ما سر إصرار الإمارات على إخفاء رئيسها؟

ما سر إصرار الإمارات على إخفاء رئيسها؟
الجمعة ٠٨ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠٤:٠٠ بتوقيت غرينتش

من دون أي مراسم رسمية أو إجراءات دستورية واضحة، استيقظ الإماراتيون على قرار يقضي بإعادة انتخاب خليفة بن زايد آل نهيان رئيساً للبلاد لولاية رابعة، رغم حالته المرَضية وعدم ظهوره علناً بالسنوات الماضية إلا في مرات نادرة تُعد على الأصابع.

العالم - الامارات

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية بالإمارات (وام)، الأربعاء 6 نوفمبر 2019، أن "المجلس الأعلى لاتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة جدد الثقة بالشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيساً للمجلس الأعلى للاتحاد، لولاية رابعةٍ مدتها خمس سنوات، وفقاً لأحكام دستور الإمارات".

ولم تذكر الوكالة الإماراتية آلية إجراء الانتخاب، كما لم تنشر صوراً لذلك.

كما لم يخرج الرئيس الغائب لشعبه، لتقديم نفسه أو الإعلان عن ظروف تجديد ولايته، وحالة بلاده التي تعصف بها كثير من القضايا، خاصةً تدخُّلها في الشؤون العربية، وهو ما يترك حالة من الشك والريبة حول صحته الجسدية والعقلية.

وكان آخر ظهور للرئيس الإماراتي (71 عاماً)، في مايو الماضي (خلال شهر رمضان المبارك)، إلى جانب ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد (شقيق خليفة)، الذي يسيطر على الحكم بالبلاد بشكل فعلي.

وطغى على ملامح خليفة، خلال مرات ظهوره النادرة، المرض وعدم الاتزان، إذ تعرَّض في يناير 2014، وفق إعلان رسمي، لوعكة صحية، سافر خلالها للعلاج في فرنسا.

ولم يظهر الرئيس الإماراتي إلا في مرات قليلة، على غرار ظهوره في 25 يونيو 2017، خلال عيد الفطر الماضي، وظهوره في 29 يناير 2018 وهو يتقبل التعازي بوفاة والدته.

ويأتي انتخاب الرئيس الإماراتي مجدداً، وسط حالة استياء وانتقادات عربية ودولية للدور الإماراتي المشبوه بدول عربية عدة، حيث تسعى إلى بسط نفوذها في اليمن، ودعم استمرار الصراع بليبيا، وإدامة الأزمة الخليجية وحصار قطر، المستمر منذ 2017، والتطبيع علناً مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

من هو خليفة بن زايد؟

خليفة بن زايد هو أكبر أبناء زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة، وكان ولياً لعهده، فخلف والده بعد وفاته في حكم إمارة أبوظبي، وانتخبه المجلس الأعلى للاتحاد رئيساً للدولة في 3 نوفمبر 2004، واعتبرته صحيفة "التايمز"، في وقت سابق، من القادة الخمسة والعشرين الأكثر تأثيراً في العالم، ويصنّف كرابع أغنى حاكم بالعالم.

وبناء على طلب خليفة كلّف المجلس الأعلى لحكام الإمارات، في 5 يناير عام 2006، محمد بن راشد آل مكتوم تشكيل الحكومة الجديدة وتولي رئاسة مجلس الوزراء، بعد انتخابه بيوم لولاية الحكم في إمارة دبي، ونائباً لرئيس دولة الإمارات، عقب رحيل أخيه مكتوم بن راشد آل مكتوم، في يوم 4 يناير من العام نفسه.

وُلد خليفة بن زايد عام 1948، في المنطقة الشرقية لإمارة أبوظبي، وتلقّى تعليمه الأساسي بمدينة العين، حاضرة المنطقة ومركزها الإداري.

ويُعتبر ثاني رئيس لدولة الإمارات، التي أُعلن عن تأسيسها في 2 ديسمبر عام 1971، والحاكم الـ16 لإمارة أبوظبي، كبرى إمارات الاتحاد السبع.

