الهيركات: مشروع استعادة اموال منهوبة ام استكمال لسلب المواطن اللبناني

الهيركات: مشروع استعادة اموال منهوبة ام استكمال لسلب المواطن اللبناني
السبت ١٨ أبريل ٢٠٢٠ - ٠١:٥٣ بتوقيت غرينتش

لهيركات في لبنان  عملية مالية تفتح الباب امام التساؤلات عن الاموال المهربة وتداعيات  تنفيذها على المودعين.

العالم لبنان

في ظل تداعي النظام المالي والنقدي في لبنان وسط أزمة مركبة بجانب كبير منها من جهة وواقعية بسبب السياسات المالية والاقتصادية المرتبطة بمستجدات وتطورات العلم والمنطقة من جهة اخرى من هنا اتت خطة الحكومة الجديدة لمواجهة الازمة في ظل تجاذبات من داخل الحكومة ومن معارضيها وما يستتبع ذلك من اجراءات يرى فيها المراقبون قنبلة موقوتة او نارا تحت رماد الواقع المأزوم على كل المستويات وفي مقدمها الوضع المعيشي. من هنا و بعد تسريب مسودة البرنامج الإصلاحي للحكومة، التي تتضمن هيركات على الودائع في المصارف ، طغى في الأوسط السياسية والشعبية سجال لم يتوقف حتى اليوم، بالرغم من أنّ ما تسرب لا يزال في إطار المسوّدة التي لم يتمّ التوافق عليها بشكل نهائي، بينما إقراره يحتاج إلى قانون يقرّ في المجلس النيابي ، وبالتالي لا تملك حكومة حسان دياب هذه الصلاحية، لا بل يمكن الجزم، من خلال المواقف المعلنة، أن مثل هذا القانون من المستحيل أن يُقرّ. وتقول المصادر المطلعة انه وبعيداً عن باقي النقاط التي يتضمنها البرنامج، التي تحتاج إلى الكثير من الدراسة والبحث حول جدواها والنتائج التي قد تترتب عليها، يفتح طرح الهيركات الباب أمام مجموعة واسعة من التساؤلات، أبرزها حول حق الحكومة في القيام بمثل هذا الإجراء، لا سيما أن المواطنين غير مسؤولين عن السياسات المال يّة والإقتصاديّة التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم.
وبالتالي قبل طرح مثل هذه الأفكار، من حقّ المودعين أن يسألوا عن الإجراءات التي قامت بها الحكومة قبل الوصول إلى هذه المرحلة، خصوصاً بالنسبة إلى محاسبة المسؤولين عن الواقع الراهن، أو على الأقل السؤال عمّا تنوي القيام به لإستعادة الأموال المنهوبة ، التي يتم الحديث عنها منذ أشهر طويلة من دون أن تقدم آلية واضحة لإستعادتها، فلا يجوز أن يتحمل أي شخص، المجرم وغير المجرم، المسؤوليّة، نظراً إلى أنه فقط يملك وديعة في مصرف، فالمودعون لم يكونوا يوماً شركاء في المصارف، كي يتحملوا أعباء الخسائر التي وقعت، كما أن أحداً لم يبلغهم عند وضع ودائعهم بالمصارف أنها قد تتعرض إلى "هيركات" يوماً ما بسبب أخطاء هم ليسوا بمسؤولين عنها.
في هذا السياق، قد يطرح البعض أن المطلوب من هؤلاء المودعين التضحية في ظل الأزمة المصيرية التي تمر بها البلاد، لكن أليس من حقهم أن يسألوا عن الأسباب التي تدفعهم إلى التضحية اليوم، خصوصاً أنهم لم يلمسوا أيّ محاسبة جدّية لأيّ مسؤول في دولة يقول جميع الفاعلين فيها أنها منهوبة، وبالتالي المطلوب تشجعيهم بالمحاسبة السريعة على التضحية لا طلبها للتغطية على كل الإرتكابات السابقة، فليس من المنطقي أن يبقى المواطنون يسمعون، ليلاً نهاراً، القوى السياسية تتقاذف المسؤوليّة عن الفساد والهدر، في حين أن المحاسبة تقع على عاتقهم هم من خلال سرقة ودائعهم.
في كل ما تقدم، تتحمل الحكومة الحالية المسؤولية كونها هي التي يقع على عاتقها وضع الخطة الماليّة والإقتصاديّة المقبلة، لكن هذا لا يلغي وقاحة بعض القوى السّياسية التي تقف اليوم في صفوف المعارضة، من خلال رفعها لواء الدفاع عن أموال المودعين في المصارف بينما هم مسؤولون عن الخطر الذي يحدق بها اليوم، وكأنهم يريدون أن تتحمل حكومة لم يمضِ على ولادتها شهرين مسؤولية كل التجاوزات التي حصلت على مدى 30 عاماً، لا بل أكثر من ذلك يريدون أن يقولوا أنهم هم الحريصين على أموال المواطنين وعلى القيام بالإصلاحات المطلوبة التي تحول دون المسّ بها.
ضمن هذا السياق تقول المصادر يأتي حديث تلك القوى، بالتضامن مع أخرى موجودة على طاولة مجلس الوزراء ، عن ضرورة إستعادة الأموال المنهوبة قبل القيام بأيّ إجراء، ما يدفع إلى السؤال عن الجهة أو الجهات المسؤولة عن نهب تلك الأموال، فهل هي أشباح أو كائنات فضائيّة كانت تتولّى المسؤوليّة على مدى السنوات السابقة، وبالتالي البحث عنها من أجل محاسبتها من المستحيلات. الأمر الذي يتطلب من حكومة دياب أن تبحث عن وسائل جديدة لم تكن معروفة من قبل الحكومات السابقة لإحضارها إلى لبنان ومحاسبتها، في حين أن كل القوى السّياسية التي كانت موجودة في السلطة كانت مجرد ملائكة لم تستطع منعها من القيام بذلك.
في المحصلة، ليس من حق الحكومة الحالية أن تطرح أو توافق على خطّة تتضمن هيركات، تساوي فيها بين المواطنين الذين أفنوا عمرهم في جمع مبالغ مالية من عرق جبينهم، وأولئك الذين يتحملون المسؤولية عن الهدر والفساد والسرقات في المال العام، لكن في المقابل عندما تطرح بعض القوى السياسية نظرية إستعادة الأموال المنهوبة ليس عليها إلا البحث عن أقرب مرآة والنظر فيها فهل سيتحول الهيركات الى قنبلة تنفجر بوجه المصارف م فقط سيتشظى منها المواطن المودع امواله في البنوك اللبنانية.
مراسل العالم -حسين عزالدين