في ظل الحديث عن فصل الشرق السوري..

ما دور "النصرة" في تطبيق مشروع التقسيم على الارض؟

ما دور
الإثنين ٢٢ أكتوبر ٢٠١٨ - ١٠:٤٥ بتوقيت غرينتش

بعد المصالحات الوطنية التي نشرتها المؤسسات الشعبية في ربوع البلاد، باتت مشكلة الأزمة السورية مقتصرة على محافظة إدلب التي رفضت بعض الجماعات المسلحة بما فيها الجماعات الارهابية الدخيلة على سوريا نزع اسلحتها عبر المحادثات السلمية، أو الرضوخ للمصالحات.

العالم- سوريا- تقارير

وما أن تركزت الجهود على تجهيز القوات السورية للدخول في معركة الحسم لتطهير ادلب من الجماعات الدخيلة، حتى ثارت حفيظة المتبجحين بشعارات حقوق الانسان وكأنه شعروا للتو بأن حربا ضروسا تدور على الارض السورية وانهم يخشون ان تطال المدنيين والابرياء!!!...

فكان الحلم والدهاء السوري على قدر القضية وتمكن من إستيعابها وترك فترة من الوقت للتحظير والعمل على فصل الإرهابيين ومواقعهم عن المدنيين والأبرياء.

لكن، كلما مضى الوقت إزدادت الذرائع والحجج الواهية للمسلحين في عدم إمكانية التخلي عن السلاح، وبالتالي عدم إمكانية خروجهم من سوريا، الأمر الذي أظهر حقيقة أمرهم اكثر من أي وقت آخر. 

صحيح ان قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي، تمكنت من التعتيم على الأزمة السورية لبعض الوقت إلا أن جهوزية القوات السورية وفي مقدمتها الجيش السوري للقيام بحملة تطهير إدلب سلبت النوم من عيون حماة الجماعات المسلحة في شرقي الفرات بأسره.

فلم تكن تركيا التي تحلم بايجاد منطقة عازلة شرقي الفرات بعيدة عن الساحة السورية، وباتت جهودها أكثر تركيزا لدعم الجماعات المعارضة للخروج من إدلب، وفي مقدمتهم جماعة "النصرة" الارهابية، التي تقوم بتهريب الآثار التراثية السورية من قرية القنية في ريف ادلب الغربي وقرية العبارة في جبل الزواية بريف ادلب ايضا، الى تركيا، بحيث اصبحت مدينة "سرمدا" التركية القريبة من الحدود السورية سوقا مزدهرة لشراء ما يحمله ارهابيو "النصرة" من آثار تاريخية لبيعها في الاسواق الحدودية للتجار الأتراك.

كما ان الحراك الروسي لايجاد مصالحات عربية مع سوريا وخاصة بين السعودية وسوريا، شهد نشاطا ملحوظا خلال الأيام القليلة الماضية الأمر الذي زاد من تمادي إرهابيي النصرة في التركيز على عدم التخلي عن سلاحهم بل والإستمرار بمقاتلة الجيش السوري، خاصة وان مصادر روسية سورية متطابقة اكدت ان إرهابيو "النصرة" عمدوا خلال اليومين الماضيين لنقل شحنة من المواد والغازات الكيمياوية من بلدة معرة مصرين الى منطقة جسر الشغور بريف ادلب، وبإشراف ومساعدة إرهابيين آخرين تحت غطاء أصحاب "الخوذ البيضاء"، تحضيرا لصد أي هجوم سوري محتمل ضدهم.

ويؤكد هذا النشاط نبأ وقوع انفجار ضخم ادى الى دمار واسع في المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون لدى نقلهم بعض المواد المحظورة باشراف داعميهم الاجانب من جنسيات تركية وبريطانية وشيشانية في بلدة "ترمانين" القريبة من الحدود التركية ومقتل 9 خبراء اجانب.

ومع ذلك فإن السعودية أكدت لمبعوث روسيا الذي زارها مؤخرا أنها ما زالت تخصص مئة مليون دولار لتمويل الجماعات الموالية لها في سوريا.

على صعيد آخر يرى المراقبون بالرغم من الاعلان الصريح للسعودية في دعم الجماعات المسحلة التي تقاتل في سوريا، إلا أنه لايمكن استبعاد إحتمال رضوخ السعودية لمساعي التصالح العربي مع سوريا، الذي تقوده سوريا، وقد أبدت الأطراف الغربية رضاها لتحقيقه.

فالإجتماع الرباعي الذي دعت اليه روسيا في اوروبا يفسح المجال اكثر للدول الغربية ان يكون لها دور في مستقبل سوريا، للتمكن من تفادي مخاوف عودة الإرهابيين الى بلدانهم التي تركوها باتجاه سوريا، والحد من هجرة المشردين السوريين الى البلدان الاوروبية.

أضف الى ذلك ان الاجتماع سيكون بمثابة جائزة لتركيا عسى ان تتراجع عن تقديم المعلومات التي قالت انها تملكها عن قضية إختفاء خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول التركية والكشف عن مدى تورط مقربين من نظام آل سعود بالجريمة بعد إتفاق الاخير على صفقة مع ترامب في هذا المجال.

كل هذه التطورات دفعت بجماعة النصرة الارهابية للتمادي بمواقفها المعارضة للقوانين والاعراف الدولية وتكون هي مقدمة لتجميع نشاطات باقي الجماعات امثال الجماعات الكردية المدعومة من تركيا، وباقي الجماعات المدعومة امريكيا، مثل تنظيم داعش الارهابي، لتتمكن كل هذه المجاميع من الحصول على موطئ قدم شرقي الفرات، لتكون النواة الاولى لتأسيس منطقة عازلة تحقق الحلم التركي الامريكي في عزل الشرق السوري عن الحكومة الشرعية في دمشق.

لكن واقع الأمر والنشاطات التي بذلتها الدول الضامنة لمحادثات استانا الداعمة لمفاوضات مسار جنيف، يظهران عكس ذلك، فاللجنة المكلفة بالتحضير لدستور جديد للبلاد تعمل على قدم وساق، فيما تدعم الامم المتحدة جهودها وكل الجهود الرامية للتوصل للحلول السلمية للأزمة السورية.

والسؤال الذي يطرح نفسه اكثر من اي وقت آخر في الوقت الراهن وخاصة على اعتاب الإجتماع الرباعي القادم لروسيا وتركيا والمانيا وفرنسا إلى أي مدى سيخدم مسار التفاوض السلمي للخروج بحلول سلمية للأزمة السورية؟

وهل ان الدول التي دعمت – ولاتزال تدعم – الجماعات المسلحة كفرنسا والمانيا وتركيا، سترضخ لمفاوضات الأمر الواقع، أي مفاوضات المصالحات السورية السورية، ومن ثم تنتقل الى مصالحات سورية – عربية؟ سؤال تجيب عليها الأيام التي ستعقب الإجتماع الرباعي.

والأيام هي التي ستحدثنا بذلك.

*عبدالهادي الضيغمي