"هنا قبر" الكاتب الصحفي "جمال خاشقجي"!!

الثلاثاء ١٦ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٧:٤١ بتوقيت غرينتش

تتوالى ردود الأفعال عبر العالم، من مسؤولين ومنظمات ووسائل اعلام، مطالبة بالكشف عن مصير الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لتتصدر عناوين الصحف ونشرات الأخبار العالمية، بالتوازي مع التحليلات عن تداعيات هذه الأزمة على كل المستويات.

العالم - السعودية

كيف ستُخرج الرياض نفسها من قضية خاشقجي؟

ولم تحسب الرياض تبعات تعقب أو اعتقال أو تصفية خاشقجي في قنصليتها فباتت محاصرة من الإعلام الدولي وقوة دفع ملحوظة بدأت تنشط وتتشكل على أرض أقوى حلفاء المملكة العربية السعودية، الولايات المتحدة الأميركية وصارت السعودية اليوم من الموضوعات الرئيسية التي تشغل بال وسائل الإعلام الأميركية، منذ انتشار خبر اختفاء خاشقجي وشيوع خبر تصفيته في قنصلية بلاده في إسطنبول.

إنها أشبه بكرة ثلج تتدحرج من عل، وتكبر شيئا فشيئا وتتحرك في أوساط الاقتصاديين ورجال الأعمال والمؤثرين في القرار الأميركي، في طريقها لقطع عدد من الروابط مع السعودية، تمهيدا لخطوات أخرى تبدو أنها ستكون موجعة، في حال كانت قوة الدفع تلك كافية للضغط على صاحب القرار الأميركي لاتخاذ إجراء يتناسب مع قسوة ووحشية التعامل الرسمي السعودي مع مواطن مدني أعزل، كان سلاحه قلما ليس أكثر.

صارت السعودية اليوم من الموضوعات الرئيسية التي تشغل بال وسائل الإعلام الأميركية، منذ انتشار خبر اختفاء خاشقجي وشيوع خبر تصفيته في قنصلية بلاده في إسطنبول.

عبارات اللوم بدأت تنهال على البيت الأبيض تحديدا، باعتبار أن ساكنه يتحمل قسطا كبيرا من مسؤولية اندفاع القيادة الحالية للسعودية للسير على نهج وأسلوب معين تحت شعار الإصلاح، حتى وإن كان فيه الكثير من التجاوزات؛ من قبيل مطاردة وقمع واعتقال كل صاحب رأي مخالف، وتطبيق منهج الرأي والرأي نفسه بالقوة، حتى كانت آخر الأمثلة على ذلك ما جرى للكاتب الصحفي خاشقجي في قنصلية السعودية على الأراضي التركية.

لم تكن الرياض تحسب حساب تبعات ونتائج اتخاذ قرار خنق صوت معارض بالخارج، ولم يهتم صاحب قرار تعقب واعتقال أو تصفية خاشقجي، لما يمكن أن تؤول إليه الأمور، مستندا إلى وقائع سابقة شبيهة، كخطف أمراء ومعارضين وتصفيتهم بصور متنوعة، والتي كانت تنتهي بهدوء، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.

لكن يبدو أن الجرة لا تسلم كل مرة، وأزمة خاشقجي التي يعيشها العالم حاليا، ربما تكون هي هذه المرة التي كُسرت فيها الجرة السعودية، وفاض ما بها.

إذ تبدو الأمور متجهة لأن تدفع المملكة هذه المرة ثمنا غاليا ليس له نظير، والأمور في تعاظم وتعقيد؛ فكيف ستخرج الرياض منها؟ أو ما السيناريوهات المتوقع حدوثها؟

ما يجري على الساحة الأميركية والأوروبية، كنوع من التفاعل مع قضية خاشقجي، يشير إلى أن الوقت الذي تم منحه ضمنيا لولي عهد السعودية، منذ أن قام يبشر بخططه للقيام بإصلاحات جذرية في بلاده، بدأ ينفد ويمضي دون نتائج متجسدة على أرض الواقع كما كان يبشر بها.

