ترامب يكذب بن سلمان باختفاء خاشقجي..ما دور الموساد؟!

ترامب يكذب بن سلمان باختفاء خاشقجي..ما دور الموساد؟!
الخميس ١١ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٦:٤٨ بتوقيت غرينتش

ما يزال الغموض يكتنف مصير الكاتب والصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، بعد دخوله قبل تسعة ايام الى مبنى قنصلية بلاده في اسطنبول بتركيا لإتمام بعض الإجراءات الإدارية، ولم يخرج منها.

العالم - السعودية

ترامب يكذب ابن سلمان ويتحدث بلغة حادة

بعد ساعات من تلميحه لمسؤولية السعودية عن اختفاء أو مقتل خاشقجي، عاد الرئيس الاميركي دونالد ترامب من جديد وفي تصريحات أكثر حدة ليكذب ادعاءات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مؤكدا أن خاشقجي دخل القنصلية السعودية في إسطنبول ولم يخرج.

وفي حديث جديد لقناة "فوكس نيوز" قال ترامب: ينبغي أن أعرف ما حدث في قضية خاشقجي، مضيفا أن إدارته تتابع عن كثب هذه القضية، وأن المحققين الأميركيين يشاركون في التحقيقات.

وأوضح الرئيس الأميركي أن إدارته تعمل مع تركيا والسعودية لأن خاشقجي دخل القنصلية السعودية في إسطنبول الثلاثاء قبل الماضي وحتما لم يخرج.

وأضاف ترامب نحن نقترب من معرفة ما حدث لجمال خاشقجي أكثر مما تظنون، معتبرا أن القضية لا تتعلق بمواطن أميركي لكن هذا غير مهم، خاصة أنه صحفي.

وقال أيضا إن إدارته تنظر إلى هذه القضية ببالغ الجدية، فهذه سابقة سيئة للغاية ولا يمكن السماح بها، حسب تعبيره.

وسبق أن قال ترامب صباح اليوم إن السعودية تبدو لحد الآن فعلا ضالعة نوعا ما في قتل أو اختفاء خاشقجي، مضيفا أنه يتعين معرفة مصيره قبل مناقشة مسألة صفقات السلاح مع السعودية، وأنه إذا تبين ضلوعها فسيكون هذا فظيعا وغير إيجابي بالتأكيد.

وبعد تلويح أعضاء في الكونغرس بوقف صفقات السلاح مع الرياض أوضح ترامب أنه لا يحبذ الالتزام بنهج مسار واحد في هذه القضية لأن ذلك سيضر الولايات المتحدة، والأمر لا يزال مبكرا.

كما أعلن ترامب أمس الأربعاء أنه تحدث إلى المسؤولين السعوديين على أعلى المستويات بخصوص خاشقجي، وعبر عن رغبته في إحضار خطيبة خاشقجي إلى البيت الأبيض.

وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد زعم في حديثه مع وكالة بلومبيرغ الأميركية أن خاشقجي غادر القنصلية.

وقال: ما أعرفه أن جمال خاشقجي زار القنصلية السعودية وخرج منها بعد دقائق أو نحو ساعة. نحقق من خلال وزارة الخارجية لمعرفة ما جرى خلال هذا الوقت. من المهم ان نعرف أين جمال خاشقجي الآن. لو كان في السعودية لعرفت بذلك.

تركيا تنفي مشاركة أميركيين بالتحقيق

وبينما قال ترامب ان محققين من جهاز الأف بي آي الأميركي يشاركون في التحقيق لمعرفة مصير خاشقجي والإطلاع على النتائج التي وصلت لها السلطات في تركيا بخصوص هذه القضية نفت مصادر دبلوماسية تركية ذلك.

وقالت وكالة الأنباء التركية الاناضول في تغريدة لها عبر تويتر: "مصادر دبلوماسية تركية تنفي تقارير عن تعيين الولايات المتحدة مفتّشين للمشاركة في قضية خاشقجي".

ضغوط الكونغرس على ادارة ترامب 

وبعد تصريحات ترامب قال السيناتور الديمقراطي كريس مورفي إن رد إدارة ترامب على اختفاء خاشقجي غير مناسب، مضيفا "أطالب إدارة ترامب بوقف الدعم مؤقتا لحرب السعودية في اليمن".

