من سيكون "كبش الفداء" لابن سلمان بمقتل خاشقجي؟

من سيكون
الأربعاء ١٧ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٢:٥٩ بتوقيت غرينتش

قضية الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي، وضعت نظام آل سعود في ورطة كبيرة منذ اختفائه داخل قنصيلة بلاده في اسطنبول قبل اسبوعين، بعدما لاقت صدى واسعا على مستوى العالم. ولا تزال الجهات المختلفة تطالب الرياض بكشف الحقيقة حول مصير خاشقجي خاصة بعد تواتر الانباء حول تصفيته بطريقة بشعة داخل القنصلية.

العالم- السعودية

ولم تقف المطالبات عند هذا الحد، بل تسربت تصريحات من الاروقة الاعلامية والسياسية حول امكانية إبعاد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن السلطة وتقديم "كبش فداء" لتحميله مسؤولية قتل خاشقجي لتهدئة الامور.

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا قالت فيه إنّ غضب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان العارم لن يسكِت التساؤلات حول مصير الصحفي جمال خاشقجي، وتساءل كاتب المقال ديفيد إغناشيوس عمن سيكون كبش الفداء في هذه القضية.

وقال إغناشيوس إن ولي العهد السعودي -وفي الأيام التي تلت قتل خاشقجي- يعيش بقصره في الرياض حالة من الاحتقان الغامض والغضب الشديد، ويبحث عن شخص ما يُحمّله المسؤولية.

ووفقا لمصادر عدّة -كما يشير الكاتب- فقد يكون اللواء أحمد العسيري نائبُ رئيس المخابرات السعودية كبش الفداء المحتمل.

ونقل الكاتب -عن مصدر مطّلع على تقارير المخابرات الغربية- أن عسيري اقترح مرات عدة على محمد بن سلمان اتخاذ إجراءات بحق خاشقجي وآخرين، كما أنه وحسب مسؤولين أميركيين كان يخطط الشهر الماضي لإنشاء فريق خاص لتنفيذ عمليات سرية.

وكانت نيويورك تايمز أفادت بأن الرياض ستحمي ولي العهد بإلقاء مسؤولية مقتل خاشقجي على مسؤول بالمخابرات السعودية.

وقالت الصحيفة إن الحكومة السعودية ستحمي ولي العهد باتهام صديقه مسؤول الاستخبارات.

وفي سياق متعلق بالسيناريوهات المتوقعة، قالت مجلة ذي نيويوركر الأميركية إن اختفاء خاشقجي دفع ولي العهد السعودي إلى حافة الهاوية.

وقال كاتب المقال ديكستر فيلكينز إن محمد بن سلمان، وبأمره قتل خاشقجي بطريقة مروّعة راهن على أن العالم لن يسأل عن الصحفي المقتول، لقد أخطأ ولي العهد بشكل مدهش.

وأضاف أن السؤال الذي يواجهه الآن القادة السعوديون -وكذلك الأميركيون- هو هل يجب أن يكون محمد بن سلمان ملكا وهل يمكنه ذلك؟

وحسب الكاتب، لن يستبعد الملك سلمان بن عبد العزيز ابنه المفضل، مشيرا إلى أن الإهانة الموجهة لآل سعود قد تفوق التحمل، وحتى لو يميل الملك إلى إبعاد ابنه محمد عن خلافته، فمن يمكن أن يحل محله؟

وحول قرب ترحيل محمد بن سلمان قال المعارض الإماراتي المقيم بتركيا حمد الشامسي، في تغريدة له عبر حسابه بتويتر، إن عزل محمد بن سلمان بات وشيكا جدا جدا في محاولة لامتصاص غضب الدول الغربية.


قبل ذلك طالبت صحيفة "نيويورك تايمز" في مقال للكاتب نيوكولاس كريستوف، الإدارة الامريكية بالعمل على عزل ولي العهد السعودي ابن سلمان من منصبه، وتعيين ولي عهد جديد، على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي والاتهامات التي أثيرت حول دور ولي العهد السعودي في ذلك.

وشكل اصرار الساسة والصحف الامريكية على معرفة الحقيقة، ضغطا على الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي ادعى بعد مكالمة اجراها مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ان الاخير لايعلم ما حدث مع خاشقجي. وكشف ترامب أنه استنتج من حديث الملك السعودي أن "قتلة مارقين" ربما كانوا خلف مقتل خاشقجي.

كما أعلن ترامب أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أكد له هاتفيا أنه يجهل بتاتا ما حدث داخل القنصلية السعودية باسطنبول، وكتب ترامب في تغريدتين متتاليتين على حسابه في "تويتر" الثلاثاء: "تحدثت للتو مع ولي العهد السعودي (محمد بن سلمان) ونفى أن يكون لديه أي علم بما حدث في قنصلية بلاده باسطنبول".

وأضاف ترامب: "قال لي (بن سلمان) إنه بدأ بالفعل تحقيقا كاملا وشاملا في المسألة وسيوسعه سريعا.. سوف تظهر الإجابات قريبا جدا".

