مصر وروسيا... شراكة شاملة وتعاون استراتيجي

مصر وروسيا... شراكة شاملة وتعاون استراتيجي
الأربعاء ١٧ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٦:٣٩ بتوقيت غرينتش

كلف التقارب المصري الروسي في عهد الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، دورها المحوري في المنطقة من جهة، ومليارات الدولارات أُنفقت على شراء الأسلحة، وإقامة مفاعل نووي، من جهة أخرى.

العالم – تقارير

وقام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الاثنين بزيارة رسمية إلى روسيا استغرقت ثلاثة أيام التقى خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وتعد الزيارة التي يجريها السيسي في روسيا ولقاءه نظيره بوتين، الخامسة بين الرجلين، واللقاء السابع بينهما منذ أول زيارة للسيسي لروسيا في شباط/ فبراير 2014 عندما كان وزيرا للدفاع آنذاك، وقبل انتخابات الرئاسة.

السيسي يستجدي التصفيق في روسيا.. بماذا وصف بوتين؟

استهل السيسي، كلمته أمام أعضاء مجلس الاتحاد الروسي، بطلب التصفيق.

وقال السيسي مرتجلا: "لا اعرف ان كان ممكنا أن أطلب منكم توجيه التحية لمرور 75 سنة على العلاقات المصرية الروسية"، فرد أعضاء مجلس الاتحاد الروسي بالتصفيق.

ووصف السيسي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ"الصديق العزيز" وكررها مرتين، قائلا: "سأناقش مجموعة من المواضيع الهامة مع رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف اليوم، وغدا سأكون مع صديقي العزيز صديقي العزيز".

توقيع اتفاقية الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي بين روسيا ومصر

وقع الرئيسان الروسي والمصري، اليوم الأربعاء، على اتفاقية الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي بين روسيا ومصر، كما اتفقا على استئناف رحلات الطيران بشكل كامل بين البلدين.

وجاء التوقيع عقب اجتماع قمة عقد في مدينة سوتشي الروسية المطلة على البحر الأسود، بحث خلاله الزعيمان العلاقات الثنائية وعددا من القضايا الإقليمية، وذلك في إطار زيارة السيسي إلى روسيا.

وعن المباحثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال إعلان مشترك جرى عقب القمة إلى أنها تناولت مسائل عدة ذات اهتمام مشترك والعلاقات الثنائية، معلنا توقع اتفاقية الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي بين روسيا ومصر.

وأضاف أن الجانبين ناقشا بالتفصيل التعاون في مجال الطاقة، وخاصة مشروع بناء محطة الضبعة النووية بمصر، التي تبنيها شركة "روس آتوم" الروسية، وأشار الرئيس الروسي إلى أن اللقاء بحث فرص التعاون العسكري.

كما تمت مناقشة مسألة استئناف رحلات الطيران بين البلدين، حيث أشار بوتين إلى قرب استئناف رحلات الطيران من روسيا إلى شرم الشيخ والغردقة، ما يعد مؤشرا إيجابيا لقطاع السياحة المصري.

وكانت الرحلات السياحية بين مصر وروسيا قد توقفت صيف 2015 بقرار أمني روسي، بعد الحادث الإرهابي الذي أسفر عن تحطم طائرة ركاب روسية فوق سيناء، كان على متنها 224 شخصا قتلوا جميعا.

وعن المنطقة الصناعية الروسية في منطقة قناة السويس، قال بوتين إنه في إطار المشروع سيتم ضخ استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار، وستؤمن المنطقة قرابة 35 ألف فرصة عمل جديدة.

وعلى صعيد التجارة بين البلدين، قال بوتين إن التبادل التجاري شهد زخما بين البلدين خلال الفترة الماضية، فقد رتفع خلال العام الماضي بأكثر من 60%، وخلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري بنسبة 28%.

من جهته، عبر الرئيس المصري في كلمته خلال الإعلان، عن أن زيارته إلى روسيا تعكس عمق العلاقة بين البلدين وشعبيهما، مبرزاً أن التعاون بين البلدين يؤسس لنقلة نوعية في العلاقات ويشجع الاستثمارات الروسية في مصر.

كما أكد أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين روسيا ومصر تفتح صفحة جديدة في العلاقات بين روسيا ومصر، مشيرا إلى أنه اتفق مع الرئيس بوتين على إعلان "2020 عاما ثقافيا" بين البلدين.

مصر أكبر مستورد للغذاء الروسي

استوردت مصر خلال العام الماضي مواد غذائية من روسيا بقيمة 1.73 مليار دولار، لتصبح بذلك أكبر مستورد لهذه السلع من روسيا متقدمة على الصين للمرة الأولى.

