هل تختنق أمريكا بنفط سوريا؟

هل تختنق أمريكا بنفط سوريا؟
الأربعاء ١٣ مايو ٢٠٢٠ - ٠٥:١٥ بتوقيت غرينتش

في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2019، قال الرئيس الامريكي دونالد ترامب وهو يتحدث بشكل علني عن اطماعه بنفط سوريا وعن خططه لتثبيت التواجد الامريكي شرق سوريا: "إن حقول النفط التي كانت تحت سيطرة داعش قبل أن تسيطر عليها الولايات المتحدة بمساعدة الأكراد، لن نسمح أبدا لداعش، الذي يتشكل مجددا، بالاستيلاء على تلك الحقول، وان اشنطن تحتفظ بعدد صغير من القوات في سوريا، لحماية النفط وسنقرر ما الذي سنفعله في المستقبل".

العالم - كشكول

يبدو ان ما اوكله ترامب للمستقبل حينها بشأن خططه في سوريا واطماعه بنفطها وغازها، بدأ بتنفيذها اليوم، حيث بدأت قوات الاحتلال الامريكي تعمل على تعزيز تواجدها بشكل لافت في مناطق انتاج النفط والغاز بريف الحسكة الشرقي والريف الجنوبي الشرقي، وتقوم بادخال عربات من الحدود السورية العراقية شرق الشدادي تل صفوك باتجاه حقول كبيبة وغونا وحويزية في ريف الحسكة وتنفيذ دوريات ضمن الحقول بالاضافة الى تصويرها باستخدام طائرات مسيرة.

القوات الامريكية المحتلة وفي اطار تحركاتها التي باتت مكشوفة لوضع اليد على الثروات النفطية والغازية لسوريا، قامت ايضا بادخال عربات من معبر الطوقجي شرق ناحية الهول وادخلتها الى عدد من المحطات النفطية وتم تصويرها وتحديدا محطة قرية الفج والمحطة 8 واتجهت جنوبا باتجاه الشدادي حيث مقر القاعدة الامريكية.

وفي ذات السياق، سياق فرض الامر الواقع على سوريا عبر تكثيف تواجدها غير الشرعي، انهت القوت الامريكية في ريف دير الزور الشرقي تعزيزاتها واتمت بناء المواقع الخاصة بحقلي العمر وكونيكو بريف دير الزور، وبدأت بتحصين المواقع بريف الشدادي الجنوبي الشرقي وريف الحسكة الشرقي كون المنطقة الممتدة من المالكية شمالا وصولا الى الشدادي جنوبا مرورا بالعيربية والهول، منطقة مليئة بآبار النفط والغاز وهذه المنطقة الممتدة تنتشر على طول الحدود السورية العراقية.

مصادر مطلعة ذكرت ان القاعدة الجديدة التي بنتها القوات الامريكية في منطقة الجزرات الواقعة على الحدود الادارية بين الرقة ودير الزور في منطقة تتبع اداريا لمحافظة دير الزور وهذه المنطقة هي ضمن توزع قبيلة البقارة، حيث وصل الى تلك القاعدة ما يقارب 300 شاحنة منذ انشائها في نيسان/ ابريل الماضي وحتى اول مايو/ ايار بالاضافة الى الانزالات الجوية للاسلحة والمواد اللوجستية في حقل العمر.

من الواضح ان الهدف الامريكي من وضع اليد على الثروة النفطية والغازية لسوريا ومحاولة اشراك قوات "قسد" في عملية وضع اليد هذه، هو زرع بذرة التقسيم المشؤومة للجغرافيا السورية، عبر توفير عائد مادي يمكن ان يساهم في نمو تلك البذرة ويقوي عودها، خدمة للكيان الاسرائيلي وانتقاما لـ"تمرد" السوريين على الهيمنة الامريكية، من دون ان تدفع امريكا دولارا واحدا في مقابل تقسيم سوريا وكذلك نفقات بقاء قواتها المحتلة هناك.

ولكن ليس في كل الاحول ينطبق حساب الحقل مع حساب البيدر، فالارض التي تحاول امريكا فرض حضورها غير الشرعي فيها ليست صحراء، بل هي ارض يسكنها شعب تمتد جذوره فيها الى الاف السنين، ولن يسمح ان تدنس من قبل قوات اجنبية غازية، فلم تسعف القوات الامريكية الرواتب المغرية التي اعلنت عنها لاهالي تلك الارض للتعاون معها، فقد تعرضت القوات الامريكية المحتلة لصفعة قوية عندما اعترض أهالي قرى بريف بلدة تل تمر بريف الحسكة رتل آليات عسكرية لقوات الاحتلال وأجبروه على العودة من حيث أتى وذلك في إطار رفضهم أي وجود لهذه القوات على الأراضي السورية، كما اعترض أهالي قريتي أم الغدير وقرية ثامنة رحية في ناحية تل حميس بريف القامشلي الجنوبي في الثاني والعشرين من الشهر الماضي رتل آليات لقوات الاحتلال الأمريكي بعد توقيفه من قبل حاجز للجيش السوري ورشقوه بالحجارة وهتفوا ضد وجود المحتل وأجبروه على العودة من حيث أتى.

هذه الاعتراضات هي اول الغيث، الذي سينهمر على شكل خلايا مقاومة شعبية ضد المحتل مع مرور الزمن، عندها فقط سيدرك ترامب الغبي ووزير خارجيته الاغبى مايك بومبيو، ليس كل ما يدور في عقليهما الصغيرين يمكن ان يجد طريقه الى التطبيق على الارض لمجرد امتلاكهما القوة العسكرية.