تونس والجزائر ومصر وموريتانيا.. لا أهلا ولا سهلا بـ"أبي منشار"

الأحد ٢٥ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٧:٤٦ بتوقيت غرينتش

فيما يعتزم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، استكمال جولته الخارجية التي بدأها الخميس الماضي من الإمارات، تعلو الأصوات الشعبية والنقابية الرافضة إحتجاجاً على هذه الجولة في مصر وتونس، والجزائر وموريتانيا على خلفية إستقباله في بلدانهم، كمحاولة لتلميع صورته كقاتل للصحافي السعودي جمال خاشقجي وكمجرم العدوان على اليمن.

العالم - السعودية

جولة ابن سلمان.. بقرار منْ جاءت؟

واعتبر الباحث في العلاقات الدولية رياض عيد، ان الغاية من جولة بن سلمان الاقليمية وبعدها المشاركة في اجتماع قمة العشرين في الارجنتين، هي الالتفاف على موضوع مقتل خاشقجي وتبرئة نفسه، في ظل الدعم الاميركي له، وليس هناك اي اتهام مباشر الا من تركيا.

وقال عيد في حوار مع قناة العالم عبر برنامج "مع الحدث": ان هدف جولة ابن سلمان الى البحرين والامارات ومصر وتونس والجزائر، هي من اجل تبييض صورته واظهار انه باق في منصبه ازاء الحملة العالمية التركية لازاحته عن ولاية العهد كي لا يصبح ملكاً للسعودية مستقبلاً.

واوضح عيد، ان زيارات ابن سلمان الاقليمية جاءت بقرار ملكي واميركي اسرائيلي، مشيراً الى ان هناك معلومات تقول ان العدوان الاخير على قطاع غزة كان الغاية منها ان ابن سلمان طلب من القادة الاسرائيليين بان يقيموا حرباً على غزة لصرف الانظار عن موضوع مقتل خاشقجي.

واكد عيد، ان هناك ثلاثة لهم مصلحة من هذه الزيارات، الاول الملك السعودي الذي يريد تبييض صفحة ولي عهده، اضافة الى موقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي يعتبر ان ابن سلمان شخص اساس بالنسبة للاقتصاد الاميركي، اما الثالث فهي "اسرائيل" التي كانت تنتظر 50 عاماً حتى اتاها هكذا رجل فكيف يمكن ان تضحي به وهو رقم اساس لصفقة القرن.

التونسيون غاضبون من بن سلمان

وفي تونس أثارت الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي، في 27 نوفمبر الجاري، ردود أفعال غاضبة في صفوف التونسيين، الذين عبّروا عن رفضهم لـ"تدنيس" تراب بلادهم.

ورغم تباين الروايات بخصوص الجهة الواقفة وراء الزيارة التي تأتي في وقت حساس تمرّ به البلاد، فإن التونسيين يكادون يُجمعون على رفضهم استقبال "أحد أبرز المتورّطين في جرائم ضدّ الإنسانية" داخل السعودية وخارجها.

وقالت تقارير إعلامية محلية إن زيارة بن سلمان المرتقبة تأتي بدعوة من الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، في وقت أكّدت فيه تقارير أخرى نقلاً عن مصادر بوزارة الخارجية التونسية ورئاسة الجمهورية أنها بطلب بن سلمان.

وذكرت المصادر أنها تأتي تزامناً مع جولة سيُجريها ولي عهد السعودية في المنطقة، قبل سفره إلى الأرجنتين للمشاركة في قمة العشرين، التي ستُعقد في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيريس، يومي 30 من نوفمبر و1 ديسمبر 2018.

بطلب من بن سلمان..

الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية، سعيدة قراش، أكّدت أن بن سلمان هو الذي طلب زيارة تونس في إطار هذه الجولة الدولية التي استهلّها بالإمارات، لينتقل بعدها إلى البحرين، فتونس ومصر، وبعض أنباء غير أكيدة تتحدّث عن زيارة مرتقبة أيضاً إلى الجزائر وموريتانيا.

قرّاش جدّدت في تصريحات إعلامية، صباح الجمعة (23 نوفمبر الجاري)، التذكير بإدانة تونس لجريمة اغتيال خاشقجي في قنصليّة بلاده بإسطنبول، ومطالبتها بكشف ملابساتها، دون المسّ باستقرار السعودية.

وهذه الزيارة هي الأولى لولي العهد السعودي إلى تونس منذ تولّي والده، الملك سلمان بن عبد العزيز، السلطة في البلاد، وتعيينه وليّاً لولي العهد ومن ثمّ وليّاً للعهد.

وفجّرت الزيارة المرتقبة موجة كبيرة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتب البعض على وسائل التواصل الاجتماعي إنه "لا لزيارة أبو منشار إلى تونس"، في إشارة إلى حادثة تقطيع جثّة خاشقجي من قبل الطبيب الشرعي صلاح الطبيقي، داخل قنصليّة المملكة بإسطنبول، في 2 أكتوبر الماضي، بأوامر عليا.

نرفض تدنيس التراب التونسي

وفي تعليقه على الزيارة التي وصفها بـ"الفضيحة الكبرى"، أكّد النائب بالبرلمان التونسي، عماد الدايمي، أنه يرفض "تدنيس التراب التونسي من قبل قاتل متورّط في جريمة كبرى".

