فورين بوليسي يحث بايدن على الكشف عن تقرير بشأن قتلة خاشقجي

فورين بوليسي يحث بايدن على الكشف عن تقرير بشأن قتلة خاشقجي
الثلاثاء ١٩ يناير ٢٠٢١ - ٠٢:٢١ بتوقيت غرينتش

نشر موقع مجلة “فورين بوليسي” مقالا لمايكل إيزنر المستشار العام في مؤسسة الديمقراطية للعالم العربي (دون) في واشنطن، بالتشارك مع جاك ستيل المحامي في المؤسسة، حيث طالبا الرئيس المقبل جوزيف بايدن بالكشف عن تقرير المخابرات الأمريكية (سي آي إيه) بشأن قتلة جمال خاشقجي.

العالم - الأميرکيتان

وقال إن دونالد ترامب حمى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان رغم النتيجة التي توصلت إليها الإستخبارات الأمريكية بأنه هو الذي أمر بقتل خاشقجي، ومن هنا فعلى الإدارة الجديدة الكشف عن الحقيقة.

وأشارا إلى التقرير الذي سربته الاستخبارات الأمريكية بعد ستة أسابيع من جريمة القتل البشعة التي تعرض لها خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول يوم الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر 2018، واحتوى على نتائج تفيد أن بن سلمان هو الذي أمر باغتيال خاشقجي. ومنذ ذلك الوقت، حاول الكونغرس بدون نجاح إجبار إدارة ترامب على نشر نتائج المجتمع الاستخباراتي المتعلقة بالمتورطين في الجريمة.
وقال الكاتبان إن بايدن إذا نشر التقرير بعد دخوله البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/ يناير، سيكون بمثابة وفاء بعهدٍ قطعه على نفسه أثناء الحملة الانتخابية، وهو محاسبة قتلة خاشقجي الذي كان يقيم في أمريكا. وأضافا إن إدارة بايدن لو لم تتحرك طوعا، فستجبرها محكمة على عمل هذا. فمنذ الجريمة حاول ترامب وإدارته عمل كل شيء لحماية محمد بن سلمان وعلاقته بالجريمة. إلا أن محاولات إدارة ترامب القائمة على فكرة “عفا الله عما سلف” واجهت مقاومة قوية من داخل الحكومة الأمريكية.

وعقد الكونغرس سلسلة من جلسات الاستماع، وأصدر قرارات أعلن فيها عن مسؤولية بن سلمان عن الجريمة. وزاد المشرعون من ضغطهم في آذار/ مارس 2019 ومرة أخرى في تموز/ يوليو 2019، وأصدروا تشريعا يحظر على الولايات المتحدة تقديم دعم عسكري للسعودية. ولكن ترامب استخدم الفيتو وسمح بتدفق السلاح الأمريكي إلى المملكة.

وردا على هذا، أدخل المشرعون في كانون الأول/ ديسمبر 2019 بندا في قانون صلاحيات الدفاع الوطني يجبر الإدارة على تقديم تقرير غير سري يحدد أسماء الذين تورطوا بجريمة قتل خاشقجي. وكانت موافقة الحزبين على القانون بمثابة إجماع نادر، ودليلا على أحقية الرأي العام الأمريكي في التعرف على هوية القتلة.

وبعيدا عن جهود الكونغرس، لم تكن لدى ترامب وأتباعه النية للتخلي عن بن سلمان. وفي شباط/ فبراير 2020، قدّم مكتب مدير الأمن القومي تقريرا للكونغرس عن جريمة قتل خاشقجي، واحتوى كما قيل على نتائج تحقيقات “سي آي إيه” حول الدور المحوري الذي لعبه ولي العهد السعودي في الجريمة.

