أصداء مقتل خاشقجي في وسائل الاعلام الاسرائيلية

أصداء مقتل خاشقجي في وسائل الاعلام الاسرائيلية
الثلاثاء ٢٣ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٧:٣٧ بتوقيت غرينتش

رغم صمت "إسرائيل"، إزاء تداعيات مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، إلا أن رصد ما صدر عن النخب المرتبطة بدوائر صنع القرار فيها يظهر بوضوح أن "تل أبيب" تخشى أن تفضي هذه الجريمة إلى إفقادها الكثير من المكاسب المهمة التي حازتها جراء تعاون نظام الحكم في الرياض.

العالم- تقارير

نهاية ابن سلمان، تفاصيل صفقة تبرئته من دم خاشقجي، موقع "إسرائيل" من الأزمة و... كلها هواجس وتساؤلات طرحها كُتاب إسرائيليون خلال الأيام القليلة الماضية، وحاولوا البحث عن إجابات لها من خلال مقالاتهم بعدد من الصحف الإسرائيلية. 

أول ما تناوله الكتاب الإسرائيليون حول هذه القضية هو مسألة وجود "صفقة مشتركة" بين السعودية وتركيا والولايات المتحدة، وصفوها بـ"الصفقة الصعبة". فقد أشار الصحفي الإسرائيلي تسيفي برئيل إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتزم مواصلة فضح التفاصيل المختلفة حول عملية الاغتيال ولن ينتظر حتى تكتمل التحقيقات بل سيعمل على إعداد تلك "العبوة الناسفة"، التي سيهدد بتفجيرها في وجه مستقبل ابن سلمان في الحكم.                                                                   

وأردف الكاتب الإسرائيلي قائلا: انه من الواضح أن تركيا ستكون ضلعًا رئيسًا في هذه الصفقة المحتملة، فهي تقوم كل يوم بتسريب معلومات مهمة وحساسة عن العملية وبشكل ممنهج ومقصود للإعلام، وتحاول الحفاظ على ذلك الزخم الإعلامي والسياسي الذي أثارته عملية الاغتيال منذ اليوم الأول من اكتشافها، وفي نفس الوقت تحاول الحفاظ على علاقات جيدة مع   الرياض لأهداف ستنكشف مستقبلًا.                                           

ورأى الكاتب الإسرائيلي، أن اردوغان یرغب أن يصل ترامب بنفسه إلى نتيجة أن ابن سلمان ليس شريكًا عاقلًا له في المنطقة وأنه – أي ترامب- يحتاج لأردوغان أكثر من أي زعيم سياسي آخر بالمنطقة. 

مع ذلك، شدد الكاتب الإسرائيلي على أن أزمة اغتيال خاشقجي من غير المتوقع أن تطيح ابن سلمان من منصبه، بل إنه لدى والده ومن يحيطون به قناعة كاملة بأن الاستثمارات المالية للسعودية في جميع أنحاء العالم وبالولايات المتحدة خاصة ستنقذه من هذه القضية كورقة ضغط على واشنطن، لاسيما وأن رئيسها ترامب متورط في صفقات مالية مشبوهة مع السعودية، وأنه لو تم الكشف عن ذلك ربما يؤدي إلى تغيير قواعد اللعبة بينه–أي بين ترامب- وبيت الملك بالسعودية.                             

ويختم الكاتب الإسرائيلي مقاله بالقول إنه في ضوء كل ما سبق، فإنه يمكن القول بوجود صفقة لكنها صعبة بين السعودية والولايات المتحدة وتركيا، لكن الأكيد أن السعودية تنتظر من الولايات المتحدة أن توفر قبرًا مناسبًا لخاشقجي وقضيته، وفي ضوء ذلك سيتم تحديد قواعد ومكاسب الصفقة.  

واعتبر الصحفي آفي يسسخروف أن الأزمة في قضية اغتيال خاشقجي لا تكمن في وجود صفقة بحد ذاتها بقدر ما تكمن في كيفية إدارة الصفقة.

