عندما تستخدم السلطات البحرينية كورونا كحجة جديدة لزيادة التمييز الطائفي الممنهج

عندما تستخدم السلطات البحرينية كورونا كحجة جديدة لزيادة التمييز الطائفي الممنهج
الخميس ٣١ ديسمبر ٢٠٢٠ - ٠٦:٥٥ بتوقيت غرينتش

على مدى العقود الماضية وحتى اليوم، يعاني المواطنون البحرينيون الشيعة، الذين تصل نسبتهم إلى 70٪ من عدد السكان في البحرين، من التمييز الطائفي الممنهج من قبل الدولة. فبالإضافة إلى التمييز في التوظيف ضمن الإدارات الرسمية والعسكرية، وفي منع الشيعة البحرينيين من مشاركة النظام في الحكم هناك شكل رئيسي آخر من أشكال التمييز هو التعدي الذي تجيزه الدولة على حق المجتمع في حرية المعتقد الديني وممارسة الشعائر الدينية بحرية.

العالم-البحرين

وقد اشتد هذا الأمر عام 2020 بحجة الإجراءات الاحترازية منعاً لانتشار فيروس كورونا. فتم اعتقال واستدعاء والحكم على عدد كبير من الأشخاص بالسجن والغرامات بسبب إحيائهم مناسبات دينية شيعية أو بسبب المشاركة فيها. كما تم فض تجمعات دينية، ومنع أخرى من الإنعقاد، وكذلك تمت إزالة مكبرات الصوت التي تبث مراسم دينية بحجة الوباء، رغم عدم ارتباط مكبرات الصوت بأي شكل من الأشكال بالوباء.

وفي العام ذاته، بدأت الحكومة البحرينية بإجراءات جديدة تستهدف الشيعة. وتشمل هذه الإجراءات استدعاء واعتقال والحكم بالسجن لمدة تصل إلى أشهر عديدة، وأحيانا سنة، وفرض غرامات، لمجرد قراءة أدعية دينية منها زيارة عاشوراء رغم أن هذه الزيارة مسموح بقراءتها بشكل شرعي من قبل الأوقاف الدينية في البحرين منذ زمن، أو لمجرد ذكر وقائع تاريخية تتعلق ببني أمية وبيزيد بن معاوية، بتهمة إهانة رموز وأشخاص موضع تمجيد لدى أهل ملة. كما كان لافتا منع المعتقلين الشيعة من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية داخل السجن، خصوصا تلك الخاصة بذكرى عاشوراء.

وعلى عكس ما يتعرض له الشيعة في البحرين، تتمتع الطوائف والأديان الأخرى بحرية ممارسة شعائرها الدينية دون أي تضييق، في ظل معايير مزدوجة تتبعها الحكومة البحرينية.

في هذا الإطار، أشارت اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية (USCIRF) في تقريرها حول أوضاع الحرية الدينية في البحرين لعام 2020 إلى أنه طوال هذا العام، واصلت البحرين بشكل ممنهج تقييد الحرية الدينية.

فاعتقلت الحكومة الشخصيات الدينية الشيعية، وفرضت قيودًا على إحياء ذكرى عاشوراء وذكرى الأربعين وهي مناسبة مقدّسة لدى الطائفة الشيعية في كل عام، بما يتجاوز القيود المعقولة والقانونية لمنع انتشار فيروس كورونا. كما استمر حرمان السجناء السياسيين في البحرين من الوصول إلى الكتب والمنشورات الدينية، وتمت مصادرتها وأوصت USCIRF وزارة الخارجية الأمريكية بوضع البحرين على قائمة المراقبة الخاصة (SWL) لانتهاكاتها المستمرة والممنهجة للحريات الدينية. وسنحاول من خلال هذا المقال الإضاءة على أبرز الإنتهاكات المتعلقة بالحريات الدينية التي حصلت خلال عام 2020.

حملات اعتقال على خلفية إحياء الشعائر الدينية

ازدادت حملات الإعتقال عام 2020 على خلفية إحياء الشعائر الدينية، وكان ذلك بارزاً خلال إحياء الطائفة الشيعية لمراسم الأربعين وخلال شهر محرم وشعائره المتعددة، وكان لافتاً هذا العام حملات الإعتقال بتهمة قراءة زيارة عاشوراء. هذا وسط التضييق الممارس من قبل الحكومة تذرّعاً بالإجراءات الإحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا.

إحياء ذكرى الأربعين

في 28 أكتوبر 2020 اعتقل الرادود جعفر الغاوي لمدة 7 أيام على ذمة التحقيق بعد استدعائه بتهمة تنظيم موكب عزاء ديني، ثم أطلق سراحه لاحقاً. والجدير بالذكر أن جعفر كان قد تعرض لتسمم غذائي أثناء توقيفه في مركز شرطة الخميس في 1 نوفمبر، ونُقل على إثر ذلك لمُجمّع السلمانيّة الطبيّ.

في 14 أكتوبر، تم استدعاء الرادود سيد احمد سيد هاشم علوي إلى مركز الحورة للتحقيق معه. واستدعي جعفر الشمروخ، رئيس مجلس إدارة مأتم السنابس حسن المعلمة، ونائبه هاني يوسف الكريم، إلى مركز شرطة الحورة في 13 أكتوبر بتهمة مشاركتهم في مراسم عزاء الأربعين.

في 12 أكتوبر، اعتقل أمين سر مجلس إدارة مأتم السنابس الأستاذ محمد عباس كريم بعد استدعائه للتحقيق. وفي اليوم ذاته في كرانة، اعتقل الرادود جعفر فضل بتهمة المشاركة في إحياء ذكرى الأربعين، وحكم عليه بالسجن ثلاث أشهر مع غرامة ألف دينار في 4 نوفمبر. وفي اليوم ذاته (12 أكتوبر)، استدعي مدير مأتم الجعفرية ببلدة الديه إلى مركز شرطة الخميس. كما اعتقل في هذا اليوم الرادود محمود الفردان بعد استدعائه بتهمة الامتناع عن تنفيذ إجراءات منع انتشار كورونا، وحكم عليه في 4 نوفمبر بالسجن 3 أشهر مع غرامة بقيمة 1000 دينار. واعتقل أيضاً في 12 أكتوبر الرادود كميل عاشور، الذي حكم عليه بالسجن لمدة 3 أشهر وغرامة مالية قيمتها 1000 دينار، في 19 نوفمبر، على خلفية مشاركته في ذكرى الأربعين.

