مركز نصيب الحدودي أو معبر جابر الحدودي هو أحد المعبرين الحدوديين بين الأردن و سوريا. يقع بين بلدة جابر الأردنية في محافظة المفرق، وبلدة نصيب السورية في محافظة درعا. وهو أكثر المعابر إزدحاماً على الحدود السورية، حيث تنتقل عبره معظم البضائع بين سوريا وكل من الأردن ودول مجلس التعاون في الخليج الفارسي.

وقد ادي اغلاق المعبر لازمة مالية كبيرة للاردنيين، خصوصا وانه يعتبر ممرا تجاريا شديد الأهمية، حيث كانت تعبره يوميا مئات الشاحنات حاملة البضائع بين تركيا ودول مجلس التعاون في الخليج الفارسي، ويشكل حركة تجارية تقدر قيمتها السنوية بمليارات الدولارات.

وفتح المعبر سيؤدي بلا ادنى شك لانفراجة مهمة على الدول المستفيدة منه، ولكن السؤال هنا يكمن فيما اذا كانت عمان سترضخ لمطالب الشارع الاردني الذي بات يضغط عليها بسبب الازمات المالية الداخلية.