بل وجدوا أن الأوضاع منذ سيطرته على مقاليد الأمور في البلاد تتعقد وتتأزم، بدءا من كارثة حرب اليمن، مرورا بالازمة الخليجية وحصار قطر، وحملات القمع الداخلية ضد المعارضين من الأمراء وقادة الفكر والدعاة من الإسلاميين وغيرهم، وصولا إلى توترات إقليمية ودولية.

في إشارة إلى أن ديكتاتورية شابة جديدة متهورة قد نشأت سريعا تحت مرأى ومسمع الغرب نفسه، وإن كان يدرك ويتوقع ذلك مبكرا، ولكن لم يكن مع ذلك يتوقع هذا الغرب أن تتفاقم الأمور وتتعقد كما الوضع الحالي، وتصل شرارات من التهور إليهم، كالأزمة السعودية الكندية، ومن قبلها الأزمة مع ألمانيا، حتى أتت قضية اختفاء أو تصفية خاشقجي لتكون أبرزها وآخرها، دون أي ضمانات لعدم حدوث أزمة أو كارثة جديدة.

وهذا -ربما- يفسر التغير الحاصل الآن في المزاج العام الغربي في أوروبا وأميركا، مثلما علق رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي" البريطاني ديفيد هيرست على القضية، قائلا إذا كان تصرف ولي العهد السعودي بهذا الشكل بعد 16 شهرا فقط في الحكم، فماذا سيحدث عندما يعتلي العرش؟ 

نعم، لا أحد يدري ما الذي سيحدث، وهذا الذي دفع ناشطين ومؤثرين وأصحاب قرار في الولايات المتحدة -وكذلك أوروبا- للتوجه نحو اتخاذ موقف واضح وحازم من محمد بن سلمان كفرد، ومن ثم السعودية كدولة ونظام.

ولعل كثرة الانسحابات العلنية من مؤتمر "دافوس الصحراء" الاقتصادي المقرر عقده أواخر الشهر الجاري بالرياض؛ أحد أبرز الأنشطة المعبرة عن تغير المزاج الغربي نحو السعودية، والمناداة بضرورة وضع حد لمغامرات محمد بن سلمان، كما ذهب إلى ذلك الكاتب "نيكولاس كريستوف" في نيويورك تايمز أمس الأحد، بعد أن عاتب بلاده لأنها من صنعت تهور محمد بن سلمان وطيشه.

وأضاف الكاتب أن المكان المناسب لولي العهد السعودي ليس استقباله على عشاء رسمي، بل يوضع في زنزانة منفردة بالسجن، مطالبا دول الناتو بسحب سفرائها من السعودية، وتعليق مبيعات الأسلحة إليها، وأن تقوم حكومة الولايات المتحدة بالتحقيق في القضية وتطبيق قانون "ماغنيتسكي"، وأن تكون على استعداد لفرض عقوبات على المسؤولين حتى بن سلمان نفسه.

كما على الولايات المتحدة أن توضح للعائلة المالكة وجوب البحث عن ولي عهد جديد. فماذا عسى أن تفعل الرياض أمام هذا الضغط الغربي؟ وكيف السبيل للخروج من ورطة كانت في غنى عنها؟

من هو كبش الفداء في قضية قاشقجي؟

وقد أفادت نيويورك تايمز بأن الرياض ستحمي ولي العهد محمد بن سلمان بإلقاء مسؤولية مقتل خاشقجي على مسؤول بالمخابرات السعودية، كما أكدت مصادر صحفية أميركية أخرى مجددا وجود معلومات استخبارية بأن ولي العهد هو من أمر بقتل الصحفي.

وقالت الصحيفة إن الحكومة السعودية ستحمي ولي العهد باتهام صديقه مسؤول الاستخبارات، وإن العملية التي استهدفت خاشقجي في القنصلية بإسطنبول يوم الثاني من الشهر الجاري سارت على نحو خاطئ.

