الانتخابات البرلمانية الافغانية .. الشكوك والتحديات

الانتخابات البرلمانية الافغانية .. الشكوك والتحديات
السبت ٢٠ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٧:١٣ بتوقيت غرينتش

مما لاشك فيه ان كثرة الأزمات والتهديدات التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، لم يبق أي مجال للتركيز أو التطرق للإنتخابات البرلمانية الافغانية المقرر اجراءها اليوم وبعد تأجيل استمر لثلاثة أعوام. ويمكن القول ان بقاء هذه الانتخابات في الهامش يعود لأمرين اولهما داخلي والثاني خارجي، ماجعلها بعيدة عن أنظار وعناوين وسائل الاعلام المحلية والعالمية.

العالم- قضية اليوم

فعلى الصعيد الداخلي يمكن تحديد بقاء الانتخابات البرلمانية لأفغانستان في هامش الأحداث لأربعة اسباب، اولها ان نظام هذه البلاد هو نظام رئاسي ولم يكن للبرلمان القوة والحضور الفاعل والخيارات المؤثرة في قضايا مصيرية مثل تحديد الميزانية أو الاشراف على عمل الحكومة وما الى ذلك، ما يجعل البرلمان وعمله بعيدين عن نطاق الإعلام والتركيز الإعلامي.

وعلى الصعيد الخارجي فإن وجود قضايا مهمة على الساحة مثل قضية إختفاء الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول التركية، ومتابعة مصيره من قبل الإعلام العالمي، وقضايا مصيرية إقليمية ملحة مثل أزمات اليمن وسوريا وعدم تشكيل الحكومات الجديدة رغم اجراء الانتخابات البرلمانية في العراق ولبنان، كل هذه الامور جعلت الإنتخابات البرلمانية الافغانية تبقى في الهامش السياسي.

اما على الصعيد الداخلي فلو صحت رواية ان الحكومة الافغانية هي الاخرى لاتميل لأجراء هذه الانتخابات في الظروف الراهنة بسبب كلفتها وتفضل ان تذهب لإقامة انتخاباتها الرئاسية العام القادم بنفس البرلمان الموجود حاليا، عند ذلك يمكن القول ان ثالث دليل على بقاء الانتخابات البرلمانية في الهامش هو عدم تسليط الضوء عليه من قبل الحكومة والإعلام الأفغاني قبل غيرهم.

كما يمكن اعتبار معارضة جماعة طالبان لإجراء هذه الإنتخابات الدليل الرابع لبقائها مهمشة حتى الآن. خاصة وان الجماعة الأخيرة كانت وراء مقتل رئيسي الشرطة وقوات الأمن لولاية قندهار خلال اليومين الماضيين، ما اثبت جديتها في معارضة اجراء الانتخابات وادى الى تأجيلها في المنطقة لاسبوع آخر.

وبعيدا عن كل هذه القضايا، تلوح في الأفق اربع دلائل لتُبقي انتخابات افغانستان بنفس أهمية تطورات الساحة الاقليمية والعالمية، نحاول التطرق اليها بإختصار.

اولا بالرغم من أن الانتخابات البرلمانية لأفغانستان ستجري في 21 الف دائرة انتخابية من أصل 23 ألف دائرة، وأن عددا لايستهان به من الشعب الإفغاني لن يتمكن من المشاركة فيها، لكنها تبقى انتخابات مهمة ومصيرية، خاصة وانها ستكون اول انتخابات يخوضها ابناء القادة السياسيين ذوي التوجهات المختلفة أمثال الجنرال عبدالرشيد دوستم، وقلب الدين حكمتيار، ويونس محقق وخليلي وانوري واسماعيل خان وعبدالرسول سياف، ونظرائهم في الحقيقة حضروا في الساحة الانتخابية لأفغانستان ليجربوا حظهم ويختبروا ثقلهم ومكانتهم في الساحة الأفغانية ومدى جهوزيتهم للمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقرر اجراؤها العام القادم، وليتعرفوا على نقاط ضعفهم ويتمكنوا من إعادة ترتيب أمورهم والنزول الى معترك الانتخابات الرئاسية القادمة بدوافع اكبر وهي نقطة جديرة بالإهتمام خاصة وان افغانستان اضحت حلقة وصل مهمة في استتباب الأمن والسلام في منطقة غرب أسيا.

والدليل الثاني على أهمية الانتخابات البرلمانية الحالية في افغانستان، هو أنها تعتبر إحدى مناطق إنتاج الجماعات الإرهابية كالقاعدة وتنظيم "داعش" الإرهابي، ومن هذا المنطلق فإن أمريكا لن تستغني عنها، كما تسعى الآن لإنقاذ ما تبقى من فلول هذا التنظيم الإرهابي ونقلهم من سوريا والعراق الى افغانستان، وهذا ما يجعل نتائج الانتخابات مهمة، قياسا لبعد أو قرب الوجوه الفائزة فيها من واشنطن، والذي سيلعب دورا مهما في استتباب الامن والسلام في المنطقة.

والدليل الثالث على أهمية الانتخابات البرلمانية الحالية لأفغانستان، الشفافية التي من المقرر أن تسودها بفضل عمل أجهزة "بيومتريك" الدقيقة المستوردة من ألمانيا، وخلوها من أي تهديدات من قبل جماعة طالبان المعارضة، فإن سلمت إنتخابات اليوم من كل ذلك عند ذلك يمكن التعويل على الانتخابات الرئاسية المزمع اجراؤها الربيع القادم.

كل ذلك علينا ان لا ننسى ان عدد سكان افغانستان لم يتم الإعلان عنه بشكل دقيق منذ عدة أعوام، للظروف التي تمر بها البلاد وهيمنة الطالبان على حوالي النصف من المساحة الجغرافية للبلاد، وتهديداتها المستمرة للمصوتين والدوائر الإنتخابية، الى غير ذلك من التهديدات الموجودة في الساحة، التي يمكن ان تضع العراقيل والعقبات الكأداء أمام الانتخابات الحالية وتضع البلاد أمام مشاكل وتحديات مصيرية.

ابو رضا صالح - العالم