وأضاف الدايمي، وهو نائب عن حزب حراك تونس الإرادة (حزب الرئيس السابق منصف المرزوقي)، في تصريح خاص لـ"الخليج أونلاين": "إذا كان بن سلمان يبحث عن فكّ العزلة والعودة السلسة إلى المشهد الدولي لمسح آثار الجريمة النكراء التي أمر بها وأشرف عليها، فهذا أمر يعنيه، أما أن تكون تونس محطّة لفرض التطبيع معه فهذا أمر غبي ومُشين لنا كتونسيين".

http://media.alalam.ir/uploads/org/2018/11/25/154316690114791100.mp4

وتابع: "إن الزيارة ستكون فضيحة له شخصياً؛ لأنه سيسمع بشكل قوي موقف الشعب التونسي الرافض لزيارته، كما أنه سيسمع مواقفنا القوية كنواب بالبرلمان وسياسيين خارجه".

الدايمي شدّد على أن رفض الزيارة "لا يعني معاداة الشعب السعودي الصديق للشعب التونسي، والذي نكنّ له كل الاحترام والتقدير، ولكنه تعبير عن رفض أن تكون تونس محطة لتبييض إجرام شخص متورّط في جريمة بشعة سجلّها التاريخ".

كذلك، دعت “الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع والصهيونية” التونسيين إلى وقفة احتجاجية ضد زيارة بن سلمان، وعبّرت في منشوراتها عن رفضها لزيارة ولي العهد السعودي “قاتل الشعب اليمني والفلسطيني والسوري والليبي والمطبّع مع الكيان الصهيوني وخائن الأمة ومحارب الحريات والرأي الحر”.

موقف رسمي مخزٍ

الدايمي وصف الموقف الرسمي التونسي من الزيارة بـ"المخزي"، مشيراً إلى أنه "من الواضح أن تونس وقعت تحت الابتزاز والضغط، وهو موقف مُذلّ ولا يليق بشعب قام بثورة وبدولة ديمقراطية، كما أنه لا يليق بمناخ الحريات السائد في تونس".

وواصل قائلاً: "نعتقد جازمين أن السعودية هي التي تقدّمت بدعوى لزيارة بن سلمان بناء على طلب منه شخصياً، لكن الموافقة على قبولها فيها إضرار بصورة تونس ومصالحها، وبمبادئنا كدولة حرة ذات سيادة وقانون بعد ثورة 2011/2010، كما أنها مستفزّة للرأي العام الشعبي الرافض لاستقباله".

النائب بالبرلمان التونسي ختم حديثه بالقول: إن "الرئيس الباجي قائد السبسي، ربما لم يستطع من منطلق الخوف والطمع رفض الزيارة"، التي لا يُستبعد أن يكون الهدف منها إغاظة أحد مكوّنات التحالف الحاكم (في إشارة إلى حركة النهضة)، ورغبة السبسي في الاقتراب من حلف معيّن معادٍ له.

بدوره قال عضو المكتب التنفيذي بنقابة الصحفيين التونسيين، محمد اليوسفي، إن النقابة فوجئت بزيارة ولي العهد، "الذي يبدو أنه يبحث عن تبييض سجلّه الدموي، لا سيما بعد جريمة تصفية خاشقجي التي هزّت الضمير الإنساني في كل العالم".

وأكّد اليوسفي لـ"الخليج أونلاين" أن "نقابة الصحفيين تعتبر استقبال بن سلمان، الذي عرفت بلاده في عهده جرائم نكراء تمسّ حقوق الإنسان وجرائم حرب في اليمن، وفق ما تؤكّده تقارير دولية وحقوقية، مسيء للتجربة الديمقراطية ولقيم الثورة".

واستطرد: "لهذا رفعنا شعار لا أهلاً ولا سهلاً بمحمد بن سلمان، الذي يقبع العشرات من الصحفيين والمدوّنين ونشطاء حقوق الإنسان في سجونه".

الإعلامي التونسي قال إن النقابة ستوجّه رسالة استنكار واستهجان للرئيس السبسي على خلفيّة الزيارة، كما ستنسّق مع منظمات المجتمع المدني من أجل الاحتجاج والمطالبة بإطلاق سجناء الرأي في السعودية، ومحاسبة المتورّطين في جريمة اغتيال خاشقجي، والتي تُشير عديد المعطيات إلى إمكانية تورّط بن سلمان شخصياً فيها.

وختم قائلاً: "نرفض اصطفاف الدبلوماسية التونسية في لعبة المحاور الإقليمية إلى جانب المحور السعودي، وندعو إلى النأي بتونس عن التخندق في صف أنظمة قمعيّة استبدادية لا تحترم حرية التعبير والإعلام، ولها سجلّ مخزٍ".

لا اهلا و لا سهلا

واجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، موجة من الغضب والاحتجاج للنشطاء في تونس، مع اقتراب زيارة بن سلمان إلى البلاد، وسط عدم ترحيب من ناشطين وصحفيين.

وفي نفس السياق اكدت منظمات حقوقية وأحزاب سياسية في تونس رفضها القاطع لزيارة ولي العهد السعودي الى البلاد ودعت الى التظاهر ورفع دعوى قضائية رفضا لزيارة ممثل نظام اجرم بحق الشعب اليمني واغتال خاشقجي.