وفي التفاصيل، نقلت الصحيفة عن مصدر وصفته بالمطلع على الرواية الرسمية التي ستعلنها الرياض للرأي العام أن الحكومة ستقول في روايتها أن خاشقجي قتل على وجه الخطأ خلال التحقيق معه في إطار عملية أمر بها المسؤول المخابراتي.

وأكد المصدر نفسه أن ولي العهد وافق على عملية تشمل التحقيق مع خاشقجي، وإذا اقتضى الأمر جلبه بالإكراه.

لكنه قال إن مسؤول المخابرات الذي تعتزم السلطات "التضحية به" لحماية ولي العهد "ذهب بعيدا" متجاوزا الخطة الأصلية بهدف إثبات كفاءته في مجال عمله.

وفي انسجام مع الرواية الرسمية المنتظرة، أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس احتمال أن يكون "قتلة مارقون" هم من قام بتصفية الصحفي، وكان قد توعد الرياض قبل ذلك بعقاب قاس إن ثبت أنها ضالعة في القتل.

ونقل ترامب عن ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز نفيه أن يكون على علم باستهداف خاشقجي. وقال مراسل الجزيرة بواشنطن ناصر الحسيني إن نظرية ترامب عن "القتلة المارقين" كانت على الأرجح توطئة لتهدئة الكونغرس الذي يريد فرض عقوبات على الرياض بسبب قضية خاشقجي، وأنها جوبهت بانتقادات.

"قتل بالخطأ"

وبالتزامن مع التفاصيل التي كشفت عنها نيويورك تايمز، ذكرت صحيفة واشنطن بوست بما نشرته قبل أيام عن وجود معلومات لدى المخابرات الأميركية تظهر أن محمد بن سلمان هو من أمر بقتل خاشقجي.

وقالت الصحيفة بافتتاحيتها إنه في حال اعترفت السعودية بالقتل فيجب محاسبة من أمر بذلك، وأضافت أن الرئيس ترامب غالى في تثمين العلاقة مع الرياض وشجع قادتها على التصرف بشكل متهور وحتى إجرامي دون عواقب، معتبرة أنه أيا كانت نتيجة قضية خاشقجي فإن إعادة تشكيل العلاقة مع السعودية أمر حتمي.

وكانت "شبكة سي أن أن" الأميركية نقلت عن مصدرين لم تسمهما أن مسؤولين سعوديين يستعدون للاعتراف بمقتل الكاتب بالخطأ أثناء التحقيق معه داخل القنصلية.

كما نقلت عن مصادرها أن الهدف من العملية كان اختطاف الصحفي وليس قتله. وأفاد أحدهما بأن التقرير السعودي سيخلص على الأرجح إلى أن عملية القتل نُفذت بدون تصريح، وأن المتورطين سيحاسبون.

ولفت المصدر الآخر إلى أن التقرير لا يزال قيد الإعداد، مشيرا إلى أن الأمور يمكن أن تتغير.

كما نقلت شبكة "إن بي سي" الأميركية عن مصادر أن الرياض تعمل على إصدار تقرير عن تفاصيل مقتل الصحفي داخل القنصلية. وأضافت أن التقرير سيعفي ولي العهد من مسؤولية مقتل خاشقجي من خلال القول إن عناصر مارقة نفذت العملية دون علم الأمير.

لكن السناتور كريس فان هولن قال أمس إن اغتيال خاشقجي جاء دون شك من أعلى هرم بالسلطة السعودية، وإن على واشنطن ألا تكون شريكة في جريمة نكراء.

تحقيق سعودي

وكانت أنباء أفادت بأن الملك سلمان أمر بتحقيق في القضية. في غضون ذلك، أفادت وسائل إعلام سعودية بأن السلطات ستشرع في استدعاء بعض من تداولت وسائل الإعلام التركية أسماءهم في حادثة اختفاء خاشقجي للاستفسار عن سبب وجودهم بإسطنبول في التوقيت نفسه الذي يتقاطع مع آخر ظهور علني للصحفي.