وبالطبع كان هذا التصريح مدعاة للسخرية ولهذا حاول ترامب ايجاد مخرج للقيادة السعودية لتبرئتها من مسؤولية قتل خاشقجي حيث بعث وزير خارجيته مايك بومبيو الى الرياض لتسوية الامر.

بالفعل سافر بومبيو الى الرياض والتقى بالملك سلمان ونجله. وأكد ولي العهد السعودي خلال اللقاء، ما سماه "عمق ومتانة علاقات بلاده والولايات المتحدة"، معتبرا أنهما واجهتا معا التحديات في الماضي وتواجهانها في الحاضر وستواجهانها في المستقبل، الأمر الذي وافقه عليه وزير الخارجية الأمريكي بقوله: بالتأكيد.

مقربون من بن سلمان بين المشتبه بهم في قضية خاشقجي

ولفت ظهور حارس محمد بن سلمان الشخصي، المدعو محمد سعد الزهراني إلى جانبه أثناء استقبال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في الرياض، الأنظار كونه احد المتهمين بتصفية وقتل جمال خاشقجي.

الزهراني برز اسمه كأحد أفراد "فرقة الاغتيالات السعودية" المكوّنة من 15 فرادً، التي قتلت الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

كما نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا، تحدثت فيه عن المشتبه فيهم في هذه الجريمة وقالت: إن "أحد المشتبه بهم الذين حددتهم تركيا في قضية اختفاء السعودي جمال خاشقجي كان رفيقا متكررا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حيث شوهد وهو ينزل من الطائرات معه في باريس ومدريد، كما تم تصويره مع الحراس الواقفين خلال زياراته هذا العام إلى مدينة هيوستون. وبوسطن والأمم المتحدة (في جولته بأميركا).

كما يربط ثلاثة أشخاص آخرين، بحسب شهود وتسجيلات، صلتهم بطاقم الحماية لولي العهد السعودي.

والخامس، بحسب الصحيفة الأميركية، هو طبيب شرعي يشغل مناصب رفيعة في وزارة الداخلية والمؤسسة الطبية في السعودية، وهذا النوع من الأشخاص لا يمكن توجيهه إلا من قبل سلطة سعودية رفيعة المستوى.

تبريرات ترامب لسياسة السعودية تفتح نار الهجوم عليه 

في المقابل تعمل آلة الكونغرس والصحافة والاستخبارات الأمريكية ضد الرئيس ترامب لتقويض مساعيه لتبرئة الملك سلمان وولي عهده حيث دعا السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، إلى إقصاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وقال: "هذا الرجل مدمر، وقد قتل خاشقجي".

وأضاف غراهام: "كنت دائما أدافع عن السعودية داخل الكونغرس لأنها حليف جيد .. شخصية محمد بن سلمان مؤذية حسب رأيي. لا يمكن أن يكون قائدا عالميا على الساحة الدولية".

من جهته رفض السناتور الجمهوري ماركو روبيو الأخذ في الاعتبار الخوف من فقدان صفقات السلاح مع الرياض في حال فرض العقوبات عليها.

وكتب السيناتور كريستوفر ميرفي، الديمقراطي عن ولاية كونيتيكت "سمعنا عن نظرية القتلة المارقين، إنها سخيفة ومن غير المألوف على الإطلاق أن تكون السعودية قادرة على تجنيد رئيس الولايات المتحدة ليعمل لديها كوكيل علاقات عامة".

وقال عبر شبكة "سي أن أن": "لقد كانت لدينا منذ زمن طويل مخاوف بأن يكون ولي العهد هذا الشاب العدواني. مجلس الشيوخ والكونغرس سيتحركان".

وختم بالقول: "مدى هذه الإجراءات المحددة سيكون بالطبع موضع نقاش، إلا أنها ستكون شديدة القوة وكبيرة. سنرى ما ستقوم به الإدارة، إلا أنها بالنهاية ستنصاع على الأرجح".

اما بالنسبة للصحف الاميريكية فقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن أحاديث الرئيس دونالد ترامب عن وجود "قتلة مارقين" نفذوا عملية قتل الكاتب جمال خاشقجي داخل مبنى القنصلية السعودية، لا يمكنها أن تصمد أمام الوقائع الكثيرة والأدلة، مشيرة إلى أنه لا يمكن تنفيذ ذلك دون علم الحكام السعوديين.

كما شدد نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس على ضرورة محاسبة المتورطين، في حال تأكد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

وقال: "في حال تأكد مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، فإنه ينبغي محاسبة المتورطين في الحادث .. من المهم إدانة أي عمل من أعمال العنف".

وأكد بينس على أهمية أن يعرف العالم الحقيقة بشأن قضية خاشقجي الذي اختفى بعد دخوله قنصلية بلاده، في اسطنبول قبل أسبوعين.

كما طالبت دول ومنظمات غربية، وعلى رأسها بريطانيا والاتحاد الأوروبي، الرياض بالكشف عن مصير خاشقجي، فيما عبرت دول عربية عن تضامنها مع السعودية في مواجهة تهديدات واشنطن بفرض عقوبات عليها إذا ثبت تورطها في مقتل خاشقجي.