وجاء تعليق ترامب بعدما قدم 22 عضوا في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ رسالة إليه يطالبون فيها بالتحقيق في اختفاء خاشقجي بموجب قانون "ماغنيتسكي" الذي يلزم الرئيس بفتح تحقيق بعد استلامه هذا الطلب إذا ما كان طرف أجنبي مسؤولا عن جريمة قتل أو تعذيب أو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.

ويجب على الرئيس أن يبلغ نتائج التحقيق للجنة في غضون 120 يوما مرفقة بقرار فرض عقوبات على المسؤولين عن تلك الأفعال.

وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية السيناتور الجمهوري بوب كوركر إنه إذا تأكدت مسؤولية السعودية عن اختفاء خاشقجي فسيعقد ذلك الإستراتيجية الأميركية لاحتواء نفوذ إيران في الشرق الأوسط، حسب قوله.

وأضاف لرويترز "لا يمكنك أن تقتل الصحفيين كما تشاء"، معتبرا أن علاقة مجلس الشيوخ بالسعودية بلغت "نقطة متدنية جدا جدا".

وكان كوركر قد أوضح أنه بعد اطلاعه على معلومات استخباراتية سرية تبين له أن كل المؤشرات ترجح أن يكون خاشقجي قتل داخل القنصلية.

بدوره، وصف زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر ما يحيط باختفاء خاشقجي بأنه أمر مستهجن، وأضاف أن "بن سلمان يعتبر نفسه إصلاحيا، والإصلاحيون لا يغتالون خصومهم".

وفي لقاء مع الجزيرة قال الإعلامي الأميركي جون فريدريكس -الذي كان عضوا باللجنة الإعلامية في حملة ترامب الرئاسية- إن قضية خاشقجي أصبحت تشكل أزمة دولية كبيرة للسعودية، حيث تتزايد مطالب المسؤولين الأميركيين بالكشف عن الحقيقة، معتبرا أن عدم كشفها سيؤدي إلى تغيير الدعم الأميركي للرياض في ملفات رئيسية.

وحذر السيناتور الجمهوري لينزي غراهام السعوديين أمس من أن "الثمن سيكون غاليا"، وقال "إذا كانوا بهذه الصفاقة فهذا يظهر الازدراء، الازدراء لكل ما نمثله والازدراء للعلاقات، لا أريد أن أصدر حكما مسبقا لكن إذا بلغت الأمور الحد الذي أخشى أن تصل إليه فسيقابل الازدراء بالازدراء".

بالمقابل، يخشى بعض المسؤولين والمراقبين من أن يضر توتر العلاقات مع السعودية مصالح واشنطن، حيث قال السيناتور الجمهوري ماركو روبيو لرويترز، "لنا مصلحة مشتركة في الحد من انتشار النفوذ الإيراني في المنطقة وسيتأثر هذا بذاك، لكن ثمة مسائل مثل حقوق الإنسان وأعراف الدبلوماسية العالمية التي تكون لها الأولوية على الدوام"، حسب تعبيره.

من جهة أخرى، قال نيد برايس المسؤول في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما إنه لا يتوقع "تحولا إستراتيجيا" في العلاقات مع السعودية ما لم يرغم الكونغرس ترامب على ذلك، مضيفا أن الكونغرس قد يسحب الأموال المخصصة لدعم وزارة الدفاع للسعودية في اليمن ويطالب بفرض عقوبات.

لندن غاضبة من اختفاء خاشقجي

باهتمام خاص، تتابع لندن التطورات في قضية اختفاء خاشقجي؛ فالمملكة المتحدة التي خبرت قبل شهور حادثة مريبة كادت تودي بحياة العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال على أراضيها، ترى أن هناك حاجة ملحة لوضع حد لهذه الجرائم العابرة للقارات، خاصة تلك التي تقف خلفها دول بكامل أجهزتها.

ويمكن -بحسب مراقبين- فهم اللهجة الحادة التي استخدمها وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت في إدانته اختفاء خاشقجي، الذي لا يُعرف مصيره منذ دخوله قنصلية بلده في إسطنبول ظهر الثلاثاء الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وترجح مصادر أمنية تركية مقتله.

ويرى الصحفي البريطاني ديفد أرونوفيتش أن المطلوب من المملكة المتحدة توجيه ضربة مؤلمة للسعودية إذا ثبت تورطها في اغتيال خاشقجي، على غرار الرد البريطاني على موسكو عقب تورطها في محاولة اغتيال العميل سكريبال في مارس/آذار الماضي، حسب قوله.