وأضافت وسائل الإعلام السعودية أن السلطات ستبدأ إجراءات استدعاء هؤلاء للتحقق من صحة المزاعم حول تورطهم في اختفاء خاشقجي.

بومبيو في مهمة "إنقاذ" بالسعودية

وفي محاولة لانقاذ السعودية بدأ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو اليوم الثلاثاء في الرياض محادثات مع القيادة السعودية لبحث تداعيات قضية اختفاء خاشقجي، التي وضعتها في مأزق سياسي غير مسبوق.

واستهل بومبيو محادثاته في العاصمة السعودية بلقاء الملك سلمان بن عبد العزيز ظُهرا لمدة عشرين دقيقة، على أن يلتقي مساء ولي عهده محمد بن سلمان على عشاء، وفق مسؤول بالخارجية الأميركية وصحفيين رافقوا الوزير.

وقالت الخارجية الأميركية إن بومبيو أبلغ السعوديين قلق واشنطن بشأن اختفاء خاشقجي، مضيفة أنه شكر الملك سلمان على التزامه بإجراء تحقيق في هذه القضية.

وبعد السعودية سيتوجه الوزير الأميركي إلى تركيا، وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنه سيلتقيه غدا الأربعاء في إسطنبول. وكانت مصادر تركية أفادت بأنه تم مد الأميركيين بتسجيلات تثبت قتل خاشقجي وتقطيع جثته.

وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير وسفير السعودية لدى واشنطن خالد بن سلمان في استقبال بومبيو الذي أرسله الرئيس دونالد ترامب على عجل إلى الرياض لبحث تداعيات ما جرى لخاشقجي الذي اختفى داخل قنصلية المملكة في إسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وترجح السلطات التركية بقوة مقتله.

وسافر بومبيو إلى الرياض بعد ساعات من تصريحات لترامب أدلى بها عقب اتصاله بالملك سلمان، وأثار فيها احتمال أن يكون "قتلة مارقون" وراء تصفية خاشقجي، كما قال إن الملك نفى علمه بما حدث للصحفي السعودي الذي وجه منذ غادر المملكة إلى الولايات المتحدة قبل أكثر من عام انتقادات شديدة للسياسات السعودية.

وعلى مدى أسبوعين ظلت الرياض تنكر أي دور لها في اختفاء خاشقجي، رغم كل التأكيدات التركية بعدم خروجه من القنصلية. كما رفضت ما تردد عن أوامر عليا لتنفيذ العملية.

مواد سامة بالقنصلية السعودية

وقد أثار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان احتمال استخدام مواد سامة في القنصلية السعودية بإسطنبول، التي يرجح أن خاشقجي قُتل داخلها قبل أسبوعين، في حين يتم مساء اليوم الثلاثاء تفتيش منزل القنصل السعودي بعد تفتيش القنصلية وجمع أدلة من داخلها.

فبعد ساعات من خروج المحققين الأتراك من القنصلية السعودية، قال أردوغان في تصريحات للصحفيين خلال اجتماع لحزب العدالة والتنمية في أنقرة؛ إنه يأمل التوصل بأسرع وقت إلى رأي مقنع في هذه القضية، لأن التحقيق ينظر في عدة أشياء؛ بينها مواد سامة ومواد أخرى تمت إزالها بعد طلائها.

وأضاف أن تفتيش القنصلية السعودية في إسطنبول سيستمر، والهدف هو الوصول إلى نتيجة تكشف ما حصل في قضية خاشقجي.

ولم يوضح الرئيس التركي إذا كانت المواد السامة التي أشار إليها استخدمت في قتل خاشقجي أو في التخلص من جثته التي تم تقطيعها، وفق مصادر أمنية تركية.

وفي وقت سابق، أفادت وسائل إعلام تركية بأن تركيا أطلعت دولا بينها الولايات المتحدة على تسجيلات صوتية ومرئية تثبت تعذيب وقتل الصحفي السعودي بُعيد دخوله قنصلية بلاده بإسطنبول في الثاني من الشهر الحالي.

