هل تشن تركيا فعلا هجوما على شمال سوريا؟

هل تشن تركيا فعلا هجوما على شمال سوريا؟
الإثنين ١٧ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٥:٥٩ بتوقيت غرينتش

اكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه عازم على التخلص من المقاتلين الاكراد في شمال سوريا إذا لم يرغمهم الأميركيون على الانسحاب رغم الوعود التي تعطيها الادارة الامريكية. يأتي ذلك في وقت اكدت فيه طهران أن أي عملية عسكرية من دون التنسيق مع دمشق، ستؤثر على نتائج مباحثات آستانا بشأن السلام في سوريا.

العالم - تقارير

جاءت التصريحات التركية بشن عملية عسكرية في شمال سوريا وخصوصا قصف الاكراد بمثابة اشعال فتيل الحرب من جديد كاشفة عن التدخلات الخارجية التي قد تؤثر على مسار عملية السلام في استانا.

حيث ذكر أردوغان في كلمة ألقاها اليوم في ولاية قونية وسط البلاد، أنه أكد لنظيره الأمريكي دونالد ترامب في الاتصال الأخير بينهما ضرورة انسحاب "وحدات حماية الشعب" الكردية، التي تعتبرها أنقرة تنظيما إرهابيا، من شرق الفرات، مشددا على أن القوات التركية قد تشن هجوما على "الوحدات الكردية" شرق الفرات "في أي لحظة"، وأن تواجد المسلحين الأكراد في المنطقة يشكل "مصدر إزعاج" بالنسبة لأنقرة.

وتابع: "تلقينا ردودا إيجابية من ترامب بشأن إطلاق عمليتنا العسكرية شرق الفرات التي أعلنا عنها الأسبوع الماضي". و "بما إننا شركاء استراتيجيون مع الولايات المتحدة فيجب على واشنطن أن تقوم بما يلزم".

لكن يبدو ان الجانب الامريكي لا ينظر الى العملية بهذه النظرة الايجابية التي يظنها الاكراد، وسبق ان توعدت الإدارة الأميركية، المعارضة السورية، بشقيها السياسي والعسكري، "بصدام مباشر" حال مشاركتها في أي عملية عسكرية تركية شمال شرقي سوريا.طرة.

واعلنت وكالة الأناضول التركية انها اطلعت على رسالة بعثها مسؤولون أمريكيون إلى مايسمى بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وما يسمى "الجيش السوري الحر"، هددوا فيه بأن العناصر التي ستشارك في أي عملية تركية شرق الفرات ستواجه الجيش الأمريكي "بشكل مباشر".

وقال المسؤولون الأميركيون إن قوات بلادهم وقوات سوريا الديمقراطية "في حالة متداخلة مع بعضهما البعض، لذلك لا يمكن مهاجمة الثانية دون استهداف قوات التحالف والقوات الأمريكية والاشتباك معهما".

وحذرت الرسالة المعارضة المسلحة من عواقب المشاركة في العملية التركية المرتقبة، بالقول "حينما ترقص الفيلة؛ عليك أن تبقى بعيدًا عن الساحة".

لكن يبدو ان العملية العسكرية التركية تعتبر اداة ضغط لعقد صفقات، حيث اشار وزير الخارجية التركي تشاويش اوغلو في تصريحات الى ان ترامب وعد بدراسة قضية استعادة الداعية فتح الله غولن، الذي تتهمه انقرة بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد الرئيس اردوغان، باعتباره لا يشکل خطا احمر بالنسبة لأمريکا، وانه يمکن ان يشکل موضوع صفقة جديدة بين ترامب واردوغان.

ويری البعض ان تنازل ترکيا عن شن هجوم علی شمال شرق الفرات (رغم تعهد اردوغان الأخير بذلك) من شانه ان يکون بديلا مناسبا لتسليم غولن.

ويرى بعض المراقبين ان اردوغان وترامب يرغبان في اجراء هذه الصفقة لکن تصرفات الطرفين کليهما تشي بانه وعلی رغم هذه الرغبة يسعی کل الجانبين لرفع السعر لصالحه.

من هذا المنطلق يتحدث اردوغان عن عزم بلاده الحاسم على العملية العسكرية في شمال شرق سوريا وفي الوقت نفسه يقدم بعضَ الفصائل المسلحة في هذه المنطقة بأنها ممن يرافق تركيا في عمليته العسكرية الوشيكة. وفي المقابل یهدد ترامب هذه الفصائل المسلحة ويحذرها من مغبة الوقوف الی جانب ترکيا في هجومها علی شمال شرق سوريا.

لكن التصعيد التركي في سوريا لن يكون فقط محطة لجمع الثمار بل سيكون ايضا لدفع الثمن اذا لم تنسق انقرة مع الجانب السوري.

وحذرت وزارة الخارجية الإيرانية أن أي عملية عسكرية تركية في سوريا من دون التنسيق مع دمشق، ستؤثر على نتائج مباحثات أستانا بشأن السلام في سوريا.

واشار المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، اليوم الاثنين 17 ديسمبر/كانون الأول، الی موقف ایران الواضح ورفضها تدخل دولة اخری من المنطقة فی الحالة السوریة دون تصریح من الحكومة المركزیة معتبراً هذا التدخل بانه یخلق مشاكل لهذا البلد.

واكد قاسمي ان زيارات المسؤولين الايرانيين الى دمشق ومشاوراتهم مع المسؤولين السوريين مستمرة وستتواصل في المستقبل، مشيرا الى ان عملية آستانا حول تسوية الازمة السورية ادت واجباتها جيدا لحد الآن.

هذا وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا سيناقشون خلال لقائهم في جنيف غدا التسوية السياسية في سوريا مع التركيز على تشكيل لجنة مناقشة الدستور.

بناء على المعطيات الاخيرة عن احتمال عقد انقرة صفقة جديدة مع واشنطن وضرورة تنسيقها مع دمشق لأي عملية عسكرية في سوريا في اطار مباحثات آستانا للسلام، يمكن الاستنتاج بان العملية العسكرية التي تتوعد بها تركيا لن تكون بهذا الحجم وان انعقاد اي صفقات جديدة من شأنها ان تغير المعادلة التركية في شمال سوريا.