قطاع المحاماة تفاعل ايضا مع الموضوع و تعهد خمسون محاميا برفع دعوى قضائية لمنع ولي العهد السعودي من دخول الأراضي التونسي بأعتباره محل تحقيق دولي فاغتيال خاشقجي .

وفي اتصال مع الميادين قال عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين التونسيين محمد اليوسفي إنَّ النقابة ومختلف شركاء المجتمع المدني يعتزمون خوض تحركات أمام السفارة السعودية في تونس احتجاجاً على زيارة ابن سلمان.

بدوره، أكد الأمين العام المساعد للاتِّحاد العامّ التونسي للشغل محمد علي بوغديري أن فلسطين تبقى القضية الأم بالنسبة للشعب التونسي.

وفي مقابلة مع الميادين، شدَّد بوغديري على تواصل المطالبة بتجريم التطبيع.

من جهته، قال رئيس الهيئة الوطنية لمناهضة التطبيع والصهيونية ودعم المقاومة أحمد الكحلاوي إن السعودية تتحمل مسؤولية الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب اليمني والشعب السوري.

وأشار إلى أن الدور السعودي في المنطقة هو حرف البوصلة عن مخططات ومشاريع العدو الصهيوني.

كما اعتبر  الكحلاوي أن “زيارة ولي العهد السعودي إلى تونس يجب أن تكون فرصة لرفع المواجهة مع هذا النظام الوهابي”.

ويرى مراقبون ان جولة بن سلمان لعدد من الدول العربية محاولة لتبييض صورة المملكة التي طغا عليها سواد جرائم بشعة ارتكبت في حق الإنسانية .

الى ذلك اعربت نقابة الصحافيين التونسيين عن رفضها لجولة بن سلمان، معتبرة انها ترمي إلى “تبييض سجله الدامي، على خلفية تورطه في اغتيال خاشقجي”.

وأعربت النقابة في رسالة وجهتها الجمعة، إلى رئاسة بلادها ونشرتها عبر موقعها الرسمي، عن رفضها “القاطع” لزيارة مرتقبة، الثلاثاء، لولي العهد السعودي، إلى تونس.

وقالت النقابة في رسالتها، إن ابن سلمان “بدأ جولة الهدف منها تبييض سجله الدّامي، على خلفية تورطه ونظام الحكم ببلاده، في جرائم بشعة تمس حقوق الإنسان، لعلّ آخرها جريمة اغتيال خاشقجي”.

والجمعة، قرّرت مجموعة تضم 50 محاميا في تونس، رفع دعوى قضائية استعجالية لدى المحكمة، لمنع زيارة ابن سلمان إلى البلاد، على خلفية “تورطه في مقتل خاشقجي“، وفق المنسق العام للمجموعة نزار بوجلال، في تصريح للأناضول.

مواقف غير مرحبة بزيارة بن سلمان

وقد انخرطت قطاعات واسعة من المجتمع خاصة في صفحات التواصل الاجتماعي في حملة الرفض والتنديد، غير أن الرئاسة التونسية لم  تتفاعل معنا بل تصر على الترحيب بشخصية تمثل خطرا على الأمن القومي في تونس وفي المنطقة العربية والإسلامية".

الرأي العام في تونس عبر عن احتجاجه عبر هاشتاغات:#بن_منشار_يرجع_من_المطار و#لا_أهلا_ولا_سهلا، و#لا_لقاتل_خاشقجي_بتونس.

وقالت خولة الفرشيشي، الكاتبة والصحافية التونسية نبحث نحن جموع الصحافيين التونسيين تنظيم مظاهرة أمام المطار لرفض زيارة وليّ العهد، وسوف نرفع شعار: أبومنشار يروح من المطار.

وأشارت إلى أنهم ضد السماح بأن تكون تونس قبلة لتنظيف سُمعة وليّ العهد السعودي: «الذي قتل خاشقجي، فنحن قمنا بثورة ضد الكبت والظلم، ولن نتخاذل عن نصرة أي مظلوم في أي مكان خاصة في حالة مثل خاشقجي».

الناشط السياسي طارق الكحلاوي: بن سلمان شخصية مضطربة وخطيرة، ويجب التعامل معه على أنّه شخص مطلوب للعدالة ولا يمكن أن نرحّب به في تونس

وحسبما أجرى موقع مجلة «ميم» التونسية، المعنية بشؤون المرأة التونسية والعربية، استطلاعاً لآراء بعض المواطنين حول رأيهم في زيارة ولي العهد السعودي لبلادهم، ظهرت كل الآراء التي تضمنها التقرير رافضة للزيارة.

وتنوعت التعليقات بين: «إن كان يجيب معاه منشار ييجي مرحباً، إن ماعندوش منشار ميجيش، لازم يجيب منشاره عليش جاي تونس، جاي يكمل علينا؟».

وقالت إحدى المواطنات التونسيات لمجلة «ميم»: «كمواطنة تونسية، الأحسن مايجيش هو يستحق جائزة نوبل للغباء، احنا مايشرفناش».

وقال آخر: «هذا إنسان متعلقة به شبهات الجريمة، بلادنا عملنا ثورة على الظلم والاستبداد، ليه نستقبل بن سلمان، لكن يبدو أننا رجعنا للنظام القديم، فالحاكم الحالي في تونس يعمل اللي بيحبه».

