هجوم المنيا.. هل نجحت مصر في مكافحة الارهاب؟

هجوم المنيا.. هل نجحت مصر في مكافحة الارهاب؟
السبت ٠٣ نوفمبر ٢٠١٨ - ١٢:٠٥ بتوقيت غرينتش

تعرضت مجموعة من الأقباط في جنوب مصر، الجمعة، لهجوم يعد الثاني من نوعه منذ مطلع العام الجاري، رغم اعلان السلطات الأمنية نجاحهم في عملية مكافحة الارهاب فيما يسود الغضب مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تجاهل التلفزيون الرسمي، وجميع الفضائيات المصرية الخاصة، تغطية الحادث أو نقل تفاصيل عنه.

العالمتقارير

فی هجوم على المواطنين الأقباط في المنيا حوالى 250 كلم جنوب القاهرة يوم أمس (الثاني من نوفمبر) یعد الثانی من نوعه منذ مطلع العام الجاري، قتل سبعة أشخاص على الأقل وأصيب 17 آخرون حسب ما أفاد الأسقف العام للمحافظة.

وأوضح الأسقف مكاريوس أن مسلحين هاجموا الحافلة التي كانت قادمة من محافظة سوهاج في طريقها إلى دير الأنبا صموئيل بالمنيا جنوب مصر.

كما أكد محافظ المنيا، اللواء قاسم حسين الهجوم قائلاَ إن مجهولين هاجموا الحافلة أثناء عودتها من دير الأنبا صموئيل، مما أسفر عن مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين.

وفي وقتٍ لاحق، أعلن المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية، القس بولس حليم، أسماء الضحايا السبعة للحادث، من بينهم 6 من أسرة واحدة.

«داعش» یتبنی مسئولیة الهجوم

تبنى تنظيم "داعش" الإرهابي مسؤولية هجوم المنيا المسلح الذي استهدف الأقباط في جنوب مصر في بيان نشرته عبر وكالة أعماق التابعة للتنظيم ورد فيه أن "منفذي الكمين الذي استهدف زوارا نصارى على طريق دير الأنبا صموئيل في المنيا هم من مقاتلي التنظيم (داعش)".

وتنشط في شمال مصر تنظيمات إرهابية منها جماعة "أنصار بيت المقدس" وقد غيرت اسمها رسميًا إلى ولاية سيناء منذ إعلانها مبايعة تنظيم داعش الإرهابي أواخر 2014.

ردود الأفعال على حادث المنيا

اكتفى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنعي ضحايا هجوم منيا الإرهابي وقال: "أنعى ببالغ الحزن الذين سقطوا اليوم بأيادٍ غادرة تسعى للنيل من نسيج الوطن المتماسك.

وكتب السيسي على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "أتمنى الشفاء العاجل للمصابين، وأؤكد عزمنا على مواصلة جهودنا لمكافحة الإرهاب الأسود وملاحقة الجناة".

وأضاف السيسي أن الحادث لن ينال من إرادة أمتنا في استمرار معركتها للبقاء والبناء، بحسب قوله. ووجه كلا من القوات المسلحة ووزارة الداخلية بالوصول إلى الجناة مرتكبي الحادث.

وشددت وزارة الداخلية المصرية الإجراءات الأمنية حول الكنائس والأديرة.

بدوره، أصدر النائب العام المصري، المستشار نبيل أحمد صادق، قرارات عاجلة بشأن الحادث، وقرر فتح تحقيقات موسعة، كما أصدر توجيهاته بانتقال فريق من أعضاء نيابة شمال المنيا الكلية، وكذلك فريق من أعضاء نيابة أمن الدولة العليا إلى موقع الحادث؛ لإجراء المعاينة اللازمة للوقوف على أسباب وكيفية وقوع الحادث.

وسادت حالة من الغضب الشديد على مواقع التواصل الاجتماعي، نتيجة تجاهل التلفزيون الرسمي، وجميع الفضائيات الخاصة، تغطية الحادث أو نقل تفاصيل عنه، واستمرارها في بث الأخبار المتعلقة بـ"منتدى شباب العالم" الذي تبدأ فعالياته اعتباراً من الیوم، وتستمر لمدة 4 أيام، في مدينة شرم الشيخ، تحت رعاية السيسي.

