طموحات كسر الأزمات المعيشية تتصاعد في السودان

طموحات كسر الأزمات المعيشية تتصاعد في السودان
الإثنين ١٩ أغسطس ٢٠١٩ - ١٢:٥٥ بتوقيت غرينتش

عقب التوقيع النهائي على الوثيقة الدستورية، أول من أمس، ارتفعت طموحات الشعب السوداني بالدخول في منحى جديد ربما يتحقق من خلاله واقع اقتصادي أفضل، وسط أزمات معيشية خانقة تفاقمت، خلال الشهور الأخيرة.

العالم - السودان

وترى الأوساط الاقتصادية أن الاتفاق النهائي خطوة في الطريق الصحيح لتجاوز العديد من العقبات، أبرزها غلاء السلع والخدمات وأزمة السيولة وتفاقم المشاكل الحياتية، في ظل تصاعد الآمال باستغلال، الفترة الانتقالية، البالغة نحو 3 سنوات، لوضع وتنفيذ خطة إنقاذ شاملة للاقتصاد.

ويترقب الشارع انعكاس الاستقرار السياسي والأمني المرتقب على مختلف القطاعات الإنتاجية والمجالات الخدمية.
وكان التدهور الاقتصادي وتفاقم الأزمات المعيشية أبرز أسباب اندلاع الاحتجاجات الشعبية الساخطة منذ عدة شهور، والتي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير.

وفي هذا السياق، يقول الاقتصادي محمد الناير :"إن السودان قد وضع نفسه في الطريق الصحيح، بعد مفاوضات استمرت أربعة أشهر تعطل خلالها مسار الإصلاح الاقتصادي، موضحا أن هذا الملف المهم لن يتحرك نحو الأفضل إلا بعد استكمال خطوات سياسية أخرى وهي تشكيل المجلس السيادي، والمتوقع أن يتم الانتهاء منه خلال يومين بعد توقيع الوثيقة، ومن ثم تسمية رئيس الوزراء بشكل نهائي وتشكيل الحكومة الجديدة، وأضاف أن أي عمل في المجال الاقتصادي لن يتم إلا مطلع سبتمبر/ أيلول المقبل، بعد عقد أول اجتماع بين المجلس السيادي وحكومة الكفاءات.

وأشار الناير إلى أن المواطن السوداني صبر وتحمل كثيرا وتعرض، خلال الفترة الماضية، لأسوأ أنواع الاستغلال وذلك بزيادة أسعار السلع والخدمات بصورة غير مسبوقة، وعانى مما يعرف بفوضى الأسعار نتيجة عدم وجود حكومة أو جهة رسمية تضبط الأسواق والخدمات، ومنها انقطاع التيار الكهربائي ومياه الشرب وظروف الأمطار والسيول في بعض المناطق.

وأكد وجود إيجابيات تنتظر المرحلة المقبلة، أولها التحسن الذي سيطرأ على علاقات السودان الخارجية، بعد تكوين حكومة مدنية وكفاءات تبدأ مسيرتها بالنظر في مجمل السياسات الاقتصادية بشقيها المالي والنقدي، وربما يتم إعادة النظر في المتبقي من موازنة العام الحالي 2019 (4 أشهر) وكذلك مراجعة كل السياسات المنفذة خلال الفترة الماضية.

وكان البرلمان السوداني، أقر في نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، موازنة العام المالي 2019، بجملة إيرادات 162.8 مليار جنيه (3.4 مليارات دولار) ونفقات تقدر بنحو 194 ملياراً و760 مليون جنيه (4.1 مليارات دولار)، متوقعاً عجزا بنسبة 3.3 بالمائة من الناتج المحلي، مقارنة مع 3.7 بالمائة للعام الماضي.

وتوقع الناير أن "يبدأ العمل في المسارين المالي والنقدي في وقت واحد، فهناك أشياء يتم معالجتها على المديين القصير والمتوسط وأخرى على المدى البعيد، مطالبا ببدء معالجة أزمة السيولة وإعادة الثقة في المصارف وعملائها، وتطبيق منظومة الدفع الإلكتروني لتقليل التعامل بالنقد والاستفادة من ثروة الذهب، إذ تم تصديره بكميات قليلة جدا خلال الستة أشهر الأولى من العام الحالي، مقارنة بالكميات المنتجة.

ويرى أن من أولويات الحكومة المقبلة الجلوس مع المغتربين ومعرفة الحوافز التي تشجعهم على تحويل أموالهم عبر القنوات الرسمية، وإزالة العقبات أمام الصادرات غير البترولية لمعالجة قضية النقد الأجنبي كقضية أساسية تؤدي لاستقرار سعر الصرف وخفض معدل التضخم. وطالب بالقضاء على الفساد واسترداد المال العام.

وتفاقمت عمليات الفساد في السودان خلال عهد البشير، وكانت آخر قضية فساد تم الكشف عنها منذ أيام، انهيار طريق "أم درمان - الأبيض" الرابط بين العاصمة الخرطوم وولايات غرب السودان، بعد مرور ستة أشهر فقط على افتتاحه إثر انجراف تسبب فيه هطول أمطار غزيرة.

واعتبر الاقتصادي عبد العظيم المهل في حديثه الاتفاق النهائي على الإعلان الدستوري نقطة تحول، قائلا: لا يجب أن ينحصر فقط بالحكومة الانتقالية، وإنما من الضروري أن يشمل المواطن بأن يتحول من السلبية للإيجابية والإنتاجية، وترك الخلافات والضغائن والتركيز على الفعل.

وأضاف المهل: يمكن خلال الثلاث سنوات الانتقالية حل كثير من المشاكل الاقتصادية، عبر الاقتداء بتجارب الآخرين، ومنها تجربة إثيوبيا بزراعة 359 مليون شجرة مثمرة في موسم واحد، مؤكدا في حال استطاع السودان زراعة 220 مليون شجرة في يوم واحد يحقق صادرا قيمته 28 مليار دولار، والتي تعتبر ثلاثة أضعاف واردات البلد.