حراك أردني يطالب بإلغاء اتفاقية تأجير الباقورة والغمر

حراك أردني يطالب بإلغاء اتفاقية تأجير الباقورة والغمر
الأربعاء ١٧ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٣:١٠ بتوقيت غرينتش

شهد الأردن، الثلاثاء حراكاً شعبياً واسعاً ومكثفاً يطالب الحكومة باسترداد الأراضي الأردنية المؤجرة للاحتلال الإسرائيلي في الباقورة والغمر على أساس معاهدة التسوية التي وقّعها الأردن مع الإحتلال الإسرائيلي عام 1994.

العالم – تقارير

وشارك مواطنون في مسيرة مركبات انطلقت من أمام مجمع النقابات المهنية في العاصمة عمان وصولاً إلى أقرب نقطة ممكنة من أراضي الباقورة المؤجرة.

وفي ظل وجود أمني مكثف، نفذ المشاركون وقفة احتجاجية في المنطقة للمطالبة باستعادة أراضي الباقورة والغمر مع قرب انتهاء مدة عقد تأجيرها خلال أيام، مؤكدين أن هذه الأراضي تابعة للسيادة الأردنية، ومطالبين الحكومة بعدم إعادة تأجيرها للاحتلال.

وطالبوا الحكومة بضرورة إعلان موقفها الواضح والصريح من عدم رغبتها في إعادة تأجير هذه الأراضي للاحتلال الإسرائيلي وإبلاغه بذلك رسمياً، وبإلغاء اتفاقية "وادي عربة".

وقال مصدر حكومي أردني، إن الحكومة ستتخذ القرار المناسب بخصوص أراضي الباقورة عبر القنوات الدستورية وفي الوقت المناسب.

وبدوره طالب نواب، بعقد جلسة مناقشة عامة للاستماع إلى التوجهات المنوي اتخاذها من قبل الحكومة بخصوص إلغاء الاتفاق بين الأردن و"إسرائيل" بشأن أراضي الباقورة والغمر.

وجددت مذكرة رفعت إلى رئيس المجلس، عاطف الطراونة، تأكيد الموقعين عليها رفض إعادة تأجير الأراضي للاحتلال الإسرائيلي.

وأشارت المذكرة إلى أنّ الغرض من هذه الجلسة تمكين النواب من اتخاذ الإجراءات الدستورية المخولة للمجلس إذا لم تقم الحكومة بإلغاء عقد التأجير وإعادة السيادة الأردنية عليها، وفقًا للمدد المحددة بالملاحق.

"الباقورة" و"الغمر".. هل تعودان إلى السيادة الأردنية؟

معاهدة التسوية التي وقّعها الأردن مع الإحتلال الإسرائيلي عام 1994 تضمّ بنداً فتح الباب على ما يسمى بـ"إنتفاع إسرائيل من منطقتي الباقورة والغمر الأردنيتين".

وهذا البند في معاهدة وادي عربة تنتهي مفاعيله في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2019. غير أن ذلك لا يعني عودة المنطقتين "أوتوماتيكياً" إلى السيادة الأردنية إذ تتطلب عودتهما إجراءات قد تمتد سنوات، لكنها تبدأ بإخطار الحكومة الأردنية نظيرتها الإسرائيلية رغبتها بإنهاء "الإنتفاع" قبل تاريخ إنتهائه بسنة كاملة حتى لا يتم التجديد تلقائياً لفترة مماثلة.

وتوسع النقاش شعبياً وحكومياً ونيابياً حول قضية الباقورة والغمر مع إقتراب 26 أكتوبر المقبل، الموعد النهائي لإخطار الإحتلال الإسرائيلي برغبة الحكومة الأردنية، في حال توفرها، بإنهاء الإتفاق حول المنطقتين الحدوديتين، تمهيداً لإستعادتهما.

وتحدد معاهدة وادي عربة "التفاوض" سبيلاً لحل المنازعات الناتجة عن تطبيق المعاهدة أو تفسيرها، على أن يُعتمد "التوفيق أو التحكيم" حلاً في حال فشل المفاوضات.

اليوم يقف الأردنيون على أعتاب العام الخامس والعشرين لاتفاقية وادي عربة، ووسط رفض شعبي مستمر لها، وأحداث عديدة حصلت مؤخرا عززت رفضها، كحادثة قتل اردنيَيَن اثنين في سفارة الكيان ومقتل القاضي رائد زعيتر قبلها، أدت أيضا إلى تحرك نيابي لإعادة دراسة الإتفاقية لكن جهودهم لم تفلح بذلك حتى الآن.