الأزهر

كما أدانت مؤسسة الأزهر هجوم المنيا الإرهابي مؤكدا في بيان أن "مرتكبي هذا العمل الإرهابي الجبان مجرمون تجردوا من أدنى معاني الإنسانية، وهم بعيدون كل البعد عن تعاليم الأديان التي تدعو إلى التعايش والسلام ونبذ العنف والكراهية والإرهاب، وتجرم قتل الأبرياء والآمنين".

من جهتها أدانت جامعة الدول العربية الهجوم وقال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط في بيان إنه يدين "بأشد العبارات العملية الإرهابية" التي ارتكبتها "قوى ظلامية تسعى لنشر فكر التطرف والتشدد والإرهاب والتأثير على أمن واستقرار الدولة المصرية".

وكذلك أدان رئيس البرلمان العربي، مشعل بن فهم السلمي، بشدة الحادث الإرهابي "الجبان" وعبر عن دعم البرلمان العربي وتضامنه الكامل مع مصر رئيسًا وحكومة وبرلمانًا وشعبًا في حربها ضد قوى الإرهاب والتطرف البغيض، وفي كل ما تقوم به من خطط وإجراءات للتصدي للجماعات الإرهابية المتطرفة التي تستهدف قوات الأمن والأبرياء من أبناء الشعب المصري.

كما أدان المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، طلعت فهمي، حادث دير الأنبا صموئيل بمحافظة المنيا قائلا إنه "جريمة نكراء ندينها، وعلى عسكر الانقلاب وأجهزة الأمن التي تفرغت لاعتقال الأبرياء من أبناء مصر؛ نساء وشبابا ورجالا، القيام بمهمتها الأساسية لحماية المواطنين من هذه الجرائم.

الهجمات على الأقباط في مصر

تشير تقديرات إلى أن عدد المسيحيين في مصر يصل إلى 10 في المئة من إجمالي عدد سكان البلاد، الذي يزيد على 90 مليون نسمة.

وعلى مدار الأعوام الثلاثة تعرض الأقباط لاعتداءات دامية، أوقعت أكثر من مئة قتيل وعشرات المصابين، تبنتها تنظيمات مسلحة عدة.

هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها الأقباط في مصر لهجمات حيث أدى هجوم مماثل في محافظة المنيا في مايو 2017 الى مقتل 29 قبطيا في تفجير داخل كنيسة ملاصقة لبطريركية الأقباط الأرثوذكس في قلب القاهرة بينهم عدد كبير من الأطفال بحسب ما أفاد مسؤولون أمنيون مصريون.

وتلاه هجوم في نيسان/أبريل من العام نفسه، راح ضحيته 45 شخصا في هجومين استهدفا كنيستين في طنطا (دلتا النيل) وفي الإسكندرية (شمال) أثناء احتفال الأقباط بأحد الشعانين.

وتعرض الأقباط على مدار العقود الماضية لأحداث عنف وهجمات، استهدفت أشخاصا وممتلكات وكنائس، لأسباب مختلفة بعضها عقائدي والآخر جراء خلافات حول بناء الكنائس ومعاملات تجارية وكذلك علاقات عاطفية مع مسلمين.

ماذا يقول الخبراء 

واعتبر الخبير في شؤون الجماعات المسلحة، ماهر فرغلي، الهجوم الإرهابي محاولة من ذيول مجموعات هشام عشماوي زعيم تنظيم "المرابطون" للعودة إلى المشهد، بعدما تلقوا ضربة قوية باعتقال قائد جماعة المرابطين في مدينة درنة الليبية.

وقال فرغلي: "يريدون أن يبعثوا رسالة مفادها أن مجموعة هشام عشماوي لا تزال قادرة على العمل".

وعشماوي الضابط السابق بالجيش المصري، كان يسعى لتشكيل ما أطلق عليه "الجيش المصري الحر" التابع لتنظيم القاعدة في درنة، بهدف نقله إلى الأراضي المصرية، وفق مصادر عسكرية ليبية، قبل أن يتلقى تنظيمه ضربة موجعة أسفرت عن اعتقاله ومقتل أبرز مساعديه.

وفي ذات السياق، أشار الكاتب كمال زاخر إلى أن الهجوم يأتي بعد إعلان المتحدث باسم القوات المسلحة عن نجاحات في استهداف مجموعات إرهابية في صحراء مصر الغربية وسيناء.

وقال زاخر: تريد الجماعات الإرهابية أن تنفي موتها وتتحدى السلطات.