مواقع التواصل تفضح بن سلمان بهشتاغ

ولاقى هاشتاغ أطلق قبل ايام تحت عنوان #أبو_منشار تزامنا مع تطورات قضية اغتيال خاشقجي وتورط "ابن سلمان" بالجريمة، تفاعلا كبيرا من قبل نشطاء "تويتر".

 وضج الوسم بآلاف التغريدات المنددة بجرائم ووحشية النظام السعودي، وسط تضامن غير مسبوق مع الصحافي السعودي المغدور وأسرته. 

هروب القنصل السعودي قبل تفتيش منزله في تركيا

ونقلت وسائل إعلام تركية أن القنصل السعودي لدى إسطنبول، محمد العتيبي، هرب إلى الرياض قبل ساعات من بدء تفتيش إقامته من طرف الشرطة التركية، في إطار التحقيقات الجارية حول اختفاء جمال خاشقجي. 

وقالت إن محمد العتيبي توجه قبل ساعات قليلة فقط إلى الرياض، عبر طائرة تابعة للخطوط السعودية.

 يذكر أن القنصل السعودي ارتبط اسمه بحادث اختفاء جمال خاشقجي منذ اللحظة الأولى، وكان من بين الأشخاص المشبوهين تورطهم في العملية.
 كذلك يعتبر إقامته التي تبعد عن القنصلية 300 متر فقط، مكانًا مشبوهًا بدوره، حيث تحوم الشبهات عن نقل أجزاء من جثة خاشقجي إليها.

 وذكرت المصادر التركية أن التسجيلات تظهر تنفيذ عملية قتل خاشقجي داخل غرفة القنصل السعودي محمد العتيبي وبحضوره.

 وقالت إن القتل تمّ أمام القنصل السعودي، وبعد 7 دقائق من قتل جمال خاشقجي، طُلب من القنصل مغادرة الغرفة، وبقي الفريق الأمني السعودي يتعامل مع  الجثة.

وفي الوقت الذي منعت فيه السلطات السعودية فريق التحقيق التركي من تفتيش منزل القنصل السعودي في إسطنبول، نشرت قناة "الجزيرة" مقطع فيديو يظهر حركة مريبة أمام منزل القنصل محمد العتيبي.

ووفقا للفيديو المنشور، فقد قامت إحدى السيارات التابعة للقنصلية بالدخول لمنزل القنصل والخروج، دون أن يتمكن  أحد من كشف ما بداخلها، بفعل التظليل الذي يغطي زجاجها.

موقف الكيان الصهيوني من قضية اغتيال خاشقجي

وفي أول تعليق رسمي للكيان الإسرائيلي عن حادثة خاشقجي نقلت صحيفة "إيلاف" الإلكترونية المقربة من دوائر صنع القرار في السعودية، عن مصدر إسرائيلي، قوله إن تل أبيب تثق بأقوال الرياض حول قضية الكاتب جمال خاشقجي.

وقال المصدر الذي لم تذكر "إيلاف" اسمه، إن "تل أبيب لا تثق بالأخبار الصادرة عن تركيا في ما يتعلق بمسألة خاشقجي، بل تثق أكثر بما تقوله السعودية".

وأضاف المصدر نفسه أن "إسرائيل تراقب عن كثب التطورات في هذه المسألة، ويرى أن الأخبار التي تنشر بين الفينة والأخرى لا تستند إلى براهين أو حقائق، بل تأتي في إطار السبق الصحفي والمناكفات السياسية بين دول معنية عدة".

جدير بالذكر أن صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية، كانت قد علقت على حادثة اختفاء خاشقجي، بالقول إن “السعوديين لم يتعلموا منا كيف ينفذون الاغتيالات”. في إشارة إلى فشل السلطات السعودية في تنفيذ العملية “بصمت” ودون انفضاح أمرها.

ويرى بعض المحللين ان الموقف الصهيوني الداعم للنظام السعودي ترجمته تل ابيب بتصعيد الاوضاع في غزة للتشويش على التحقيقات الجارية في قضية خاشقجي، بينما تقول مصادر اعلامية ان جريمة اختطاف خاشقجي، التي باتَت تشكل  عبئا ثقيلا على القِيادتين الأمنية والسياسية التركية ربما تَنعَكِس سلبا على اتِفاق إدلب في سوريا، ليس من حيث تأجيل تنفيذه فقط، وإنّما إلغائِه كليا، الأمر الذي يصب في مصلحة الطَّرف الرسمي السوري الذي يَرى أن الحل العسكري و الخِيار الذي سيَتم اللُّجوء إليه في نِهايَة المَطاف لإعادَة المدينة إلى سيادَة الدولة السوريّة.

وفي الختام وبعد هذا السرد من الواضح للعيان ان محاولات الرئيس الامريكي دونالد ترامب لانقاذ الملك سلمان وولي العهد السعودي من مسؤولية اغتيال خاشقجي ستؤول للفشل لكن هل سيتعلم كل من يرتهن على الدعم الامريكي ان بدلا من قمع شعبه والاستناد على اميركا ان يغير طريقته؟