قمة الفرنكفونية.. وطيف خاشقجي يربك حلم السعودية!

قمة الفرنكفونية.. وطيف خاشقجي يربك حلم السعودية!
الخميس ١١ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٦:١٧ بتوقيت غرينتش

انطلقت فعاليات القمة السابعة عشر للمنظمة الدولية للفرنكفونية اليوم بالعاصمة الأرمينية ييرفان، وتستمر فعالياتها علي مدي يومين وتعقد القمة تحت شعار "العيش معاً بتضامن والتشارك في المبادئ الإنسانية واحترام التنوع، مصدر السلام والازدهار في العالم الفرنكفوني".

العالمتقارير

ويشارك في أعمال هذه القمة عدد من رؤساء الدول الأعضاء في المنظمة الدولية للفرنكفونية، والدول التي تتمتع بوضع مشارك ومراقب.

ويأتي على رأس جدول أعمال القمة، اختيار الأمين العام الجديد للمنظمة حيث تتنافس على هذا المنصب كل من الرواندية لويز موشيكيوابو، المدعومة من الاتحاد الأفريقي وفرنسا، والكندية ميكايل جان التي تبددت فرصها الضئيلة الثلاثاء الماضي عندما خسرت دعم بلادها وأصبحت المعركة شبه محسومة لصالح لويز موشيكيوابو.

الملف السعودي الشائك بسبب حقوق الانسان 

ومن الموضوعات التي تتناولها القمة، طلب بعض الدول تغيير عضويتها من مراقب إلى عضو دائم بالمنظمة مثل الإمارات وصربيا وكوسوفو، بالإضافة إلى طلب انضمام أعضاء جدد مثل جامبيا وأيرلندا ومالطا فضلا عن ملف حساس وهو الترشح المثير للجدل للسعودية التي لايزال طلب انضمامها معلقا منذ القمة الأخيرة، وهو ما سيقرره رؤساء الدول الأعضاء في جلستهم المغلقة يوم غد الجمعة.

وترغب السعودية في الانضمام للمنظمة الدولية للفرنكفونية بصفة مراقب أي دون الحق في التصويت، غير ان الملف أثار انزعاج اطرافا كثيرة في المنظمة خصوصا بسبب تجاوزات السعودية في ملف حقوق الانسان بحسب ما تفيد منظمات حقوقية.

كما أن تداعيات اختفاء الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي بعد أن دخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول لإتمام بعض الإجراءات الإدارية، ألقت بظلالها على مسعى الرياض للانضمام لتلك المنظمة الدولية والاستفادة منها كمنصة للتأثير على الساحة العالمية.

ومما زاد من تعقيد الترشيح السعودي علاقتها المتوترة حاليا مع كندا العضو الوازن في تلك المنظمة الدولية باعتبارها ثاني ممول لها بعد فرنسا، كما أن المديرة الحالية للمنظمة تحمل الجنسية الكندية. وتشهد السعودية وكندا توترا حادا بعد أن قررت الرياض طرد سفير كندا لديها وقطع العلاقات الاقتصادية معها، على خلفية مطالبة وزيرة الخارجية الكندية السلطات السعودية بالإفراج عن ناشطين حقوقيين.

يُشار إلى أن السعودية طردت سفير كندا لديها وقطعت العلاقات الاقتصادية، على خلفية مطالبة وزيرة الخارجية الكندية للسلطات السعودية بالإفراج عن ناشطين حقوقيين.

وما يزيد من الاحراج ايضا هو أنه من المقرر ان تصادق المنظمة الدولية للفرنكفونية في قمة يريفان على قرار حول "النهوض بالمساواة بين النساء والرجال".

وذكرت مجلة جون أفريك الفرنسية ان "السعودية تبدو على تناقض مع قيم المنظمة الدولية للفرنكفونية حول حقوق الإنسان وحقوق المرأة والديمقراطية" كما كتبت مجلة جون أفريك التي تصدر في فرنسا.

وفي هذا الاطار دعا ماكرون في كلمته في افتتاح القمة الى مراجعة ميثاق المنظمة وذلك خصوصا لاعادة النظر في مقاييس الانضمام اليها.