وكان مراسل الجزيرة نقل عن مصادر مطلعة أن تسجيلات صوتية بحوزة جهات التحقيق التركية تكشف تفاصيل واضحة عن قتل خاشقجي بعد ضربه وحقنه بإبر لا يعرف إذا كانت تحوي مخدرا أو مادة سامة.

في الأثناء، من المقرر أن يدخل المحققون الأتراك مساء اليوم منزل القنصل السعودي محمد العتيبي لتفتيشه بحثا عن أدلة "حاسمة" في قضية اختفاء خاشقجي.

وبعد اكتمال التفتيش ستكون هناك تقارير رسمية تُقدم من فريق التفتيش التركي والسعودي إلى الجهات السياسية العليا في البلدين، والتي بدورها ستقرر الخطوات اللاحقة إذا ثبت قتل خاشقجي. وكان فريق التحقيق التركي غادر القنصلية فجر اليوم بعد نحو تسع ساعات من التفتيش.

وقال مصدر في مكتب المدعي العام التركي للجزيرة إن الفحص الأولي داخل القنصلية السعودية أظهر أدلة بارزة على مقتل خاشقجي، رغم محاولات طمسها، وتدعمُ الأدلة التي وجدت شبهة تعرض خاشقجي لجريمة قتل داخل القنصلية.

وأضاف أن الفريق التركي فتش جميع غرف القنصلية وحصل على أدلة مهمة. وقال مراسل الجزيرة إن المحققين الأتراك أخذوا عينات من جدران بعض غرف القنصلية ومن تراب الحديقة الداخلية.

أنقرة: بومبيو سينقل لنا معلومات جديدة من الرياض

وقد أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اليوم الثلاثاء، أن بلاده لن تفرض أي قيود على الدبلوماسيين السعوديين في الأراضي التركية على خلفية اختفاء خاشقجي.

وقال جاويش أوغلو للصحفيين: "أمس، دخل خبراء التفتيش والمدعون العامون مقر القنصلية، وأجروا عملية تفتيش داخل القنصلية حتى الساعة الخامسة فجرا. واعتبارا من اليوم، ستبدأ عملية تفتيش وتحقيق جديدة، تشمل مقر الإقامة التابع للقنصلية، والمركبات التابعة لها".

وأضاف أن هدف بلاده واضح ويكمن في "معرفة مصير خاشقجي ونحن بحاجة للتوضيح، فهناك روح إنسان في الموضوع، والادعاء العام سيجري التحقيقات اللازمة، فهو فقط من يحدد من يتم استجوابهم، وعن ماذا سيتم استجوابهم وما سيسألهم".

وعن سفر الدبلوماسيين السعوديين من الأراضي التركية، قال: "اليوم بالطبع يستطيع أي دبلوماسي سعودي يريد التوجه للسعودية أن يذهب، ولا يوجد ما يعيق ذلك".

كما تحدث الوزير التركي عن الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى تركيا قادما من السعودية، وقال إن بومبيو سيأتي بمعلومات من الرياض حول قضية اختفاء الصحفي خاشقجي.

اختفاء خاشقجي "اعتداء" على السيادة التركية

وتعليقا على اختفاء خاشقجي بعد دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول، قالت ميرال أقشنر زعيمة حزب “إيي” التركي المعارض، إن “المملكة العربية السعودية اعتدت على السيادة التركية وعلى حياة إنسان”.

وأوضحت اقشنر في كلمة أمام الكتلة النيابية لحزبها بالبرلمان التركي في أنقرة، أن اختفاء خاشقجي بعد دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول، يعد “تحديا” من المملكة لتركيا، وأن على أنقرة عدم السكوت أمام هذا التحدي.

القنصل السعودي يغادر إسطنبول بشكل مفاجئ

وقالت وسائل إعلام تركية إن القنصل السعودي في إسطنبول "محمد العتيبي" غادر تركيا، الثلاثاء.

