هل ستخرج قمة اسطنبول حول سوريا بنتائج مطلوبة؟

هل ستخرج قمة اسطنبول حول سوريا بنتائج مطلوبة؟
السبت ٢٧ أكتوبر ٢٠١٨ - ١٠:٢٢ بتوقيت غرينتش

في الوقت الذي صعدّت فيه الجماعات الارهابية وعلى رأسها هيئة "تحرير الشام" هجماتها على الشمال السوري، يستضيف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اليوم السبت في إسطنبول، قمة حول سوريا بحضور نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل، في أول لقاء من نوعه مع قادة بارزين من أوروبا. واعرب مراقبون للساحة السورية عن تشكيكهم من نجاح القمة المرتقبة بمضمون فاعل لإنفاذ اتفاق ادلب من الانهيار بفعل انتهاك المسلحين المستمر للاتفاق.

العالم - تقاریر

وكانت أنقرة قد أعلنت أن قمة رباعية بشأن سوريا، تضم قادة كل من تركيا وروسيا وألمانيا وفرنسا، ستعقد في إسطنبول في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

وأعلن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية، إبراهيم كالين، في بيان، إن القمة التي ستعقد برعاية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان سيحضرها إلى جانبه كل من: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وأضاف أن القادة الأربعة سيبحثون خلال القمة الوضع الميداني في سوريا، واتفاق المنطقة منزوعة السلاح في إدلب الذي توصل إليه الرئيسان التركي والروسي خلال اجتماعهما في سوتشي في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، والعملية السياسية، ومختلف جوانب الأزمة السورية.

وأشار كالين إلى أنه من المتوقع أن تتم خلال القمة الرباعية «مواءمة الجهود المشتركة لإيجاد حل دائم للأزمة في سوريا».

 الواقع الميداني أو ما يجري عمليا في سوريا

ميدانيا، صعدّت هيئة ”تحرير الشام” الارهابية (النصرة سابقاً) لجهة قصف أحياء محافظة حلب بأكثر من أربعين قذيفة صاروخية، رد على إثرها الجيش السوري على مصادر النيران، ليغدو المشهد نسفاً لـ"اتفاق سوتشي" بين أنقرة وموسكو. 

وحدها الإرادة التركية من توضع على المحك، إذ فشلت في هيكلة وإدارة المجموعات المسلحة التي قيل عن تحشيدها للسلاح وتعزيز مواقعها في ريفي حلب الشمالي والغربي، ربما تعتقد أنقرة أن قضية خاشقجي قد تطفي على الالتزمات شيئاً من التأجيل، موسكو استبقت كل الحاصل بتمهيد لشرعنة العملية العسكرية في ادلب عندما قال لافروف ان موسكو لا تستطيع منع دمشق من السيطرة على كامل أراضيها، مايؤشر بالمعنى المادي أن كل مقومات ومسببات العمل العسكري في الشمال السوري باتت متوافرة بعد انقضاء المهلة المحددة للجانب التركي وفشل الأخير في ضبط إيقاع التزاماته وإنفاذ العهود.

ويرى مراقبون ان قمة اسطنبول المرتقبة اليوم التي تجمع قادة فرنسا وتركيا وألمانيا وروسيا ستكون شكلية ولن تأتي بمضمون فاعل يعجل من إنفاذ اتفاق سوتشي على أكمل وجه، والحديث عن تعميق المحادثات السياسية وتثبيت وقف إطلاق النار سيكون كلاماً هشاً تنثره الريح، ربما سيُسمع الجانب الروسي نظراءه التركي والفرنسي والألماني كلاماً مغايراً، على قاعدة أنه من نكث بالالتزام سيكون من الطبيعي في مقابله عملية عسكرية باتت هي الحل الوحيد والمنصة الفاعلة لإنجاح أي حديث عن عملية سياسية وحل للأزمة في سوريا. من هنا قد يعرض الروسي على نظرائه سبل التعاون وماهية التنسيق لاجتثاث النصرة من جبهة ادلب، لكن لايبدو أن التجاوب سيكون حاضراً فيما لو قدم الروسي معروضه، ولا سيما أن مصدر في الأليزيه قد توقع نتائج متواضعة من قمة اسطنبول.

