خطط أمريكا في شرق الفرات تهدد اتفاق ادلب بالانهيار

خطط أمريكا في شرق الفرات تهدد اتفاق ادلب بالانهيار
السبت ١٣ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠١:٠٣ بتوقيت غرينتش

في الوقت الذي تبقى الأنظار مشدودة لآخر تصافح روسي تركي في سوتشي حول مصير إدلب، يطل على هذه المحافظة المنكوبة في سوريا نذر شؤوم وضلال ليضع الإتفاق في أحلك الظروف بل ويهدده بالإنهيار.

العالم- تقارير- سورياتركيا

فقبل يومين فقط على انتهاء المهلة الخاصة بإنشاء المنطقة «منزوعة السلاح» في إدلب، لم يطرأ جديد على ملف خروج الفصائل الإرهابية وسحب اسلحتها خارج حدود تلك المنطقة المفترضة، ولا تزال بعض جبهات ريف اللاذقية وإدلب وحماة تشهد انتشاراً واسعاً لعناصر الجماعات الدخيلة على سوريا أمثال مايسمى بـ«هيئة تحرير الشام» وما يطلق عليهم اردوغان بـ«حراس الدين» و«الحزب الإسلامي التركستاني» الدخيل على سوريا من اقاصي الشرق الأسيوي وغيرها.

والأكثر من ذلك تشير بعض المعلومات المتوافرة إلى تدعيم الخطوط الدفاعية والخنادق على جانب تلك الفصائل، وكأنها تستعد لاحتمال نشوب معارك قريبة، ما يجعل المراقبين يقللون من احتمال أي انسحابات جدّية لعناصر الفصائل الإرهابية، خلال اليومين القادمين.

أما الجانب الأمريكي الذي راح يراهن على الجماعات الموالية له في شرق الفرات وفي مقدمتهم ما يسمى بـ قوات "قسد" والجماعات الكردية، بات يعمل على إنشاء منطقة شبه مستقلة هناك ويعمل على إعادة المهجرين اليها بدلا من العودة الى منازلهم ومدنهم التي تم تحريرها من قبل الحكومة الشرعية لسوريا.

هذه التطورات صاحبتها تطورات اخرى من الجانب السوري فقد اصدر الرئيس بشار الاسد عفوا شاملا لكل المتخلفين والهاربين من الخدمة العسكرية منذ اندلاع الازمة، حيث دفع هذا العفو بعشرات الآلاف من أبناء محافظة إدلب للعودة إلى مدينتي حلب وحماة لتسليم أنفسهم لقيادات الجيش السوري، ناهيك عن الأعداد الكبيرة من المدنيين الذين سلموا أنفسهم للجانب الروسي في معبر أبو الظهور، ما يؤكد وجود تنسيق على أعلى المستويات بين القيادتين العسكريتين الروسية والسورية في هذا المجال.

وفي نفس السياق إحتفظت القوات السورية وعلى رأسها عناصر الجيش بكامل استعداداتها لتطهير ما تبقى من ارض البلاد من دنس الجماعات الارهابية ومعالجة آثار النزاع المسلح الذي ألمَّ بالبلاد، وإعادة الوضع إلى استقراره بشكل مستدام.

هذه الخطوات السورية لقيت ترحيبا من قبل روسيا حيث جاء على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف ان الخطوات السورية أوجدت فرصة ثمينة لكل الشباب المتخلفين عن الخدمة الإلزامية للدخول إلى مناطق سيطرة الدولة السورية والالتحاق بمواقع الجيش السوري، وتسهيل الأمر على القوات المسلحة السورية للمساهمة في تطهير سوريا من الإرهاب، ما يجعلنا مقبلين على انفراجات في الميدان وفي السياسة، وانفراجات اجتماعية من خلال اليد الممدودة للدولة السورية بكافة المجالات إلى أبنائها في محافظة إدلب.

هذا الترحيب الروسي سرعان ما تبعه سخط روسي وعلى لسان الوزير لافروف نفسه من الخطوات الامريكية في شرق الفرات أمس، ليعلن أن هناك «أشياء غير مقبولة» تجري شرق الفرات،لأن الولايات المتحدة عبر حلفائها السوريين، خاصة الأكراد منهم تعمل على إنشاء "منطقة شبه حكومية (مستقلة)" هناك.  

أي انها تريد إنشاء منطقة لتكون نموذجاً لدولة جديدة أو أنها «ستكون لعبة أخطر مع كردستان العراق، أي ما يسمى بفكرة إنشاء "كردستان الكبرى" وفق ما نقلت عنه وكالة «نوفوستي».

وحصيلة الكلام ان اليومين القادمين سيكونا آخر فرصة لمن إختار خيار السلام والمصالحة الوطنية، ونبذ الإرهاب والتبعية للأجنبي، وفي غير ذلك فستكون إدلب على أعتاب "معركة الحسم" المعهودة، وتصبح حياة الجماعات الإرهابية على كف عفريت، خاصة وأنها قامت بحفر خنادق وممرات تحت الارض داخل مدن محافظة ادلب، لوحت خلالها بأنها لا تنوي الخروج منها، الأمر الذي دفع الرئيس التركي بالقول "إنهم يحفرون الخنادق لنأتي وندفنهم فيها".

أما الجماعات التي مازالت تراهن على الدعم الأمريكي، فعليها ان تتعظ من تعامل واشنطن مع أقرب حلفائها كصدام بعد غزوه للكويت (رغم طمأنته له سلفا بأنها لن تتدخل بشؤون دول الجوار العربية)، وزين العابدين بن علي، والقذافي وحسني مبارك، و... وقد تطول القائمة بمثل هذه الاسماء.

خاصة وأن العفو الدولية كانت قد اكدت في اكثر من بيان لها ان مايسمى بـ"التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة قام بإستهداف الكثير من الأحياء المدنية وخاصة في مدينة الرقة السورية، ولا مجال للتعويل على اي عمليات مستقبلية له خاصة وانه لن يحظى بقرار او قبول مجلس الأمن الدولي على عملياته، والأيام كفيلة بتأكيد مالم يصدق، إلا بما يجري عليه.

* عبدالهادي الضيغمي - قناة العالم