ورأى الكاتب الإسرائيلي أن معضلة إدارة هذه الصفقة تتمحور حول اختيار أهدافها المختلفة، فتركيا حاليًا محاصرة بين الرد على عملية الاغتيال التي أضرت بسيادتها بشكل مباشر، ومحاولة الاستفادة منها في الحصول على مكاسب سياسية واقتصادية، فتركيا التي ربطت نفسها بمحور إيران وروسيا وقطر، لم تتخل بعد عن طموحها في المزيد من النفوذ بالشرق الأوسط، مثلما حدث عام 2015 بدخولها في تحالف سعودي ضد داعش مقابل الكثير من المال السعودي الذي يستثمر في تركيا، بحسب الكاتب.                    

وطرح الكاتب الإسرائيلي فكرة أنه من أجل أن تكتمل الصفقة من الممكن افتعال وخلق «كارثة كبرى» بالشرق الأوسط من شأنها أن تغطي إعلاميًا وسياسيًا على أزمة اغتيال خاشقجي كحل لإنقاد ابن سلمان من جانب، وتمرير صفقة بين تركيا والسعودية والولايات المتحدة من جانب آخر حول هذه الأزمة، لاسيما بعد تأكد تورط قيادات عليا بالسعودية في هذه القضية.

وطرح الكاتب الإسرائيلي يوآف كارني أن ما وصفه بـ(ولي عهد ترامب) – في إشارة لابن سلمان – سيجبر عددًا من المستثمرين السعوديين المقربين منه بسرعة علی استثمار عشرات المليارات من الدولارات في الولايات المتحدة، وذلك اتقاءً لشر تهديدات ترامب التي يلمح لها بين وقت وآخر من خلال الإعلام، وحفاظًا علی منصبه.                                                                   

وأردف الكاتب الإسرائيلي، أنه من الواضح أن التخلص من ابن سلمان في الوقت الحالي أمر سيكون له آثار فوضوية كبيرة، فقد يؤدي إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط برمته، وقد يؤدي إلى تغيير مراكز القوى في المنطقة لصالح إيران وروسيا، إضافة إلى أنه سيفقد إسرائيل حليفًا محتملًا لها. 

وفي مقاله الذي حمل عنوان «لماذا اغتيال خاشقجي هو كارثة لإسرائيل؟» أشار دان شابيرو، السفير الأسبق لإسرائيل بالأمم المتحدة، إلى أن إسرائيل لديها مصلحة أن تبقى السعودية حليفة للولايات المتحدة في حربها ضد إيران، ومن ثم الحفاظ على منصب ابن سلمان وليًا للعهد.              

وأضاف السفير الإسرائيلي الأسبق، أن إسرائيل عليها أن تتعامل مع هذه القضية بـحذر شديد، فرواية التحقيق السعودية أن وفاة خاشقجي نتيجة عراك داخل القنصلية، لن تغير من حقيقة وجود آثار سلبية وعميقة وبعيدة المدى لهذه القضية على مصير ابن سلمان، الذي إذا سقط من الحكم، فإن ذلك سيكون له تأثير سلبي قوي على المكانة الاستراتيجية للولايات وإسرائيل في المنطقة.  

يستفاد من هذه الجولة الصحفية أن القلق الإسرائيلي يرجع إلى إمكانية أن تسهم هذه القضية في إضعاف نظام الحكم السعودي وتهاوي حضوره الإقليمي والدولي وحدوث تراجع على مستوى العلاقة بين الرياض وواشنطن والکيان الصهيوني، کما يخشى الإسرائيليون بشكل خاص أن تؤدي قضية خاشقجي إلى تراجع حماس نظام الحكم في الرياض للمساعدة في فرض نظام الحظر الجديد على إيران، ولا سيما عن طريق إغراق السوق بالنفط السعودي لتعويض السوق العالمي عن النقص الناجم عن توقف تصدير النفط الإيراني.

إلى جانب ذلك، فإن تل أبيب تعي أن تراجع المكانة الإقليمية لنظام الحكم السعودي ستقلص من قدرتها على مواجهة تحديات إستراتيجية خطيرة، مثل الوجود الإيراني في سوريا ومعضلة حزب الله وتحدي المقاومة الفلسطينية.

من هنا، فإنه من غير المستبعد أن تجد إسرائيل نفسها مطالبة بإعادة النظر في رهاناتها على بن سلمان والتحوط لمواجهة تداعيات قضية خاشقجي السلبية على مصالحها.