ممارسات ابن سلمان لاحتواء تداعيات اغتيال خاشقجي

ممارسات ابن سلمان لاحتواء تداعيات اغتيال خاشقجي
الأربعاء ٠٧ نوفمبر ٢٠١٨ - ١١:٣٧ بتوقيت غرينتش

جريمة اغتيال الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي بطريقة وحشية على يد فريق قتل سعودي داخل قنصلية بلاده باسطنبول، وضعت ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مأزق خطير وأصبح وضعه صعبا جدا بعد كذب وتزييف بشأن مصير الضحية لمدة 20 يوما، حيث تراجعت حظوظ الأمير الشاب بين أبناء جيله في العائلة الحاكمة لاعتلاء العرش بسبب مسؤوليته المباشرة عن الجريمة.

العالم- السعودية

ورغم ان كل شيء في السعودية هو في قبضة السلطات بما فيها وسائل الاعلام، الا ان تداعيات قتل خاشقجي احبطت كل محاولة في مسح الدماء من على وجه الامير بن سلمان خاصة في ظل الضغوط الدولية المتزايدة على نظام آل سعود للكشف عن حقيقة الجريمة البشعة التي انكرها سابقا وادعى انها بعيدة عن سلوك "الدولة السعودية".

وفي ظل التطورات المتسارعة على الساحة السعودية والضغوط الدولية تعرضت لها الرياض على خلفية اغتيال خاشقجي، اضطر الامير الشاب لإطلاق سراح عدد من الامراء السعوديين الذين اعتقلهم قبل عام بتهمة الفساد وتم ايداعهم واحتجازهم في فندق ريتز كارلتون بالعاصمة الرياض.

فالبداية كانت مع الامير خالد بن طلال عبد العزيز، ابن شقيق الملك سلمان، الذي كان من ضمن كبار الأمراء الذين عارضوا خطط وإصلاحات بن سلمان في المملكة، وجاء الافراج عن ابن شقيق الملك سلمان بناء على طلب الأمير أحمد بن عبد العزيز قبل عودته من لندن الى الرياض خلال الأيام الماضية، وهو مطلب غربي كذلك.

الافراج عن الامير خالد لامتصاص الغضب العائلي

وكان خالد بن طلال عضوا في هيئة البيعة يمثل أباه طلال بن عبد العزيز بعد مرض الأخير. ورفض خالد الطريقة التي تمت بها تنحية ولي العهد السابق محمد بن نايف، وقدم استقالته من هيئة البيعة. ولم يتجرأ محمد بن سلمان على اعتقاله وقتها لاسيما وأنه لم يكن قد قام بتغييرات في مختلف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية.

وفي أعقاب الاعتقالات التي نفذها ولي العهد ضد أمراء كبار وعدد من رجال الأعمال ووزراء وضباط الجيش، كان خالد بن طلال الوحيد الذي رفع صوته ضد محمد بن سلمان رغم الصداقة القوية بينهما. وقال الأمير خالد لولي العهد: "إذا كان من اعتقلوا في ريتز كارلتون متورطين في اختلاسات مالية يجب عليك إحالتهم على القضاء وإدخال الأموال المصادرة لبيت مال المسلمين بكل شفافية".

هذا التحدي أغضب ولي العهد، وقام باعتقال خالد مباشرة، كما قام بإرسال أحد أبناء خالد وهو جندي الى الخطوط الأولى في العدوان على اليمن.

ظهور الامير المختفي منذ اكثر من عام

ولم يقتصر الامر على الامير خالد بن طلال حيث نشرت حسابات مقربة من الأسرة الحاكمة في السعودية صورا وفيديو تظهر الأمير عبد العزيز بن فهد، بعد فترة اختفاء دامت أكثر من عام.

الصور والفيديو، التي تداولها بعض الأمراء، تظهر عبد العزيز بن فهد إلى جانب أخويه سلطان ومحمد، إلى جانب بعض أبنائهم. وفي فيديو آخر، يظهر عبد العزيز بن فهد إلى جانب طفلتيه لطيفة والجوهرة وهو يقوم بمداعبتهما.

ويعتقد مراقبون ان الهدف من نشر هذه الصور هو الإيحاء بأن الأمير محمد بن سلمان أفرج عن بعض امراء الاسرة الحاكمة في محاولة للتأكيد على تماسك الاسرة، واشاروا الى انها قد تكون مقدمة للافراج عن امراء ورجال اعمال آخرين معتقلين مثل الأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز، امير الرياض السابق، وكذلك رجل الاعمال المعروف محمد حسين العامودي.

وشاعت أنباء عديدة عن مصير عبد العزيز بن فهد، بعد اختفائه منذ أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، عقب انتقادات حادة وجهها للسلطة، وللحكومة الإماراتية.

وكان آخر ظهور علني للأمير عبد العزيز خلال أدائه فريضة الحج العام الماضي، ولقائه مع عمه الملك سلمان في مكة المكرمة، وذلك في شهر أيلول/ سبتمبر من العام الماضي. 

زيارة ولي العهد السعودي لجرحى تحالف العدوان

وعلى مايبدو ان النظام السعودي يرى ان كسب ود العائلة الحاكمة ليس كافيا وهو يحتاج الان إلى دعم شعبي، كما ان الامير محمد بن سلمان ربّما يحتاج ايضا إلى تكذيبٍ لما ينقله معارضون عن قلقه، ورفع مستوى احتياطاته.

ومن هنا يظهر الامير بشكل علني مُتوالٍ ومتواصلٍ، وهو ما قام به بالفِعل، حيث دشن عدة مشروعات ضخمة للأبحاث النووية، وزار جنود العدوان والمصابين منهم، بل أثنى الأمير الشاب على أحد الجرحى حين التقط معه مقطع فيديو، وقال أنّه يُقدِّم أكبر مليون مرّة من الدور الذي أقوم به أنا.

يبدو أنّ الملك سلمان أيضاً هو الآخر يسير على خطى لملمة تداعيات مقتل خاشقجي على يد ابنه ولذلك يحل خلال جولة داخلية لأول مرة منذ تولّيه العرش العام 2015، ضيفاً على عدة محافظات منها القصيم، وحائل غربي الرياض، كما أعلنت وسائل محلية أن  الملك سيُدشن مشاريع، في مجالي التعليم والبُنية الأساسيّة.

ومن هنا تشير جميع الدلالات ان تصفية خاشقجي التي تمت بطريقة غبيّة جدا، تُعرّض ابن سلمان الى المزيد من الضغوط للتنحي طواعية عن ولاية العهد وعدم تمسكه بها لاعتلاء العرش. الا ان حساب "العهد الجديد" الشهير بتسريباته السياسية من داخل الديوان الملكي السعودي، قال إن ولي العهد متمسك بالحكم ولن يتنازل عنه مهما حدث حتى لو قام بتقطيع الشعب كله، كما فعل مع الصحفي المغدور جمال خاشقجي. فهل الامير الشاب بقراره الافراج عن المحتجزين من الامراء يلغي خيار "الصراع" على العرش؟.

*العالم