وقالت تونسية أخرى: «أنا كتونسية مش قابلاه، غير مرغوب فيه، هو مجرم، لأنه قتل خاشقجي».

وقال مواطن تونسي آخر: «هذا إنسان مشبوه ، قتل صحافي، بطريقة وحشية، لا مرحباً به ولا النظام بتاعه، من المفروض نتضامن مع الصحافي خاشقجي لأسباب إنسانية، والسيد بن سلمان غير مرغوب فيه».

كانت مجموعة من المحامين قرَّروا رفع دعوى قضائية استعجالية لدى المحكمة، لمنع زيارة متوقعة الثلاثاء لوليّ العهد السعودي إلى البلاد.

وقال المنسق العام لمجموعة الخمسين محامياً، نزار بوجلال، إنهم قرروا رفع الدعوى الإثنين المقبل، إلى المحكمة الابتدائية بالعاصمة، لمنع زيارة بن سلمان إلى تونس.

واعتبر بوجلال أن بن سلمان تورَّط في شبهة مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ولفت إلى أنهم سيتخذون أساليب احتجاجية أخرى لمنع الزيارة مع مجموعة الخمسين صحافياً، قد تصل إلى تنظيم وقفة احتجاجية بمطار تونس قرطاج يوم وصول ولي العهد.

كما أعرب الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي عدم رغبة تونس الترحيب بزيارة بن سلمان إلى البلاد.

وقال الشابي للميادين نحن نرفض أن تكون تونس إحدى محطات جولة ولي العهد السعودي، معارضاً قرار الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي بدعوته لزيارة تونس.

كما لفت إلى أنه “يراد إعادة تأهيل ابن سلمان من خلال جولته على العديد من الدول العربية”.

وأضاف الشابي “لا أحد يجرؤ على تبرير زيارة ولي العهد السعودي إلى تونس وهناك صمت رسمي بشأنها”، مؤكداً أنه ستنظم وقفة احتجاجية تنديداً بهذه الزيارة.

ورأى الشابي أن “زيارة إبن سلمان إلى تونس ستتم لكن حتماً سيكون لها تداعيات على السلطة الرسمية”، مشيراً إلى أن “من يريد استقبال ابن سلمان سيدفع ثمن ما تبقى من شعبيته في الشارع التونسي”.

بدوره، أكد الأمين العام لحزب التيار الشعبي التونسي زهير حمدي للميادين أن الشعب التونسي موحد حول عدم الترحيب بإبن سلمان.

وقال إن “هناك دول إضافة إلى السعودية فرضت على تونس زيارة إبن سلمان”.

واعتبر أن “النظام السعودي هو ركن أساسي في حلف أعداء الأمة”، مشيراً إلى أنه “يبيد شعباً بأكمله في اليمن ويرتكب الجرائم وسط صمت عالمي”.

كما اعتبر أن “النظام السعودي خرج عن كل الحدود المعقولة وتونس لن تكون ملاذاً لغسل الإرهاب”، رافضاً أن تكون تونس “جزءاً من عملية تبييض صورة إبن سلمان”.

حمدي رأى أن “النظام السعودي يقود مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية والمضي في عملية التطبيع”، مشدداً “علاقاتنا الخارجية يجب أن تحترم قيم الثورة التونسية”.

بن سلمان والجزائر

بالرغم من عدم تأكيد السلطات الرسمية لزيارة ولي العهد السعودي إلى الجزائر مطلع شهر ديسمبر المقبل، إلا أن الإعلان عنها عبر وسائل الإعلام الخاصة، فجر جدلًا واسعًا على منصات مواقع التواصل الإجتماعي، التي تساءل ناشطوها عن توقيتها وكذا أهدافها وخلفياتها.

وتشهد الجزائر منذ ليلة الخميس وهو تاريخ الإفصاح عن جولة يقودها بن سلمان إلى منطقة شمال إفريقيا، ردود أفعال قوية ومواقف شعبية رافضة لزيارة ولي العهد السعودي، حيث تصدر الخبر أولى صفحات الجرائد الورقية، وحتى منصات مواقع التواصل الإجتماعي التي إشتعلت على وقع تعليقات ساخرة.

وكتب الصحافي الجزائري، محمد علال على صفحته على فايسبوك “خبر زيارة ولي العهد السعودي بن سلمان، إلى الجزائر، يصدم العشرات من الجزائريين، على الأقل من الذين التقيت بهم في الشارع والمقهى، أو من بين المتواجدين في صفحتي والذين أتابع آراءهم ومواقفهم دائما باهتمام “.

ومن جهته نفى القيادي في حركة النهضة الجزائرية، يوسف خبابة، أن تكون زيارة ولي العهد السعودي مجرد زيارة دبلوماسية روتينية، موضحا في تصريح لـ “رأي اليوم” “أنه وإذا تأكدت هذه الزيارة، فهي تأتي في ظروف استثنائية يمر بها النظام السعودي ولا سيما ولي العهد الذي تحوم حوله شكوك قوية في التورط في مقتل خاشقجي “.

ووصف القيادي في حركة النهضة، الزيارة بأنها تصب في خانة وخدمة ولي العهد السعودي ولا تخدم الجزائر إطلاقا، بالنظر للاتهامات التي يواجهها من المجتمع الدولي “.

