ترامب المأزوم يُخيف الاميركيين 'ببعبع' مزعوم

ترامب المأزوم يُخيف الاميركيين 'ببعبع' مزعوم
الجمعة ٢٨ أغسطس ٢٠٢٠ - ٠٧:٢٩ بتوقيت غرينتش

لا يحلو لزعيم البيت الابيض الرئيس الاميركي دونالد ترامب ان الحديث عن الانتخابات الرئاسية المقبلة، دون اطلاق تهديداته الضمنية تارة والصريحة تارة اخرى، للاميركيين وارعابهم "ببعبع" الفوضى التي يمكن ان تعم في حال "عدم انتخابه" لدورة ثانية لسياسة البيت الأبيض.

العالم - يقال أن

ترامب وعبر خطابات عدة سابقة له، حاول اللعب على وتر الاضطرابات الداخلية وانعدام الاستقرار، وتصوير فوز منافسه الديمقراطي جو بايدن على أنه نقطة الانهيار لاميركا اجتماعيا واقتصاديا اضافة الى الانهيار السياسي ربما.

ترمب اعتبر الانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة أهم انتخابات في تاريخ البلاد، وأنها ستقرر "هل سنحمي القانون أم نمنح السلطة لمجرمين يهددون الأمريكيين"، في اشارة الى بايدن والديمقراطيين، على مايبدو ان ترامب لا يتابع واقعه الداخلي جيدا في الآونة الاخيرة، فربما كانت صفقاته الخارجية وارساء علاقات عربية "اسرائيلية" جديدة في المنطقة قد أخذت وقته (الثمين) مؤخرا.

ربما يرى ترامب في ولايته وحكمه الحالي الحالة المثالية للحكم، رغم الاحتجاجات والتظاهرات التي تعم كبرى ولايات ومدن البلاد، والفوضى التي باتت تسيطر على اغلب الشارع الاميركي، تختلف على ما يبدو عن "بعبع" الفوضى الذي حذر ترامب منه الاميركيين، ففوضى الشارع الاميركي اليوم هي نتيجة سياسات ترامب العنصرية التي اوجدها في المجتمع الاميركي، ونتيجة قطعية لقواعد المجتمع القومي والعرقي الطبقي الذي ارسى دعائمه ترامب في الولايات المتحدة، اثر سياساته تلك.

تحذير ترامب للاميركيين من الفوضى هو في الحقيقة تهديد ووعيد بهذه الفوضى، وليس تحذيرا، فالاهداف والغايات التي تتمحور حولها هذه التهديدات هي انتخاب ترامب لولاية ثانية في الرئاسة الاميركية. والرسالة من هذا التهديد هي إما أنا رئيسا أو البديل سيكون الفوضى، والغاية لدى ترامب تبرر الوسيلة، فلا اشكال في اشعال فوضى الداخل واحراق الشارع الاميركي في الجريمة والارهاب، طالما ان ذلك سيمكنه من امتلاك مفاتيح البيت الابيض من جديد؛ تهديدات ترامب ليست مجرد تخرصات وكلام انتخابي فحسب، فاريخه القريب يكشف العقلية الميليشياوية التي يفكر ويعمل وفقها في كل مجالات سياسته، والتي باتت اديولوجية حاكمة للادارة الاميركية ومن خلفها الجمهوريون الذين يدعمون الرئيس ترامب، ففي المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، خير الجمهوريون الاميركيين وبكل صراحة بين انتخاب ترامب أو مواجهة الفوضى في حال اختيار منافسه الديمقراطي جو بايدن.

ترامب الذي حاول لملمة ما يمكن تقديمه على انه انجاز لاميركا في عهده، خَلُصَ إلى مجموعة من خروقات للقوانين والاعراف والمعاهدات الدولية، كانسحابه من الاتفاق النووي مع ايران، والاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على القدس المحتلة ونقل سفارة بلادهه إليها، أو صفقته لما قال انه احلال للسلام في منطقة غرب آسيا، وختاما اتفاق الخيانة الاماراتي بالتطبيع مع الكيان الاسرائيلي.

أما على مستوى الداخل فقد حاول كل من ترامب وحزبه محورة "انجازاته" على احلال القانون والنظام، وما اعتبره ايجاد فرص للعمل، في وقت لا تزال شوارع كبرى مدن البلاد تعيش حالة من الثورة وانعدام النظام والقانون فيها، وتزامنا مع بيانات وزارة العمل الأمريكية التي كشفت أن عدد طلبات إعانة البطالة الجديدة في البلاد بلغت 1.006 مليون طلب في نهاية الأسبوع الماضي. فيما تقدم أكثر من 57 مليون أمريكي بطلبات إعانة بطالة آخر 22 أسبوع، مع فقدان الملايين لوظائفهم بسبب تفشي وباء كورونا المستجد، فيما تجاهل الجمهوريون الفضيحة الادارية التي لحقت بواشنطن نتيجة سوء ادارة جائحة كورونا مع تسجيل أرقام قياسية في الاصابات والوفيات في البلاد.

ترامب حاول مهاجمة خصمه بايدن، فق سياسة الهجوم خير وسيلة للدفاع، فاتهمه باقامة تعاقدات خارجية وأرسل الأمريكيين للقتال بحروب لا تنتهي، حسب قوله، متناسيا قواته التي ارسلها إلى سوريا لسرقة النفط السوري، اما اساطيله العسكرية التي ملأت البحر المتوسط وباتت تعطل حركة الملاحة فيه، فعلى ما يبدو أن ترامب يرى فيها وفود " الصداقة والسلام الاميركي" للمنطقة، وان كان حريصا على قواته وعدم زجّها في حروب المنطقة، فلماذا لا يعمد غلى اخراج قواته من المنطقة، فعلى الرغم من القرار الرسمي العراقي باخراج القوات الاميركية من العراق، إلا أنه يصر على اعادة تموضعها في البلاد عن اخراجها.

لا نبرئ جو بايدن من سياسات الهيمنة الاميركية والاستكبارية، فقد شغل منصب نائب الرئيس الاميركي في عهد الرئيس السابق باراك اوباما، والتدخلات الاميركية في المنطقة عسكريا او سياسيا، ولكن النهج الذي يتبعه ترامب في مواجهة خصمه الانتخابي، تعدى مستوى المنافسة السياسية الى مستوى التخوين في المساعي والاهداف، واعتباره أي ترامب بأن بايدن يوافق سياسة بكين في صعودها الاقتصادي عالميا.

ابراهيم شربو/العالم