وتساءل "هل يجب ان نكتفي بقطع بعض الالتزامات في مجال احترام حقوق الانسان؟" للانضمام الى المنظمة الدولية للفرنكفونية.

من جهة اخرى أكد الرئيس الفرنسي امام أربعين من قادة الدول الاعضاء أن الفرنكفونية "ليست ناديا سطحيا او فضاء منهكا" بل "موقعا لاستعادة" مكانة داعيا الى "اعادة ابتكار" الفرنكونية.

كما تناقش القمة استراتيجية المنظمة للنهوض بالمساواة بين الرجل والمرأة، وسبل تمكين النساء والفتيات فضلا عن مناقشة ميزانية المنظمة في الفترة من 2019 حتى 2022.

أرمينيا

وبالنسبة لارمينيا، البلد الصغير الذي يقطنه ثلاثة ملايين شخص يمثل الفرنكفونيون 6 بالمئة منهم، فان هذه القمة تشكل أكبر حدث دولي تشهده أراضيها.

وقال رئيس وزراء ارمينيا نيكول باشينيان في خطابه بافتتاح القمة "مرحبا بكم في أرض ارمينيا الخالدة" موجها تحية تكريم لروح المغني الفرنسي الارمني شارل ازنافور الذي توفي مؤخرا قائلا "انه حمل اسم ارمينيا".

ويزور الرئيس الفرنسي يريفان وقد حقق نصرا من خلال تعيين مرشحته لويز موشيكوابو المقرر بعد ظهر الجمعة على رأس المنظمة التي تضم 84 دولة وحكومة.

وبات طريق وزيرة خارجية رواندا موشيكوابو سالكة لرئاسة المنظمة منذ اعلان كندا سحب دعمها للامينة العامة المنتهية ولايتها الكندية من أصول هايتية ميكاييل جين التي كانت ترشحت لولاية جديدة.

وقال مصدر حكومي كندي إن كندا وكيبيك اللتين توفران ثاني أكبر تمويل للمنظمة بعد فرنسا، "أدركتا انهما لا تملكان الدعم الضروري" للحصول على ولاية ثانية.

وأكد رئيس الحكومة الكندية جاستن ترودو أن "افريقيا فرضت نفسها كمحرك للفرنكفونية " مؤكدا ان "كندا تنخرط أكثر فأكثر في افريقيا".

بيد أنه أشار الى أن بلاده "ستواصل العمل على النهوض والدفاع بقوة عن القيم الغالية على المنظمة الدولية للفرنكفونية وكندا وهما حقوق الافراد واللغة الفرنسية" في اشارة مبطنة الى النقد الذي أثاره ترشح وزيرة خارجية رواندا لمنصب الامين العامة للمنظمة.

ونالت موشيكوابو التي كانت مرشحة فرنسا أولا، الدعم الأساسي للاتحاد الافريقي الذي ترأسه رواندا هذا العام.

عودة إفريقيا

ويكرس التعيين المقبل لموشيكوابو امينة عامة للمنظمة "عودة" القارة الافريقية على رأس المنظمة الدولية للفرنكفونية التي كانت دائما تحت ادارة افارقة قبل توليها من السيدة جين الكندية. وانتصر هذا المعطى على انتقادات وجهت خصوصا الى العلاقة البعيدة لموشيكوابو بالفرنكفونية.

وكانت رواندا عوضت في 2008 الانكليزية بالفرنسية كلغة اجبارية في المدرسة قبل ان تنضم الى الكومنولث. وبعد ذلك بعام أعلن الرئيس الرواندي بول كاغيما (ناطق بالانكليزية) في ايار/مايو 2009 من باريس ترشح وزيرته للخارجية للمنصب.

وكتب أربعة وزراء فرنسيين سابقين كانوا مكلفين الفرنكفونية في مقال بصحيفة لوموند منتصف ايلول/سبتمبر "هل هناك بلد أقل أهلية من رواندا لتولي مقاليد الفرنكفونية اللغوية؟" وأجابوا "بالتأكيد لا".

لكن في محيط ماكرون تم التأكيد على أن التعددية اللغوية لرواندا أبعد من أن تكون عائقا بل أن الامر يجسد تماما السياسة الشاملة للرئيس الذي يريد أن يدافع عن اللغة الفرنسية دون معارضة باقي اللغات الأمر الذي يتفق فيه معه الكثير من الفرنكفون "الخلص".