غريب هو الطرح الفرنسي الذي تمنى على المجتمع الدولي فرض كل الضغط السياسي على دمشق لإطلاق العملية السياسية وتفعيل عمل اللجنة الدستورية ووضع جدول زمني لها، بحسب ما أعلن مصدر في الأليزيه، ولم يتطرق مطلقاً لطريقة إدارة الجانب التركي للمنطقة منزوعة السلاح، وخرق المجموعات المسلحة ونسف كل ما قال عنه التركي انه يسعى لتحقيقه خلال الفترة الماضية.

ان تطلب موسكو من الجانب ”الإسرائيلي” إعلامها بأي عمل تنوي ”إسرائيل” القيام به في سوريا خلال فترة زمنية أطول، بحسب ماقاله مصدر عسكري إسرائيلي للقناة الثانية، وربطاً مع ما أعلنته تل أبيب بأنها سمعت رسالة شديدة اللهجة من موسكو، بأن قواعد الاشتباك في سوريا تغيرت بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية ،فإن ذلك يشي بالضرورة عن نية موسكو رسم ملامح المرحلة المقبلة على قاعدة التمهيد لعمل عسكري يحسم ملف إدلب .

قمة اسطنبول ستحمل معها شكل المشهد الذي سترسو عليه جبهة إدلب، وإن عودة الحديث في اعتقادنا عن مهل جديدة وفرص مستقبلية هذه المرة لن تجد آذاناً روسية صاغية.

سوريا عازمة على استعادة إدلب

من جهته، أكد مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، أن سوريا عازمة على استعادة إدلب في الوقت الذي تراه مناسبا، ولن تسمح بتحويل المدينة لمعقل للإرهابيين.

وقال الجعفري، في كلمته بمجلس الأمن أمس الجمعة، إن “الحكومة السورية ستستعيد إدلب في الوقت الذي تراه مناسبا لأنها جزء من تراب الوطن، ولن تسمح الحكومة السورية أن تتحول إدلب لكهوف جديدة للإرهابين”.

وحول تشكيل اللجنة لدستورية قال الجفري إن “دور الأمم المتحدة والمبعوث الخاص يقتصر على التيسير وليس فرض الوصاية على الحوار السوري- السوري”.

وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا، ستافان دي ميستورا، لمجلس الأمن الدولي، قد قال إنه يعتزم تقديم تقارير إلى قادة كل من روسيا وتركيا وفرنسا وألمانيا حول الوضع في سوريا في القمة القادمة في إسطنبول.

وقال دي ميستورا في مؤتمر صحفي في مجلس الأمن حول نتائج زيارته لسوريا “سأذهب إلى إسطنبول لأبلغ كل من فرنسا وألمانيا وروسيا وتركيا بشأن القضية السورية.”

اتفاق ادلب ليس انتصارا لتركيا

اعتبر مركز بحوث أمريكي أنَّ الاتفاق الذي توصل إليه تركيا وروسيا بشأن محافظة إدلب شمال سوريا ليس انتصارًا دبلوماسيًّا للرئيس رجب طيب أردوغان كما صوَّره البعض، وانما تنفيذ الاتفاق سيكون اختبارًا حاسمًا لأنقرة.

وأعرب معهد سياسات الشرق الأوسط عن اعتقاده بأن تنفيذ الاتفاق سيكون صعبًا للغاية، وسيتوقف على قدرة تركيا على إقناع الميليشيات الحليفة بإلقاء السلاح الثقيل وإخراج جميع الفصائل المتطرّفة من منطقة خفض التوتر قبل انتهاء المهلة المحددة.

ويشير التقرير إلى أن الميليشيات الموالية لتركيا في إدلب وافقت على الاتفاق لكنها تعهدت بـعدم إلقاء سلاحها.