في 11 أكتوبر، اعتقل الرادود يوسف علي المالكي في المالكية أثناء مغادرته البحرين. وفي اليوم ذاته، اعتقل الرادود جعفر سهوان بعد محاصرة ومداهمة منزل والده في السنابس وتم نقله لجهة مجهولة. والجدير بالذكر أن بعد توقيف جعفر، ذهبت السلطات إلى منزله مرتين لاعتقاله حسب زعمهم، علماً أنه كان أصلاً قابعاً في السجن. وبعد تمديد توقيفه لمرات عدة، أفرج عنه في 25 أكتوبر. وتم استدعاء أحمد ناصر إلى مركز شرطة الحورة في 9 أكتوبر بتهمة مشاركته في عزاء الأربعين، قبل أن يطلق سراحه في 11 أكتوبر مقابل كفالة قدرها 300 دينار. واستدعي في 10 أكتوبر أيضا إلى مركز شرطة الحورة الرادود حسين قمبر، حيث تم اعتقاله.

في 8 أكتوبر، واعتقل الرادود صادق مطر فتيل في سترة بعد استدعائه لمركز الشرطة. وفي اليوم ذاته، استدعي إلى مركز شرطة الحورة سيد حسين المالكي (رغم أنه شارك في إحياء مراسم الأربعين عبر منصات التواصل الإجتماعي فقط)، قاسم مرهون، عباس الغسرة، مهدي سهوان، حسن صالح القطان، أحمد عباس علي، جواد أحمد جواد، أحمد سعيد خاتم، سيد عادل حمزة، مهدي العلي، مدير مأتم السنابس فيصل الشمروخ، علي الحليبي، حيث تم التحقيق معهم وتوقيفهم جميعا، باستثناء الشمروخ، بسبب إحيائهم شعائر دينية. واستدعي مرة أخرى فيصل الشمروخ في 13 أكتوبر للتحقيق إلى مركز شرطة الحورة بتهمة مشاركته في عزاء الأربعين.

وأفرج عن حسن صالح القطان، أحمد عباس علي، جواد أحمد جواد، وأحمد سعيد خاتم في 10 أكتوبر مقابل كفالة مالية قدرها 300 دينار. وفي اليوم التالي، أفرج عن مهدي العلي. كما أفرج عن سيد حسين المالكي (مقابل كفالة قدرها 200 دينار) ومهدي سهوان في 15 أكتوبر بعد اعتقالهم لسبعة أيام على ذمة التحقيق، وأفرج عن قاسم مرهون في 20 أكتوبر، بينما حكم على الرادود عباس الغسرة بالسجن سنة واحدة في 4 نوفمبر بتهمة إحياء الشعائر الدينية، بعد أن تم تمديد اعتقاله مرات عدة سابقا بداعي التحقيق.

في 7 أكتوبر، أي ليلة الأربعين، عمدت الشرطة وقوى الأمن البحرينية على قمع مراسم الأربعين. أغلقت قوى الأمن البحرينية جميع المنافذ المؤدية إلى المنامة، في محاولة لمنع المعزين من إحياء ليلة الأربعين. وأقدم ضباط مسلحين بملابس مدنية على ملاحقة وتوقيف المعزين في أبو صيبع الشاخورة، في محاولة لمنعهم من إحياء ليلة الأربعين. كما أقدم ضباط آخرون في ذات الليلة في بلدة إسكان عالي على مهاجمة وتفريق المعزين الجالسين في الساحات، والذين كانوا يتخذون جميع التدابير الوقائية اللازمة من فيروس كورونا، بينما أمرت القوات الأمنية في بلدة المحرّق بإطفاء مكبرات الصوت التي كانت تبث مراسم الأربعين، كما انتشرت هذه القوات أمام أبواب المآتم في تلك المنطقة، لمنع المعزين من إحياء ذكرى الأربعين.

وفي الدراز وصدد، نشرت قوى الأمن على مداخل البلدتين مركبات عسكرية لمنع إحياء ذكرى الأربعين. وفي منطقة كرزكان، قامت الشرطة البحرينية بمصادرة مكبرات الصوت التي كانت تبث مراسم الأربعين. واللافت أن حتى قبل إحياء الذكرى، بدأت السلطات البحرينية بالقمع. ففي 6 أكتوبر، استدعي والد حسين الجزيري (المعارض الذي قتل على يد النظام البحريني)، وأجبر على التوقيع على تعهد بعدم المشاركة في عزاء ذكرى الأربعين.

في 6 أكتوبر، واعتقل الرادودان حبيب المهدي وأحمد الماجد بعد استدعائهم بتهمة مشاركتهما في إحياء الشعائر الحسينية. ولاحقا، في 20 أكتوبر، تم الحكم على الماجد بالسجن 3 أشهر مع غرامة مالية قدرها ألف دينار. وفي 6 أكتوبر، استدعي الرادود عبدالأمير البلادي للتحقيق. وفي اليوم ذاته، تم استدعاء منير مشيمع، وهو شقيق ضحية الإعدام سامي مشيمع، إلى مركز شرطة المعارض على خلفية مشاركته في إحياء ذكرى الأربعين. واستدعي مشيمع للمرة الثانية إلى التحقيق في 12 أكتوبر في مركز شرطة الحورة.

