مسودة حكومة الحريري بين الامر الواقع والالتفاف

مسودة حكومة الحريري بين الامر الواقع والالتفاف
الجمعة ١١ ديسمبر ٢٠٢٠ - ٠١:١٦ بتوقيت غرينتش

تشكيلة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تنطوي على محاذير يرفضها ميشال عون وتسحب منسوب التفاؤل بقرب ولادة حكومة لبنانية.

العالم لبنان.

بدل الطرح الحكوميّ الواحد، انتهى لقاء بعبدا الاخير بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلَّف سعد الحريري بطرحَيْن "متقابلَيْن" دفعةً واحدةً، ما أوحى في الظاهر أنّ الحكومة "تحرّكت"، ووُضِعت على "النار"، استنتاجٌ يبدو "أبعد" ما يكون عن حقيقة الأمور.

تقول المصادر أخيراً، فعلها الحريري وقدّم تشكيلته الموعودة، وهي التي يؤكّد المقرّبون منه والمحسوبون عليه منذ نحو أسبوعيْن وربما أكثر، أنّها "مُنجَزة وفي جيبه"، وأنّه ينتظر "الوقت المناسب"، وربما الظروف الملائمة، لوضعها على الطاولة، خصوصاً في ضوء "التشنّج" الذي طبع علاقته بعون، أقلّه قبل إعادة "وصل ما انقطع" هذا الأسبوع.لكنّ "مفاجأة" لقاء بعبدا لم تكن في تقديم الحريري تشكيلته، ولا في طلب رئيس الجمهورية "دراستها"، باعتبار أنّ أحداً لم يكن "متفائلاً" لدرجة توقّع ولادة فوريّة للحكومة بموجبها، وإنما في "تصدّي" الرئيس عون لطرح الحريري، بطرحٍ مُضاد، و"متكامل" وفق ما تعمّدت أوساط بعبدا تسريبه إلى الإعلام بعيْد انتهاء اللقاء.

تتابع المصادر:

رغم كلّ ما أحاط بلقاء بعبدا من "التباس"، زادت غموضه تسريبات "الطرحيْن"، إلا أنّ عون والحريري اتفقا على ما يبدو على تعميم "الأجواء الإيجابية"، الأمر الذي ركّز عليه الحريري في كلمته المقتضبة والمُحضَّرة سلفاً بعد اللقاء، واستحضره مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية في بيانه المُلحَق باللقاء أيضاً.

إلا أنّ "واقعة" انتهاء اللقاء بطرحيْن مُضادّيْن، بعكس ما يخال البعض، لا تُفسَّر سوى باعتبارها "مؤشراً سلبيّاً" يُضاف إلى كمّ "السلبيّات" التي تحيط بالملفّ الحكوميّ منذ اليوم الأول، علماً أنّ ثمّة من سأل عن "دوافع" مبادرة عون إلى تقديم طرحٍ مستقِلّ، في حين كان الحريّ به انتظار ما سيقدّمه الرئيس المكلَّف، والتش.اور معه في شأنه، وبالتالي تعديل ما ينبغي تعديله، بدل "التصدّي" له بطرحٍ آخر، وكأنّ "المنافسة" هي على من ستفوز تشكيلته في نهاية المطاف.ويعتبر المراقبون أنّ خطوة "الطرحيْن" لا تعكس "جدّية" في مقاربة الملفّ الحكوميّ، بقدر ما تعكس "رغبة" لدى الطرفيْن في "التنصّل" من كرة المسؤولية، كيفما كان وبأيّ طريقةٍ مُتاحة، فإذا كان الرئيس المكلَّف أراد الردّ على الانتقادات والاتهامات التي وُجّهت له بالتقاعس وخلافه، عبر طرحه تشكيلته على الطاولة، للقول إنّه ليس من "يعرقل" ولادة الحكومة، فها هو عون "يسارع" لتقديم طرحٍ مقابِل، وكأنه يعيد رمي "الكرة" إلى بيت الوسط، على طريقة "الهجمة المرتدّة".وترى المصادر المطلعة أنّ لقصّة "الطرح المُضاد"، تفسيراً مختلفاً، في أوساط المحسوبين على "العهد"، والمقرّبين من رئيس الجمهورية، الذين لا يرون في الأمر "تناقضاً" بل "تكاملاً"، ويعتبرون أنّ بيان مكتب الإعلام في الرئاسة، فضلاً عمّا تسرّب في الساعات الأخيرة، واضحٌ لجهة البناء على الطرحيْن، لبحث "الفروقات" بينهما، وصولاً إلى "توحيد" الرأي.

ويتناغم هذا التفسير، وإن حمل إيجابية نسبية وليونة ملفتة، مع "الحذر" الذي يصرّ رئيس الجمهورية، ومن خلفه رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، على أن يقاربا من خلاله استعادة الرئيس المكلّف لنشاطه وعودته "المفاجئة" عن "اعتكافه" غير المُعلَن، باعتبار أنّه من باب "رفع العتب" في الحدّ الأدنى، "استباقاً" لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أو من باب فرض "الأمر الواقع"، وهذا بالتحديد ما يخشاه "العونيّون".ويقول أصحاب نظرية "الأمر الواقع"، إنّ تشكيلة الحريري، وكما بات معروفاً منذ ما قبل تقديمها، لم تُراعِ "التحفّظات" التي سبق لرئيس الجمهورية أن أبداه خلال لقاءاته السابقة معه، علماً أنّ البعض يشير إلى أنّ الحريري "التفّ" على تهمة "ازدواجية المعايير"، فتولّى تسمية كلّ الوزراء في تشكيلته، بمن فيهم المسيحيون، ولكن أيضاً أولئك المحسوبين على الأطراف الأخرى، ولا سيما "حزب الله" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، ما يدفع إلى التساؤل، إذا ما صدقت هذه المعلومات، عمّا إذا كان الحريري نفسه يعتقد أنّ حكومته "قابلة للحياة" استناداً إلى هذا المُعطى تختم المصادر.

مراسل العالم.