ويعتقد المتحدث أن “ولي العهد السعودي يحاول تلميع صورته وتسويق شخصه في محاولة للخروج من قفص الاتهام تحضيرا للقاء مجموعة العشرين المزمع انعقاده في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بالأرجنتين، فهذه القمة التي ستكون حاسمة بالنسبة لمصير ولي العهد السعودي الذي يتعرض لإدانة دولية واسعة لم يشهد وان تعرض مسؤول سياسي لمثلها “.

وقد نفى المحلل السياسي الجزائري، عبد العالي رزاقي، أن تكون زيارة ولي العهد السعودي مجرد زيارة دبلوماسية روتينية، وقال في تصريح صحفي إن “قدوم سلمان المرتقب جاء بطلب منه ضمن ” خطة لتصحيح صورته “.

زيارة بن سلمان لا تخدم صورة بلدنا

فيما قال عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي في الجزائر)، السبت، إن الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي إلى بلاده خلال هذه المرحلة "لا تخدم صورتها عربيا ودوليا".

وكان مقري يرد على أسئلة للصحفيين حول موقفه من هذه الزيارة على هامش ندوة سياسية تحت عنوان "التطبيع والمد الصهيوني في العالم العربي" بمقر الحزب بالعاصمة.

وحسب مقري، فإن "استقبال ولي العهد السعودي في هذه المرحلة لا يخدم في الحقيقة صورة الجزائر على المستوى العالمي أو العربي هو استجاب لدونالد ترامب (الرئيس الأمريكي) بخفض أسعار البترول وهو يعلم أن هذا يضر بالجزائر" .

وتابع: "هو بهذه الزيارة ربما يسعى لطمأنة الجزائر، وربما يطمع في أن يجعلها جمهورية أرز (تعيش على المساعدات)، لكن نحن نثق في نخوة الجزائريين بانهم لن يقبلوا أن تتحول بلادهم إلى بلد طماع".

و قال مقري إن "جولة ولي العهد السعودي في المنطقة هدفها ستر نفسه".

وأوضح: "لقد وصل الحد اليوم في السعودية إلى القتل الجماعي في اليمن وسجن كل واحد يقول كلمة حتى ولو كانت لطيفة في حق ولي العهد هناك أعداد هائلة من المهددين والسجناء والقتلى وآخرها قضية (الصحي جمال) خاشقجي كما تعلمون".

وكتبت مديرة جريدة الفجر الجزائرية حدة حازم في منشور لها أن “بن سلمان جاء يوزع دم أطفال اليمن على الحكام ويورطهم في جرائمه، فهل سيرحب به رئيس الحكومة أحمد أويحيى”؟

في حين تساءل عدد من الناشطين ( سياسين وإعلاميين) عن خلفيات الزيارة وتداعياتها على المنطقة المغاربية التي لطالما عبرت حكوماتها وشعوبها عن رفضها لبعض الأحداث التي يشهدها الشرق الأوسط التي لعبت فيها السعودية أدوارًا بارزة.

بالمقابل تداول أحد رواد موقع فايسوك منشور جاء فيه “ولي العهد السعودي سيزور الجزائر يوم 6 ديسمبر، سوف ترون بعد الزيارة كيف يزداد قوة ويتحول من متهم إلى ضحية.. تذكروا لتفهمو الكعبة الخلفية”.

من جانبه، طالب أحد الناشطين على الفايسيوك من “الحكومة الجزائرية بمصارحة الشعب عن أسباب الزيارة الرسمية للعاهل السعودي للجزائر بعيدًا عن الخطاب الدبلوماسي والبروتوكولي” وحذر “من التورط في أجندة ولي العهد السعودي الذي يسعى لتصحيح صورته”، في إشارة إلى مقتل خاشقجي.

بينما علقت صفحات واسعة الإنتشار في الجزائر ساخرة من زيارة بن سلمان فقالت “سيزور الأمير السعودي الجزائر، وسيستقبل رئيس الوزراء أحمد أويحيى بمقر السفارة، فهل تفكرون بما نفكر”؟

وأبانت تعليقات رواد مواقع التواصل الإجتماعي، أن سبب معارضتهم لزيارة الأمير السعودي إلى الجزائر لا تقتصر فقط على مقتل خاشقجي، وإنما بسبب الصراعات القائمة بين السعودية ودول الشرق الأوسط و”تورطها” في بعض الملفات الساخنة كالحرب في اليمن وسوريا ناهيك عن موقفها تجاه القضية الفلسطنية وسيطرتها على السوق النفطية والتحكم في أسعارها.

للإشارة فقط، فإن الجزائر كانت من بين الدول التي رفضت التعليق على حادثة مقتل خاشقجي، بحكم عقيدتها الدبلوماسية والسياسية التي ترفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

المغرب تشعل بن سلمان غضبا

 وزاد التوتر الموجود أساسا في العلاقات بين كل من المغرب والسعودية، بعد أنباء عن رفض الملك محمد السادس استقبال ولي العهد السعودي الذي كان ينوي زيارة المغرب ضمن جولته الخارجية الحالية لتلميع صورته، إلا أنه تراجع عن ذلك بعد رفض الملك.

