رحيل دي ميستورا نهاية الرهانات !

رحيل دي ميستورا نهاية الرهانات !
الجمعة ١٩ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٧:٣٢ بتوقيت غرينتش

ترافقت تسمية مبعوث أممي خاص مع بداية الحرب على سوريا التي سميت بالأزمة السورية لتبرير شن الحرب بداعي دعم الثورة المزعومة، التي كانت تمثل الفيلق الداخلي للحرب، بتجميع الأخوان المسلمين وبعض الغوغاء وبعض السذاجة في اللحاق بركب ما يبثه الإعلام عن شعوب كانت تحفر قبورها وتصنع حروبها الأهلية.

العالم - سوريا

وتسميها قنوات النفط والغاز المسماة بقنوات الحرية، بالشعوب التي تصنع ثورتها. ومع كل مرحلة فاصلة من مراحل الحرب كان هناك عنوان للمهمة، وكان اختيار المبعوث الأممي يوضع لتلبية شروط هذه المهمة.

– في مراحل الحرب الأولى كان المطلوب تجميد مقدرات الدولة السورية ومنعها من تحجيم مناطق مقررة لسيطرة الفيلق الداخلي في الحرب المسمّى بالثورة، ورعاية تأسيس مناطق تخضع لسيطرة الفيلق الداخلي وتأمين دخول السلاح اللازم وإنشاء منظومة حماية وتدخل وإمداد بداعي توفير المؤن للمحاصرين، حتى يشتد عود الفيلق الداخلي ويصير قادراً على ملاقاة فيالق الخارج بالبدء بالهجوم الشامل لإسقاط سوريا والإمساك بالجغرافيا السورية، وكان الرحّالة كوفي عنان هو المبعوث المناسب لهذه المهمة، تحت عنوان إنساني اعترف عنان بعد نهاية مهمته أنه كان ضحية خداع، وأنه استخدم للتمهيد لحرب كان هدفها إسقاط سوريا، تولى خلالها تأمين الحماية لمناطق سيطرة الجماعات الإرهابية بدواع إنسانية.

– عندما توافرت أسباب كافية للإعلان عن الهجوم الشامل، واكتملت العدة السياسية الدولية والإقليمية بحشد ضم أكثر من مئة دولة، وتم إخراج سوريا من الجامعة العربية، وكانت حشود تنظيمي القاعدة والأخوان من أنحاء العالم قد صارت بعشرات الآلاف، وتم تنظيمها وتسليحها بالأنواع المناسبة من السلاح النوعي بما فيه الكيميائي، جيء بالأخضر الإبراهيمي، لخوض الحرب النفسية على الرئيس السوري، وتوظيف الضغط العسكري والدبلوماسي لوضع وتنسيق وتسويق خطة التنحّي والرحيل.

– عندما بدأ التوازن العسكري يقول إن لا أمل بسقوط سوريا ولا فرص لإسقاطها، وإن الرهان على تنحّي رئيسها ورحيله سراب، صار المطلوب تسويق صيغة للحل السياسي تقوم على تشريع تفتيت سوريا وتسقط فيها الأمل بقيام دولة موحدة متماسكة، والسير على خطين متوازيين يحقق الهدف، حماية خصوصية تقسيمية في عدد المناطق، والسير بصيغة تعيد بناء مؤسسات الدولة على قاعدة التوزيع الطائفي والمذهبي للمناصب الدستورية، وتم تكليف ستيفان دي ميستورا للقيام بالمهمة، وهو الآتي من رحم الخراب الذي نشره المشروع الأميركي في العراق، ومهمته تسويق مناطق للحكم الذاتي كحلول مؤقتة تغطي هدناً عسكرية، من حلب إلى المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الكردية المسلحة، وصولاً للغوطة وسائر المناطق التي سُمّيت بمناطق خفض التصعيد، ولم يبخل دي ميستورا بكشف مشروعه بالحديث عن الصيغة اللبنانية الملهمة لما وصفه بتعايش الطوائف.

– مع اقتراب سوريا من إعلان نصرها، وسقوط الفرص أمام مشاريع التقسيم المقنع، وسقوط الرهان على جعل الدولة نسيجاً رخواً لفدرالية طائفية مفتوحة على الحروب الأهلية، عاجزة عن لعب دور إقليمي، فاقدة مفهوم الأمن القومي، صار لا بد من رحيل دي ميستورا والمجيء بمن يكرّس التغيير الذي فرضته سوريا وحلفاؤها، ويمهد للانخراط الدولي والإقليمي في المصالحة مع الدولة السورية بغير الصورة التي تمناها الذين أشعلوا الحرب عليها.

– رحيل دي ميستورا علامة من علامات نهاية الحرب على سوريا واقتراب نصرها، دولة مدنية موحدة برئيسها وجيشها وثوابتها، وفي طليعتها خيارها المقاوم.
 

ناصر قنديل - البناء