بندقية للإيجار.. حال المرتزقة في الجماعات السورية المسلحة

بندقية للإيجار.. حال المرتزقة في الجماعات السورية المسلحة
الأحد ١٤ مارس ٢٠٢١ - ٠٧:٥١ بتوقيت غرينتش

انهم بندقية للإيجار، هذا هو حال المرتزقة من المجموعات المسلحة السورية، الذين تستخدمهم الحكومة التركية ضمن خدمة "الدليفري" العسكري، والتي ستكون متاحة من انقرة إلى اليمن، لاستمرار صب الزيت على نار الحرب الظالمة في اليمن، في محاولة للتشويش على كل المبادرات السياسية التي طرحت، وإيقاف تقدم القوات اليمنية واللجان الشعبية نحو مأرب الاستراتيجية. 

العالم - قضية اليوم

المخابرات التركية بدأت بالفعل عمليات نفل المرتزقة السوريين، من المجموعات المسلحة الموالية لتركيا، بعد افتتاح عدة مكاتب تسجيل لهم في عدة مناطق تتواجد فيها القوات التركية، ومنها جنديرس في ريف حلب الشمالي، ومدينة عفرين التي تحدثت المعلومات ان مكتب التسجيل يقع في شارع الفيلات وتحديدات مقابل مقهى " شو كافية"، بالإضافة الى مدينة تل أبيض، مدينة رأس العين، مدينة الباب، وهناك مركز ايضا في ناحية " شيخ الحديد/شية" على ما يبدو سينطلق المسلحون من هناك إلى اليمن. فيما اكدت المعلومات انه بالفعل تم نقل ما لايقل عن 300 مسلح، اغلبهم مما يسمى بـ،” فيلق الشام ” و ” السلطان مراد ” و ” سليمان شاه ” و ” فرقة الحمزة ”، وكشف تسجيل صوتي لاحد قادة المجموعات المسلحة ان أوامر صارمة صدرت عن المخابرات التركية حذرت المسلحين من التقاط صور أو مقاطع فيديو من المعارك أو مناطق تواجدهم، ذلك القائد ان هؤلاء المرتزقة سيتبعون للاستخبارات التركية بشكل مباشر ولا يتبعون لأي فصيل.

وشرح القائد في التسجيل الصوتي شروط قبول المقاتلين والمميزات التي سيحصلون عليها، مؤكدًا أنهم بحاجة لمقاتلين متمرسين، حيث سيُنقلون إلى الرياض، ومن ثم إلى معسكرات تدريبية وتأهيلية لمدة 15 يومًا، وبعدها سيجري نقلهم إلى الحدود. كما يؤكد أن راتب المقاتل الشهري سيكون 2500 دولار والعقد الموقع ستكون مدته ستة أشهر فقط.

وتتنوع مناطق التجنيد من معسكرات المجموعات المسلحة المدعومة تركيا، الى مخيمات اللجوء في تلك المناطق، وتعتمد المخابرات التركية على سمسارة من المسلحين، فيما تعتبر اقل فئة تحتاج الى جهد في التجنيد هم بقايا تنظيم القاعدة ومقاتلي داعش الوهابية، اذ يستثمر التركي في هؤلاء بتكلفة اقل، ويستخدمهم كرأس حربة في العمليات القتالية، وتحدثت المعلومات ان السمسار يتقاضى اجرا على كل مجموعة قتالية يتم تجهيزها، فيما كشفت المعلومات ان اغلب المجندين من الأطفال، وبينت المعلومات ان الاجر المدفوع للمرتزقة الذاهبين لليمن هو اعلى من الاجر الذي دفع في لبيبا او اذربيجان، بسبب الخوف من معارك اليمن، لشراستها، وكشفت المعلومات ان شركة " صادات" الأمنية التركية ستتولى عبر فروع لها، نقل المرتزقة الى اليمن، وهي شركة تقدم خدمات لوجستية وعسكرية ونقل وتسليح وتدريب مرتزقة، تدفع بهم تركيا الى مناطق الحروب، وهذه الشركة تأسست من قبل ضباط اتراك متقاعدين، يديرها العميد المتقاعد عدنان تانريفردي، والذي كان يعمل مستشارا عسكريا للرئيس التركي اردوغان.