ودعا أرونوفيتش في مقال بصحيفة تايمز اليوم الخميس إلى القسوة في الرد على السعودية، معتبرا أن القرائن والدلائل التي نشرتها الأجهزة الأمنية التركية ترجح أن ما جرى مع الصحفي السعودي هو حادثة شبيهة بمحاولة اغتيال سكريبال.

وأوضح الكاتب البريطاني أن الرد المناسب يكون بتعليق مبيعات الأسلحة البريطانية للرياض، وفرض عقوبات مالية على الشخصيات السعودية البارزة، فهذه الإجراءات الحاسمة -حسب رأيه- هي المطلوبة إذا "أردنا عالما لا يختفي فيه الصحفيون أو المنشقون أو يقتلون من أجل آرائهم".

واستدعت الخارجية البريطانية السفير السعودي في لندن، وأعربت له عن مخاوف المملكة المتحدة بشأن القضية. فإضافة إلى حساسية بريطانيا من عمليات الاغتيال، فإن الصحافة والرأي العام البريطاني يضغطان على الحكومة لاستجلاء حقيقة ما جرى.

تهديد مبطن

وفي هذا الإطار، وجه وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت تهديدا مبطنا للرياض، حين قال أمس الأربعاء إنه إذا ثبتت صحة التقارير بشأن ملابسات وفاة خاشقجي، فإن المملكة المتحدة ستعتبر الوضع "خطيرا"؛ "فالصداقات تعتمد على القيم المشتركة"، بحسب الوزير البريطاني.

وجاء هذا البيان البريطاني بعدما نقلت وكالة رويترز للأنباء أمس عن مصدر سعودي قوله إن الاستخبارات البريطانية تعتقد أن محاولة وقعت لتخدير خاشقجي داخل القنصلية السعودية، وانتهت بإعطائه جرعة زائدة.

وفي ظل ما تشهده الساحة البريطانية من تظاهرات متواصلة منذ أشهر للاحتجاج على إمدادات السلاح البريطانية المستمرة للرياض، فإن ثبوت تورط السعودية في اغتيال خاشقجي سيزيد الضغط على الحكومة لمراجعة علاقتها مع الرياض.

وفي حديث للجزيرة نت اعتبرت المسؤولة في "مراسلون بلا حدود" ريبيكا فنسنت أن واقعة الاغتيال -إن صحت- تعد جريمة لا تغتفر للسلطات السعودية، داعية الحكومة البريطانية للضغط على الرياض لكشف مصير خاشقجي.

وشددت فنسنت على ضرورة الضغط على المجتمع الدولي والدول التي تؤمن بالحريات للعمل على ملاحقة السعودية من أجل الكشف عن مصير خاشقجي وإجراء تحقيق مستقل، مشيدة بتصريح وزير الخارجية البريطاني بخصوص القيم التي تدافع عنها المملكة المتحدة.

من جهته، قال كريس نينهام من "تحالف أوقفوا الحرب" إن عدم كشف مصير خاشقجي هو أمر لا يقبل التصديق، معبرا عن اعتقاده بأن الحادثة مدبرة، فالسعوديون -حسب رأيه- ينتهجون منذ زمن سياسة قمع حرية التعبير، والاختطاف والاغتيال ضد خصومهم.

تركيا زرعت أجهزة تنصُّت في مقر القنصلية

وقد نقلت شبكة “ان بي سي” الاخبارية الأميركية، الخميس عن 3 مصادر مطلعة على التحقيقات التركية في قضية اختفاء خاشقجي، أن أنقرة أبلغت واشنطن أن لديها أجهزة تنصُّت داخل المقر الدبلوماسي للسعودية، الذي ربما قُتل فيه الإعلامي السعودي البارز.

وبحسب الشبكة الأميركية، فإن مسؤولين أتراكاً أبلغوا الولايات المتحدة أنهم متأكدون من قتل خاشقجي على يد فريق متخصص، جاء من السعودية إلى مقر القنصلية في إسطنبول لتنفيذ هذه المهمة بالتحديد، وأن لدى أنقرة تسجيلات صوتية تؤكد ذلك.

وحصلت تركيا على هذه التسجيلات من الأجهزة التابعة لها والموجودة داخل مقر القنصلية.

