مسرحية محاكمة فرنسا لـ'علوش'.. ابتزاز مكشوف لرفع الرشوة السياسية

مسرحية محاكمة فرنسا لـ'علوش'.. ابتزاز مكشوف لرفع الرشوة السياسية
الأحد ٠٧ مارس ٢٠٢١ - ٠٤:١٦ بتوقيت غرينتش

بعد ذوبان ثلج الأكاذيب الغربية ، وانتهاء مرحلة بيع الأوهام ، يبدو في الأفق السياسي معادلة مختلفة ، حيث يعتقد الكثير أن ما تقوم به فرنسا من محاكمة للمدعو إسلام علوش الناطق الاعلامي لما يسمى بجماعة جيش الإسلام الارهابية ، هو جزء من الضغط على نواطير الغاز والنفط في دول الخليج الفارسي ، لرفع قيمة الرشوة السياسية ، ضمن ابتزاز مكشوف ، ومحاكمات صورية . 

العالم - قضية اليوم

القصة بدأت منذ أن اعتقلت السلطات الفرنسية الناطق السابق باسم جيش الإسلام وجدي نعمة الملقب إسلام علوش ، أواخر كانون أول عام 2020 بتهمة ممارسة التعذيب وتجنيد أطفال واختطاف رزان زيتونه وزوجها وائل حمادة و ناظم حمادة وسميره خليل زوجة ياسين حاج صالح، وبدأت تنسيقيات المسلحين ووسائلهم الاعلامية ببث صور للارهابي علوش وتظهر عليه ما قالوا إنها آثار تعذيب ، حيث اعترف نعمة الملقب إسلام علوش والمتحدث باسم جيش الإسلام سابقا ، بخطف وقتل عميلة الاستخبارات الفرنسية رزان زيتونه من مكتبها في دوما عام 2013.

وجاء في اعترافات وجدي نعمة أن قرار الاغتيال جاء من زهران علوش والديراني وأبو هاشم الوزير وأبو عبد الرحمن كعكه بحضور أبو ياسر الشيخ بزينة وياسر دلوان " وجميعهم قاده في ما يسمى بجيش الاسلام" ، القرار كان بخطف وقتل رزان زيتونه ، ومن حينها بدأت المخابرات الفرنسية متابعة الأسماء المشاركة بعملية خطف زيتونه ورفاقها ، تمهيدا لاعتقالهم ومحاسبتهم ليس على جرائمهم ضد الشعب السوري بل المحاسبة فقط على خطف زيتونه ، لتبدأ بعده احرب تصفيات بين القيادات الإرهابية لطمس الأدلة عن عملية الخطف هذه ، وهنا نستذكر تفاصيلها ، ففي صبيحة التاسع من كانون الأول 2013 داهم مسلحون من المكتب الأمني التابع لما يسمى بجيش الإسلام بقيادة محمد كبريتة الملقب أبو علي حديد ، ما يسمى مركز توثيق الإنتهاكات في سورية في دوما وخطفوا العاملين فيه وهم : المحامية رزان زيتونه الناشطة قياديا في التنسيقيات وتحمل الجنسية الفرنسية ، و المحامي وائل حمادة زوج رزان زيتونه ، والمحامي والشاعر ناظم حمادي .

أن ما يجري من محاكمة وجدي نعمة ، لا تتعدى أكثر من محاسبة جيش الإسلام ، على إعدام عملاء المخابرات الفرنسية داخل جسم هذه الجماعات المسلحة ، وإن البروبغندا الاعلامية التي تحاول الدولة الفرنسية إطلاقها ، هي بعيدة كل البعد عن متابعة ملف قضائي بحق قاده المجموعات الارهابية ، والتي ساهمت المخابرات الفرنسية بتمويل عدد كبير منهم ، وارتكبو جرائم بحق الإنسانية ، ويعاقب عليها القانون الدؤلي ، فإن نسي الفرنسيون يمكن أن نذكرهم ، وبكل هدوء ، ما نشر في الصحافة الفرنسية ويرتبط بروح السياسة الفرنسية في منطقتنا ، والذي ينسجم مع التطلعات الأمريكية للمشروع الاستعماري في سوريا ، ففرنسا كانت وما تزال رأس حربا في الحرب على سوريا ، من الناحية السياسية والعسكرية ، وزجت عناصرها في الميدان الاستخباراتي والامني ، وسجلت حضورا لافتا في بنيه المجموعات المسلحة بكافة ألوانها ، ولم تستثني حتى المرتبطة بالقاعدة وداعش والنصرة.