وترافقت كل هذه الإجراءات الحكومية مع بيانات كانت قد صدرت عن وزارة الداخلية البحرينية وعن إدارة الأوقاف الجعفرية تدعو إلى منع التجمعات خلال مناسبة ذكرى الأربعين.

وفي بيان وزارة الداخلية، أمرت الوزارة بالاكتفاء بإحياء المناسبة عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وبعدم التجمع في المآتم والمنازل، مهددة باتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يخالف هذا القرار، بحجة الحفاظ على الصحة العامة.

واللافت في هذا البيان، تعمّد وزارة الداخلية الإشارة إلى التجمعات المتعلقة بذكرى الأربعين، وغض النظر عن باقي التجمعات التي كانت تحصل في الفترة ذاتها، والتي لا تراعي بمعظمها الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا، ما يشير إلى استخدام الوباء كذريعة جديدة لمنع الشيعة من ممارسة شعائرهم الدينية، بينما لم يتم التطرق إلى المناسبات الأخرى، إن كانت الدينية المتعلقة بالطوائف الأخرى، أو تلك الغير دينية، في استمرار لسياسة الاضطهاد والتمييز المتبعة منذ عقود بحق الشيعة في البحرين من قبل الحكومة البحرينية. على سبيل المثال، حصلت تجمعات كبيرة في ذكرى العيد الوطني البحريني، خاصة من قبل العمالة الباكستانية التي سمح لها بالمشاركة في احتفالات هذا العيد، دون اتخاذ أدنى الإجراءات الاحترازية المطلوبة لمنع تفشي وباء كورونا كارتداء الكمامات وممارسة التباعد الاجتماعي.

وترافق ذلك مع مؤتمر صحافي “للفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا”، أكد فيه على أهمية تجنب التجمعات والتحذير من إحياء المناسبات بالمنازل. وهو مؤتمر قد يبدو عاديا جدا، لا بل أكثر من طبيعي، إلا أن اللافت فيه هو عقده في ليلة إحياء ذكرى الأربعين، ما يدل على تقصد استخدام مناسبات الشيعة كعذر لانتشار الوباء، خاصة وأنه تم الإشارة إلى ازدياد أعداد المصابين بكورونا بعد إحياء ذكرى عاشوراء. وفي اليوم التالي، تذرع نائب رئيس الأمن العام البحريني بفيروس كورونا لتبرير قمع المواطنين الذين حاولوا إحياء ذكرى الأربعين.

اعتقالات على خلفية قراءة زيارة عاشوراء

في 3 سبتمبر، اعتقل عبد النبي السماك بسبب قراءته زيارة عاشوراء خلال مأتم في عراد، بتهمة إهانة رموز وأشخاص موضع تمجيد لدى أهل ملة، رغم أنه لم يقرأ المقطع الأخير من الزيارة، ورغم أن هذه الزيارة مسموح بقراءتها بشكل شرعي من قبل الأوقاف الدينية في البحرين منذ زمن. وبعد تمديد اعتقاله لمرات عدة على ذمة التحقيق، حكم عليه في 25 نوفمبر بالسجن لسنة واحدة. وكان قد أكد السماك أثناء استجوابه أن هذه الزيارة التي قرأها هي موجودة منذ زمن في البحرين، وهو فقط قام بقراءتها، وليس هو من كتبها.

في 9 ديسمبر، اعتقل الرادود سلمان العرب لمدة أسبوع على ذمة التحقيق بتهمة إهانة رموز وأشخاص موضع تمجيد لدى أهل ملّة بسبب قراءته زيارة عاشوراء خلال خطبة كان قد ألقاها. وتم تجديد اعتقاله لأسبوع آخر. وفي 23 ديسمبر، قررت النيابة العامة اعتقاله لستة أشهر.

في 8 سبتمبر، اعتقل الشيخ إبراهيم الأنصاري على ذمة التحقيق بسبب شرح زيارة عاشوراء. وبعد تمديد اعتقاله على ذمة التحقيق مرات عدة، حكم عليه بالسجن 6 أشهر في 18 نوفمبر بتهمة “إهانة رموز وأشخاص موضع تمجيد لدى أهل ملة”.

في 27 سبتمبر، تم توقيف مواطنين بحرينيين بتهمة الإهانة العلنية لرموز وأشخاص موضع تمجيد لدى أهل ملة وعدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا.

في 11 سبتمبر، اعتقل عيسى سلمان في السنابس بتهمة قراءة زيارة عاشوراء، وأطلق سراحه لاحقا.

في 8 سبتمبر، اعتقل ناصر علي ناصر بالتهمة ذاتها، وأفرج عنه في 28 أكتوبر مقابل كفالة قدرها 50 دينار.

في 8 سبتمبر، اعتقل ناجي أحمد عيد لمدة أسبوع على ذمة التحقيق بسبب قراءته زيارة عاشوراء في العاشر من محرّم، أي في ذكرى عاشوراء، قبل أن يطلق سراحه لاحقا.

في 7 سبتمبر، اعتقل الملا قاسم زين الدين على ذمة التحقيق بعد استدعائه بتهمة الإهانة العلنية لرموز وأشخاص موضع تمجيد لدى أهل ملة بسبب قراءته زيارة عاشوراء والتحدث عن الجرائم التي ارتكبها بنو أميّة بحق أهل البيت (ع)، في خطبة ألقاها أثناء إحياءه مأتم عاشورائي. ومدد اعتقاله على ذمة التحقيق مرات عدة، قبل أن يطلق سراحه في 28 أكتوبر. والجدير بالذكر أن الملا زين الدين كان قد حرم من الطعام ومن تبديل ملابسه بأخرى نظيفة أثناء اعتقاله. وكان الملا زين الدين قد اعتقل سابقا في 29 يناير دون ذكر الأسباب وراء ذلك، قبل أن يطلق سراحه في 16 مارس.

في 6 سبتمبر، استدعي رجل الدين السيد محمد الغريفي للتحقيق بسبب ذكره لوقائع تاريخية تتعلق بيزيد بن معاوية. وقد برر المحقق ما حصل باعتباره أن يزيد هو موضع تمجيد لدى عدد من المواطنين.

