كاتب إسرائيلي: بن سلمان خيب آمال الغرب

كاتب إسرائيلي: بن سلمان خيب آمال الغرب
الثلاثاء ١٦ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٣:١٤ بتوقيت غرينتش

قبل بضعة أسابيع فقط، كان يخيل أن علاقات تركيا والولايات المتحدة توشك على الانهيار في أعقاب العقوبات التي فرضها الرئيس ترامب رداً على اعتقال القس الأميركي.. وفي المقابل، كان يخيل أن السعودية تصبح دولة المحور الذي تقيم إدارة ترامب على أساسه سياستها الإقليمية.. ولكن حتى بضعة الأسابيع في الشرق الأوسط تعدّ هي الأبد.

العالم – مقالات وتحليلات

ففي الأيام الأخيرة يتبين أن تركيا تعود إلى حضن الولايات المتحدة، بينما تصعد السعودية إلى مسار الصدام مع الرئيس ترامب.. والسبب: السعوديون قتلوا في مبنى قنصليتهم في اسطنبول جمال خاشقجي، الصحافي المعروف بانتقاده للأسرة المالكة السعودية، ثم أخفوا جثته. أما الآن فتطالب الأسرة الدولية، وعلى رأسها أميركا، بالشروحات.

صحيح أن الرئيس اردوغان قادر على أن يتهجم على نظرائه وأن يخلق التوتر، ولكن لديه أيضاً خطوط حمراء. هكذا حررت تركيا في نهاية الأسبوع القس الأميركي، موضوع الخلاف مع الولايات المتحدة، ويبدو أن خصامها الموسمي مع إسرائيل هو الآخر يوشك على الانتهاء.

من فاجأ الكثيرين في الغرب كان هو ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي تورط حتى الرقبة في قتل الصحافي في تركيا. فقد حطمت القضية دفعة واحدة صورة الزعيم التقدمي والمتنور التي طورها لنفسه، وطرحت علامات استفهام ثقيلة حول تفكر ومدى تطور هذا الشخص الذي يتصدر السعودية اليوم.

منذ حزيران 2017، حين عينه أبوه الملك ولياً للعهد، أصبح ابن سلمان الأمل الأكبر للسعودية، وحدده الغرب كمن يقود المملكة من العصور الوسطى إلى القرن الحادي والعشرين. كانت البداية واعدة؛ فقد عرض ابن سلمان رؤيا وخطة عمل لتحويل المملكة إلى مملكة حديثة، انتهج سلسلة طويلة من الإصلاحات، بل وأزاح قيوداً عديدة فرضت على النساء السعوديات. إضافة إلى ذلك، وقف كزعيم حازم في مواجهة إيران وأبدى اعتدالاً مفاجئاً بالنسبة لإسرائيل.

ولكن النضج والتجربة لا يكتسبان إلا بالآلام، وغير مرة تبين ولي العهد كعجول وعديم التفكر. فقد خرج في صراع ضد التواجد الإيراني في اليمن؛ هدف مبرر ظاهراً، ولكن من أجله غرقت السعودية في حرب أليمة وباهظة الثمن لا يرى أحد نهايتها. ومذكور للجميع أيضاً «اختطاف» رئيس وزراء لبنان، سعد الحريري، الذي حرر في النهاية وأعيد إلى بيروت.

والآن ظهرت قضية تصفية الصحافي السعودي في إسطنبول. ظاهراً، فإن عملية كهذه هي أمر عادي في دول عديدة في المنطقة، بل وخارجها، يختفي فيها أو يموت في ظروف غريبة صحافيون وباقي منتقدي النظام.

ومع ذلك، هذا لعب بالنار؛ فمن يدعي الانتماء إلى العالم المتنور، يجب أن يأخذ على نفسه جزءاً من قواعد اللعب ومن عالم القيم الغربية. والأهم من ذلك، عليه أن يبدي حذراً زائداً بل وتطوراً في السلوك. مثل هذا الأمر لم يحصل في القنصلية في إسطنبول، والآن نجد أن السعوديين مطالبون بأن يدفعوا كامل الثمن لقاء جرائمهم.

في نهاية المطاف، من معقول أن يكون هناك حل وسط يسمح بإزالة هذه القضية عن جدول الأعمال. وسيعترف السعوديون بتصفية الصحافي، ولكن سيدعون بأن هذه مبادرة من المستويات الصغرى، التي سيلتزمون بمعاقبتها بكامل شدة القانون. ومع ذلك، فإن حلفاء السعودية ومحبي خيرها، بمن فيهم واشنطن والقدس، ممن توقعوا من محمد بن سلمان أكثر من ذلك، خاب أملهم هذا الأسبوع.

*إيال زيسر – "إسرائيل اليوم"