لكن مكتب مدير الأمن القومي رفض صلاحية المشرعين التي تقضي بالحصول على تقرير غير سري بذريعة أن هذا سيعرّض مصادر وأساليب جمع المعلومات للخطر. ومع تحدي إدارة ترامب للكونغرس، قامت مبادرة المجتمع المفتوح برفع قضية على مكتب مدير الأمن القومي في آب/ أغسطس 2020، تحت قانون حرية المعلومات، وطالبت بالكشف عن نتائج وتقرير “سي آي إيه”، وكانت الدعوى الثانية التي تتقدم بها المبادرة، فالأولى كانت عامة ورفعتها في كانون الثاني/ يناير 2019. وكانت تركز على مطلب عام وهو الطلب من “سي آي إيه” وست وكالات للاستخبارات الكشف عن “كل السجلات المتعلقة بمقتل جمال خاشقجي الذي كان مقيما في الولايات المتحدة”.

على إدارة بايدن الوفاء بوعد تحقيق المحاسبة من قتلة خاشقجي ونشر المعلومات الضرورية بدون منظور المحاكم التي قد تجبرها على عمل هذا

وتبنت الإدارة نفس الموقف في المحكمة كذلك الذي تبنته مع الكونغرس، وهو أن الكشف عن المعلومات المتعلقة بقتلة خاشقجي ستضر بالأمن القومي الأمريكي.

ويرى الكاتبان أن جدال الحكومة المتعلق بالأمن القومي ليس قويا لعدة أسباب، منها أن الحكومة تستطيع تظليل الأجزاء المناسبة من تقاريرها والكشف عن هوية القتلة، وفي الوقت نفسه إخفاء الطريقة التي حصلت فيها على النتيجة. وبالتأكيد، فقد لمّح ترامب لدور محمد بن سلمان بالجريمة عندما قال: “لقد حميت مؤخرته”.

بالإضافة إلى أن حماية اعتبارات الأمن القومي، بما في ذلك أمن المقيمين في الولايات المتحدة الذين استهدفتهم قوى أجنبية، تلعب في صالح الكشف عن هوية قتلة خاشقجي. لأن إخفاء الأدلة التي تكشف عن دور محمد بن سلمان والنظام السعودي في قتل شخص مقيم في الولايات المتحدة، سيشجع بقية الديكتاتوريين على الاعتقاد أن أمريكا ستتستر عليهم.

كما أن هناك ثمنا أمنيا بعيد المدى للوقوف مع ديكتاتوريين قُساة ممن ينظر إليهم على أنهم عامل رئيسي في زعزعة استقرار المنطقة، ولكنهم عرضة للخطر ويحاولون قمع وسحق المعارضة. ولا يسهم المسؤولون الأمريكيون بالإنتهاكات من خلال حماية الدكتاتوريين من المحاسبة، بل سيتحملون المسؤولية عندما يتعرض هؤلاء الديكتاتوريون للمقاومة.

ولا تعفي المزاعم الصريحة بشأن حماية الأمن القومي الحكومة الأمريكية من واجب الكشف عن المعلومات من أجل الصالح العام، وهو أمر يوافق عليه القضاة الفدراليون. ففي 8 كانون الأول/ ديسمبر 2020، أمر القاضي بول إنغلماير، وكالة “سي آي إيه” ومكتب مدير مجلس الأمن القومي، بكشف وشرح الأسس الداعية لعدم نشر تسجيل لقتل خاشقجي وتقرير “سي آي إيه” المتعلق بالموضوع.

ووبخ القاضي إنغلماير الحكومة الأمريكية لعدم تقديمها أي تفسير لمزاعم الأمن القومي “ولم يفسر المدعى عليهم سواء في دفاعهم السري والعام السبب لعدم الكشف عن معلومات محدودة… وأن هذا سيؤدي إلى الكشف عن المصادر والأساليب الاستخباراتية”. ووضح القاضي أن زعم الأمن القومي لا يعد دليلا قويا بنفسه، ويجب أن يكون قادرا على الصمود أمام تحقيق آخر.

وفي النهاية سيقول القضاء الأمريكي قوله لو حاول الفرع التنفيذي إخفاء المعلومات عن الأمريكيين بناء على مزاعم الأمن القومي، مع أن الكونغرس يقول إنها في المصلحة العامة.

وأيا كان الحال، فعلى إدارة بايدن الوفاء بوعد تحقيق المحاسبة من قتلة خاشقجي ونشر المعلومات الضرورية بدون منظور المحاكم التي قد تجبرها على عمل هذا.