في 28 أغسطس، اعتقل الدكتور وسام خليل العريض بعد استدعائه بسبب قراءته زيارة عاشوراء. واتهم الدكتور العريض بإهانة رموز وأشخاص موضع تمجيد لدى أهل ملة، واعتقل لخمسة أيام، ثم أطلق سراحه مقابل كفالة. ومنع من السفر، وتمت إحالة قضيته إلى القضاء لاستكمال محاكمته.

انتهاكات شهر محرّم

اعتقل حسين عمار العرادي في 16 سبتمبر على ذمة التحقيق بتهمة المشاركة في مراسم عاشوراء، ومدد اعتقاله مرات عدة، قبل الإفراج عنه في 13 أكتوبر. كما أجبر الناشط عادل مرزوق، في 13 سبتمبر، للتوقيع على تعهد بالامتناع عن وضع لافتات سوداء على منزله، بعد أن كان قد وضع لافتة في هذا العام، قبل أن يجبر على إزالتها وتسليمها للمحكمة.

مقابل كل ذلك، أمعنت الحكومة البحرينية في إهمال، وأحيانا ترويج، الأخبار الكاذبة والآراء الطائفية الموجهة ضد الطائفة الشيعية، والتي تتهم مراسم عاشوراء بالوقوف وراء الازدياد في عدد المصابين بكورونا. في هذا الإطار، كتب الصحافي فريد أحمد حسن مقالاً في صحيفة الوطن بتاريخ 10 سبتمبر، تحت عنوان “عاشوراء هي السبب“، متهماً المشاركين بإحياء مراسم عاشوراء بالوقوف وراء ارتفاع عدد المصابين بكورونا. وفي 7 سبتمبر، نشرت الصحيفة ذاتها مقالاً تحت عنوان “مخالفة الإجراءات الاحترازية وراء زيادة نسبة الإصابات بـ”كورونا”“، مستخدمة صورة تعود إلى العام 2017 واستخدمتها كدليل لعدم التزام المواطنين الشيعة بالإجراءات الوقائية من الوباء في مسيرات العام 2020.

فبينما أغلقت السلطات صحيفة الوسط، الصحيفة المستقلة الوحيدة في البحرين، قبل ثلاث سنوات بسبب صورة، لم يتم اتخاذ أي إجراء ضد صحيفة الوطن لعدم نقلها الواقع بشفافية. ومن ناحية ازدياد عدد الإصابة بكورونا، فهذه الزيادة كانت متوقعة ليس فقط بسبب إحياء مراسم ذكرى عاشوراء، ولكن أيضًا لأن المهرجانات والأعراس والتجمعات كانت تقام دون أي إجراءات احترازية، كما فتحت في الفترة ذاتها النوادي الرياضية، المتاجر، أحواض السباحة، دور السينما، المطاعم، بالإضافة إلى مرافق وقطاعات أخرى، دون اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة.

بالإضافة إلى ذلك، في 1 سبتمبر، أي في اليوم التالي بعد عاشوراء، شارك ناصر بن حمد في احتفالية للديانة الهندوسية ممثلا الملك، كعرض للتسامح الديني والاحتفاء بالتنوع. ويلاحظ من خلال الصور عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية من وباء كورونا، إذ لم يلاحظ ارتداء أي شخص للكمامة وبدون ممارسة التباعد الاجتماعي، ما يدل بشكل واضح على ازدواجية المعايير المتبعة من قبل الحكومة البحرينية. كما تم اكتشاف أن الزيادة في حالات الإصابة بفيروس كورونا بعد عيد الفطر كانت أعلى من الزيادة في الحالات بعد عاشوراء ، مشيرة إلى أن عدد تحاليل فيروس كورونا بعد عاشوراء كان أعلى. من هنا، يعتقد بعض المواطنين أن الحكومة البحرينية تعمدت زيادة عدد الفحوصات بعد عاشوراء بهدف استخدام مراسم عاشوراء كذريعة وراء انتشار الفيروس.

في 27 أغسطس، تم استدعاء رئيس المأتم في السنابس حسن المعلمة ورئيس الموكب احمد عيد. كما تم استدعاء المداحين حسين سهوان وصالح سهوان وجعفر سهوان بخصوص موكب تم إحياءه في الليلة الأولى من محرّم. وفي اليوم ذاته في المنامة ، تم استدعاء المداح عبد الجليل أبو قاسم وآخرون من مأتم المشبر بسبب قصيدة قرأت أثناء إحياء ليالي محرّم. وطوال فترة عاشوراء، استدعيت قيادات مأتم العجم، مأتم ولي العصر، مأتم سيد جعفر، مأتم جهرمية، مأتم سيد حبيب، مأتم عبد المهدي، ومأتم الإمام علي بسبب انطلاق مواكب عفوية أثناء إحياء الأيام الأولى من شهر محرّم.

26 أغسطس، تم استدعاء رئيس مأتم القائم في إسكان العالي، وتلقى استدعاءً إضافياً إلى مركز شرطة خميس في اليوم التالي ؛ ثم أصدرت السلطات أمرا للمأتم بوقف بث الشعائر عبر مكبرات الصوت.

في 24 أغسطس، تم استدعاء رئيس مأتم الدراز، السيد كاظم الدرازي، للتحقيق.

وفي 23 أغسطس تم استدعاء إدارات المساجد في مدينة حمد إلى مركز شرطة الدوار 17، حيث تم إجبارهم على توقيع تعهدات بتعليق جميع المراسم المتعلقة بشهر محرّم وذكرى عاشوراء، على الرغم من أن البعض كانوا فقط يبثون مراسم تقام في مآتم أخرى على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم.

في 22 أغسطس، تم استدعاء إداريي مأتم الشمالي، عبد الله الماروم وحميد عدنان إلى التحقيق بسبب تركيب جهاز عرض.