كما يشير التقرير إلى موقف جماعة حرّاس الدين (الارهابية)؛ وهي ميليشيا صغيرة في إدلب والتي رفضت الصفقة ودَعَت جميع المسلحين، إلى شن عمليات عسكرية هناك.

ويقول التقرير: “حتى وإنْ نجحت تركيا بإقناع المسلحين المتشدّدين بالانسحاب ستبقى هناك أسئلة كثيرة بما فيها: إلى أين سيذهب هؤلاء؟ (…) وكانت تركيا اقترحت عودتهم إلى بلادهم لكن من يريد هؤلاء المتطرفين داخل حدوده….. إلى جانب ذلك فإن حقيقة أنَّ تركيا لها نفوذ واسع على تلك الجماعات المتطرفة والمتشددة ليست جيدة لسمعتها.”

وأضاف: “في حال فشلت تركيا في تنفيذ الصفقة، فإنَّ ملايين من اللاجئين سيحتشدون عند حدودها في الوقت الذي تعاني فيه تركيا من اقتصاد مترنّح… كما أن سيطرة النظام السوري على إدلب سيعرّض تواجدها العسكري في سوريا للخطر؛ إذ من المتوقع أن تركّز القوات السورية والروسية بعد ذلك على المناطق الواقعة تحت السيطرة التركية شمال سوريا.”

تشاؤم بنتائج قمة اسطنبول

يقول الخبراء، ان القمة الرباعية لن تأتي بنتيجة، لكن للرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية على الأقل فضل أنهما يحاولان إطلاق مسار سياسي وإيجاد حل للمستقبل في سوريا. فهما على قناعة بأنه لا يمكن أن تنتهي الحرب في سوريا ويعاد إعمارها من دون مسار سياسي انتقالي. أما الجانب التركي فالمهم له ألا يكون الأكراد على حدوده، وأيضاً أن تساعده أوروبا، وأهم بلدين فيها ألمانيا وفرنسا، على تحمل عبء اللاجئين السوريين في تركيا وأيضاً التقارب مع الاتحاد الأوروبي. فتركيا تطمح الى الانتماء الى الاتحاد الأوروبي، لكن من المستبعد أن يحصل أردوغان على مثل هذه الهدية التي يطمح إليها منذ سنوات.

ماكرون وميركل سيكسبان فضل المحاولة، ولو أنهما لن ينجحا. فعلى الأقل لبوتين مصالح اقتصادية كبرى مع ألمانيا وقد يستمع إلى مركل وماكرون، لكن الاستماع لن يتحول الى اقتناع لأن الأوضاع في المنطقة، وحتى في العالم، تعمل لمصلحته، خصوصاً مع وجود شخصية مثل دونالد ترامب على رأس الولايات المتحدة.

هل يستخدم أردوغان ملف سوريا للتقارب مع أوروبا؟

لا يتوقع أحد أن تكون هناك نتائج مثيرة في القمة الرباعية المقررة في اسطنبول حول سوريا، حيث يستضيف الرئيس التركي أردوغان قادة فرنسا وألمانيا إلى جانب الرئيس الروسي بوتين، إلا أنها تشكل فرصة لانفراجة بين أنقرة وأوروبا.

يعتقد خبراء مطلعين أن القمة لن تخرج بنتائج حاسمة فيما يخص الحرب في سوريا، لكنها تشكل فرصة طيبة لأردوغان لعرض نفسه كشريك لا يمكن الاستغناء عنه في المهمات الصعبة بالنسبة لأوروبا ولذا فالتقارب بين انقرة وعواصم أوروبية يشكل الهدف الواقعي للقمة بالنسبة لتركيا.

وكان أردوغان أعلن في الصيف أنه يعتزم عقد قمة رباعية في أوائل أيلول/سبتمبر لكنها لم تلتئم واجتمع مسؤولون من الدول الأربع في اسطنبول في 14 أيلول/سبتمبر للتحضير للقمة. وأكد انذاك كل من الكرملين وقصر الاليزيه ومكتب المستشارة ميركل حضور قمة 27 تشرين الأول/أكتوبر في اسطنبول.