"قره باغ"..  وأكذوبة الصراع "الشيعي - السني"

الأربعاء ٠٧ أكتوبر ٢٠٢٠ - ٠٧:٠٥ بتوقيت غرينتش

"تصدير الثورة الشيعية" و"الهلال الشيعي" و"الصراع الشيعي السني" و "التحالف السني الاسرائيلي" و"ولاء شيعة العالم لإيران" و "التمدد الشيعي" و " تشيع السنة" و "الميليشيا الشيعية"، و.. الى آخر قائمة الاكاذيب التي ملأت بها امريكا والكيان الاسرائيلي والسعودية والرجعية العربية، رؤوس السذج والبسطاء من العرب والمسلمين، الذين صدقوا هذه الاكاذيب، حتى دفعوا اليوم أثمانا باهظة من امنهم واستقرارهم، كما نشهد اليوم بأم العين، حيث تضحك "اسرائيل" عليهم بملء شدقيها.

العالم كشكول

هذه الاكاذيب الامريكية الاسرائيلية، التي تولت السعودية مسؤولية ترويجها بين العرب والمسلمين، على مدى اربعة عقود، وبالتحديد منذ انتصار الثورة الاسلامية في ايران، لا تجد لها من مكان في الصراع الدائر اليوم بين جمهورية اذربيجان وارمينيا على منطقة قره باغ المتنازع عليها، فالكيان الاسرئيلي الذي صدع رؤوس "العرب السنة" بالوقوف الى جانبهم من اجل التصدي لـ"الشيعة" وتشكيل تحالف "سني اسرائيلي" برعاية امريكية لمنع ايران والشيعة من غزو "السنة"، "اسرائيل" هذه تقف اليوم الى جانب جمهورية اذربيجان ذات الاغلبية الشيعية وتمدها بالسلاح والعتاد، ضد ارمينيا المسيحية، التي تدين "اسرائيل" بوجودها وديمومتها للعالم المسيحي الذي تنتمي اليه ارمينيا!!.

"إيران الشيعية" اتخذت جانب الحياد في الصراع الدائر على قره باغ وتمسكت بموقفها الداعي الى ضبط النفس ، مع احترام سيادة جمهورية اذربيجان على اراضيها، ودعوة طرفي النزاع الى الاحتكام للقانون الدولي واعتماد الدبلوماسية والوسائل السياسية طريقا لحل الازمة التي لا تصب سوى في صالح الكيان الاسرائيلي الذي لا يضع قدما في اي منطقة في العالم الا ويأتي معه بالخراب والدمار والفتن والفوضى. حتى السعودية التي صبغت كل شيء في الحياة بصبغة طائفية، الى الحد الذي كانت تفضل "راقصة او مطربة او ممثلة" على أخرى، انطلاقا من الانتماء الطائفي لتلك الراقصة او المطربة والممثلة!!، اخذ اعلامها يقف الى جانب "شيعة" جمهورية اذربيجان ضد ارمينيا، والتقت بذلك مع عدوتها اللدودة تركيا.

ازمة قره باغ كشفت لكل من سقط في فخ الاعلام السعودي ومشايخ الفتنة الوهابية من السذج ، عربا ومسلمين، ان كل ما روج له الثلاثي المشؤوم ، امريكا و"اسرائيل" والسعودية على مدى اربعة عقود عن "صراع شيعي سني" هو كذبة كبرى للتغطية على الصرع الحقيقي، وهو الصراع بين القوى الرافضة للهيمنة الامريكية والعدوان "الاسرائيلي" وبين العملاء والخونة من الانظمة العربية الرجعية وعلى راسها السعودية.

ان العداء للجمهورية الاسلامية في ايران، من قبل الثلاثي المشؤوم، لم يكن سببه الانتماء الطائفي لايران الى المذهب الشيعي، فايران كانت "شيعية" في زمن الشاه ايضا، كما هو الحال اليوم في جمهورية اذربيجان، لكن الذي تغير هو الخطاب السياسي الايراني حصرا، وهو خطاب لم يعجب الشيطان الاكبر امريكا، فاعطى الضوء الاخضر لزبانيته من السعودية للعزف على الوتر الطائفي من اجل خلق هوة بين الخطاب الثوري الايراني وبين الشعوب العربية.