الأوامر الصادرة بشأن إقامة مراسم عاشوراء

في 26 أغسطس، أي في السادس من محرّم، أصدر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ووزارة العدل قرارا يقضي بالفتح التدريجي للمساجد ابتداء من 28 أغسطس، إلا أن هذا القرار لم يشمل المآتم والحسينيات. لذلك، اجتمعت الأوقاف الجعفرية مع الفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا في 26 أغسطس، واتفقوا على السماح بإقامة مراسم عاشوراء ضمن شروط الوقاية من الفيروس، وهي : جلوس المشاركين المؤمنين خارج المآتم ضمن إجراءات التباعد الإجتماعي مع بقائهم في أماكنهم طوال الوقت، إقامة المسيرات، في حال تقرر ذلك، ضمن إجراءات التباعد الإجتماعي وضمن حدود المآتم، ضرورة ارتداء المشاركين المؤمنين للكمامات مع توزيع إدارة المآتم عليهم المحارم ومعقمات اليدين التي تحتوي على نسبة 70 بالمئة من الكحول، مع منع توزيع الطعام والمياه. كذلك، منع هذا القرار الأطفال، الكبار في السن، وأصحاب الأمراض المزمنة من حضور المراسم، ومنع القرار المواطنين المؤمنين من إحياء المراسم خارج نطاق سكنهم. وكان قد سبق ذلك بيان من الأوقاف الجعفرية يلزم فيه المآتم بإنشاء لجان تنظيمية تهدف إلى تفادي التجمعات خلال مراسم عاشوراء.

وسبق ذلك في 14 أغسطس، الأوامر التي أصدرها يوسف بن صالح الصالح، رئيس مجلس الوقف الجعفري، في الاجتماع الذي عقده مع المجلس الإداري وفريق العمل الطبي الوطني لمكافحة فيروس كورونا، والتي فرضت قيودًا على المآتم ودور العبادة خلال عاشوراء. وتشمل هذه القيود إقامة مراسم محرّم افتراضياً بحضور الهيئة الإدارية والطاقم المسؤول عن البث في المآتم فقط مع الالتزام بكافة الإجراءات الوقائية، حصر مدة المراسم إلى 20 دقيقة كحدّ أقصى، تقديم أسماء المسؤولين في الإدارة والمتحدثين والموظفين إلى وزارة الصحة لفحصهم والتأكد من سلامة جميع الموجودين في المأتم، منع تعليق اللافتات السوداء خارج نطاق المآتم، منع بث المراسم والخطب على مكبرات الصوت، منع التجمعات والمسيرات، وتحريم المآتم والمراسم على النساء.

وبعد ضغط كبير كان قد مورس على الحكومة البحرينية، تم إلغاء مدة العشرون دقيقة، وتم السماح بتركيب مكبرات الصوت. وكان قد سبق ذلك قرار المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في 12 أغسطس، القاضي بالاستمرار في تعليق الصلوات الجماعية والمراسم الدينية بداعي الوقاية من كورونا. واللافت في قرار هذا المجلس هو استمرار منع إحياء الشعائر الدينية رغم قرار الحكومة البحرينية بفتح المنشآت الرياضية والسياحية والتجارية ابتداء من 6 أغسطس، ما يشير إلى استخدام كورونا كذريعة لمنع الشيعة من إحياء ذكرى عاشوراء.

إحياء مراسم عزاء متفرقة

في 28 ديسمبر، اعتقل الشاب مطهر سهوان، ابن الرادود مهدي سهوان، بسبب مشاركته في مراسم عزاء في بلدة السنابس إحياءً لذكرى استشهاد السيّدة فاطمة الزهراء وهي مناسبة تحييها الطائفة الشيعية في كل عام. وتقرر في اليوم التالي توقيفه لمدة أسبوع على ذمة التحقيق.

في 22 أبريل، نشرت إدارة الوقف الجعفري قرارًا بحظر مكبرات الصوت بحجة جائحة كورونا، وعرضت البث على وسائل التواصل الاجتماعي كبديل. رغم ذلك، تم استخدام مكبرات الصوت طوال شهر رمضان لإذاعة تلاوة القرآن دون أي تدخل من السلطات، ما يعني أن هذا القرار جاء لمنع إحياء ذكرى استشهاد الإمام علي.

في 13 يناير، تم اعتقال الملا عبدالزهراء السماهيجي، المتحدث الحسيني، بتهمة التحدث في “حدث تم فيه ارتكاب جرائم” وإهانة رموز وأشخاص موضع تمجيد لدى أهل ملة أثناء إلقائه خطبة في مناسبة إحياء ذكرى استشهاد فاطمة الزهراء بنت الرسول. وجددت النيابة العامة اعتقاله مرتين قبل الإفراج عنه في 20 فبراير.

انتهاك الحريات الدينية في السجن

واجه السجناء في هذا العام انتهاكات عدة على صعيد ممارسة شعائرهم الدينية بحرية لا سيما مع اقتراب ذكرى عاشوراء وخلالها أولاً فرض المزيد من الحظر على ممارسة الشعائر الدينية المتعلقة بالذكرى وعزل السجناء مع سجناء أجاني يختلفون معهم في اللغة والمعتقد ومصادرة كتبهم الدينية بالإضافة إلى تعريضهم للتعذيب وسوء المعاملة.

في 8 أغسطس، في تسجيل صوتي من داخل السجن صرّح الناشط الحقوقي ناجي فتيل أنه سوف يضرب عن الطعام مع حوالى 500 سجين سياسي آخرين في المبنيين 13 و14 من سجن جو، اعتبارًا من 9 أغسطس وذلك احتجاجًا على الإهمال، سوء المعاملة، والحظر المفروض من قبل إدارة السجن على ممارسة الشعائر الدينية، خاصة مع اقتراب ذكرى عاشوراء.