وورد في تقرير نشرته صحيفة «RBC» الروسية استقته من بيانات مركز الصادرات الروسية، أن صادرات روسيا من السلع الغذائية إلى مصر نمت خلال العام الجاري بنسبة 44 بالمئة مقارنة بالعام 2017.

وأشار التقرير إلى أن القمح شكل الحصة الأكبر من صادرات روسيا الغذائية إلى مصر، حيث صدرت روسيا قمحاً إلى هذا البلد في 2017 بقيمة 1.4 مليار دولار.

واللافت في التقرير للعام 2018، أن إمدادات روسيا من المواد الغذائية إلى مصر تجاوزت الصين، التي استوردت سلعا غذائية بقيمة 1.71 مليار دولار. يشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين روسيا ومصر يبلغ حسب بيانات «ITC Trade» قرابة 4.173 مليارات دولار، منها 3.8 مليارات دولار هي صادرات روسيا إلى مصر، مقابل واردات بقيمة 373 مليون دولار إلى روسيا.

صفقات السلاح
هذا ويتنامى حجم العلاقات بين مصر وروسيا على كافة الصعد، فمن تزايد صفقات توريد السلاح الروسي لمصر، إلى تنشيط السياحة بين البلدين لتحتل أعداد السياح الروس المركز الأول بين مجمل السياح الذين يرتادون مصر، تتوج القاهرة تعاونها مع موسكو في مجال الطاقة النووية وغيرها.

حيث أعلنت شركة «روس آتوم» الروسية، العام الماضي أن إنشاء قاعدة لاستخدام الوقود النووي قرب محطة الضبعة الكهروذرية في مصر، قد يكون حلا شاملاً لقضية الاستخدام الآمن لهذا الوقود.

وكان المدير العام لشركة «روس آتوم» ألكسي ليخاتشوف، ووزير الكهرباء والطاقة المتجددة محمد شاكر، وقعا في القاهرة وثيقة حول بداية سريان مفعول الاتفاقات التجارية بشأن بناء محطة الضبعة الكهروذرية. ومن المخطط أن يتم تدشين الوحدة الأولى للمحطة المقبلة عام 2026..

مؤتمر صحفي بين بوتين والسيسي

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحفي مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، أن المهمة الأساسية في سوريا خلال هذه المرحلة تتمثل في تشكيل اللجنة الدستورية وإعادة البناء.

وقال الرئيس الروسي إن موسكو والقاهرة اتفقتا على تعزيز التنسيق الثنائي بشأن تحقيق التسوية السياسية في سوريا.

وأضاف: "أبلغنا زملاءنا بالخطوات التي اتخذتها روسيا لتسوية الوضع في سوريا.. قارنا مواقفنا بشأن هذه القضية واتفقنا على العمل سويا".

وذكر أنه تم الاتفاق على " ضرورة إيلاء اهتمام خاص بالوضع في محافظة إدلب، حيث تراكم عدد كبير من المقاتلين في منطقة خفض التصعيد، وهناك خطر من انتشارهم إلى الدول المجاورة.. أطلعنا أصدقاءنا المصريين على ما يتضمنه أساس الاتفاقيات مع تركيا لحل هذه المشكلة".

من جانبه أكد الرئيس المصري أنه اتفق مع الرئيس الروسي خلال الاجتماع على أهمية مواصلة التشاور والتفاهم حول تطور الأوضاع في سوريا.

وقال إنه تم التأكيد على أهمية تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية الخاصة بكلا البلدين وخصوصا بشأن الإرهابيين.

ملفات أخرى
كما تأمل مصر بأن تسرع روسيا في إنهاء منطقة صناعية بمنطقة قناة السويس، وذلك وفق مذكرة تفاهم وقعها الجانبان في فبراير/شباط 2016، وتنص على أن تشمل المنطقة التي ستقام على مساحة مليوني متر مربع مشروعات لإنتاج جرارات زراعية ومنتجات بتروكيماوية باستثمارات تصل إلى نحو 4.6 مليارات دولار بحلول عام 2035.

وبالإضافة إلى هذين الملفين، تشير وكالة الأناضول للأنباء إلى عدة ملفات أخرى ستكون حاضرة في اجتماع السيسي وبوتين، منها التعاون العسكري والاقتصادي والأزمات في المنطقة، ولاسيما سوريا، التي تتواجد فيها موسكو بقوة، فضلا عن التعاون العسكري بين البلدين، ومشروع الضبعة النووي الذي ستقيمه روسيا في مصر، واتفاقية التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الاقتصادي الأوراسي.

وشهدت العلاقات السياسية بين البلدين تطوراً إيجابياً عقب ثورة 30 يونيو/ حزيران عام 2013، بدأت بزيارة وزيري الخارجية والدفاع الروسيين إلى مصر في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، وزيارة وزيري الخارجية والدفاع المصريين إلى روسيا يومي 12 و13 فبراير/ شباط 2014.