مهلة لرئيس برلمان الجزائر للاستقالة.. وسيناريوهات لإنهاء الازمة

مهلة لرئيس برلمان الجزائر للاستقالة.. وسيناريوهات لإنهاء الازمة
السبت ١٣ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٦:١٤ بتوقيت غرينتش

منح حزب الأغلبية النيابية في الجزائر، "جبهة التحرير الوطني"، رئيس البرلمان، سعيد بوحجة، مهلة حتى الإثنين المقبل، لتقديم استقالته، استجابة للائحة حجب الثقة عنه من قبل النواب، المقدمة منذ 27 سبتمبر/أيلول الجاري.

العالم - الجزائر

وقال الأمين العام لحزب "جبهة التحرير"، جمال ولد عباس، في تجمّع سياسي لكوادر حزبه في منطقة البويرة (120 كيلومترا شرقي العاصمة الجزائرية)، إن أمام بوحجة مهلة حتى يوم الإثنين المقبل لتقديم استقالته، قبل الإقدام على إجراءات بحقه، وبعد قرار سابق للحزب برفع الغطاء السياسي عنه.

وطالب أمين عام حزب الأغلبية النيابية، رئيس البرلمان، بـ"التعقل"، والاستقالة من منصبه اقتداء بمسؤولين سابقين، ذكر منهم الأمين العام الأسبق للحزب، محمد الشريف مساعدية، الذي استقال مباشرة بعد احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 1988، وعبد الحميد مهري، الذي أطيح به في انقلاب داخل الحزب في عام 1996، ورئيس مجلس الأمة بشير بومعزة، الذي أطيح به من منصبه في عام 2000. وقال ولد عباس "هؤلاء كلهم فضّلوا التنحي عن المسؤولية، حفاظًا على استقرار مؤسسات الدولة، واحترامًا لمبادئ الحزب".

رئيس البرلمان الجزائري يتمسك بمنصبه

ويتمسك رئيس البرلمان الجزائري بمنصبه، برغم مطالبته بالاستقالة من قبل نواب خمس كتل نيابية، هي كتلة جبهة التحرير الوطني التي تحوز الأغلبية في البرلمان، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي يقوده رئيس الحكومة أحمد أويحيى، وحزب تجمع أمل الجزائر الذي يقوده وزير النقل السابق عمار غول، والحركة الشعبية الجزائرية التي يقودها وزير التجارة السابق عمارة بن يونس، وكتلة المستقلين.

لا دخل للرئاسة والحكومة في أزمة البرلمان

وذكر ولد عباس أنه "لأول مرة تصل فيها المؤسسة الثالثة في الدولة إلى هذا المأزق، نحن لا نقبل أن يكون حزبنا سببًا في أي أزمة في البلاد، ونرفض أن يشعل أحد كوادر الحزب الفتنة فيها، ما يحدث من صراعات داخل الغرفة السفلى للبرلمان قضية داخلية، وحلّها لن يكون إلاّ داخليًا بين النواب، ولا دخل للرئاسة والحكومة في أزمة البرلمان".

ونفى المصدر نفسه وجود أية تفاهمات أو "مؤامرة" بينه وبين رئيس الحكومة، أحمد أويحيى، بصفته الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، للإطاحة برئيس البرلمان، ردًا على تصريحات لبوحجة، اتهم فيها أويحيى وولد عباس بـ"التواطؤ والتآمر" للإطاحة به.

حقيقة ازمة البرلمان الجزائري

في وقت سابق شبه رئيس البرلمان الجزائري، السعيد بوحجة، تصريحات رئيس الوزراء أحمد أويحي بتصريحات مدير جهاز الاستعلامات الخارجية الفرنسي الأسبق، برنارد باجولي، الذي صرح “بوجود فراغ في رئاسة الجزائر”.

ورد بوحجة، في حوار مع موقع “كل شيء عن الجزائر”، على تصريحاته قائلا إن “أويحي يدبر عملية شغور سياسي في الجزائر، وإحداث فراغ دستوري وهذه هي الحقيقة، وما صدر عن أويحي يتناغم مع ما صرح به السفير الفرنسي ومدير جهاز الاستعلامات الخارجية الفرنسي الأسبق برنارد جولي الذي تحدث عن شغور في رئاسة البلاد”.

ووجه المتحدث انتقادات لاذعة للأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، ثاني قوة سياسية في البلاد، واتهمه بـ “التآمر والتخطيط لإحداث فراغ سياسي في البلاد”.