وأشارت إلى أنه في الساعة الخامسة، عصر الثلاثاء، غادر "العتيبي" مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول، مستقلا الطائرة المتوجه الى السعودية.

وأفادت مصادر في وزارة الخارجية التركية، بأن أنقرة لم تتخذ أي قرارات بحق القنصل السعودي المغادر، بحسب قناة "تي أر تي" التركية، لكن المدعي العام التركي كان يعتزم طلب سماع شهادة القنصل، خاصة بعد أنباء تم تداولها، مساء الإثنين، عن عثور فريق التحقيق التركي على أدلة ملموسة تشير إلى اغتيال خاشقجي داخل القنصلية، بعد إخفائه داخلها في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

وأضافت القناة أن القنصل السعودي غادر إسطنبول، متحصنا بصفته الدبلوماسية، ودون إبلاغ الجانب التركي، تحت مزاعم إجراء مشاورات في الرياض.

وعقب اختفاء خاشقجي، لم يغادر العتيبي مقر إقامته، وسط أنباء عن إمكانية تورطه بشكل مباشر في مقتل خاشقجي، حيث توجهت السيارات التي حملت فريق الاغتيال ومعهم شاحنة يشتبه أنها حملت أجزاء من جثمان خاشقجي إلى منزله، عقب تنفيذ الجريمة داخل القنصلية.

"صفقة أمريكية سعودية تركية" لإغلاق ملف خاشقجي

كما تحدثت صحف عربية عن إمكانية التوصل إلى "صفقة" ثُلاثية، أمريكية تركية سعودية، لإغلاق ملف اختفاء خاشقجي.

ويرى عبد الباري عطوان في "رأي اليوم" اللندنية أنه "عندما يُعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (أن عناصر غير مُنضبطة) قد تكون وراء قتل الصحافي خاشقجي في القُنصلية السعودية في إسطنبول، وأن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أكد له، وبشكل حازم، أنه لم يكن على علم بأي شيء، فهذا يعني أن البحث عن كبش فداء لإلصاق الجريمة به قد بدأ، وأن صفقة ثُلاثية أمريكية تركية سعودية قد جرى التوصُل إليها لإغلاق هذا الملف ورُبما إلى الأبد".

ويضيف الكاتب: "الصفقات تتقدم على مبادئ حُقوق الإنسان، خاصة بالنسبة إلى رئيس مثل ترامب لا يُؤمن إلا بالعُمولات، ولا يُجيد غير ابتزاز السعودية ودُول خليجية، ونهب مُعظم ما لديها من مليارات، فلم يحصُل في تاريخ أمريكا أن مارس أي زعيم أمريكي الابتزاز بهذه الوقاحة ... رحم الله خاشقجي حيا أو ميتا، ونعتقد أن السبق الصحافي القادم الذي سيحْتل العناوين الرئيسية هُو الكشْف عن جُثمانه، ومكانه، وكيفية قتله في القُنصلية السعودية .. والأيام بيْننا".

وتقول "القدس العربي" في افتتاحيتها إن "تخبط التصريحات السعودية بين تهديد بفرض إجراءات مضادة، ثم تلطيف التصريح إلى درجة سحبه من التداول، بمثابة عوامل ضغط إضافية ومتلاحقة على الرياض. ولكن هذا الرضوخ لا يعني أن السلطات السعودية سوف تسلم بمسؤولية القنصلية، وبالتالي ولي العهد شخصيا، عن تصفية خاشقجي. ولا ينفي إمكانية تدبير كبش فداء من نوع ما، يحمل وزر الجريمة عن المجرم الفعلي والأول. ولا يلغي، أخيرا، احتمال (لفلفة) القضية بأسرها، بحيث تنجح مليارات دافوس الصحراء في طمس جريمة القنصلية".