بيد ان الامر لا يتعلق فقط باللغة في أمر انتقاد الترشح الرواندي حيث تتهم رواندا بسلوك سياسة تتعارض مع ميثاق المنظمة الدولية للفرنكفونية الذي جعل من "دعم حقوق الانسان" من مهام المنظمة الاولى.

لكن رواندا تمارس بحسب منظمة مراسلون بلا حدود "الرقابة والتهديد والتوقيف والاغتيال" بحق الصحافيين الذين يتجرأون على التنديد بتسلط قادتها.

بيد ان موشيكوابو تؤكد ان "غالبية الروانديين راضون عن النظام الديموقراطي" في بلادهم.

قمة مدغشقر

يذكر ان قمة الفرنكوفونية الأخيرة، التي عقدت في نوفمبر 2016 بمدغشقر، إنتهت إلى تعهد الدول الأعضاء بالتنسيق فيما بينها بشأن الجوانب الأمنية بهدف محاربة الإرهاب. وقد أسفرت القمة عن انضمام الأرجنتين وكوريا الجنوبية ومقاطعة أونتاريو الكندية كمراقبين، وكاليدونيا الجديدة كعضو مشارك. وبناء على ذلك أصبح عدد الأعضاء في المنظمة 84 عضواء بينهم 54 عضوا دائما و 26 مراقبا وأربعة أعضاء مشاركين مع العلم أن عضوية تايلاند كمراقب علقت منذ الانقلاب الذي شهدته عام 2014.

الفرنكفونية

ويقصد بـ"الفرنكفونية" مجموع الأشخاص والدول الناطقين باللغة الفرنسية، وظهر هذا المصطلح لأول مرة عام 1880 ثم في عام 1926 أوجد عدد من الكتّاب ما يسمى بـ “جمعية الكتاب باللغة الفرنسية” وبعد ذلك في عام 1955 أنشأ الصحافيون جمعية مماثلة.

وفي 20 مارس 1970 تم تأسيس وكالة التعاون الثقافي والتقني، بحضور ممثلين عن 21 دولة، والتي أصبحت لاحقاً المنظمة الدولية للفرنكوفونية. وصار هذا التاريخ يوما عالميا للاحتفال بالفرنكفونية.

وكان من أبرز أهداف المنظمة تعزيز حوار الثقافات والحضارات بين الدول وشعوب الفرنكفونية، والمساهمة في حل الخلافات وتعزيز قيم الديموقراطية وذلك من خلال تعزيز اللغة الفرنسية وتشجيع التنوع الثقافي واللغوي فضلا عن ترويج ثقافة السلام والتعاون والديمقراطية وحقوق الإنسان.

وقد أبرمت المنظمة الدّولية للفرنكفونية 33 معاهدة تعاون مع المنظّمات الدولية والإقليمية، وأسست حوارا دائما مع بقية اللغات الدولية الرئيسية كالإنقلوفونية والليزوفونية والإسبانوفونية والعربية. وتشمل المنظمة الدولية للفرنكوفونية، ومقرّها باريس، 4 ممثليات دائمة وهي أديس أبابا (لدى الاتحاد الأفريقي واللجنة الاقتصادية الأممية لأفريقيا)، وفي بروكسل (لدى الاتحاد الأوروبي)، وفي نيويورك وجنيف (لدى الأمم المتحدة)، كما تشمل 3 مكاتب إقليمية هى غرب أفريقيا، أفريقيا الوسطى، والمحيط الهندي والمحيط الهادئ.

وتعقد منظمة الفرنكوفونية مؤتمر قمة كل سنتين يحضره رؤساء الدول والحكومات أو مندوبون عنهم لمناقشة القضايا الملحة الخاصة بدول الفرنكفونية وبحث انضمام دول جديدة، والتعريف باستراتيجية المنظمة خلال عشر سنوات للحفاظ على نفوذها وتأثيرها على الصعيد العالمي، فضلا عن انتخاب منصب الأمين العام.

وقد عقد حتى اليوم 16 مؤتمر قمة ، وكان المؤتمر الأول في فرساي بفرنسا عام 1986 وآخرها في أنتاناناريفو بمدغشقر عام 2016.