وأبدى السعيد بوحجة تمسكه بعدم الاستقالة من منصبه على خلفية الأزمة النيابية التي تفجرت بينه وبين نواب خمس كتل من الموالاة، منذ 27 سبتمبر / أيلول الماضي.

التطاول على بوحجة قلة أدب

ووصف نائب رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق عاشوري ما يجري في الغرفة السفلى للبرلمان  بقلة أدب وأخلاق وقال اليوم في لقاء تنظيمي أمام جمع من منتخبي ومناضلي الحركة  بقاعة دار الثقافة حسن الحسني في المدية : "إن المجلس الشعبي الوطني كمؤسسة دستورية أصبح رهينة بسبب سوء تفاهم حزبي وشخصي وبأن ما فشلت فرنسا وإسرائيل في تحقيقه، قد أخذ في التحقيق بأيادي الموالاة، هم أخاطوا كل شيء وسطروا كل شيء في هذا المجلس وهم الآن يدوسون على ذلك وعلى المجلس كمؤسسة التي نبقى مدافعين عن سيادتها مهما اعتراها من نقائص".

وأضاف المتحدث في سياق نعته لما يجري بالمجلس الشعبي الوطني : "نحن أمام محنة كو- برلمان بعد محنتي كوكايين وكوليرا، لكن النزهاء لا زالوا كثرا في هذا البلد ولا يمكن نكران ما تحقق من إنجازات ومكاسب كبيرة تدعونا للإيجابية، إلا أن ما يحدث في المجلس الشعبي الوطني لا يمكن التهاون بشأنه ولا نعت خطورته  بأقل من النار في الهشيم ونقول لهم أنزلوا الناس من زلها، فلا يمكن وصف ما تقوم به وجوه من جيل الإستقلال  من تطاول حيال رئيس مجلس مجاهد نزيه سوى بقلة أدب وأخلاق بين الأجيال وبأن مقولة "إرحل" التي كانت محسوبة على المعارضة ضد الموالاة، أصبحت تقولها المعارضة فيما بينها " يقول نائب رئيس حزب حركة مجتمع السلم متعجبا و معرجا على ما ينذر به قانون المالية من تراجع في حجم إحتياطي البلاد من الصرف بالعملة الأجنبية.

فندق معزول بالعاصمة.. "غرفة عمليات" لبوحجة

اتخذ رئيس المجلس الشعبي الوطني، السعيد بوحجة، في الأيام القليلة الماضية، من بهو أحد الفنادق الهادئة بالضاحية الغربية للعاصمة مركزا لتسيير الأزمة التي عصفت بعلاقته مع الأغلبية البرلمانية وأدت إلى شل جميع أنشطته وهياكله.

في ركن قصي بعيدا عن الأضواء، جلس الرجل بمعية أشخاص تخطوا حديثا أعتاب الكهولة، قبل أن ينهض ماشيا بخطوات الواثق لاستقبال شخصيات جاءت خصيصا للقائه، وبدت كما لو أنها تضبط معه مسبقا مواعيد بهذا النزل الهادئ المتميز بديكور مغاربي موريسكي.

في الأزمات السياسية يتسع مجال التأويل ويصبح لكل شيء دلالة ولكل خطوة قراءة، فاختيار بوحجة الجلوس في هذا الفندق المنعزل نسبيا عن المدينة يرمز إلى رغبته في الابتعاد عن الأعين التي ترصد تحركاته وطبيعة لقاءاته، بدليل أنه اتخذ ركنا قصيا في البهو وقابل المدخل بظهره ولا يترك كرسيه سوى للضرورات القصوى كالمحادثات الثنائية التي يعقدها مع زواره أو للمكالمات الهاتفية، وكأنه يحرص على تجنب كل ما من شأنه استغلال جلسته هذه ضده وتحويلها إلى ورقة ضغط جديدة، بإضفاء عليها طابع المؤامرة الذي يلقى له صدى في الذهنية السياسية الجمعية الجزائرية وإلباسه ثوبا "فضفاضا" لا يُلائم مقاسه، مثلما جرى، أول أمس عندما خرج "العجوز" لارتشاف فنجان قهوة وسط العاصمة واحتكاكه مع الفئات الشعبية، وتم تحويله إلى تهمة جاهزة لم تكن موجودة في القاموس السياسي الجزائري اسمها "خرق قواعد بروتوكولية"، إذ يخيَّل لمن يسمعها أن جلوس الرجل الثالث في الدولة بمقهى وسط المدينة بمثابة "خطيئة" كبيرة.