في 10 أغسطس، تم نقل فتيل مع 5 سجناء آخرين، وهم صادق الغسرة، محمد فخراوي، الشيخ زهير عاشور عباس، محمد سرحان، وعلي الوزير، إلى المبنى 15 كشكل من أشكال العقاب بسبب تحريض السجناء الآخرين.

وتم وضع كل سجين في زنزانة مع ثلاثة سجناء من المهاجرين الآسيويين. وتم منح كل زنزانة ساعة في الفناء في أوقات منفصلة، مما يعني أن هؤلاء الأفراد لم يتمكنوا من مقابلة بعضهم البعض أو أي سجين بحريني آخر وأنهم محاطون فقط بزملائهم في الزنزانة الذين لا يشاركونهم لغتهم أو ثقافتهم أو دينهم. نظرًا لأنهم كانوا أيضًا في إضراب عن الاتصال منذ يوليو احتجاجًا على انتهاكات حقوق الإنسان من قبل إدارة السجن، لم يتصلوا بأفراد العائلة، ما يعني أنهم كانوا في عزلة بحكم الواقع. على الرغم من أن إدارة السجن وعدت بتلبية مطالب النزلاء بالسماح لهم بأداء الشعائر الدينية خلال عاشوراء، إلا أن هؤلاء الأشخاص الستة ظلوا في المبنى رقم 15.

وواجه المعتقلان علي الوزير والشيخ زهير عاشور تهديدات بالإعدام والتعذيب، وتعرض الوزير للضرب على أيدي ضباط السجن ، مما أدى إلى كسر أسنانه وكدمات في وجهه وكسر في يده.

في 18 أغسطس، تلقت منظمة ADHRB معلومات من عائلات الأفراد، الذين اتصل بهم نزلاء آخرون ، تفيد بأن فتيل التقى بمدير السجن ، الذي أعادهم بعد ذلك إلى المبنى رقم 14. ونتيجة لذلك ، أنهى الأفراد إضرابهم عن الطعام. لكن في وقت لاحق من اليوم ذاته، نقض ضابط آخر القرار ، فأعاد الغسرة والشيخ زهير عاشور وسرحان والوزير وفخراوي إلى المبنى 15.

ولم يتم نقل فتيل واستمر في الإضراب عن الاتصال تضامنا مع زملائه، مع بقائه في المبنى 14. وبسبب تعرض الأشخاص الخمسة للعزل في المبنى رقم 15، لم يتمكنوا من أداء الشعائر الدينية، وهو ما يعد انتهاكًا لحقوق الإنسان الخاصة بهم. لذلك، لجأ هؤلاء الأشخاص أحياناً إلى ترديد شعارات عاشوراء أو الصلاة من خلال فتح باب الزنزانة حتى يسمعهم الآخرون.

وفي 27 أغسطس، اليوم التاسع من محرم، قبل يوم واحد من ذكرى عاشوراء، حدثت مشادة بين الوزير وضابط يمني، بسبب استفزاز الأخير للوزير وإهانته؛ وبالتالي نقل الوزير إلى الحبس الانفرادي. ونتيجة للحادث، وجهت للشيخ عاشور، الذي صودرت كتب الأدعية الخاصة به ، تهمة تحريض الوزير. وتم الانتقام من الشيخ عاشور من خلال نقله إلى الحبس الانفرادي لمدة 3 أشهر. وتم نقل سرحان إلى زنزانة أخرى، وبالتالي، لم يتمكنوا إطلاقا من أداء طقوس عاشوراء.

ومازال الشيخ عاشور يعدّ مختفيا قسريا بسبب انقطاع اتصاله بعائلته بشكل كلي منذ شهر يوليو ولا تعرف عنه أي خبر حول مكان وجوده أو صحته رغم قيامها بتبليغ المؤسسات الرسمية المعنية بحقوق الإنسان والسجناء في البحرين خلال أيام عاشوراء ، ونتيجة للمطالب والإضرابات التي نظمها السجناء قبل وأثناء محرّم، سُمح للنزلاء بأداء طقوس محرّم في بعض المباني في سجن جو خلال فترة محددة تبلغ حوالي 3 ساعات. لكن، في مباني أخرى، مثل المبنى 15 والمبنى 1، مُنع النزلاء تمامًا من ممارسة الشعائر الدينية جماعة وتمت مصادرة كتبهم الدينية. كما حُرم النزلاء في سجن الحوض الجاف من إمكانية مشاهدة المراسم الدينية عبر التلفزيون مع مصادرة كتبهم الدينية.

رغم ذلك ، أصرت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان على أن السجناء قد مارسوا الشعائر الدينية بحرية خلال شهر محرّم، على النحو الذي تضمنه المعايير الدولية، مدعية أنهم زاروا السجون لفحص الوضع. في 24 أغسطس، احتج ليث خليل وعلي عاشور وفيصل عطية على تصويرهم أثناء ممارستهم لطقوس محرّم لاعتقادهم أنها ستستخدم في حملة لتبييض انتهاكات إدارة السجن؛ ونتيجة لذلك وضعوا في الحبس الانفرادي.

في 17 يونيو، تعرّض عشرات السجناء في سجن جو، تحديدا في المبنى 4 الذي يحتجز فيه معتقلو الرأي، للاعتداء بسبب إحياء ذكرى استشهاد الإمام جعفر الصادق.

المساءلة الانتقائية

أظهرت السلطات البحرينية تحيزًا وازدواجية في المعايير فيما يتعلق بتنفيذ القانون والمحاسبة. تنص المادة 23 من الدستور البحريني على أن “لكل فرد الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو بأي وسيلة أخرى، وفقًا للشروط والإجراءات المحددة قانونًا، دون الإخلال بمبادئ العقيدة الإسلامية والوحدة الوطنية وبما لا يثير التفرقة أو الانقسام بين الطوائف “. إلا أن تم استخدام هذه المادة لاستهداف وملاحقة الناشطين والشخصيات الدينية، في حين أن الأفراد الذين ينتهكون المادة في الواقع لا يحاسبون.