ويقول حازم عياد في "السبيل" الأردنية إن "الإعلان عن زيارة مفاجئة سيقوم بها بومبيو إلى السعودية تعد مؤشرا مهما على دخول أزمة اختفاء خاشقجي مرحلة حرجة وجديدة؛ فسيناريو البحث عن مخرج اتخذ منحى أكثر جدية، خصوصا بعد تغريدة ترامب التي قال فيها انه اتصل بالملك سلمان الذي نفى علمه بمصير خاشقجي، تغريدة سبقها إصدار الملك سلمان قرارا بفتح تحقيق داخلي يشرف عليه المدعي العام السعودي، فالتحقيقات ستطال كل من ورد ذكرهم في التحقيقات التركية، ومن الممكن أن تفضي إلى موجة كبيرة من التغييرات داخل السعودية".

ويخلص الكاتب إلى أن "أمريكا باتت معنية بوقف التفاعلات الداخلية والخارجية لأزمة اختفاء خاشقجي بحسم الأزمة بأسرع وقت ممكن وتقديم بدائل تنهي الأزمة قبل أن يظهر لاعبون جدد في المنطقة".

"حملة مسعورة"

أما الصحف السعودية فواصلت الدفاع عن المملكة ضد الاتهامات الموجهة للرياض بالمسؤولية عن اختفاء خاشقجي.

ويقول أحمد عوض في "عكاظ" السعودية إن "هذه الحملة المسعورة على السعودية ومحاولة شيطنة بلد السلام ستفشل وتحمل في داخلها بوادر فشلها، حملة مسعورة يقودها الكذب والحقد والجنون، لكنها كذلك واجهت شعبا سعوديا واعيا لحجم المؤامرة التي تستهدف الوطن، وواجهت قيادة حكيمة تعاملت مع مخاطر أشد تعقيدا من هذا الذي يحصل، لقد تكاتف وتلاحم السعوديون دفاعا عن بلادهم وأكدوا أن الوطن وقيادته خط أحمر لا نقاش فيه، وجددوا عهد الولاء والثقة للقيادة".

ويضيف عوض: "ستنجلي الغُمة وسنذكر حينها من وقف معنا ومن خذلنا ومن كان يبتزُ بلادنا ومن كان يلزم الصمت في انتظار من سينتصر، سنواجه من خذلونا وسنأخذ حق بلادنا، وستكون علاقتنا مع الآخرين قائمة على موقفهم معنا في هذه الأزمة".

ويقول يوسف الديني في "الشرق الأوسط" اللندنية إن قضية اختفاء خاشقجي تحولت "من بعديها الجنائي والأمني وما يتصل بطبيعة العلاقات الدولية فيما يخص غيابا أو اختفاء على أراضي دولة أخرى، إلى قضية استهداف للسعودية، الدولة الأكثر تأثيرا، ليس في صعيد المنطقة ودول العالم، بل تحولها إلى علامة فارقة لأعدائها والمناهضين لسياستها وحضورها الطاغي أخيرا على أكثر من صعيد، وهذا ما نلحظه بشكل كبير على مستوى البحث والتعليق والتداول لأي موضوع يخص السعودية اجتماعيا أو يتصل بالأحداث اليومية، فضلا عن أن يكون بحجم اختفاء شخصية عامة بارزة في ظروف غامضة وغريبة".

الامم المتحدة تطالب برفع الحصانة عن مسؤولين سعوديين

وقد طالبت المفوضة العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ميشال باشليه الثلاثاء برفع الحصانة عن مسؤولين سعوديين قد يكونون ضالعين في اختفاء الصحافي خاشقجي بعد دخوله الى القنصلية السعودية في اسطنبول في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر.

وقالت باشليه في بيان “بالنظر الى خطورة الوضع المحيط باختفاء خاشقجي، أعتقد أن الحصانة الممنوحة الى مسؤولين محليين أو موظفين معنيين بمعاهدة فيينا حول العلاقات القنصلية المبرمة في العام 1963، يجب أن ترفع فورا”.

وأضافت “استنادا الى القانون الدولي، يشكل الإخفاء القسري كما الإعدامات خارج القضاء جرائم خطيرة جدا، ولا يجب استخدام الحصانة من أجل إعاقة التحقيق حول ما حصل”.