وأما الباحث في مركز الاهرام الاستراتيجي عاطف سعداوي قال ان بعض دول المنطقة يقوم بالدعم اللوجيستي المتواصل لهذه المجموعات المتطرفة بهدف إحداث حالة من عدم الاستقرار الأمني في مصر.

ويقول سعداوي: لم يعد العمل الإرهابي ناجما عن إيديولوجيا متطرفة وحسب، بل أصبح من صنع دول بتخطيط وبإمكانيات حديثة.

عملية «سینا 2018»

وبدأ الجيش المصري العملية العسكرية الشاملة "سيناء 2018" في 9 شباط/ فبراير الماضي في مناطق من شمال، ووسط سيناء، وبعض مناطق غرب وادي النيل، للقضاء على الإرهاب.

وتدعي السلطات المصرية أنها حققت أهدافها ونجاحات كبيرة ولكن تشهد مصر بين حين وآخر هجمات تستهدف المواطنين المصريين وعلى مر السنوات التي أعقبت ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، تحولت منطقة شمال سيناء إلى واحدة من أخطر معاقل الإرهاب في الشرق الأوسط، خاصة وأن اتفاق كامب ديفيد بين مصر و"إسرائيل" كانت تمنع القوات المسلحة المصرية من الانتشار في هذه البقعة الصحراوية الوعرة، وهو ما سهل للإرهابيين تأسيس بنية تحتية قوية، وتخزين كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، وتجنيد عناصر محلية متطرفة.

وقُتل أفراد الجيش والشرطة في هجمات، أعلن مسلحون تابعون لتنظيم "داعش" مسؤوليتهم عن كثير منها.

كما تشن قوات الجيش والشرطة حملة عسكرية واسعة في سيناء. وتقول السلطات إنها أسفرت عن مقتل مئات المسلحين.

ويرى اللواء جمال مظلوم، الخبير العسكري أن دحر الإرهاب في سيناء، يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار في مصر والشرق الأوسط، ويقول: "بالنسبة لمصر هذا يدعم الاستقرار داخل البلد، كانت هناك ظروف مختلفة قبل 4 أو 5 سنوات تقريباً، أدت إلى وجود هذه الأعداد من الإرهابيين في سيناء ومحاولتهم لتهديد عمق مصر بصفة عامة".

في الوقت ذاته الذي يعلن عن انتصار عسكري على المسلحين، يتساءل بعض المثقفين والكتاب المصريين عن مدى اهتمام الدولة المصرية بالحرب على الإرهاب كفكر يوجد في الكتب وعلى الإنترنت، وهو ما يمكن أن يحول المتشددين العزل المتواجدين داخل المجتمع المصري، إلى مسلحين وينتج جيلاً جديداً من الإرهابيين.

ويقول مصطفى حمزة، مدير مركز دراسات الإسلام السياسي إن "تحقيق القدر الأكبر من أهداف العملية الشاملة، والذي يتجلى من خلال البيانات العسكرية، يشير إلى قطع شوط كبير جداً في مواجهة الإرهاب على الأرض، فسيناء كانت بؤرة كبيرة قبل هذه العملية، ولكنها تقلصت منذ انطلاق (سيناء 2018) في شباط الماضي، أي أنه خلال ما يناهز 9 أو 10 شهور، تم القضاء على ما يقرب من 90% من القوة التي تمتلكها الجماعات الإرهابية في شمال سيناء".

ولاحظ مراقبون تراجع العمليات الإرهابية في مصر منذ ان بدأت القوات المصرية عملية عسكرية شاملة، نجحت في القضاء على أخطر العناصر التكفيرية بالإضافة إلى قيادات تنظيم ما يُعرف باسم “ولاية سيناء” المبايع لتنظيم “داعش”، على رأسهم أبو جعفر المقدسي، وناصر أبو زقول، وأبو أنس اﻷنصاري، وأبو دعاء اﻷنصاري، وأحمد النشو المكني بـ”غندر المصري”.

ولكن يبدو ان القضاء على الارهاببين في سيناء لم يتحقق بشكل كامل كما تطلع اليه السلطات المصرية حيث نلاحظ تحرك الارهابيين ووقوع هجمات دامية في مصر بين حين وآخر وهذا يعني أن خطر الارهاب مازال يهدد المواطنيين المصريين.