مقاطعة الانتخابات.. أكبر إجماع وطني في البحرين

مقاطعة الانتخابات.. أكبر إجماع وطني في البحرين
الجمعة ٢٣ نوفمبر ٢٠١٨ - ١١:٤١ بتوقيت غرينتش

في ظل آخر تحضيرات النظام البحريني لإجراء انتخابات برلمانية وصفتها المعارضة بـ"مجرد واجهة تجميلية لسلطة ديكتاتورية"، سجل البحرين "أكبر إجماع وطني في تاريخها على مقاطعة الانتخابات".

العالمتقاریر

قال رئيس المركز الإعلامي بجمعية الوفاق الوطني المعارضة طاهر الموسوي، "إن جميع جمعيات المعارضة وجميع القوى والتجمعات المهنية مقاطعة للانتخابات"، واصفاً إياها بـ "أكبر إجماع وطني في البحرين على المقاطعة".

أسباب مقاطعة الانتخابات

اتّخذت المعارضة البحرينية قرارها بمقاطعة الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في يوم السبت 24 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، انطلاقاً من اعتبارها بأن هيكليات السلطة، بما في ذلك البرلمان والآلية الانتخابية، هي التي تقع في صلب الخلافات السياسية التي تعاني منها البلاد منذ وقت طويل.

وقد سعت التيارات المعارضة طيلة عقود إلى فرض ضوابط على سلطة النظام الملَكي وانتزاع مزيد من الصلاحيات للنوّاب المنتخبين. أما الحكومة من جهتها فتأمل بأن تتمكّن، من خلال توفير مساحة حيث يستطيع النواب المنتخَبون التأثير في التشريع، من احتواء المطالبات بتغيير سياسي أكثر جذرية. بيد أن تركيبة البرلمان الحالية تفتقر إلى المصداقية لدى شريحة واسعة من السكان - لا بل على الأرجح أكثريتهم. ولذلك غالب الظن أن الانتخابات المقبلة ستثير مزيداً من الاحتجاجات المعارِضة بدلاً من أن تشكّل وسيلة لتوجيه الحراك المعارِض واحتوائه.

لقد جرّبت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية التي تُعتبَر الحركة المعارضة الأبرز في البلاد، والعديد من المجموعات المعارِضة الأخرى، مقاطعة الانتخابات التشريعية في العام 2002، ثم جرّبت أيضاً المشاركة فيها في العامَين 2006 و2010. لكن كلا المقاربتين لم تساهما في تحقيق تغيير سياسي أساسي، مقارنةً بالآثار الأكثر دراماتيكية للتوريث السياسي في العام 1999 أو الانتفاضة الجماهيرية في العام 2011. تسعى مجموعات المعارضة البحرينية خلف شيء مختلف يمكن أن يؤدّي من جديد إلى تغيير قواعد اللعبة وإنهاء المأزق السياسي.

وعن أسباب مقاطعة الانتخابات تحدث النائب السابق عن كتلة الوفاق النيابية، علي الأسود، عن "25 سبباً تدفع المعارضة إلى الامتناع عن المشاركة، وأبرزها غياب دستور تعاقدي، ووجود نظام انتخابي غير عادل لا يحقق المساواة بين المواطنين، واعتماد منهج التمييز في الدوائر، وكون السلطة التشريعية منقوصة الصلاحيات، وتفعيل المحاكم العسكرية في محاكمة المدنيين، وانحياز السلطة القضائية، وغياب الإرادة الشعبية في تشكيل الحكومة"، مشيراً إلى أن "السلطات قتلت نحو 200 مواطن منذ عام 2011 بفعل التعذيب الممنهج في السجون، أو خلال قمع المسيرات، بالإضافة إلى الإعدامات".

علماء البحرين يقاطعون الانتخابات

بدورهم، حذر علماء البحرين من أن المشاركة في هذه الانتخابات بجميع أشكالها هي من التعاون على الإثم وإعانة الظالم على الظّلم وذلك من أشد المحرّمات في الشَّريعة الإسلامية.

وأكد العلماء في بيان أصدروه يوم الخميس 22 نوفمبر/تشرين الثاني على دعهم ووقوفهم صفًا واحدًا مع جميع الفعاليات السّلمية المقامة مِن كلّ أطراف المعارضة.

وجاء في البيان: نؤكد على عدم الخضوع للابتزاز والتهديد والإغراء والإرهاب الذي تمارسه السلطة في ممارسه بائسة تناقض كل مزاعم الديمقراطية وحرية الناس في ابداء الرأي، وعلينا تذكر قول الله عز وجل: (فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين).

الانتخابات البحرينية من منظار دولي

واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش إن الانتخابات البرلمانية البحرينية، ستجرى في بيئة سياسية قمعية لن تفضي إلى انتخابات حرة.

وقالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، لما فقيه، إن "البحرين لا توفر الظروف اللازمة لإجراء انتخابات حُرة، من خلال سجنها أو إسكاتها للأشخاص الذين يعارضون الأسرة الحاكمة، وفرضها لحظر على جميع أحزاب المعارضة ووسائل الإعلام المستقلة.. على البحرين إطلاق سراح المعتقلين السياسيين على الفور، ومراجعة قراراتها بشأن إغلاق وسائل الإعلام المستقلة وحل الجمعيات السياسية المعارضة".

إسكات الاصوات المعارضة قبل الانتخابات

وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش ان اعتقال النائب السابق علي العشيري بسبب تغريدة له بشأن مقاطعة الانتخابات، هو أحدث مثال على قمع المعارضة السلمية.

وأشارت أيضاً الی إلغاء محكمة الاستئناف العليا البحرينية تبرئة القيادي في المعارضة الشيخ علي سلمان، والحكم عليه بالمؤبد، كنموذج أخر لقمع المعارضة السلمية.

الانتخابات في الجزيرة "الخرساء"

وبعد اعلانه مقاطعة الانتخابات، اعتبر نائب الأمين العام لجمعية الوفاق، حسين الديهي، أن البحرين أضحت "جزيرة خرساء ممنوعاً فيها العمل السياسي، والتعبير عن الرأي المعارض، والعمل الحقوقي، والاحتجاج السلمي".

ويأتي إعلان الوفاق في وقت تزداد فيه القناعة الشعبية بصُورية الانتخابات، ولا سيما بعدما أقرّ البرلمان البحريني مطلع العام الحالي منع أعضاء جمعيات المعارضة المنحلّة من الترشّح، وذلك في أحدث خطوة ضمن حملة تستهدف المعارضة قبيل الاقتراع، الاستحقاق الذي ينصّ عليه الدستور، وهو دستور 2002 عينه الذي يكفل الحريات، بدءاً من حرية التعبير إلى الحق في تأسيس الجمعيات السياسية والمشاركة في الحكم.

وخفقت السلطات البحرينية حتى الساعة في ضمان أي إقبال جدي على الانتخابات، على رغم كثرة الأبواق المُطبِّلة للعائلة الحاكمة، والتي لم يبقَ على الساحة الإعلامية غيرها بفعل حلّ صحيفة "الوسط"، الصحيفة المستقلة الوحيدة في البلاد، بالإضافة إلى الزجّ بكل من يجرؤ على انتقاد السلطات إما خلف القضبان أو في دوامة انعدام المواطنة بفعل سحب الجنسية.

نسبة المشاركة في ظل أكبر مقاطعة

وليست الانتخابات المقبلة هي الأولى التي تقاطعها جمعية الوفاق وغيرها من الجمعيات المعارضة، إذ كانت أربع جمعيات معارضة (الوفاق، وعد، القومي، الإخاء) أعلنت مقاطعتها للانتخابات النيابية والبلدية عام 2014، واصفة إياها بأنها "بلا جدوى"، علماً بأن اثنتين من تلك الجمعيات (وعد والوفاق) صدر بحقهما قرار الحلّ العام الماضي.

والجديد هذا العام أن جزءاً كبيراً من الشارع البحريني يتّجه، بدوره، نحو مقاطعة الانتخابات، مدفوعاً بالسخط على تدهور الأوضاع المعيشية بفعل الأزمة الاقتصادية العاصفة بالبلاد، وفرض ضريبة القيمة المضافة، إلى جانب غلاء السلع الاستهلاكية، ورفع أسعار المحروقات، بالإضافة إلى انعدام فرص العمل نتيجة التجنيس السياسي الذي أخذ مأخذه من حصة المواطن البحريني الأصيل من موارد بلاده، ما أفقد الشارع عامة الحافزية للمشاركة في انتخابات لن تفيده في شيء.

وأكد المتحدث باسم العريضة الشعبية في البحرين (تطالب بمجلس وطني تأسيسي لكتابة دستور جديد للبلاد، بالتزامن مع انتخابات 2018) حسن قنبر، في حديث لقناة العالم ان نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية والبلدية البحرينية سوف لن تتجاوز الـ10 % .

هذا الأمر أكّدته جمعية الوفاق في مؤتمرها الصحفي، مشيرة بعد دراسة واستقراء إلى أن من المتوقع أن تراوح نسبة المشاركة ما بين 27% و32% فقط، فيما ستصل في بعض الدوائر إلى 3%، موضحة أن "النسب قد تصل إلى هذا المستوى من خلال دفع العسكريين وإجبارهم وإلزام عدد من الموظفين، وكذلك من خلال توظيف المال الانتخابي والتخويف والترهيب".