والشيخ خليفة متزوج وله ثمانية أولاد، اثنان من الذكور؛ هما: سلطان بن خليفة آل نهيان، ومحمد بن خليفة آل نهيان، وست من البنات، ولديه عدد من الأحفاد.

قدراته السياسية.. هل تم تحييده؟

وفي ظل قدرات وظيفية ظهرت خلال مسيرته، بات من اللافت غياب "خليفة" رغم الأزمات التي أقحمت بلاده نفسها فيها، خصوصاً مشاركتها في افتعال الأزمة مع قطر والحرب في اليمن التي كلفتها الكثير.

فقد واكب "خليفة" مسيرة والده في جميع مراحلها، وكان أول منصب رسمي يشغله هو "ممثل الحاكم بالمنطقة الشرقية، ورئيس المحاكم فيها"، وذلك في 18 سبتمبر عام 1966، وكانت لهذا المنصب أهمية كبيرة في حياته، وخلال وجوده بمدينة العين أُتيحت له فرصة واسعة للاحتكاك اليومي بالمواطنين.

عُيّن ولياً لعهد إمارة أبوظبي في 1 فبراير عام 1969، ورئيساً لدائرة الدفاع، وتولّى بحكم منصبه قيادة قوة الدفاع في الإمارة، وأدّى دوراً أساسياً في تطويرها، وتحويلها من قوة حرس صغيرة إلى قوة متعددة المهام، مزودة بمعدات حديثة.

وفي 1 يوليو عام 1971، تولّى "خليفة" رئاسة أول مجلس وزراء محلي لإمارة أبوظبي، إضافة إلى تقلّده حقيبتي الدفاع والمالية في المجلس، وذلك قبل إعلان الدولة الاتحادية.

وفي فبراير عام 1974، وبعد إلغاء مجلس الوزراء المحلي، أصبح "خليفة" أول رئيس للمجلس التنفيذي، الذي حل محل مجلس وزراء الإمارة، وخلال رئاسته للمجلس التنفيذي أشرف على مشاريع تطوير وتحديث الإمارة، وأشرف على صياغة السياسة النفطية.

تولّى خلال الفترة نفسها رئاسة المجلس الأعلى للبترول (لا يزال يشغله حتى الآن)، إذ يعدّ المجلس المرجعية العُليا في العلاقة مع شركات النفط العاملة بإمارة أبوظبي، وهو المشرف الأعلى على سياسة الصناعة البترولية بالإمارة؛ تنظيماً، وتنقيباً، وإنتاجاً.

كما تولّى رئيس الدولة عام 1976 تأسيس ورئاسة جهاز أبوظبي للاستثمار، الذي يشرف على إدارة الاستثمارات المالية للإمارة، ضمن رؤية استراتيجية لتنمية الموارد المالية وللمحافظة على مصادر دخل مستقرة للأجيال المقبلة.

وقد أسهم هذا الجهاز في تدريب وتأهيل نخبة من العناصر الوطنية التي تبوّأت مناصب رفيعة بالأجهزة الحكومية.

تولّى منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بعد قرار المجلس الأعلى للاتحاد، في مايو عام 1976، دمج قوى الدفاع المحلية في كل إمارة من إمارات الاتحاد تحت مظلة قيادة اتحادية واحدة، ولتصبح شؤون الدفاع من بين المسؤوليات الحصرية للدولة الاتحادية.

وبعد توليه مقاليد الرئاسة أطلق مبادرة لتطوير تجربة السلطة التشريعية، لتعديل أسلوب اختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، بين الانتخاب والتعيين، تتيح في نهاية المطاف اختيار أعضاء المجلس عبر انتخابات مباشرة، لكن بلاده اليوم تمر بأسوأ فترة قمع لأي تيار سياسي يحاول إبراز موقفه، وهو ما جعلها من بين أكثر الدول من حيث إسكات المعارضين السياسيين، بحسب ما تؤكده منظمات دولية.

ويبرز هنا حرص محمد بن زايد على تقديم نفسه بصفته ولياً للعهد وحاكماً فعلياً للإمارات مع ضعف أخيه المريض، وهو ما أشار بوضوح إلى رغبة الأخ الصغير في فرض قراراته السياسية داخلياً وخارجياً، وإبعاد أخيه بذريعة المرض.