بالفعل، هناك حالات تم فيها التعامل مع الفتنة الطائفية والكراهية بشكل فعال. في 15 أغسطس، ظهر مقطع فيديو لامرأة تكسر تمثالًا هندوسيًا في متجر محلي وتعلن البحرين دولة إسلامية. وأصدرت وزارة الداخلية بيانًا في اليوم التالي أفادت بأنه تم تحويل القضية إلى النيابة العامة. كما يبث التلفزيون البحريني صلوات وطقوس السنة والمسيحيين والهندوس ، لكنها لا تبث الشعائر المتعلقة بالطائفة الشيعية.

من ناحية أخرى، عندما يتم توجيه المضايقات ضد المجتمع الشيعي، تفشل السلطات في تطبيق القوانين التي تضمن السلام والوحدة الوطنية. في 24 أغسطس ، نشر الصحافي البحريني عبد المنعم إبراهيم مقالاً في صحيفة أخبار الخليج بعنوان “الحيوانات تلتزم بالتباعد وقت المرض.. والبشر مستهترون!” في هذا المقال ، انتقد إبراهيم المصلين الشيعة الذين كانوا يمارسون شعائر محرم ، مقارنا إياهم ضمنيًا بالحيوانات. الإجراء الوحيد الذي تم اتخاذه هو عبر المحامية هدى عيسى الشاعر، التي قدمت بلاغًا للنيابة العامة ضد الصحيفة التي نشرت المقال.

وبعد بث تسجيل لعيسى صالح الحسن يهدد فيه بفتوى تسمح بقتل الشيعة في البحرين، قدم الناشط حسن السترة أدلة إلى مديرية مكافحة الجرائم الإلكترونية. وكان الرد أن الحسن ليس مواطنا بحرينيا بل سعوديا لذا لا يمكن اتخاذ أي إجراء على الرغم من أن الحسن مقيم في البلاد وكان من المتقدمين على على الترشح لانتخابات 2018. لكن، وبعد ضغوط كبيرة من المواطنين البحرينيين ، قالت وزارة الداخلية البحرينية في تغريدة على تويتر إنها تعمل على اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وأنها تعمل على اعتقال الرجل الذي يقف وراء التسجيل. لكن، فقد بعض المواطنين البحرينيين، وخاصة الشيعة، الثقة في الحكومة ، لأنه في حالات سابقة مماثلة لم يتم اتخاذ أي إجراءات ضد أولئك الذين يهاجمون ويهددون الشيعة.

محاكمات مبنية على التمييز الطائفي

في 30 يونيو، حكمت محكمة بحرينية على المحامي البارز عبد الله الشملاوي بالسجن 8 أشهر وكفالة 200 دينار بحريني (ما يعادل 530 دولارًا) على خلفية تغريدتين كان قد نشرهما. إحدى التغريدات، التي حُكم عليه فيها بالسجن 6 أشهر من أصل 8، نُشرت قبل يوم واحد من حلول ذكرى عاشوراء عام 2019 حيث أبدى الشملاوي رأيه الشخصي في ممارسة الصيام في عاشوراء، حيث اعتبر هذا الصيام تعبيرا عن الفرح باستشهاد الإمام الحسين، علما أنه كان قد أشار إلى المعلومات التاريخية التي قدمها العلماء دون إهانة أي طائفة أو مجتمع. وفي اليوم التالي، قام بحذف التغريدة وبشرح نواياه، معتذرًا من كل من أساء إليه. ورغم ذلك، تم استدعاؤه للاستجواب في قسم التحقيقات الجنائية لمكافحة الجرائم الإلكترونية بعد يومين بتهمة ازدراء أتباع المذهب السني.

كما تم استجوابه لمدة أربع ساعات في النيابة العامة على خلفية هذه التغريدة، بالإضافة إلى تغريدة أخرى سبق أن نشرها عام 2018. وفي 14 سبتمبر، قضت محكمة الإستئناف الكبرى الجنائية بانقضاء الدعوى الجنائية المرفوعة ضده بالصلح مع الشاكين في قضية جنيد (التي حكم على إثرها بالسجن لشهرين)، وبوقف تنفيذ حكم السجن لستة أشهر في قضية صيام عاشوراء، وبالتالي إطلاق سراحه. إن استجواب الشملاوي وإدانته لا يشكلان انتهاكًا لحقه في حرية التعبير فحسب، بل يشكلان أيضًا شكلاً من أشكال القمع الديني.

تجدر الإشارة إلى أن رد الفعل العنيف الذي واجهه الشملاوي على الإنترنت شمل اعتداءات طائفية قاسية وتحريضية. إلا أنه لم تتم محاسبة أي من الذين استخدموا اللغة الطائفية على الرغم من أن التشريعات البحرينية تعاقب جميع أشكال الطائفية التي تحرض على الفتنة، مما يظهر ازدواجية المعايير وانعدام الحيادية في النظام القضائي البحريني.

في 3 نوفمبر، تمت محاكمة 52 متهماً في محاكمة جماعبة تنتهك معايير المحاكمة العادلة. تم القبض على المتهمين دون أمر قضائي ، وتم إخفاؤهم قسرا، وتعذيبهم للاعتراف، ومنعوا من الاتصال بمحاميهم.

وحُكم على 51 شخصًا بالسجن لمدد تتراوح بين خمس سنوات والسجن المؤبد بتهم تتعلق بالإرهاب تتعلق بتكوين جماعة مسلحة بتوجيه من الحرس الثوري الإيراني والتخطيط لارتكاب أعمال تخريبية. ينتمي جميع المتهمين إلى الطائفة الشيعية. يمكن قول الشيء نفسه بالنسبة للعديد من المحاكمات الجماعية الأخرى التي أجريت في البحرين، مثل قضية حزب الله البحرين، وقضية ذو الفقار، ومحاكمة 11 ديسمبر، وغيرها.