ويوم امس الأربعاء قالت صحيفة الواشنطن بوست وفق مصادرها، إن السلطات التركية لديها تسجيل صوتي رَصد لحظات القتل.

وأضافت الصحيفة أن هناك تسجيلات فيديو، وغيرها من الأدلة التي تُبيّن كيف دخلت مجموعة مُكوَّنة من 15 عميلاً سعوديّاً البلاد يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وهو اليوم الذي دخل فيه خاشقجي القنصلية.

تفاصيل مكالمة بن سلمان ومستشار ترامب 

هذا وكشف مصدر مطّلع على الاتصال الهاتفي الذي جرى بين بن سلمان وجاريد كوشنر صهر ومستشار ترامب، بشأن خاشقجي.

وقال المصدر، في تصريحات لـCNN، إن: "الأمير محمد بن سلمان هو من بادر بنفسه بالاتصال بالبيت للتحدث مع كوشنر، بعدما بدأ اللوم يتجه ناحيته وناحية الديوان الملكي في قضية اختفاء خاشقجي"، بعد زيارته للقنصلية السعودية في اسطنبول، في 2 أكتوبر".

وأضاف المصدر أن ولي العهد السعودي "اتصل تحديدا بكوشنر، نقطة اتصاله الرئيسية بالبيت الأبيض، لنفي الاتهامات".

وتابع المصدر بالقول إن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون انضم لاحقا للمكالمة، وبعدها أجرى وزير الخارجية مايك بومبيو حديثه مع الأمير محمد بن سلمان، موضحا أنه "لن يكون قادرا على الالتفاف حولهم".

ووصف المصدر الاتصالات بأنها كانت "صريحة"، وقال إن الولايات المتحدة تواصل "السير على حبل مشدود" في هذا الملف. وأعلن البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية أن كوشنر وبولتون وبومبيو تحدثوا مع ولي العهد السعودي للحصول على معلومات بشأن قضية خاشقجي.

دور الموساد في تصفية خاشقجي؟!

من جهته أثار محلل الشؤون الأمنية في صحيفة معاريف الإسرائيلية، يوسي ميلمان، تساؤلاً خطيراً، عن احتمالية وجود دور لجهاز الموساد الإسرائيليّ في اغتيال خاشقجي في تركيا.

وكتب ميلمان، في حسابه على تويتر: آمل ألا يكون هناك أي دور للموساد في مساعدة السعودية في قتل خاشقجي حتى ولو بشكل غير مباشر.

وعبر الخبير الأمني الإسرائيليّ عن شعوره بهذا الإحساس بسبب العلاقة الآخذة بالتوطيد بين "إسرائيل" والسعودية في المرحلة الأخيرة.

وتابع أنه بسبب صورة الموساد كمنظمة للاغتيالات، فإن عدداً غير قليل من الأجهزة الاستخبارية تتوجه إلى الموساد للحصول على المساعدة في تصفية خصوم.

وأشار في هذا السياق إلى مساعدة الموساد للمغرب في تصفية المعارض المغربي البارز المهدي بن بركة عام 1965.

وفي وقت لاحق، قام ميلمان بحذف تغريدته بـ”إرادته الذاتية” بعدما تبيّن له أنه أحدث رواجًا لدى أصحاب نظرية المؤامرة في العالم العربي، وفق تعبيره.

ماذا حدث بين الديوان الملكي وخاشقجي؟

وقد كشفت مصادر مقرّبة من خاشقجي، عن مشادّة كلامية وقعت بين الأخير وسعود القحطاني، المستشار في الديوان الملكي، قبل أيام قليلة من إخفائه في قنصلية الرياض بإسطنبول.

ونقلت قناة "الجزيرة"، اليوم الخميس، عن تلك المصادر قولهاإن "اتصالاً هاتفياً جرى بين القحطاني وخاشقجي، أكّد فيه الأخير أنه سيشيد بالحكومة السعودية عند اتخاذ قرارات إيجابية، وسينتقدها عند السلبيات".

وحسبما كشفته المصادر، فإن خاشقجي خلال الاتصال انتقد سلوك محمد بن سلمان والسلطات السعودية في مسألة اعتقال المعارضين، ضمن حملة مستمرّة بدأت في سبتمبر 2017، معتبراً أنها "خطأ لن يفيد".