وحسب ما جاء في موقع "وطن"، أثار استثناء المغرب من جولة ولي العهد السعودي المرتقبة إلى المغرب العربي، تساؤلات حول أسباب ذلك، في ظل الجدل المثار حول زيارته إلى تونس والجزائر.

وأكدت صحيفة “القدس العربي” أن هناك صعوبة في استقبال الملك محمد السادس لولي العهد السعودي بسبب أجندته، وربما اقترح الجانب المغربي على السعودية تولي الأمير رشيد شقيق الملك استقبال بن سلمان، وهو ما رفضته بدون شك الرياض.

واعتادت الصحف المقربة من القصر الملكي المغربي نشر خبر زيارات المسؤولين الذين سيستقبلهم المغرب، لكن في هذه الحالة لا يوجد أي خبر في هذا الشأن.

ويوجد احتمال قوي بعدم زيارة ولي العهد السعودي إلى المغرب، وهو الرأي الذي تعتقد فيه شخصيات متعددة، وفق الصحيفة الصادرة في لندن.

وقالت إن مما يزكي هذا الطرح، العلاقات المغربية-السعودية التي تمر ببرود واضح خلال السنة الأخيرة، وهو ما جعل المغرب الدولة العربية التي تجمعها تاريخيا علاقة وثيقة بالسعودية لا تبدي أي تضامن، مع الضغط الدولي الذي تتعرض له الرياض بعد جريمة مقتل خاشقجي.

وتجر العلاقات الثنائية سلسلة من الأزمات الصامتة، منها الموقف السعودي بالتصويت لصالح الولايات المتحدة في احتضان كأس العالم رفقة كندا والمكسيك، وهو موقف لم تتفهمه الرباط حتى الآن.

مصر...مكان بن سلمان قفص الاتهام

بمبادرة من الكاتب الصحافي والعضو السابق بمجلس نقابة الصحافيين المصرية، كارم يحيى، وقّع ما يقرب من 100 صحافي  على عريضة لا تزال مفتوحة لجمع التوقيعات، للإعلان عن موقفهم الرافض لزيارة ولي العهد السعودي، للقاهرة، في إطار جولة بالمنطقة

المبادرة خرجت في ظل غياب موقف حتى الآن من مجلس نقابة الصحافيين المصرية، أسوة بالرسالة الصادرة عن نقابة الصحافيين التونسيين إلى رئيس الجمهورية التونسية، برفضهم الصريح لزيارة بن سلمان تونس.

وقال كارم يحيى "هذا اقتراح للتداول بإصدار بيان يوقع عليه من يشاء من أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين.. علماً أن زيارة ولي العهد السعودي ستتم قريبا".

وأعلن الصحافيون المصريون الموقعون على هذا البيان إدانتهم استقبال ولي العهد السعودي في مصر "لأسباب إنسانية ومهنية ونقابية ووطنية".

وفسروا الأسباب في بيانهم "إنسانيًا؛ أهدر النظام السعودي ويهدر القيم الإنسانية وفي مقدمتها الحق في الحياة، سواء لموطني بلاده أو للمصريين وغير المصريين العاملين في المملكة. فالسعودية بلد لا يحكمه القانون ولا يتمتع بنظام قضائي مستقل موثوق في إعماله مبادئ العدالة. بل يتستر بالإسلام والشريعة للعصف بالحريات والحقوق ولتبرير ارتكاب الفظاعات المنافية للحقوق الأساسية للإنسان. ويشجع أيضا على انتهاك هذه القيم بدعم نظم مستبدة فاسدة في الإقليم وخارج الإقليم".

ومهنياً، فسروها بـ"قتل خاشقجي وعلى هذا النحو البشع في قنصلية المملكة في إسطنبول 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018 جريمة واضحة ومكتملة الأركان يتحملها النظام السعودي من الألف إلى الياء.

والإصرار على إفلاته من المسؤولية ومعه الأسرة المالكة وبخاصة بن سلمان تستوجب من الصحافيين في مصر وكافة أنحاء العالم إدانة هذا النظام وعلى رأسه الملك وولي عهده، واعتبارهم على رأس قائمة أعداء حرية التعبير والصحافة في العالم. بل وفي تاريخ المهنة".

وقالوا "إذا كانت وسائل الإعلام والصحف في مصر تخضع للقيود الجائرة وللسيطرة البغيضة من سلطة لا تحترم بدورها الحريات وحقوق القراء والمشاهدين وأخلاقيات مهنة الصحافة، فإن بين الصحافيين المصريين العديد الذين سيرفعون الصوت عاليا ضد كل هذه الانتهاكات، بل والجرائم في السعودية ومصر وغيرهما".

أما نقابيًا، فقالوا "لا يتصور أن يقوم المتهم الأول بالمسؤولية عن جريمة القتل البشع لزميل صحافي على هذا النحو ومحاولات التغطية عليها بزيارة مصر، من دون أن يرتفع صوت نقابة الصحافيين المصريين بما لها من تاريخ استنكارا واعتراضا".

وتمنّى الصحافيون الموقعون "أن يحذو مجلس النقابة حذو الموقف النقابي والمهني والإنساني المحترم لنقابة الصحافيين التونسيين"، وعبّروا عن خشيتهم من أن "يستمر هذا الصمت المدان جراء وقوع هذا الكيان المنوط به الدفاع عن الحريات والحقوق والتضامن من الزملاء الصحافيين في قبضة ذوي المصالح المناقضة لكل ما هو مهني ونقابي الموالين للطغاة أعداء الحريات والشعوب".