هناك موضوع وتكتيك متكرر ومنتشر تبنته السلطات البحرينية منذ مظاهرات عام 2011 ، وهو يصور المجتمع الشيعي باعتباره تهديدًا أمنيًا لأن أعضائه عملاء إيرانيون. تقود المحاكمات الجماعية هذه النقطة إلى أبعد من ذلك، مع سجن الشيعة بتهم إرهابية على الرغم من حقيقة أن النيابة نادراً ما تحصل على أدلة قوية وتعتمد على الاعترافات الكاذبة القسرية.

التمييز الممارس بشأن بناء وصيانة دور العبادة والمآتم

وفي 24 ديسمبر، أعلنت الأوقاف السنية عن نيتها بناء مسجد لها على أرض في المالكية (البلدة ذات الغالبية الشيعية من السكان)، وهي ذات الأرض التي كان يطالب أهل البلدة ببناء مسجد عليها منذ 10 سنوات بدون تلقي أي جواب حيال ذلك.

في 17 مايو، انهارت قبة مأتم الشويخ في باربار وألحقت أضرارًا بالمبنى الرئيسي، بسبب البناء القديم الذي بنيت عليه وبسبب عدم صيانتها. والسبب في ذلك هو أن إدارة المأتم لم تحصل بعد على إذن من الوقف الجعفري لتجديد المبنى بالكامل، رغم تقديم الإدارة طلب رسمي بشأن ذلك في العام 2012. إن إهمال الوقف الجعفري الحفاظ على مساجد ومآتم الشيعة ترك العديد منهم، مثل مسجد المويلغة وحسينية بن خميس، بجدران منهارة، وهياكل ضعيفة، وفي ظروف غير آمنة. على الرغم من أن الحفاظ على هذه المواقع يقع ضمن مسؤوليات الوقف الجعفري ، إلا أن هذا الإهمال دفع المجتمع نفسه للعمل على صيانة مساجده ومآتمه وحسينياته.

ومع ذلك، فإن تأخير الوقف في منح تصاريح إعادة الإعمار والتجديد يعيق هذه العملية. وفي الليلة الأولى لإحياء ذكرى استشهاد الإمام علي، في 13 مايو، تم استدعاء رؤساء المساجد بسبب تشغيل مكبرات الصوت، وتم تهديدهم بالسجن والغرامات وأجبروا على توقيع تعهدات.

استدعاء رجال دين بتهم متفرقة

في يناير، تم استدعاء الشيخ حمزة الديري، النائب السابق الذي أمضى عامًا في السجن خلال 2018 لمشاركته في مظاهرات التضامن حول منزل الشيخ عيسى قاسم، للاستجواب. في 23 يناير، تم استدعاء الشيخ علي رحمة للاستجواب بخصوص خطبة ألقاها قبل أسبوع. وبعد أربعة أيام، في 27 يناير، ألقي القبض عليه لتنفيذ الأشهر الثلاثة المتبقية من حكم صادر بحقه سابقا.

وأُطلق سراحه في أبريل بمجرد انتهاء مدة عقوبته. وفي 21 يناير، اعتُقل الشيخ عبد المحسن ملا عطية الجمري، وهو رجل دين شيعي بارز، على جسر الملك فهد لدى عودته من زيارة العتبات المقدسة. واتهم بإهانة رموز وأشخاص موضع تمجيد لدى أهل ملّة خلال خطبة ألقاها في 9 يناير.

وفي 27 فبراير، حُكم عليه بالسجن لعام بناءً على التهم المذكورة أعلاه. وفي 30 يونيو، أيدت محكمة الاستئناف الحكم بحقه، ثم أيدت هذا الحكم محكمة التمييز في 24 أغسطس. في 17 يناير، تم استدعاء الشيخ علي بن أحمد الجدحفصي إلى مركز شرطة الحورة حيث تم استجوابه حول دعاء كان قد تلاه في نهاية خطبته. وكان الدعاء يدعو إلى حرية الاسرى ورحمة الشهداء. ثم أطلق سراحه بعد أن وقع على تعهد بعدم التحدث في السياسة في خطبه. وفي 2 مارس، تلقى اتصالات هاتفية من مركزي شرطة خميس والحورة حيث تم استدعاؤه مجددا إلى مركز شرطة الحورة في اليوم التالي دون ذكر السبب.

وسُئل عن التداعيات السياسية لدعاء كان قد ألقاه حيث قال: “يا الله ، أعد كل غريب إلى وطنه”. وبحسب ما ورد قال له ضابط: “توقف عن هذا. لا تدعنا نستدعيك كل أسبوع وأنت بهذا العمر”. يشار إلى أن منزل الشيخ الجدحفصي تعرض للسرقة والتخريب سبع مرات ، إلا أن السلطات لم تقم بعد بالقبض على الجناة. وتجدر الإشارة إلى أن الشيخ علي بن أحمد الجدحفصي هو رجل دين شيعي في السبعينيات من عمره، استُدعي مرات عديدة إلى التحقيق خلال السنوات الماضية.

كالعادة، يستمر التضييق على الشيعة وقمعهم من قبل السلطات البحرينية ككل عام. إلا أن الجديد هذا العام هو استخدام جائحة كورونا كحجة جديدة لزيادة هذا التضييق وهذا القمع، في ظل ازدواجية في المعايير، حيث يتم السماح لجميع التجمعات غير الشيعية، والتي لا يتم احترام الإجراءات الاحترازية في بعضها، بينما يتم قمع التجمعات الخاصة بالشيعة، سواء تلك الملتزمة بالإجراءات الاحترازية، أو الغير ملتزمة، خاصة خلال فترة عاشوراء وأربعين الإمام الحسين. من هنا، تطالب منظمة ADHRB الحكومة البحرينية بإنهاء التمييز المنهجي ضد السكان الشيعة في البحرين، وبمعاملة جميع الأديان والطوائف في المملكة معاملة عادلة، أي احترام حرية المعتقد.