ما هي فرص نجاح وفشل الاتفاق التاريخي في السودان؟

ما هي فرص نجاح وفشل الاتفاق التاريخي في السودان؟
الإثنين ١٩ أغسطس ٢٠١٩ - ٠٣:١٥ بتوقيت غرينتش

بعد جولات ماراثونية وتراجع وانسحاب بعض القوى، وحالات من الشد والجذب، توصلت قوى الحرية والتغيير إلى اتفاق مع المجلس العسكري الانتقالي، يفضي إلى تقاسم السلطة لتسعة وثلاثين شهراً، تنتهي بإجراء انتخابات.

العالم - السودان

وشهدت طريق المفاوضات التي رعاها الموريتاني محمد الحسن ولد لبات، مبعوث الاتحاد الإفريقي إلى السودان في نهاية شهر أبريل الماضي، للتوسط بين المجلس العسكري الانتقالي، وقوى الحرية والتغيير، ألغاماً وعثرات، ومحاولات للانقلابات عسكرية، كادت أن تعيد البلاد إلى الوراء.

وأظهر السودانيون خلال مراسم توقيع الوثيقة الدستورية المتعلقة بالمرحلة الانتقالية، وهي المرحلة التي تلت الإطاحة بالرئيس عمر حسن البشير، مشهداً توافقياً، بين العسكر والمدنيين، رغم وجود معارضة من بعض القوى على هذا الاتفاق.

فرص النجاح والفشل

الكاتب السياسي السوداني، في صحيفة "الصحافة السودانية"، عبد الرحمن عبد السلام، يعتقد أن فرص تطبيق الاتفاق الموقع بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي متوفرة، حيث يمكن أن تضع البلاد في الطريق الصحيح بنهاية الفترة الانتقالية البالغة 3 سنوات و3 أشهر.

ويقول عبد السلام : "أبرز فرص نجاح الاتفاق هو وجود المصداقية التي أظهرها الطرفان في الاتفاق مسنودة بالإرادة الشعبية القوية التي تمثل الضامن، لأن الشعب يترقب ويتابع بدقة ما تبقى من خطوات وترتيبات الانتقال".

ويرى عبد السلام أن أحد الفرص التي ستحدد نجاح الاتفاق، هو إنهاء وتفكيك دولة الحزب لصالح دولة المؤسسات وإيقاف الفساد الذي استشري في العهد السابق.

ويضيف عبد السلام: "الشعب السوداني سيتصدى لأي محاولة تنصل عن إعلان الحرية الذي يعتبر الدليل الإرشادي لأهداف ثورة الـحرية، السلام، والعدالة".

ويشير إلى أنه في حالة نجحت الفترة الانتقالية فإنها ستطوي صفحة 3 عقود من الخراب الممنهج التي عاشها أهل السودان.

ويوضح أن العديد من القوى السياسية السودانية غير موافقة على الاتفاق التاريخي على رغم مخاطبته أمهات القضايا السودانية منذ عهد الاستقلال.

ويستطرد بالقول: "تمثل هذه القوى النظام البائد وحلفائه ممن رفضوا التوقيع على إعلان الحرية والتغيير عندما قدم لكافة التنظيمات السياسية وقوى الكفاح المسلح في يناير 2019".

ويكمل: "تلك القوى تعتقد أن ما تم تسوية سياسية بين المجلس وقوى الحرية وتم بموجبها إقصاء بقية المكونات، وتعمل بكل طاقتها على إجهاض الاتفاق ولكن الجماهيرية الطاغية لقوى الحرية التي قادت الثورة حتى الانتصار جعلت تلك الأصوات أقلية فاقدة للسند الشعبي".

ولم يستبعد الكاتب السياسي السوداني، حدوث انقلاب عسكري، كملجأ وحيد للنظام البائد واتباعه، لإفساد التوافق الذي تم، ولكن أي محاولة من جهة مدنية أو عسكرية للالتفاف على مكتسبات ثورة ديسمبر ستواجه بتصدي قوي من الجماهير بوصفهم الحراس الحقيقيين للثورة.

رفض ومعارضة

الحزب الشيوعي السوداني، أبرز المعارضين للاتفاق بين قوى الحرية والتغيير، والمجلس العسكري الانتقالي، يرى أن ما تم بين الطرفين لا يحقق أهداف الثورة، والتحول الديمقراطي، ووقف حروب البلاد وتحسين الأوضاع المعيشية، بل أبقى على القوانين المقيدة للحريات والمؤسسات القمعية وعلى اتفاقيات النظام السابق الدولية والإقليمية.

ويقول الحزب في بيان لها، نشره عقب التوقيع: "الاتفاق منقوص ومَعِيب ويصُب في مجرى الهبوط الناعم الذي يُعيد إنتاج الأزمة بالاستمرار في سياسات النظام السابق القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية التي ثار ضدها الشعب السوداني".

ويضيف: "بنود الاتفاق لا ترتقي لتضحيات الجماهير ولا المواكب المليونية 30 يونيو و13 يوليو التي أكدت على المدنية الكاملة للحكومة الانتقالية.

ويوضح أن الاتفاق يتعارض مع قرار الاتحاد الأفريقي بتسليم السلطة لحكومة مدنية وانحرف إلى تقاسُم السلطة مع العسكريين، ويتعارض أيضاً مع قرار الاتحاد الأفريقي (854) في حالة عدم تسليم السلطة لحكومة مدنية تفرض عقوبات على البلاد وفردية على المجلس العسكري وعدم الاعتراف به.

من جانبه، وصف محمد عبد الكريم رئيس تيار نصرة الشريعة والقانون الوثيقة الدستورية في ندوة سياسية أقامها التيار الجمعة الماضية بأنها غير دستورية، وتمثل "خداعاً للشعب".

ويقول عبد الكريم: "الوثيقة اجترأت على الدين وعملت على طمس الهوية السودانية بإغفال ذكر الدين الإسلامي، وطالب الأئمة والدعاة بالوقوف أمام ما وصفه بخطر العلمانية".

كذلك، قاطعت الجبهة الثورية السودانية، حفل توقيع الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير التي وقعت السبت، معلناً معارضة الحكومة المرتقبة بكافة الوسائل السلمية.

ويقول عبد العزيز نور القيادي في الجبهة، في تصريح له: "لقد تم سرقة الثورة السودانية، والوثيقة الدستورية لم تلبِ الطموحات والتطلعات وأغفلت الذي تم الاتفاق عليه في أديس أبابا مؤخراً".

وجرت مراسم التوقيع التي أطلق عليها اسم "فرح السودان"، في "قاعة الصداقة" بالعاصمة الخرطوم، بحضور جمع من الزعماء والشخصيات الإقليمية والدولية، ووقع الوثيقة كل من نائب رئيس المجلس العسكري، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بينما وقعها عن قوى إعلان الحرية والتغيير، القيادي فيها أحمد الربيع.

وشهد مراسم التوقيع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكري، والوسيطان الإفريقي محمد الحسن ولد لبات، والإثيوبي محمود درير، وكان بين الحضور وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو.

جدير بالذكر أن قيادة الجيش، عزلت البشير من الرئاسة في 11 أبريل الماضي، تحت وطأة احتجاجات شعبية بدأت أواخر العام الماضي، تنديداً بتردي الأوضاع الاقتصادية وتصاعدت مع مرور الأشهر.