3 سيناريوهات لإنهاء أزمة البرلمان في الجزائر

ودخلت أزمة البرلمان الجزائري أسبوعها الثالث دون أفق للحل بسبب تمسك نواب الموالاة بمطلب رحيل رئيسه سعيد بوحجة وتمسك الأخير بمنصبه، وسط حالة انسداد حقيقية يقول مراقبون إن المخرج منها سيكون عبر 3 سيناريوهات، كلها مرتبطة بقرار سياسي من أطراف الأزمة.

تتواصل بالجزائر لمدة فاقت الأسبوعين أزمة حادة داخل البرلمان بين نواب الموالاة الذين يطالبون برحيل بوحجة رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، بسبب ما يسمونه "سوء تسيير شؤون الهيئة"، وهذا الأخير الذي يرفض التنحي بدعوى أن خطوة النواب غير دستورية واتهاماتهم غير مؤسسة.

وأمام هذا الوضع يتم تداول عدة سيناريوهات لتجاوز الأزمة تتراوح بين لجوء الرئيس إلى حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مسبقة، والثاني استقالة رئيس المجلس في أي لحظة، والثالث هو جلوس الطرفين إلى طاولة حوار والخروج بحل توافقي.

وأظهرت الأيام الماضية، وفق مراقبين ووسائل إعلام جزائرية، خطأ توقعات نواب الموالاة باستجابة بوحجة لضغطهم والإنسحاب، لكن هذا السياسي المخضرم (80 عاما) استند في معركته مع النواب إلى فراغ قانوني، حيث إن الدستور والقانون الداخلي للهيئة يحصران تغيير رئيس المجلس في الوفاة أو العجز أو الاستقالة، وبالتالي لا يمكن سحب الثقة منه.

وحول إمكانية تجاوز الانسداد بتولي الغرفة الثانية للبرلمان (مجلس الأمة) دور الهيئة التشريعية، يقول الخبير الدستوري عامر رخيلة لـ"العين الإخبارية" إنه "في نظامنا الدستوري الغرفة الثانية للبرلمان (مجلس الأمة) هي بمثابة كابح لما لا يرضي السلطة التنفيذية من تشريع يسنه المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى)".

وأوضح: "وفي حالة تعطل الغرفة الأولى (المجلس الشعبي الوطني) كما هو الحال الآن فإن الغرفة الثانية (مجلس الأمة) تصير لا جدوى منها، لأنها بدورها تتعطل لكون نشاطها مرهونا بما تصادق عليه الغرفة الأولى من مشاريع قوانين".

وحسب محدثنا -وهو برلماني سابق- "فإن مطالب النواب باستقالة الرئيس غير قانونية وغير شرعية وغير دستورية" لأنه منتخب لـ5 سنوات.

سيناريو حل البرلمان الأضعف

وأمام هذا الانسداد طفت إلى السطح تصريحات لسياسيين من الموالاة والمعارضة تطالب الرئيس بحل البرلمان والدعوة لانتخابات مسبقة كحل للأزمة.

وتنص المادة 147 من الدستور الجزائري على أنه "يمكن لرئيس الجمهورية أن يقرر حل المجلس الشعبي الوطني، أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها بعد استشارة رئيس مجلس الأمة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس المجلس الدستوري، والوزير الأول". وتجري هذه الانتخابات في كلتا الحالتين في أجَل أقصاه 3 أشهر حسب الدستور.

لكن رئيس الوزراء أحمد أويحي استبعد هذه الفرضية في مؤتمر صحفي عقده قبل أيام، وقال إنه "لا توجد أزمة سياسية في البلاد تستدعي حل البرلمان وكل ما في الأمر هو نزاع بين الرئيس والنواب الذين انتخبوه".

ويضاف إلى تصريحات رئيس الوزراء ضيق الأجندة السياسية في البلاد، حيث إن البلاد دخلت في عد تنازلي لتنظيم انتخابات الرئاسة المقررة على الأرجح شهر أبريل/نيسان 2019، وبالتالي من الصعب الذهاب إلى انتخابات نيابية أخرى وفق مصدر من الحزب الحاكم تحدثت إليه "العين الإخبارية".

ويقول سعيد لخضاري الرئيس السابق للمجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم لـ"العين الإخبارية" إن "حل المجلس من الصلاحيات التي يختص بها رئيس الجمهورية وحده، وإذا قرر ذلك فلن يستشير أحدا".