فمثلا عدد الارهابيين الفرنسيين في تنظيم داعش وحده أكثر من 900 مقاتل فرنسي ، وهناك أكثر من 200 آخرين ما زالوا في إدلب التي تسيطر عليها "جبهة النصرة " . بحسب دراسة أعدها المركز الدؤلي لمكافحة الإرهاب في لاهاي ، ومنهم "حمزة الفرنسي" واسمه الحقيقي "ديفيد دروغيون" الذي قتل في تموز 2014 . كان دروغيون أحد أبرز أعضاء مجموعه الذئب التابعة لجبهة النصرة ، وكان يعمل في المخابرات الخارجية الفرنسية ، بالإضافة إلى مئات من المتطوعين موجودون في مناطق قسد ، ينتظم هؤلاء في تجمع أطلق عليه اسم " لواء هنري كرازوكي" حيث قرر المتطوعون الفرنسيون تسمية مجموعتهم تيمنا بزعيم نقابي فرنسي هو هنري كرازوكي ، واحد من أهم الشخصيات النقابية في القرن العشرين في فرنسا ، وشاركو إلى جانب قسد في عدة معارك.

وهنا يجب أن ننوه أن المحكاماة الصورية التي تقوم بها السلطات الفرنسية أصبحت مكشوفة ، فأين محاكمة الارهابيين الذين ذكره تقرير نشرته “مونت كارلو” تحت عنوان "باريس خططت لإعادة جهاديين فرنسيين من سوريا " فى 6 نيسان/ أبريل 2019 مفاده أن السلطات وضعت بالتفصيل طرق عوده متشددين فرنسيين وأقربائهم من سوريا . وتحوي الوثائق التي تحدث عنها التقرير أسماء 250 شخصا من رجال ونساء وأطفال ، ومعلومات دقيقة جدا تشمل تاريخ التوجه إلى المنطقة ومدة الإقامة فيها ومعسكر أو مكان الاحتجاز . وكشف التقرير أن السلطات الفرنسية تستعد لاحتواء المعالجة القضائية للفرنسيين الأعضاء في تنظيم داعش . حيث تتضمن مراحل مثول 100 فرنسي هم 37 رجلا و63 امرأة إمام المحققين وقضاه مكافحة الإرهاب .

أن مسرحية محاكة وجدي نعمة المعروف بإسلام علوش ، لا تتعدى كونها سراب لا يصلح عيوب ما ظهر من ممارسات لا أخلاقية ولا اننسانية لدول العدوان على سوريا ، ومنها حكومة باريس التي لا تعتبر حقوق الإنسان إوالية بالمطلق ، وما نراه اليوم من محاكمة صورية ، ليست إلا حالة من حالات الخداع للرأي العام الفرنسي والدولي ، ومحاولة توجيه رسائل للدول التي دعمت ما يسمى بجيش الإسلام ، ومنها السعودية ، وهذا يدلل على أن فرنسا وماكرون ، أكثر صبيانية في ممارساتهم ، التي أوصلت بلاد الثورة الفرنسية الكبرى ، إلى الحضيض الإنساني ، وكل ذلك لا يعفي فرنسا من جرائمها وإن تقمصت دور الحمل الوديع ، فهي من أخطأت سياسيا وعسكريا ، وهناك من يجزم أن الاستمرار في دعم الجماعات الارهابية في الأراضي السورية ، سيكون وبالا على فرنسا كلها ومعها منظومة العدوان .

حسام زیدان