وأضافوا "لم تكن صدفة أو زلة لسان أن يشير الرئيس الأميركي دونالد ترامب في دفاعه عن جرائم آل سعود، وبخاصة بن سلمان، إلى أنه لولا السعودية لكانت إسرائيل في ورطة كبيرة، وليس صدفة أن يدافع رئيس الحكومة الإسرائيلية مجرم الحرب ضد الفلسطينيين والعرب عن بن سلمان وجرائمه على هذا النحو". وتابعت العريضة "وليس بخافِ جرائم السعودية وحلفائها باليمن، حيث تسببت في موت طفل كل عشر دقائق وفق تقديرات الأمم المتحدة. كما أن المصريين لن ينسوا تيران وصنافير المغتصبة من النظام السعودي وقد ارتبطت زيارات ولي العهد مصر بإهدار مصرية الجزيرتين مقابل حفنة من مال"، حسب عريضة التوقيعات.

واختتم الموقعون بيانهم بالقول "لكل هذه الأعتبارات والأسباب ولأن ضمائر الإنسانية لا تحتمل الصمت على جرائم النظام السعودي وبن سلمان، فإننا نقولها من القاهرة: لا أهلا ولا مرحبا بولي العهد السعودي في مصر. ونقول له ولمستضيفيه: مكان بن سلمان أن يودع قفص الاتهام بمحكمة دولية لا هنا في القاهرة".

يذكر أن من بين الموقعين على البيان، ثلاثة من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين المصريين، هم محمد سعد عبد الحفيظ، وجمال عبد الرحيم، وعمرو بدر.

زيارة المنشار عار

كما أثارت زيارة ولي العهد السعودي، إلى مصر، موجة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث دشَّن ناشطون هاشتاج “#زيارة_المنشارعار“؛ ليعبروا عن رفضهم حضور “المنشار” – كما يلقبه رواد مواقع التواصل الاجتماعي – إلى مصر؛ لمسؤوليته عن جريمة قتل خاشقجي.

وشارك في الهاشتاج ناشطون عرب، رافضين للجولة الخارجية لولي العهد السعودي التي بدأت بالإمارات وتشمل دولاً عربية.

فغردت الصحفية “نادية أبو المجد“: “المنشار يزور السفاح #زيارة_المنشار_عار“.

وكتب الناشط الحقوقي “جمال عيد” رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان -: “‌زيارة_المنشار_عار محمد بن سلمان سيزور مصر غدا.. كمواطن مصري أرفض زيارته تماما، لأنه قاتل ومجرم، لو كان الأمر بيدي لطردته من مصر، لكني كمواطن أكتفي بإطلاق هذا الهاشتاج وأدعو من يؤيد موقفي لاستخدامه”.

وكتب في تغريدة أخرى: “#زيارة_المنشار_عار وزي بيقول المثل: المشرحة مش ناقصة قتلة”.

وتابع في تغريدة ثالثة: “الاغبياء والفاسدين وأصحاب المصالح موجودين بكل مجتمع، وكذبا وتدليسا يحاولون اقناعك بأن الحاكم “رئيس،ملك، أمير منشار، سلطان” هو الدولة أو البلد. في حين انه شخص أو موظف، مجرد فرد لذلك حين نقول#زيارة_المنشار_عار فنحن نقصد شخص المنشار وليس الشعب السعودي”.

وقال الناشط “طارق حسين“: “‏لا أهلًا ولا سهلاً بك في مصر متهم بقتل خاشقجي، قتل وجوع شعب اليمن #زيارة_المنشار_عار“.

وغرَّد صاحب حساب “الكوماندة“: “‌هو قبل المنشار جوع أطفال اليمن وقصف الأطفال والنساء والعجائز والرجال.. الله يقتص منه ومن بلحة وبشار وكل خونة العرب.. فلا يليق بهم ألقاب حكام”.

وعن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وابن سلمان سخرت “مريم” قائلةً: “‌#زيارة_المنشار_عار .. اتلم المتعوس على خيب الرجا”.

ودعا “ابن عساج“: “‏بعد كل الذي حصل.. يجب أن يكون اسم سلمان خادم تل أبيب بدلاً من خادم الحرمين”.

وكتب “عمر درويش“: “‌#زيارة_المنشار_عارلا أهلا ولا سهلا بك في مصر.. داعم ومتحالف مع السفاح اللي خرب مصر وقتل أهلها.. قتل وجوع شعب اليمن.. دعم الحرب فى ليبيا.. بيقتل ويحبس أهل الرأي والعلم في الجزيرة العربية ومنهم خاشقجي.. بيفرط في حق الفلسطينيين.. متحالف مع الخائن اللي باع بيوت القدس لليهود.. ومتحالف مع الصهاينة”.

وغرَّد صاحب حساب “برنس الكوكب“: “‌‎#زيارة_المنشار_عار المجنون ده جي مصر عشان يتأكد من دعمهم ليه وسيطرتهم ع الرأي العام في البلدان المجاورة”.

ووصف “أحمد” الزيارة: “#زيارة_المنشار_عار وعار عليه وعلى من يستقبله بعد الفضيحة التي فضحها له ترامب”.