تدوير المجموعات المسلحة، واعادة انتاجهم واستثمارهم في جبهات قتال، ليس بجديد على الحكومة التركية، فعبر هذه الخدمات تفتح الأبواب للدولة التركية، للتدخل العسكري والسياسي في دول تشهد حروب، ومد نفوذها الى تلك المناطق، وبالذات التي تعتبرها تركيا، مناطق نفوذ لها، فهذه ليست المرة الأولى التي تنقل فيها تركيا مرتزقة من المجموعات المسلحة الى دول مختلفة منها ليبيا وأذربيجان، وقبل ذلك كانت تنقل الإرهابيين الى الداخل السوري، فلم تترك بلدا الا وجلبت منه هؤلاء، من تونس ولبنان وليبيا واليمن وحتى الصين والقوقاز، لكن في تلك الأيام كان نقل المرتزقة يتم تحت جنح الظلام، اما اليوم فالخطوة الصادمة ان عملية نقل المرتزقة الى اليمن، لا تبذل تركيا أي جهد لإخفائه، ولا تكترث لمواقف الشعوب والحكومات وحتى المنظمات الدولية، والسبب في ذلك انهيار المنظومة السياسية العربية التي أصبحت تابعا اما للأمريكي او الكيان الإسرائيلي، وتنشغل بملفات التطبيع والرضا الأمريكي، لتستغل تركيا هذه الظروف لتشكل جيوش مرتزقة بديلة، عابرة للحدود، تقاتل لاجل مصالح هذه الدولة.

ان تركيا التي لم تلتزم بأي اتفاقيات تخص الشمال السوري، وانهاء تواجد المجموعات الإرهابية هناك، ترى ان الحل الوحيد الممكن هو تسريب عناصر المجموعات المسلحة الى خارج سورية، وهو ما قامت وتقوم به الاستخبارات التركية عبر نقلهم للقتال على جبهات الساحة الليبية او الأذربيجانية وأخيرا اليمنية.

ونتيجة لعوامل عديدة فإن تركيا بدأت التخلي عن حلفائها وشركائها الاكثر راديكالية على دفعات، في محاولة لتبيض صورتها، وتجميل وجهها، وعقد تفاهمات مع أعداء الامس في النظام السعودي، وتشكيل تحالفات جديدة في المنطقة، بعد المصالحة بين دول الخليج الفارسي، فالمراقب للتحركات السياسية المخفية والعلنية، يعي تماما ان هناك تقارب بين تركيا والامارات والسعودية ومصر، وفي تقرير آخر لوكالة "بلومبرج" الأمريكية قبل اكثر من شهر تقريبًا، قال إن "الإمارات والسعودية تدرسان إمكانية السعي إلى إقامة علاقات أفضل مع تركيا، بما يفيد التجارة والأمن في المنطقة"، ويظهر افق التعاون العسكري بين نظام ال سعود والأتراك واضحا، بعد اسقاط الجيش اليمني واللجان الشعبية الطائرة المسيرة التركية من نوع دVestel Karayel-SU ، وهي الطائرة التي وقعت وزارة الدفاع لنظام ال سعود اتفاقية مع تركيا في عام 2017 اتفاقية لتصنيع الأنظمة الإلكترونية لطائرة Karayel UAV حيث سيجري نقل تصنيع الأجزاء الإلكترونية وصيانة Karayel إلى الشركة السعودية.

وبالرغم من كل تلك المعطيات فإن الثابت الوحيد في هذه المعادلة المعقدة، هو قدر الجيش اليمني واللجان الشعبية، على التقدم في مأرب، وان ما تقوم به تركيا من التدخل المباشر، وتوسيع نفوذها على حساب الشعوب، لن ينجح وسيفشل كما فشل في سوريا.

حسام زیدان - العالم