الباقورة

وكان الكيان الإسرائيلي قد إحتل عام 1950 نحو 1390 دونماً من الأراضي في منطقة الباقورة الواقعة في الغور الشمالي بالأردن، من دون تحرّك نظام عمان لإستعادتها عسكرياً وطُرحت قضية الأراضي المحتلة في الباقورة على طاولة المفاوضات عام 1994، وإدعى الإحتلال الإسرائيلي في هذه المفاوضات أن 830 دونماً من أراضي الباقورة "ملكية إسرائيلية خاصة!".

والإحتلال الإسرائيلي بعد إحكام سيطرته على الباقورة أقام على أراضيها مشاريع زراعية.

وتمنع المعاهدة على الأردن تطبيق تشريعاته الجمركية أو المتعلقة بالهجرة على مستعملي أراضي منطقة الباقورة أو ضيوفهم أو مستخدميهم الذين يعبرون الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى منطقة الباقورة. كما يلتزم الأردن تطبيقاً للمعاهدة، بعدم فرض ضرائب تمييزية أو رسوم تمييزية على أراضي الباقورة أو الأنشطة فيها، وكذلك يُسمح بدخول ضباط شرطة الإحتلال بزيهم العسكري وبأسلحتهم إلى تلك الأراضي.

الغمر

الغمر في منطقة وادي عربة جنوب البحر الميت، إحتلها الكيان الإسرائيلي ضمن مئات الكيلومترات الأخرى عقب حرب 1967.

وبرزت أهمية الغمر بالنسبة للإحتلال الإسرائيلي بعد أن سُمح للمستوطنين الإسرائيليين بزراعتها، ما جعل منها ملفاً شائكاً على طاولة المفاوضات في ظل تمسك المفاوض الإسرائيلي بالإحتفاظ بالأرض المحتلة.

ووافق المفاوض الأردني في آخر المطاف على إحترام "حقوق إستعمال إسرائيلية خاصة تتعلق بأرض الغمر!" لمدة 25 عاماً.

وكيفية تعامل الجانب الأردني مع قضية الباقورة والغمر تشي بإتباعه لـ"سياسة التفريط" حيث يُنظر إلى الحكومة بعين الشك في إسترداد المنطقتين الحدوديتين المحتلتين.

معاهدة التسوية الأردنية- الإسرائيلية

وبموجب المعاهدة، فإن الأردن ملزم في حال عدم رغبته في تجديد الانتفاع بإبلاغ الطرف الإسرائيلي بذلك قبل عام من موعد انتهاء الانتفاع، وإلا جدّد الاتفاق تلقائياً.

وكان الاعتقاد السائد لدى الشارع الأردني أن أراضي منطقتي الباقورة والغمر الواقعة شمالي الأردن مؤجرة بشكل مؤقت لكيان الاسرائيلي بموجب اتفاقية التسوية، وأنها ستعود بالكامل إلى السيادة الأردنية، بعد مرور 25 عاماً، هي فترة التأجير التي يفترض أن تنتهي قريباً، وتحديداً في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام المقبل.

وما زاد من غموض الموقف الحكومي تصريحات وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، التي قال سابقا: إن قضية الأراضي التي تنتفع بها "إسرائيل" في منطقتي الباقورة والغمر تدرس حالياً وسنتخذ القرار الذي يحقق المصالح الأردنية ويحقق الغاية المرجوة.

وأضاف أن أراضي الباقورة هي ملكية خاصة لـ"إسرائيليين"، ولكن السيادة عليها أردنية، وأن معاهدة التسوية توضح طبيعة استخدام منطقتي الغمر والباقورة وهي حقوق استعمال، وثمة فرق بين المنطقتين، إذ إن الباقورة ملكية خاصة تعود لـ"إسرائيليين" منذ عام 1926، أما الغمر فأرض أردنية.

وفي وقت سابق (18 مارس/أذار الماضي) قدم أكثر من 20 نائباً برلمانياً مذكرة تطالب الحكومة بعدم تجديد انتفاع "إسرائيل" بأراضي الباقورة والغمر، تزامناً مع حملة أطلقها ناشطون أردنيون تحت شعار "أراضينا"، لمطالبة الحكومة بالعمل على استعادة الأراضي.

ويلتزم الأردن، وفقاً للمعاهدة، بمنح حرية غير مقيدة للمتصرفين بالأرض وضيوفهم أو مستخدميهم بالدخول إليها والخروج منها واستعمالها وألا يطبق الأردن تشريعاته الجمركية أو المتعلقة بالهجرة على المتصرفين بالأرض أو ضيوفهم أو مستخدميهم الذين يعبرون من "إسرائيل" إلى المنطقة بهدف الوصول إلى الأرض لغرض الزراعة أو السياحة أو أي غرض آخر يتفق عليه.