فيما تتواصل عملية تقديم الخدمات للمنكوبين

كيف تتصدى ايران للسيول المتواترة على شمال وغرب وجنوب غرب البلاد؟

كيف تتصدى ايران للسيول المتواترة على شمال وغرب وجنوب غرب البلاد؟
الأحد ٣١ مارس ٢٠١٩ - ٠٩:١٨ بتوقيت غرينتش

مع انتهاء فصل الشتاء، وإقبال الربيع، عادة ما تشكل الامطار الموسمية متاعب لسكان القرى والأرياف النائية خاصة تلك التي تقع في سفوح الجبال، والسهول والوديان المفتوحة أسفل الجبال.

العالم - تقارير

وقد ودعت ايران عامها المنصرم (والذي انتهى في الحادي والعشرين من مارس/آذار الجاري) بالرضوخ لصواعق رعدية وعواصف ماطرة أدت الى طغيان الروافد والأنهار في شمال وغرب وجنوب غرب البلاد، حيث راح ضحيتها قرابة الخمسين مواطنا، إضافة الى مئات الجرحى وعشرات الآلاف من المشردين الذين تصدعت بيوتهم بنسب تتراوح بين 20 إلى 100 في المئة.

وما يثلج الصدر في ايران، هو ان شعبها متماسك بشكل لايدع، أي فرصة الا وجسد فيها قمة التلاحم والتضامن التي قلما يمكن مشاهدة نظير لها في البلاد الأخرى.

فما ان شعرت المؤسسات الرسمية والأهلية في محافظة كلستان شمالي البلاد بإحتمال حركة المياه الطاغية من الروافد والأنهار الى الشوارع والمناطق المحيطة بها، حتى سارعت الى اطلاع السكان بالخطر الداهم، ودعتهم لمغادرة المكان لمناطق أكثر أمنا.

وتكرر الموقف في مناطق غرب وجنوب غرب البلاد خاصة في محافظة خوزستان التي شهدت طغيات نهري كارون ودز، وإمتلاء سدودها الأربعة، الأمر الذي حمل مسؤولي المحافظة على فتح نوافذ السدود للتخلص من المياه الطاغية عليها والمحافظة على سلامة السدود من خطر الإنهيار.

ومما لاشك فيه ان العواصف الرعدية والرياح العاصفة التي تتبعها أمطار غزيرة تؤدي الى وقوع سيول وطغيان الروافد والأنهار، لتتحرك المياه الجارفة، حيث يعتبر كل حدث منها ضربا من الكوارث الطبيعية، لكن العبرة في كيفية التصدي لها والتعامل مع مخلفاتها التي قد تؤدي الى امور قد لاتحمد عقباها.

وفي هذا المقال سنتطرق الى أهم سبل معالجة المواقف التي قد تسبق، او تتزامن مع هذه الكوارث الطبيعية للتقليل من وطأتها حسب ما يقتضيه المقام.

أولا- الخدمات التي تسبق حدوث الكوارث: من الطبيعي ان لكل كارثة طبيعية (غير الزلازل والصواعق) يمكن التنبؤ بها والإحتراز أو التقليل من تبعاتها غير الحميدة وذلك من خلال إعتماد السبل التالية:

  1. بالنسبة للأمطار والسيول، يمكن العمل على تصحيح المعلومات حول الطقس والأحوال الجوية للساعات القادمة والقيام بالخطوات الإحترازية وأخذ الإحتياطات اللازمة، الأمر الذي اثبت أكثر من مرة انه يمكن ان يقلل الى حد كبير من الأضرار، كما حدث مؤخرا لاحدى القرى الصغيرة بمحافظة خوزستان جنوب غربي ايران، حيث كانت معرضة لإحتمال تحرك المياه الجارفة. عندها قامت اللجننة الخاصة بمعالجة الأزمات الناجمة عن السيول بتوجية إنذارات للعوائل التي لم يتعد عددها العشرين عائلة في كل القرية، لتتركها وتلجأ لمناطق أكثر أمنا واستقرارا. ولم تمض سوى سويعات قليلة، حتى حدث انزلاق في التربة لتبتلع أرض كل القرية وتخفيها عن آخرها، دون أن يصاب اي أحد من سكانها بأذى.
  2. تجريف الأنهار والروافد ومعالجة شبكات الصرف الصحي للمدن، بإستمرار كي تضمن البلديات إنسيابية حركة المياه فيها، إذا ما حدث أي طارئ مثل هطول أمطار فصلية، والتي عادة ما تؤدي الى إنطلاق المياه الجارفة والسيول المدمرة.
  3. تشكل لكل محافظة لجنة تهتم بتوجيه الإنذارات اللازمة قبيل وحين حدوث الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية (مثل إندلاع الحرب أو التصدي لأي عدوان خارجي او أي خطر داخلي محتمل) ومتابعة الأمور التي تترتب عليها، وخير ما فعل قائد الثورة الاسلامية بتوجيهاته لقوات حرس الثورة والجيش، للنهوض بمهمتهم الإنسانية لمساعدة اخوانهم المنكوبين بالسيول، في شمال وجنوب غرب البلاد. كما نتج عن تلك التوجيهات تعيين قائد البحرية السابق، الأدميرال حبيب الله سياري قائدا للعمل الميداني لقوات الجيش جنوب البلاد، حتى انتهاء يطمئن سكان المحافظة من إنتهاء خطر السيول المتوقعة حتى نهاية الاسبوع الجاري.
  4. إسراع المحافظات المحيطة في إيصال خدمات الإسعاف والنجدة للمنكوبين ومساعدتهم على تحمل تبعات الكوارث والعمل على توفي محل بديل لإسكانهم والتقليل من آلامهم، وبالتالي دخول الحكومة المركزية على الخط لإدارة الموقف والإشراف على التنسيقيات بشقيها الرسمي والشعبي، كما قامت به الحكومة في إبقاء وزير الداخلية في المحافظتين الأكثر تضررا من السيول الأخيرة كلستان(شمال) و خوزستان(جنوب غرب البلاد) ليشرف على كل مجريات الأمور حتى تعود الأمور الى مجاريها.
  5. إعطاء الأولوية للمحافظات المنكوبة في التنمية والإعمار وإعادة ترميم وبناء ما دمرته السيول(او اي كارثة طبيعية وغير طبيعية) كما بعثت ايران برئيسها عقيب وقوع كارثة السيول الجارفة في شمال وجنوب غرب البلاد، ليشرف عن كثب على عمليات النجدة والإنقاذ. كما كلف وزير الطاقة ليبقى في محافظة خوزستان ليشرف على عمليات سوق مياه الأمطار الى السدود، او تخليصها من المياه الطاغية، وسوقها للأراضي المفتوحة بعيدا عن المدن والقرى والأرياف، وليواصل بقاءه حتى إعادة تشغيل كل محطات الكهرباء والمياه التي تم تعطيلها إحترازا من الاخطار التي قد تنجم عنها حين وبعيد وقوع الكوارث الطبيعية.

وخلال الفترة التي تمر بها أيا من محافظات البلاد، جراء الأزمة الناجمة عن الكوارث الطبيعية، على الحكومة ان تعمل وتخطط لكيفية معالجة الأمور، كما فعلت السلطات الثلاث في ايران وخصصت (كل حسب موقعها) جانبا من خدماتها للمنكوبين، حتى تبلورت جهودها في تقديم مساعدات من قبل الحكومة للمنكوبين تبدأ من لحظة إندلاع الأزمة وتبقى مستمرة بتقديم التعويضات لهم حتى إنتهاء الأزمة.

وفي هذا الإطار يمكن الإشارة الى الأضرار الجسيمة التي تلحق بالمزارعين وأراضيهم ومحاصيلهم الزراعية ومواشيهم. حيث قامت الحكومة بتقديم نوعين من المساعدات، كان الاول منها تقديم مساعدات على شكل هبات تشجيعية، لكل من إنهارت بيوتهم بالكامل وتضررت أراضيهم ومحاصيلهم الزراعية، ونفقت مواشيهم و أنعامهم. والنوع الآخر من تصدعت بيوتهم بشكل نسبي، وكانت نسبة خساراتهم الاخرى اقل من الآخرين لبعدهم عن مركز الكارثة، حيث تكون المساعدات على شكل قروض كافية وبأرباح متدنية، ولفترات طويلة، ليتمكن المواطن من إعادة بناء ما دمرته السيول والتخلص من الأضرار التي لحقت به.

يبقى على المجالس البلدية لكل محافظة أن تعمل على المحافظة على البيئة وطابعها الطبيعي، بل والعمل على إيجاد حزام أخضر من خلال التشجير في محيط المدن والقرى والأرياف، لتقي سكانها من العواصف الرملية، والسيول الجارفة، ناهيك عن الدور الذي تتركه على طبيعة المحافظة ومناخها.

عبدالهادي الضيغمي