رحيل "مشرف" لبوحجة

ومنذ بداية الأزمة داخل البرلمان قبل أكثر من أسبوعين أعلنت وسائل الإعلام المحلية عدة مرات نبأ استقالة سعيد بوحجة استجابة لطلب النواب، لكن الأخير يخرج من جديد ويرفض التنحي إلا في حالة طلب منه رئيس البلاد عبدالعزيز بوتفليقة المغادرة، باعتباره رئيس حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم الذي ينتمي إليه.

وسابقا قالت مصادر من الحزب الحاكم لـ"العين الإخبارية"، إن "المبررات التي يقدمها بوحجة كشرط للاستقالة غير منطقية مثل انتظار ضوء أخضر من الرئيس، كون الرئيس بحنكته لن يتدخل في صراع بين النواب ورئيس البرلمان؛ لأن ذلك إخلال بمبدأ الفصل بين السلطات".

وكتب موقع "كل شيء عن الجزائر" المتخصص في الشأن السياسي، هذا الأسبوع، تقريرا حول سبل تجاوز أزمة البرلمان بأن استقالة سعيد بوحجة هي أقصر طريق للحل.

وحسب التقرير فإن بوحجة "أبقى الباب مفتوحا في كل تصريحاته لخيار الاستقالة، ولكن بطلب من الرئيس، وهذا من أجل أن يكون خروجه مشرفا من منصبه".

وأمام وصول الأزمة إلى طريق مسدود بسبب تمسك كل طرف؛ ظهر في الساحة السياسية طريق ثالث تمثله أحزاب من الموالاة والمعارضة اقترحت الوساطة بين الجانبين للتوصل إلى حل.

حلحلة الأزمة عبر وساطات

وخلال الأيام الماضية أعلن حزب التحالف الجمهوري (موالاة) إطلاق وساطة في الأزمة وقال في بيان إنه "بهدف تجاوز حالة الانسداد التي يعرفها البرلمان، تعلن قيادة التحالف الوطني الجمهوري عن إطلاقها مبادرة وساطة بين رئيس المجلس الشعبي الوطني ونواب الأغلبية البرلمانية المناوئة له".

والتحالف الوطني الجمهوري هو حزب موالاة يقوده الوزير السابق للجالية بلقاسم ساحلي، وبقي على الحياد من الأزمة، وأعلن أن بوحجة أكد موافقته المبدئية على المبادرة.

ويواصل الحزب تحركاته لحلحلة الأزمة، وقال رئيسه بلقاسم ساحلي في 11 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، للصحفيين بمقر البرلمان إنه اقترح على الطرفين تقديم تنازلات لتجاوز الأزمة منها انسحاب الرئيس سعيد بوحجة مؤقتا عن رئاسة الجلسات لأسابيع؛ لفائدة أحد نوابه مقابل سحب النواب مطلب تنحيته.

يرفض نواب الموالاة حتى الآن التنازل عن مطلب رحيل بوحجة، وفي هذه النقطة يقول لخضاري الرئيس السابق للمجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم لـ"العين الإخبارية" إن "نواب الموالاة أكدوا الثبات على مطلب رحيل بوحجة".

من جهته يقول لخضر بن خلاف النائب عن جبهة العدالة والتنمية المعارضة إن "بعض النواب المطالبين برحيل بوحجة أوهمهم قادة أحزابهم أنه بناء على تعليمات فوقية؛ ينبغي سحب الثقة من بوحجة، والقليل فقط وقع والكثير منهم زُورت توقيعاتهم".

وأضاف في حديثه للعين الإخبارية: "لو يجد هؤلاء النواب إشارة واحدة فقط تؤكد عدم صحة وجود تعليمات فوقية للإطاحة ببوحجة؛ سينقلبون على من جرهم إلى التوقيع وسيعودون إلى تأدية مهامهم بشكل طبيعي".

وحسب محدثنا: "مؤسف ضرب مؤسسة عصبية دستورية بهذه الطريقة من قِبَل من كانوا يصرحون ليلا نهارا باستقرار المؤسسات والاستمرارية.. إن ما قاموا به صورة مسيئة للعمل البرلماني للمجلس وللبلاد، ومن غير الأخلاقي محاولة تشويه وتكسير المؤسسة وضرب ماضي الشخصيات وتاريخها".

وختم بن خلاف بالقول: "نتمنى عودة النواب إلى رشدهم وعقولهم، وعدم الانسياق وراء الأكاذيب"، في إشارة إلى ضرورة إنهاء حملة الإطاحة ببوحجة.