هل يحاول بن سلمان الاغتسال من دم خاشقجي بمياه النيل؟

ويعتقد محللون أن زيارة ولي العهد السعودي لعدد من الدول التي تعاني اقتصاديا -مثل مصر وتونس– هدفها منح هذه الدول قبلة حياة اقتصادية، مقابل قبلة حياة سياسية لولي العهد تنجيه من أي عقاب دولي متوقع.

ووفق مراقبين، فإن النظام المصري الذي لطالما حصل على مساعدات اقتصادية سعودية وصفها الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنها مثل “الرز”، سيحاول انتهاز الفرصة و”ابتزازبن سلمان لأقصى حد.

زيارة نيكسون
وتُذكّر زيارة بن سلمان بزيارة الرئيس الأميركي المعزول ريتشارد نيكسون للقاهرة عام 1974، حيث استقبله الرئيس الراحل أنور السادات بحفاوة غير مسبوقة، بينما كانت حينها فضيحة ووترغيت تزكم الأنوف في واشنطن.

وبعد شهرين من الزيارة استقال نيكسون من منصبه في 8 أغسطس/آب 1974، وبدأت محاكمته في سبتمبر/أيلول من العام نفسه، قبل أن يصدر الرئيس جيرالد فورد -الذي خلفه- عفوا عنه “لأسباب صحية”.

واستقبلت القاهرة الأسبوع الماضي ثلاثة وفود سعودية رفيعة المستوى في إطار الإعداد لزيارة بن سلمان، من بينها وفد ضم 125 من كبار مسؤولي الديوان الملكي السعودي وموظفيه.

كما نظم شباب سعوديون حفلا فنيا في القاهرة أمس الأول “احتفالا” بالزيارة، برعاية مكتب وصالون المستشار الثقافي لسفارة بلادهم.

وكانت الخارجية المصرية أصدرت أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي بيانا يثمّن إجراءات المملكة في قضية خاشقجي، مؤكدة أن تلك الإجراءات تقطع الطريق على محاولة تسييس الحادث واستهداف المملكة.

محاولات فاشلة
ويرى مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والإستراتيجية ممدوح المنير، أن من الطبيعي أن يزور بن سلمان حليفه السيسي ضمن أولى جولاته الخارجية عقب اتهامه بالوقوف وراء مقتل خاشقجي، فالسيسي بذل جهودا ضخمة مؤخرا في محاولة لتخفيف الضغوط على ولي العهد السعودي، لا خوفا على بن سلمان فحسب، ولكن ذعرا على نفسه أيضا.

ووفقا للمنير فإن السيسي “قلق” من أن يصيب نظامه رذاذ قضية خاشقجي بعد إعلان تركيا أنها تسعى لفتح تحقيق دولي في الجريمة، ولا سيما أن إحدى الطائرات التي أقلت فريق الاغتيال توقفت في القاهرة ليومين بعد انتهاء المهمة.

ويخلص المنير بحديثه للجزيرة نت إلى أن اللقاء يتسق مع “وقائع الجريمة”، فالنظام السعودي “نفّذ الجريمة” ونظام السيسي “نظّف وراءه”.

ويؤكد المنير أن حلفاء بن سلمان التقليديين -وهم إسرائيل والإمارات والسيسي- يعتبرونه مفتاح صفقة القرن في المنطقة، لذلك سيحاولون دعمه بلا حدود.

لكنه يستبعد أن يغامر السيسي بـ”الغرق” مع بن سلمان حينما يتأكد من فشل إنقاذه مع سعي تركيا لتحويل مقتل خاشقجي لقضية رأي عام عالمي، إذ لن يتسامح قادة العالم مع كل من شارك في الجريمة خشية “فقدان مصداقيتهم” أمام شعوبهم.

بدوره يؤكد المحلل السياسي الكاتب سيد أمين أن القاهرة بقيادة السيسي تحاول “لعب دور لإنقاذ بن سلمان”، بتنسيق ودعم من تل أبيب الوحيدة “الحريصة فعلا” على إنقاذ رقبته في قضية خاشقجي.

ويرى أن كل الجهود المبذولة من قبل السيسي لن تنجح إلا في أخذ أموال من السعودية، لافتا إلى أن عدة دول تريد الحصول على أكبر قدر من المكاسب من المملكة قبل التخلص من بن سلمان.

أما الصحفي حازم حسني فقد نصح نقابة الصحفيين المصرية بأن تحذو حذو نظيرتها التونسية التي أصدرت بيانا لرفض زيارة بن سلمان لتونس، لأن يديه ملطختان بدم زميل صحفي هو خاشقجي ويريد أن يغسلهما بمياه النيل.

بن سلمان وموريتانيا

من جانبه اكد رئيس حزب الرفاه الموريتاني محمد ولد فال للميادين أن الموقف الشعبي يرفض زيارة إبن سلمان إلى موريتانيا.

ورأى ولد فال أن النظام السعودي سيفشل في تبييض صورة إبن سلمان من خلال زياراته الخارجية، ومؤكداً أن الموقف الشعبي أصبح يرفض أي تعاطف مع السعودية بعد قتل خاشقجي وتقطيعه.

كما أشار إلى أن هناك دعوات من أحزاب سياسية والعديد من الشخصيات الثقافية لمقاطعة زيارة إبن سلمان إلى نواكشوط.