ولا يمكن للأمم المتحدة أن تفرض رفع الحصانة، إلا أن البلد المضيف، تركيا في هذه الحالة، يمكنه أن يطلب الى سلطات البلد المعني رفع حصانة أحد دبلوماسييه في حال ارتكاب انتهاكات خطيرة.

ورحبت باشليه بالاتفاق الذي سمح للمحققين بتفتيش داخل القنصلية، لكنها حثت السلطات السعودية “على العمل بشكل يزيل كل عائق أمام تحقيق سريع ومعمق وفعال وحيادي وشفاف”.

واعتبرت المسؤولة الدولية أن “مدة الأسبوعين مدة طويلة جدا قبل القيام بتحقيق طبي شرعي كامل لمكان الجريمة”.

وتابعت “بما أن هناك أدلة بديهية حول دخول السيد خاشقجي الى القنصلية وعدم مشاهدته بعد ذلك، على السلطات السعودية أن تكشف ما حصل له اعتبارا من تلك اللحظة”.

الى ذلك دعا وزيرا الخارجية الألماني والفرنسي بشدة لتنسيق دولي في مسألة اختفاء خاشقجي.

وقال وزير الخارجية الاتحادي هايكو ماس اليوم الثلاثاء بعد اجتماع مع نظيره الفرنسي جان إيف لو دريان بالعاصمة الفرنسية باريس إنه على اتصال وثيق مع الولايات المتحدة الأمريكية أيضا في هذا الشأن، موضحا أنه اتصل أمس الاثنين بنظيره الأمريكي مايك بومبيو.

وأضاف الوزير الألماني قائلا: “نسعى لمعرفة ما حدث هناك. عندما نعلم ذلك، سوف نستخلص من ذلك استنتاجاتنا”. وجاءت تصريحات مشابهة لذلك من وزير الخارجية الفرنسي أيضا.

ابن الملك يفقد منصبه بأمريكا

السفير السعودي في واشنطن، خالد بن سلمان، غادر أمريكا الأسبوع الماضي عائدا إلى الرياض، ولن يعود بحسب مسؤول أمريكي سابق وآخر حالي، مؤكدين أنه سيتم استبداله.

في غضون ذلك ألغت السفارة السعودية بالعاصمة واشنطن حفل اليوم الوطني السعودي الذي كان مقررا بالثامن عشر من هذا الشهر.

وتقول الصحيفة، إن قضية خاشقجي خيمت على عالم واشنطن السياسي والدبلوماسي، في وقت قامت فيه العديد من شركات العلاقات العامة الأمريكية بإنهاء علاقاتها مع الرياض، ومن المتوقع أن تنضم شركات أخرى خلال الأيام المقبلة.

وتنقل الصحيفة عن مستشارين مقربين من بن سلمان أنه يشعر بالصدمة من الإدانات العالمية التي رافقت اختفاء خاشقجي.

وأكدت أن هناك شعورا متزايدا في الدوائر الغربية بأن ولي العهد الذي أشعل الحرب باليمن وأوصلها إلى كارثة إنسانية وفرض حصارا على قطر، واعتقل النخب السعودية والأثرياء للحصول على أموالهم، ولم يقدم تفسيرا مقبولا لقضية خاشقجي، غير مؤهل لاعتلاء عرش السعودية.

ويقول سفير أمريكا السابق في اليمن، جيرالد فييرستين، إن الكثيرن توصلوا إلى قناعة واستنتاج أن هذا الرجل لايمكن التعامل معه.

هنا قبر خاشقجي

وتداول ناشطون على موقع التواصل الاجتماعي صورة للسياج الحديدي المحيط بمبنى القنصلية السعودية في إسطنبول معلقا عليها لافتة تشير إلى أنها قبر الكاتب الصحفي السعودي "جمال خاشقجي".

وأظهرت الصورة المتداولة وضع باقة من الورد مرفقا بها لافتة كتب عليها "هنا قبر المرحوم جمال خاشقجي".